نظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حضر التلاميذ وغاب المدرسون، استياء بين أولياء الأمور بسبب غلق أبواب مدرسة بمطروح    23 ديسمبر، انطلاق المؤتمر الدولي الأول لتجارة عين شمس "الابتكار والتكنولوجيا المالية"    ارتفاع التضخم السنوي في الكويت إلى 2.39% خلال شهر أغسطس    الحوثيون يبدأون محاكمة 13 مختطفا بينهم موظفون في السفارة الأمريكية    وزير الخارجية: الصومال يُمثل ركنا أساسيا فى منظومة الأمن القومى المصرى    طولان: أثق في قدرة اللاعبين على التأهل.. وأؤجل الحديث عما حدث قبل البطولة    منافس بيراميدز المحتمل - رغم عدم الخسارة.. كروز أزول يودع من نصف نهائي الدوري المكسيكي    مواعيد مباريات اليوم الأحد 7-12-2025 والقنوات الناقلة لها    كسر ماسورة يتسبب في كثافات مرورية بالبحر الأعظم، وإدارة المرور تتدخل    الخشت: تجديد الخطاب الديني ضرورة لحماية المجتمعات من التطرف والإلحاد    نعوم تشومسكي، المفكر الذي واجه إمبراطوريات السياسة ورفض النازية والليبرالية المتوحشة    رئيس جامعة سوهاج: مبادرة تمكين نقلة نوعية لدعم ذوى الهمم وإعفاء من المصروفات    أكرم القصاص: ظهور الرئيس السيسى فى فيلم فيفا رسالة تؤكد دور مصر فى السلام    متى يُعرض فيلم Peaky Blinders في السينما؟    طريقة عمل طاجن الفراخ بالبرتقال، وصفة سهلة التحضير ومغذية    محمد صلاح يقود جبهة الإطاحة بسلوت في ليفربول    الجيشان الصينى والروسى يجريان ثالث تدريب مشترك لاعتراض الصواريخ    سعر السمك اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    اسعار الذهب اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025    أسعار الدولار اليوم في البنوك اليوم الثلاثاء 7ديسمبر 2025    حصيلة أهداف كأس العرب 2025 بعد الجولة الثانية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025    موجة طقس سيء تضرب السعودية.. سيول عنيفة وأمطار رعدية وانعدام الرؤية بعدة طرق    نظر محاكمة 9 متهمين بقضية خلية داعش عين شمس اليوم    جامعة القاهرة تنظم معرض ديارنا للحرف اليدوية اعتبارا من اليوم ولمدة 4 أيام    كان معاه 20900 جنيه.. "اهل مصر" تنشر اعترافات أحد سماسرة الأصوات بقنا    رئيس جامعة حلوان: منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية منصة لتبادل الخبرات    هاتفيا .. وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيرانى تطورات الملف النووى الإيرانى    المبعوث الأمريكي يعلن رسميًا: لا تدخل بري في أوكرانيا.. وروسيا تُدمّر 77 مُسيّرة    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    مصرع 25 شخصا في حريق اندلع بملهى ليلي بولاية جوا الهندية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 7 ديسمبر    آداب عين شمس تنظم دورات تدريبية للشباب الجامعي المقبل على الزواج    إنقاذ شخص من الغرق في نهر النيل بالجيزة    حبس المتهمين بسرقة مشغولات فضية من مخزن في القاهرة    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    الجزائر.. 9 قتلى و10 جرحى في حادث مرور مروع بولاية بني عباس    ضائقة مالية تجبر مخرج "العراب والقيامة الآن" على بيع ثاني ساعاته النادرة ب 10 ملايين دولار    "ولنا في الخيال حب" يفاجئ شباك التذاكر... ويُحوِّل الرومانسية الهادئة إلى ظاهرة جماهيرية ب23 مليون جنيه    رانيا علواني: ما حدث في واقعة الطفل يوسف تقصير.. والسيفتي أولى من أي شيء    تحذيرهام: «علاج الأنيميا قبل الحمل ضرورة لحماية طفلك»    «الصحة» توضح: لماذا يزداد جفاف العين بالشتاء؟.. ونصائح بسيطة لحماية عينيك    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    وزير الاتصالات: رواتب العمل الحر في التكنولوجيا قد تصل ل100 ألف دولار.. والمستقبل لمن يطوّر مهاراته    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    المشدد 3 سنوات لشاب لإتجاره في الحشيش وحيازة سلاح أبيض بالخصوص    آخر مباراة ل ألبا وبوسكيتس أمام مولر.. إنتر ميامي بطل الدوري الأمريكي لأول مرة في تاريخه    نشرة الرياضة ½ الليل| رد صلاح.. رسالة شيكابالا.. مصير مصر.. مستحقات بنتايج.. وتعطل بيراميدز    أول صورة لضحية زوجها بعد 4 أشهر من الزفاف في المنوفية    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    الحق قدم| مرتبات تبدأ من 13 ألف جنيه.. التخصصات المطلوبة ل 1000 وظيفة بالضبعة النووية    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    محمد متولي: موقف الزمالك سليم في أزمة بنتايج وليس من حقه فسخ العقد    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ يتفقد مستشفى دسوق العام    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوطنية الزائفة

مع كل مشكلة تواجهها مصر يتكرر الحديث عن السيادة المصرية، ومع كل فشل حكومى فى التعامل مع أى أزمة تظهر الأناشيد الوطنية ونغنى «يا حبيبتى يا مصر»، حتى أصبح حديثنا عن الوطنية حديثاً زائفاً يخفى خيبات كثيرة، ولا يعكس أى حب حقيقى أو انتماء لهذا الوطن.
لقد أصبحت مصر هى أكثر بلد فى العالم إنتاجا للأغانى والشعارات الوطنية، وأقل بلد عملا بهذه الشعارات، حتى أصبح من يعطون الناس كل يوم دروساً فى الوطنية والسيادة والكرامة هم أكثر من أساءوا إلى هذه القيم.
فمنذ العدوان الإسرائيلى على غزة والعراك المصرى الحمساوى لم يتوقف، وإن قطعه صراع مصرى جزائرى عقب مباراة كرة اعتبرت فيها الحكومة المصرية أن اعتداءات مشجعى الجزائر على بعض المصريين فى الخرطوم هى إهدار لكرامة مصر، وانتهت بقافلة شريان الحياة التى قطعتها شعارات السيادة الوطنية فى مواجهة مجموعة من النشطاء لا ظهر لهم ولا سند.
والمؤكد أن الحملة الإعلانية الرديئة التى غطت شوارع القاهرة عقب مباراة كرة ورفعت شعار «مصر فوق الجميع»، وطالبت المصريين برفع علم بلادهم، وكتبت شعارات بلهاء عن أننا «بنحب بعضنا» مسلمين ومسيحيين، وغيرها من الشعارات التى ليس لها علاقة بالواقع المعاش.
والمؤسف أن شعار «مصر فوق الجميع» الذى أثار البهجة والسرور فى نفوس بعض السذج هو شعار النازية فى ألمانيا التى استندت إلى قوة عسكرية واقتصادية وتكنولوجية حقيقية، حتى لو كانت قوة جاهلة ومدمرة، أما مصر فقد استوردت شعار دمر ألمانيا ووضعته على بلد ضعيف لا ينجز شيئا يذكر فى الاقتصاد ولا السياسة، ولم يقدم اكتشافاً أو إنجازاً علمياً واحداً، ليس لأنه بلد بلا علماء ولكن لأننا أمام حكومة بذلت كل ما فى وسعها من أجل خلق مناخ طارد لكل عالم وليس «عالمة» من البلد.
والحقيقة أن الوطنية المصرية التى تستدعيها الحكومة كل يوم من أجل تبرير حصار الشعب الفلسطينى، أصبحت تسىء لمصر أكثر مما تسىء لبلد آخر. فإذا كان من البديهى أن مصر لها سيادة كاملة على أراضيها ومن حقها أن تختلف مع حركة حماس وتواجه تعنتها وأخطاءها، فإن هذا أمر مختلف تماما عن وقوف مصر حجر عثرة أمام دخول بعض النشطاء إلى قطاع غزة بغرض التضامن الإنسانى مع الشعب الفلسطينى، ولا يوجد مبرر واحد يقول إن الخلاف مع حماس يبرر حصار الفلسطينيين ومنع صور التضامن معهم.
وبدلا من أن تناقش مصر مشكلة أدائها الباهت والمرتبك منذ العدوان الإسرائيلى على غزة وسياسة الحكومة المتخبطة تجاه الشعب الفلسطينى، والناعمة جدا تجاه إسرائيل، جرى تحريض كثيرين على الشعب الفلسطينى، بعد أن تعلموا دروساً نادرة فى الكراهية والعنصرية أدت فى النهاية إلى تقوية صوت المعارضة الأيديولوجية للنظام، وإضعاف الصوت الذى كان يمثل غالبية الشعب المصرى المؤيد لخط الاعتدال وغير المطالب بإعلان الحرب على إسرائيل، ولكنه يرى ضرورة القيام بحرب إعلامية وسياسية وقانونية ضد الاحتلال، ويعتبر التضامن مع الشعب الفلسطينى المحاصر فى كل مكان واجباً حتى لو رفض سياسة حماس كليا أو جزئيا.
لقد ظهرت مؤخرا عقدة السيادة الوطنية التى نخرجها بصورة دائمة تجاه من هم أضعف منا، أو نشعر أننا فى وضع أفضل منهم حتى لو كان هذا «الفضل» يعود لسياسات قمنا بها فى الماضى وتنكرنا لها فى الحاضر، وتربت لدى كثير منا، خاصة أهل الحكم، عقدة حقيقية اسمها السيادة، فنظرا لأن معارك السيادة والوطنية التى خضناها ضد أمريكا وإسرائيل خسرناها لأننا لم ندخلها أصلا، وجُرح كبرياؤنا الوطنى مرات عديدة حتى تبلدنا،
وكذلك الحال بالنسبة لعقدة الفقر والثراء التى تحكم جانباً كبيراً من علاقة مصر بدول الخليج، وشعور قطاع من المصريين أنهم كانوا منذ نصف قرن الأغنى والأكثر تأثيرا، والآن لا يستطيعون أن يخالفوا توجهاً سعودياً واحداً أو يعترضوا على حادثة اعتداء واحدة يتعرض لها مصرى ظلما فى الخليج،
ومع ذلك لم يتحدث أحد عن الوطنية المسلوبة أو السيادة الغائبة لأننا فى وضع أضعف سياسيا واقتصاديا، تماما كما نفعل مع أمريكا القوية وإسرائيل المحتلة والغرب المسيطر، فى حين نجد دروس الوطنية والسيادة التى تصم الآذان تخرج فقط حين يكون الطرف الآخر شعباً محاصراً فى غزة لا يمتلك قوت يومه، أو مئات النشطاء المسالمين.
بالتأكيد هذه السيادة مُست حين قتلت إسرائيل جنودا مصريين فى سيناء، وحين دخلت مياهنا الإقليمية، وحين استجبنا لتوجيهات الأمريكان والأوروبيين فى ضرورة بناء جدار فولاذى يفصلنا عن قطاع غزة، وغيرها من الوقائع الكثيرة التى بسببها تربت لدى بعضنا «عقدة السيادة» التى تخرج فقط حين يكون الطرف الآخر ضعيفا، وياحبذا لو كان فلسطينيا أو سودانيا أو جزائريا.
صحيح أن حصار غزة يجرى أساسا بأوامر إسرائيلية ومصر ليست دولة احتلال، ويجب مهما كان الخلاف مع حكومتها ألا يعاملها البعض على أنها كذلك، ولكنها أيضا مسؤولة مثل باقى الدول العربية عن عدم مواجهة الاحتلال ولو سلميا، فلا هى دولة فاعلة فى محيطها الإقليمى، ولا هى دولة مهابة دوليا، ولا هى مؤثرة فى الشعوب لو غضبت عليها الحكومات، وبسبب هذا التراجع وتلك الجروح التى أصابت كبرياءنا الوطنى أصبحنا نستأسد على قافلة «مستر» جالوى ونلففه الكرة الأرضية حتى نثبت أننا أسياد على أرضنا، وفى الحقيقة نحن نخفى عقدة ضياع السيادة مع الأقوياء فعوضناها فى الضعفاء.
إن ما قاله المسؤولون المصريون عن السيادة المصرية على أرضها كان سمجا لدرجة القرف، لأن الأمر مع أى بلد طبيعى لا يعدو مجرد ترتيب لخط سير قافلة اخترنا لها العريش لأنها على بعد ثلاثين كيلو من معبر رفح وأنه لاعتبارات أمنية لن يسمح لقافلة بهذا الحجم بالدخول إلى نويبع لكى تقطع ثلاثمائة كيلومتر فى سيناء بما يثيره ذلك من مشكلات أمنية.
هذه الإجابة لم أسمعها إلا مرة واحدة من دبلوماسى مصرى سابق على شاشة قناة الجزيرة، أما باقى الكلام خاصة الذى جاء من قادة وزارة الخارجية، فلم يعط معلومة واحدة تفسر لنا سبب نقل مسار القافلة من نويبع إلى العريش، واكتفى بالتغنى بوطنية مزيفة ليس لها علاقة بما يجرى، والذى يجب ألا يعدو مجرد ترتيب مسار رحلة مهما كانت خصوصيتها، فهى تتكرر مع أى رحلة أخرى،
فلا أحد إلى الآن على الأقل مضطر أن يخبر قادة الطائرات التى تدخل أجواءنا بصورة شرعية (كما دخلت قافلة شريان الحياة وباقى النشطاء) أن قواعد الهبوط والإقلاع هى من أمور السيادة الوطنية، فهى قواعد بديهية متعارف عليها فى كل دول العالم، ولا يوجد إلا المحدثون فقط أو ناقصو السيادة الذين يعتبرون أن احترام هذه القواعد من الإنجازات الوطنية التى يجب الافتخار بها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.