اهتمت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، صباح السبت، بتحديد الرئيس محمد مرسي، لاختصاصات وصلاحيات نائبه المستشار محمود مكي، ومن أبرز هذه الصلاحيات إصدار القرارات واتخاذ الإجراءات التي تقتضيها الضرورة، حال قيام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته، ولا يشمل ذلك طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو إقالة الحكومة. وأشارت الصحيفة إلى أن مراقبين يرون أن قرار الرئيس مرسي بتحديد صلاحيات واختصاصات نائبه بهذه الصورة تعيد إلى واجهة المشهد السياسي صورة تيار استقلال القضاء، والذي يعد المستشار محمود مكي أحد أبرز أعضائه، خاصة أن هذا التيار خاض مواجهات عنيفة مع نظام مبارك الذي ظل على مدار 30 عاما رافضا اختيار نائب له. من جانبه، قال الرئيس السابق لنادي قضاة مصر، أحد قيادات تيار استقلال القضاء، المستشار زكريا عبد العزيز، ل«الشرق الأوسط» إنه من الطبيعي أن يقوم النظام الجديد باختيار من تصدوا للنظام القديم في مواقع سياسية مهمة. وأضاف «عبد العزيز»: «لكن ليس كل من تولى منصبًا في الوقت الحالي كان له دور في التصدي للنظام السابق»، موضحا أن المعروفين من قيادات تيار استقلال القضاء كانوا يتصدرون المشهد الإعلامي، حيث يوجد كثير من القضاة غير المعروفين تصدوا للنظام السابق، ودافعوا عن استقلال القضاء. مشددًا على أن «استقلال القضاء ليس تنظيمًا ولا حركة، لكنه فكرة آمن بها كثير من القضاة، ومصطلح تيار استقلال القضاء أطلقته علينا وسائل الإعلام منذ بداية معركة المطالبة باستقلال القضاء». وحول واقعة اعتقال الرئيس مرسي في المظاهرات المتضامنة مع القضاة في عهد النظام السابق، قال «عبد العزيز»: «لم أكن أعرف مرسي وقتها، لكن في هذا اليوم تم اعتقال العديد من النشطاء كان من بينهم عدد من المهندسين». واستعرضت «الشرق الأوسط» أبرز محطات تيار استقلال القضاء، لافتة إلى أنه خاض ما بين عامي 2005 و2006 مواجهة عنيفة مع نظام مبارك، عقب إحالة المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي إلى المحاكمة التأديبية على خلفية وصفهما أمام وسائل الإعلام للانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2005 بأنها «مزورة». وأضافت بقولها: «عقب تولي مرسي رئاسة البلاد فاز قيادات التيار الذي واجه اتهامات بانتماء بعض أعضائه لجماعة الإخوان المسلمين بنصيب الأسد وبأرفع المناصب في السلطة، حيث تم اختيار المستشار محمود مكي نائبا للرئيس، وكذلك المستشار أحمد مكي وزيرا للعدل، ثم اختيار المستشار حسام الغرياني رئيسا للجمعية التأسيسية للدستور، وتعيينه عقب ذلك رئيسا للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان، ثم اختيار المستشار هشام جنينة، رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات». وعلق ناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة علق على هذا المشهد، قائلاً: «اختيار الرئيس مرسي لقيادات تيار استقلال القضاء في مناصب عديدة رفيعة بالدولة يرجع إلى عدد من الأسباب أبرزها، أنه أراد أن يقلل من حجم الانتقادات الموجهة ضده، ويستفيد من الإجماع الشعبي والوطني الذي يحظى به هؤلاء القضاة»، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه «يمكن أن يؤخذ الأمر في إطار محاولة تجميل المشهد العام لحكم مرسي». وحول الاتهامات التي توجه لقيادات تيار الاستقلال بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، قال «أمين»: «لا ينتمون بأي حال لجماعة الإخوان المسلمين في أي درجة من تصنيفات الانتماء للجماعة، سواء كمتعاطفين أو موالين، لكن الاتهام جاء من وجود هوى إسلامي لدى جموع القضاة، بحكم مرجعية الشريعة الإسلامية في القضاء وهو ما خلق هوى عاما أعطى انطباعا بالانتماء للإخوان». وأضاف «أمين»: «ربما يكون اختيار الرئيس مرسي لبعض قيادات القضاة دون آخرين جاء لاعتبارات أخرى، فمثلا تبني المستشارين حسام الغرياني وأحمد مكي نفس موقف مؤسسة الرئاسة ضد المحكمة الدستورية العليا في أزمة حكم حل مجلس الشعب، ساهم في حسم الموقف لصالح اختيارهما في منصبيهما، لكن في العموم القضاة هم أفضل اختيار لأنه يمكن الاطمئنان إليهم من الجميع».