«أشعر أننى منتم للإخوان، تربيت وسطهم، مارست النشاط السياسى معهم فى الجامعة، أدافع عنهم بعصبية اذا ما انتقدهم أحد، عائلتى كلها تعرف أنى إخوانجى. أين المشكلة؟ المشكلة أنى لست «إخوان».. طبعاً أنت لا تفهم، أعذرك فكل من حضر يوما رياضيا مع الإخوان أو حضر مقرأة فى مسجد يتصور أنه دخل الجماعة، وكل واحد جلس مع أشبال فى المسجد أو شارك فى تنظيم معرض فى الجامعة يتصور أنه كان قياديا، مشكلتى أنى فاهم، أنا جلست معهم فى مئات اللقاءات التربوية والإيمانية والإدارية، لكن عمرى ما دخلت الإخوان أصلا». هكذا يتحدث المحاسب محمد محسن عن مشكلته فى الحياة، مشكلته أنه ليس من الإخوان مع أنه يفترض أن يكون كذلك. فلماذا محسن «مش إخوان»؟ يجيب قائلا «بطبيعتى أميل لتكبير دماغى.. كسول شويتين تلاتة أربعة.. لم أنتظم يوما فى لقائى الأسبوعى.. وأدائى العبادى كان دوما أقل من أقرانى الذين يحرصون على الفجر جماعة بينما أنا أعتبر صلاة العشاء فى المسجد إنجازى الوحيد الذى أستبسل للمحافظة عليه». محمد محسن ليس وحده من مر بتجربة التعرف على الإخوان والمشاركة معهم فى أعمالهم دون الانضمام للجماعة، فالكثير بدأوا حياتهم مع الإخوان وانتهى الأمر بالرحيل من الجماعة أو البقاء مع الإخوان دون دخول التنظيم. من يخرج من الإخوان بإرادته ربما لاتبقى له ذكرى إلا الغضب أما من لا ينضم للتنظيم رغم تواجده اليومى وسط الإخوان فحياته ستكون معقدة، يقول محسن: «أمن الدولة يرى أنى إخوان ولديهم ملف عنى من أيام الجامعة، وأمى تتصور أنى إخوان، لكن أنا لست إخوانياً، بالتالى لا أعرف كيف أتعامل فى حياتى؟ هل أتزوج إخوانية رايحة لقاء وجاية من لقاء أم لا؟.. أعمل فى شركة محاسبة إخوانية لأعيش فى نفس الجو الذى لا أعرف غيره أم أنفتح على البشر؟.. أستمر فى المشاركة فى الأعمال لأنها لله، أم أحترم نفسى وأرفض المشاركة فى عمل لا أدرى كيف يدار؟». ويضيف محسن: «فى البداية كنت لا أفهم من الذى يقرر أن فلانا يعمل مع الطلبة وفلانا يعمل فى لجان البر، كنت أعرف أن الإخوان جلسوا مع بعض وأخذوا شورى وقرروا، لكن من جلس، ومتى قرر، وعلى أى أساس؟! لا أفهم، فى الجامعة كنت لا أدرى من الذى يمول فلوس اللوحات والرحلات والأنشطة وعندما فهمت أن هناك تنظيما اسمه الإخوان، وأن البعض ينضم إليه والبعض ترى الجماعة أنه غير مناسب واجهتنى مشكلة أخرى، وهى أنى لا أقبل على نفسى أن أكون كالأطرش فى زفة عمل لا أشارك فى تمويله ولا إدارته». علاقة محسن بالإخوان لم تضره أن يربط حياته كلها ب«قرارهم»، ويبدو أنه لا ينتبه لأن الجماعة عاجزة عن إيجاد آلية للاستفادة من الشخصيات المرتبطة بها فكريا وعاطفيا، وبعضهم الآن مدونون وصحفيون وعلماء دين فيقول: «أصحابى كلهم إخوان، وأختى مع الأخوات لذا أعتقد أنهم أخطأوا فى قرار استبعادى تنظيميا، لكن مازلت أحب الإخوان». ويبدو أن حب الشباب نصف الإخوانى للجماعة يقابل بتجاهلها لأنها مازالت لا تستطيع أن تنتقل من جماعة دينية تضع معايير أخلاقية والتزامات سلوكية لينضم لها الفرد لتكون تنظيما سياسيا مدنيا مفتوحا يقبل من يؤمن بأفكاره أياً كان انتماؤه العقائدى وسلوكه الفردى.