وزير الخارجية: الدفاع عن المصالح المصرية في مقدمة أولويات العمل الدبلوماسي بالخارج    وزير العمل يستعرض جهود توفير بيئة عمل لائقة لصالح «طرفي الإنتاج»    السعودية تصدر بيانا عاجلا بشأن أداء فريضة الحج 2025    بيان رسمي من محافظة البحيرة بشأن الزلزال: توجيه عاجل لمركز السيطرة    "صناع الخير" تكرّم البنك الأهلي المصري لدوره الرائد في تنمية المجتمع    الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية يلقي محاضرة عن تكنولوجيا الفضاء في جامعة القاهرة ويوقع بروتوكول تعاون مع رئيس الجامعة    هزة خفيفة.. ماذا قال سكان السويس عن زلزال نصف الليل؟    الليرة تقفز 24.7% بعد إعلان ترامب رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا    هآرتس: إسرائيل ليست متأكدة حتى الآن من نجاح اغتيال محمد السنوار    في الرياض.. الرئيس الأمريكي ترامب يلتقي نظيره السوري أحمد الشرع    مواعيد مباريات الأربعاء 14 مايو - ريال مدريد ضد مايوركا.. ونهائي كأس إيطاليا    حقيقة القبض على رمضان صبحي لاعب بيراميدز خلال تأدية امتحان نهاية العام الدراسي    مدرب سلة الزمالك: "اللاعبون قدموا أدءً رجوليا ضد الأهلي"    سر غضب وسام أبوعلي في مباراة سيراميكا.. وتصرف عماد النحاس (تفاصيل)    31 مايو.. محاكمة عاطل في سرقة المواطنين بالأزبكية    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة على القاهرة الكبرى بداية من الجمعة    انطلاق امتحانات الابتدائية والشهادة الإعدادية الأزهرية بالمنيا (اعرف جدولك)    سعد زغلول وفارسة الصحافة المصرية!    وزير الثقافة للنواب: لن يتم غلق قصور ثقافة تقام بها أنشطة فعلية    محافظ الدقهلية يتفقد التأمين الصحى بجديلة لليوم الثالث على التوالى    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 بعد آخر تراجع    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الإقليمى    ياسر ريان: حزين على الزمالك ويجب إلتفاف أبناء النادي حول الرمادي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    السعودية.. رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا لموسم الحج    الاحتلال يزعم تدمير معمل لتصنيع المتفجرات في طولكرم    هيئة الرعاية الصحية: تدريب عملى وتنفيذ مبادرات صحية لخدمة المجتمع وتبادل الخبرات    طريقة عمل اللانشون، في البيت زي الجاهز    «أسوشيتدبرس»: ترامب تجاوز صلاحياته الرئاسية بشن حرب تجارية ويواجه 7 قضايا    نظر محاكمة 64 متهمًا بقضية "خلية القاهرة الجديدة" اليوم    الزراعة: تنظيم حيازة الكلاب والحيوانات الخطرة لحماية المواطنين وفق قانون جديد    اليوم.. محاكمة طبيب نساء وتوليد بتهمة التسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 14 مايو 2025    فتحي عبد الوهاب: عادل إمام أكثر فنان ملتزم تعاملت معه.. ونجاحي جاء في أوانه    فتحي عبد الوهاب: عبلة كامل وحشتنا جدًا.. ولا أندم على أي عمل قدمته    وظائف للمصريين في الإمارات.. الراتب يصل ل4 آلاف درهم    رسالة مؤثرة يستعرضها أسامة كمال تكشف مخاوف أصحاب المعاشات من الإيجار القديم    فتحي عبد الوهاب: لم أندم على أي دور ولم أتأثر بالضغوط المادية    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    المُنسخ.. شعلة النور والمعرفة في تاريخ الرهبنة القبطية    قبل التوقيع.. الخطيب يرفض طلب ريفيرو (تفاصيل)    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    مصطفى شوبير يتفاعل ب دعاء الزلزال بعد هزة أرضية على القاهرة الكبرى    «السرطان جهز وصيته» و«الأسد لعب دور القائد».. أبراج ماتت رعبًا من الزلزال وأخرى لا تبالي    دفاع رمضان صبحي يكشف حقيقة القبض على شاب أدي امتحان بدلا لموكله    يد الأهلي يتوج بالسوبر الأفريقي للمرة الرابعة على التوالي    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    لماذا تذكر الكنيسة البابا والأسقف بأسمائهما الأولى فقط؟    أول رد رسمي من محامي رمضان صبحي بشأن أداء شاب واقعة «الامتحان»    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية الأزهرية 2025 الترم الثاني (الجدول كاملًا)    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    فرصة لخوض تجربة جديدة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 مايو    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    لتفادي الإجهاد الحراري واضطرابات المعدة.. ابتعد عن هذه الأطعمة في الصيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نوال السعداوى تكتب : تراجع الحركة النسائية والنخب فى مصر

من مسافة بعيدة فى المكان والزمان أصبحت أرى الوطن بوضوح أكثر، الالتصاق والحميمية الشديدة تفقدنا الرؤية الواضحة للأشياء، تنقشع ضبابات المشاعر الجياشة المانعة للتفكير الصافى والتأمل العميق، لا يرى الزوج زوجته على حقيقتها، ولا ترى الزوجة زوجها على حقيقته إلا بعد انقشاع غشاوة الحب والشبق والعشق، ما يسرى على الأفراد فى الأسرة الصغيرة يسرى على المجتمع الكبير فى الوطن، ربما هى حياة المنفى الطويلة داخل الوطن وخارجه جعلتنى أرى ما لا يراه الذائبون فى حب الوطن، ينشدون بمناسبة ودون مناسبة: يا حبيبتى يا مصر، مصر العزيزة لى وطن، مصر مصر أمنا، يخاطبون مصر بصيغة المؤنث ثم يضطهدون النساء داخل مجلس الدولة وخارجه، داخل الزواج وخارجه، داخل القانون وخارجه، يعتبرون مصر هى الأم ثم يسلبون الأمهات حقوقهن الإنسانية الأساسية أولها حق الشرف والكرامة والمواطنة الكاملة.
فى البطاقة القومية للزوجة المصرية يسجلون اسم الزوج كجزء أساسى فى شخصية زوجته، لا يسجلون اسم الزوج فى بطاقة زوجته، لأن الزوج مواطن كامل الأهلية بدون زوجته، يستطيع الرجل أن يفعل أى شىء بدون زوجته، تجديد جواز سفره وتجديد الجواز والطلاق وتعدد الزيجات وإنكار نسب أطفاله إليه، وعدم تحليل دمه لإثبات النسب...إلخ.
مع تصاعد التيارات الدينية السياسية منذ السبعينيات تراجعت الحركة النسائية المصرية، تعاونت القوى الداخلية والخارجية فى تمزيقها ومطاردة الناشطات منها، تم الفصل بين قضايا تحرير النساء وقضايا تحرير الوطن، تم الفصل بين حقوق الإنسان وحقوق المرأة، فالمرأة لم تعد إنسانا، بل زوجة وأم واجبها خدمة الزوج والأطفال، وإن خرجت للعمل بأجر وإن كانت طبيبة أو وزيرة فهى تعمل لمساعدة زوجها فى الإنفاق، وليس لأن العمل بأجر من حقها كإنسانة كاملة الأهلية.
تم ضرب جميع المحاولات لإنشاء الاتحاد النسائى المصرى بمبادرات نسائية غير حكومية، تم إنشاء منظمات نسائية حكومية أو نصف حكومية تحمل اسم المجتمع المدنى، تعمل على استحياء (فى إطار الشريعة) لإعطاء المرأة بعض حقوقها المسلوبة، دون المساس بالقيم والتقاليد السائدة، دون استفزاز القوى الدينية الذكورية المسيطرة فى الدولة والمجتمع، خوفا من الاتهام أنهن ضد الدين، ضد الأخلاق، ضد الحجاب والنقاب، ضد الأمومة، ضد الأنوثة الطبيعية، ضد الرجال، ضد مصالح الوطن، مع مصالح أمريكا وإسرائيل والغرب الكافر.
إحدى الشابات شاركت فى المظاهرة النسائية أمام مجلس الدولة (18 فبراير 2010 احتجاجا على منع تعيين المرأة قاضية بالمجلس) قالت لى، تصورى يا دكتورة، كان شعار المظاهرة «ليس من أجل النساء بل من أجل مستقبل هذا الوطن» كأنما ليست النساء نصف الوطن، كأنما مستقبل الوطن لا يتعلق بالنساء، كأنما الاعتراف بحقوق النساء شىء عيب أو محرم، وبالتالى نصد عن أنفسنا هذه التهمة ونقول: ليس من أجل أنفسنا نحن النساء بل من أجل الوطن.
شهدنا التراجع المتزايد فى فكر النخبة والحركة النسائية، كما شهدنا الفتن الطائفية خاصة بين الأقباط والمسلمين، هذه بعض منجزات التيارات السياسية الدينية المتطرفة.. أصبح السكوت خطيرا فى مواجهة هذه التيارات المعادية للنساء والأقباط فى مصر، يقسمون الوطن عنصريا على أساس الدين والجنس.
أصبحت لجنة الحريات الدينية الأمريكية تدخل بلادنا وتخرج بحرية كاملة، تشجع فى الخفاء والعلن التقسيم الدينى لمصر تحت اسم الحرية الدينية، تحاول جعل مصر مجموعات دينية ومذهبية متصارعة وليست وطنا موحدا فى دولة مدنية ينال فيها كل المواطنين وكل الفئات حقوقهم بالتساوى دون تمييز على أساس الدين أو الجنس أو العنصر أو أى شىء آخر، تحت اسم الحرية الدينية تم تشجيع الفئات والمذاهب والأقليات الدينية، منها (بخلاف الأقباط) اليهودية، البهائية، الشيعة، الصوفية، الإخوان المسلمين بفرقهم المختلفة، الدينيون، اللادينيون وغيرها من التقسيمات، من أجل تفتيت الشعب المصرى طائفيا ومذهبيا.
أصبح انتهاك حقوق النساء وحقوق الأقباط شيئا عاديا، فماذا ننتظر بعد كل هذه الفتن؟ حربا أهلية أم تدخلا خارجيا أكثر فأكثر؟ هل تعلن أمريكا حمايتها لمصر على غرار الحماية البريطانية فى نهاية القرن التاسع عشر؟
هل يعود اللورد كرومر متنكرا فى لجنة الحريات الدينية الأمريكية؟ تذكرون خطة اللورد كرومر منذ قرن من الزمان، إنها الخطة ذاتها لتقسيم مصر طائفيا التى تنتهجها لجنة الحريات الدينية الأمريكية، والخطة ذاتها التى تسلب النساء حقوقهن تحت اسم حرية الاختيار، تذكرون كلمة باراك أوباما فى القاهرة 4 يونيو 2009؟ ألم يدافع عن تحجيب النساء تحت اسم حرية الاختيار والحريات الدينية؟
هل يصبح باراك أوباما هو منقذ مصر من الردة الثقافية والتعليمية والعلمية؟ إلى أى مدى يتم تحجيب عقولنا فلا نعرف العدو من الصديق؟ هل نعتبر أوباما صديقا لمجرد كلامه المعسول وهو ينفذ السياسة الاستعمارية الأمريكية بالحرف الواحد؟ ألم تكشف لجنة الحريات الدينية الأمريكية (وهى مبعوثة أوباما) عن نواياها المعادية لنا؟ وقد جعلت اجتماعاتها كلها مغلقة مع من قابلتهم فى مصر، لماذا؟
أنا كاتبة مستقلة، لست مسؤولة سياسية، وقد رفضت عقد اجتماع مغلق مع أعضاء هذه اللجنة يوم الأحد 24 يناير 2010، سألتهم: لماذا يكون الاجتماع مغلقا أيها السادة؟ لماذا لا يكون علنيا فى حضور الصحافة والإعلام؟ قالوا: هذه طريقتنا فى كل الاجتماعات، أن تكون سرية، قلت: السرية تعنى أن هناك شيئاً يتم فى الخفاء ضد مصلحة الشعب المصرى، شيئاً تحرصون على ألا يعرفه الناس، شيئاً خاصاً تريدونه بينكم وبين بعض الأشخاص فى مصر، مصالح مشتركة؟.. لماذا لا يكون كل شىء معروفا وأمام الناس؟
يفصل أغلب أعضاء النخبة المصرية بين تزايد العداء لحقوق المرأة (منها قرار مجلس الدولة الأخير بمنع تعيين المرأة قاضية بالمجلس) وتزايد الفتن الطائفية فى مصر، لأن التعليم العام والثقافة منذ الطفولة تقوم على الفصل بين مجالات الحياة، السياسية والاقتصادية والجنسية والدينية والاجتماعية والاخلاقية والتاريخية .......، وهى مجالات لا يمكن الفصل بينها فى الواقع والحقيقة.
يصف أغلب شعوب العالم دولة إسرائيل بالعنصرية منذ إنشائها حتى اليوم، لأنها دولة تقوم على الدين اليهودى، وبالتالى يتم التمييز فيها بين المواطنين على أساس الدين، يسرى ذلك على جميع الدول الدينية مسيحية أو يهودية أو إسلامية أو غيرها؟ ويتم أيضا التمييز ضد النساء فى هذه الدول الدينية، فهل مصر دولة دينية أم مدنية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.