بعد عيد الأضحى.. قائمة الإجازات الرسمية في 2025    متابعة امتحانات الترم الثاني والاستعداد للعام الجديد.. تفاصيل اجتماع مجلس عمداء جامعة كفر الشيخ    تعرف على أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء الموافق 10-6-2025 فى سوهاج    «التنمية المحلية»: انطلاق المرحلة الثانية من الموجة ال26 لإزالة التعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية    «التخطيط» تستعرض «خطة المواطن الاستثمارية» لمحافظة مطروح للعام المالي الحالي 24/2025    وزير المالية ل الجمارك: العمل على راحة الحجاج.. وأولوية خاصة لكبار السن والحالات المرضية    229 مصنعاً لإعادة تدوير المنتجات البلاستيكية في مصر    "التعاون الإسلامى" تدين اعتداء الاحتلال على سفينة كسر الحصار عن غزة    مستوطنون يقتحمون باحات "الأقصى" بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي    الدفاع الروسية: قواتنا نفذت ضربات ليلية مكثفة على منشآت صناعية ودفاعية بأوكرانيا    10 قتلى فى هجوم مسلح على مدرسة بمدينة جراتس جنوب شرقى النمسا    شوبير: الأهلي خرج بمكاسب من ودية باتشوكا.. وزيزو أبهر الجميع بجاهزيته    القنوات الناقلة لمباراة فلسطين وعمان مباشر اليوم في تصفيات كأس العالم 2026    بدء تلقي طلبات اعتذارات الثانوية العامة 2025 بقنا.. تعرف على الأماكن والشروط    أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد: العظمى بالقاهرة وجنوب الصعيد 41 درجة    ضبط 13 كيلو من مخدر الهيدرو خلال حملة أمنية في دمياط    التضامن تواصل تنفيذ خطة تفويج عودة الحجاج إلى أرض الوطن    مصرع وإصابة 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين فى عين شمس    جهود أمنية مكثفة لكشف غموض العثور على جثة شاب مصاب بطلقات نارية بقنا    فيلم المشروع x ل كريم عبد العزيز يتخطى 90 مليون جنيه إيرادات    أسماء جلال تنشر صورا جديدة لها من حفل زفاف أمينة خليل باليونان    3 أبراج كسيبة والتراب بيتحول ذهب فى إيديهم.. الدلو بيفكر برة الصندوق    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يتألقان بحفلين في 48 ساعة    ماجد الكدوانى ضيف "فضفضت أوى" مع معتز التونى على Watch it غداً    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغًا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    «الإفتاء» توضح حكم الزواج من ذوي الهمم وأصحاب القصور الذهني    "مدبولي" يوجه بتكثيف الجهود للوصول إلى "صفر" حالات جذام وتوفير الرعاية الكاملة للمتعافين    رئيس هيئة الرعاية الصحية: تقديم 6,454 خدمة تثقيفية وتوعوية لنشر الوعي الصحي خلال العيد    محافظ أسيوط يشهد انطلاق تقنية طبية جديدة "ERCP" بوحدة المناظير بمستشفى المبرة    «التأمين الصحي»: استحداث عدد من الخدمات الطبية النوعية بالمستشفيات    اليوم.. «أيام إخناتون» و«شلباية» يفتتحان عروض مسرح إقليم جنوب الصعيد الثقافي    محمد السيد: لست متمرداً.. والزمالك بيتي    المأذونين عبر تليفزيون اليوم السابع: زواج شاب "داون" من فتاة يجوز شرعاً    السيسي يصدَّق على قانونين بشأن مجلسي النواب والشيوخ    الأطباء: نتابع واقعة عيادة قوص ونناشد تحري الدقة في تناول المعلومات    انتشال جثة سيدة من غرقى تروسيكل سقط في نهر النيل بأسيوط    الحكومة اليابانية تطرح 200 ألف طن إضافية من مخزون الأرز لكبح جماح الأسعار    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    مستوطنون يقتحمون باحات "الأقصى" بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    في أولي حفلاته بعد الحج.. أحمد سعد يوجه رسالة لجمهوره| صور    المجمعات الاستهلاكية تستأنف العمل لطرح السلع واللحوم للمواطنين    ارتفاع الأسهم العالمية والدولار مع تقدم المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    الدبيس: أتمنى المشاركة أساسيا مع الأهلي في كأس العالم للأندية    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    وزيرة إسبانية تدين اختطاف السفينة مادلين : يتطلب رد أوروبى حازم    كندا تتعهد برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي استجابة لضغوط "الناتو"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    بتوصية أيمن الرمادي.. الزمالك يفتح الباب أمام بيع نجميه (تفاصيل)    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    الخارجية الإيرانية: الجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن تُعقد الأحد في سلطنة عُمان    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    "خسارة للأهلي".. نتائج مباريات الإثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جلسة مع كاتبات فى القاهرة
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 09 - 2010

منذ أيام جمعتنى جلسة مع بعض الكاتبات فى مدينة القاهرة، كان السؤال يدور بيننا: هل تختلف عين الكاتبة المرأة فى رؤيتها للكون والناس عن عين الكاتب الرجل؟ وهل تختلف اللغة أيضا باختلاف الرؤية؟
قالت كاتبة متوسطة العمر لا ترتدى الحجاب كانت تجلس بجوارى:
عين الإنسان غير منفصلة عن عقله واللغة التى يعبر بها، رجلا كان أو امرأة، كلما تطور العقل، الوعى واللاوعى معا، تطورت الرؤية بالعين وتطورت اللغة، قد يرى الكاتب المبدع أو الكاتبة المبدعة ما لا يراه الآخرون، ليس لأن الابداع يهبط من السماء، أو منحة من الآلهة لما نسميهم عباقرة، بل إن العبقرية صبر طويل، وعمل وجهد، وتربية جيدة منذ الولادة حتى النهاية، تفتح العقل والعين على آفاق ولغة جديدة، يصبح الإنسان قادراً على إثارة الجدل، وكشف المكبوت والمسكوت، تصبح الكتابة المبدعة محرضة على التفكير والتغيير، وتحطيم الأصنام، المسلمات القديمة والجديدة والموروثات منذ العبودية، الكتابة المبدعة هى السهل الممتنع، هى الكتابة كما نعيش، من الحياة ذاتها تنبع الكتابة المبدعة وليست من الكتب، لهذا قد يبدع إنسان لم يتعلم فى المدارس، قد تقتل المدارس الإبداع الطبيعى فى الطفل أو الطفلة، وقالت كاتبة متقدمة فى السن غير محجبة أيضا:
الكتابة من تجارب الحياة قد تبدو سهلة، وهى سهلة لمن يعيش الحياة ويتأمل تجاربه وتجارب الناس، الكتابة ليست مجرد حكايات أو أحداث، بل هى صور مبدعة للحياة ذاتها، هى تفاصيل الحياة الصغيرة جدا، حين تتحول فى عين الكاتبة أو الكاتب إلى لغة وأفكار جديدة كبيرة، هذه العين السحرية القادرة على ربط الأشياء غير المترابطة، ونقل الماضى إلى الحاضر إلى المستقبل بكلمة أو صورة، إنها القدرة الإبداعية النقدية التى تكشف وتنزع عن عيوننا الحجاب المفروض علينا منذ آلاف السنين، هى عين طفولية طبيعية قادرة على كشف التناقضات فى سلوك الكبار وإن كانوا ملوكا يجلسون على عروش الأرض والسماء، مثل قصة الطفلة أو الطفل الذى رأى الملك عاريا رغم أن كل من حوله من النخبة كانوا يتغزلون فى ملابسه الملوكية الفاخرة، وقالت كاتبة شابة ترتدى بنطلوناً وقميصاً فضفاضاً:
الأطفال قادرون على كشف النفاق السياسى والاجتماعى أكثر من الكبار، عيون الأطفال لم تصبها الغشاوة الناتجة عن التربية والتعليم والكذب الدائم، يقول الأطفال الصدق إلى حد صدمة الآخرين، الصدق يصدم فى عالم تعود الكذب، يزداد النفاق بصعود الإنسان إلى صفوف النخبة المختارة من السلطة الحاكمة، تربطهما المصالح المشتركة، تختار السلطة هذه النخبة وتعينهم فى أعلى المناصب الأدبية والثقافية والإعلامية والدينية والسياسية والاقتصادية، تصبح النخبة أداة فى خدمة السلطة، تتصدى لمن ينقدها أو يعارضها، تلعب هذه النخبة أدوارا مزدوجة لإخفاء علاقتها بالسلطة الحاكمة، منها دور المعارضة ذاتها، يعرفون قواعد اللعبة، ينتقلون من دور إلى دور مثل الكراسى الموسيقية، منهم الرجال والنساء، قد تلجأ المرأة إلى الكذب والنفاق أكثر من الرجل، لأن خوفها من العقاب أكثر، لأنها امرأة تحكمها الأخلاقيات الدينية السائدة (منها أن وجهها عورة وطاعتها للرجل واجبة ومكانها الطبيعى هو البيت ودورها حسب أمر الله هو خدمة الأسرة)، قد تكون المرأة وزيرة أو رئيسة وزراء أو رئيسة تحرير أكبر جريدة، أو طبيبة جراحة أو عالمة ذرة أو أديبة عالمية مبدعة، إلا أن كل هذه الأعمال ثانوية فى حياتها بالنسبة لدورها الرئيسى التقليدى: الزواج والأمومة وخدمة الأسرة، تصبح المرأة الكاتبة شاذة إن أحبت الكتابة أكثر من الرجل وخدمة الأسرة، يصبح الرجل الكاتب عظيما إن تفرغ لفنه وكتاباته أكثر من تفرغه للمرأة وخدمة الأسرة، المرأة والخدمة متلازمتان، واجب المرأة خدمة غيرها، أما الرجل فهو يتزوج لتخدمه زوجته، يظل مفهوم الأمومة متحكما فى عقل المرأة وقلبها، تضحى الأم بحياتها من أجل الأمومة، دور الأبوة فى حياة الرجل ليس رئيسيا، يمكن للرجل أن يعيش دون زواج دون أن ينجب، المرأة التى لا تنجب تشعر بالنقص أو العار، يتباهى الكاتب الرجل بأنه يحتقر الزواج، ينشر أفكارا تحقر المرأة خاصة الزوجة، يتباهى بغزواته الجنسية المتعددة، أما المرأة الكاتبة فهى تخاف نظرة المجتمع إليها، تتردد فى الكشف عما يدور فى أعماقها، تتبنى أفكار الرجل فى السياسة والدين والأخلاق، تتباهى حين تتزوج وحين تصبح أما وجدة، تتباهى النساء بعدد الحفيدات والأحفاد.
أعلنت كاتبة ترتدى الحجاب أنها أصبحت جدة لحفيد أطلقت عليه اسم النبى، ثم دارت بين الكاتبات مباراة حول عدد الأحفاد الذكور، لم يكن للحفيدات الإناث تلك البهجة والفخر.
سألتنى واحدة منهن عن عدد أحفادى، مصمصت شفتيها حين قلت لها اسألينى عن كتابى الأخير، ثم قلت لها: ما الفرق بين امرأة دورها الكتابة وامرأة دورها الولادة؟ أكثرهن يرتدين الحجاب رغم أنهن كاتبات، قالت كاتبة صحفية كبيرة معروفة: الحجاب أمر الله، الكاتبة لا تعصى أمر الله ولاّ إيه، وقالت كاتبة أخرى: نحن نمشى حسب المجتمع، الكتابة لا تعنى مخالفة المجتمع، أو التمرد، التمرد من الشيطان.
لم تتفق معى فى الرأى إلا واحدة من خمس كاتبات، وكلهن معروفات، بعضهن مشهورات، يشغلن مناصب كبيرة فى الإعلام والثقافة.
هل نحن فى عالم يتهاوى أمامنا؟ لقد جسدت هؤلاء الكاتبات كيف ارتد المجتمع إلى الماضى السحيق، ها هى بعض النخبة من النساء الكاتبات، دورهن إنارة العقول وإبداع الأفكار الجديدة، دورهن تغيير المجتمع إلى الأفضل فإذا بهن يخضعن للمجتمع ويسرن وراءه وليس أمامه.
قالت واحدة منهن: كنت أحلم بتغيير العالم فى طفولتى، لكنى اليوم أحلم بالحصول على غرفة خاصة بى لا يشاركنى فيها زوج، نحن فى عالم يقوم على التجارة والمال، لم أكسب من الكتابة إلا المتاعب والفقر، عالم تم فيه تسليع كل شىء، أرخص السلع الإنسان، خاصة المرأة، خاصة الكاتبة، الزوجة أرخص السلع يا سيدتى، المشاعر الجميلة الصادقة فى العلاقات الحميمة استولى عليها سعار البيع والشراء، لم يعد باستطاعتى أن أعرف حقيقتى، أرى نفسى دمية، ألعوبة فى يد الآخرين، لا أعرف من يمسك بخيوط تحريكى أعلى المسرح، كل صباح أرى وجه زوجى يائسا مكفهرا يردد ما تكتبه الصحف من فساد، كل شىء فى فمى له طعم الفساد، أشعر بغثيان روحى وقلبى قبل غثيان معدتى، يبدو زوجى رجلا غريبا عنى، لم أعش معه فى سرير واحد أربعة وعشرين عاما، أسأله كل يوم من هو وهل تقابلنا اليوم فقط، أم منذ ربع قرن؟
تمصمص الكاتبات شفاههن، تهمس واحدة: نحن نعيش فى عالم عبثى مخيف، ارحمنا يا رب، وأقول لها: الرب لا يرحم إلا من يرحم نفسه، الرب لا يساعد إلا من يساعد نفسه، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، علينا أن نغير أنفسنا، على المرأة أن تغير نفسها وتفكيرها وإلا فلن يغيرها أحد، ابدئى بنفسك يا سيدتى الكاتبة قبل أى شىء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.