ما حدث فى مجلس الشعب يوم الأربعاء 17/2، يمثل فى رأيى التجسيد الحى لضياع دولة.. ولست مبالغاً فى هذا القول، فالدولة فى العصر الحديث تقوم على مبادئ أساسية راسخة منذ قرون، فى مقدمتها ما هو معروف بالفصل بين السلطات. ما حدث فى مجلس الشعب فى ذلك اليوم الذى أشرت إليه كان مهزلة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان.. فرأينا تحت قبة المجلس صراخاً وسبابا بل اشتباكات بالأيدى، وتهديدا ووعيدا، لا يحتاج الإنسان إلى كثير من الذكاء ليدرك أن وراء كل هذا الصخب مصالح شخصية وعلاقات مشبوهة وذمما ناقصة ليس إلا. ففى اجتماع مشترك للجنة الإدارة المحلية والإسكان بمجلس الشعب برئاسة وكيل المجلس وبحضور المهندس أحمد المغربى وزير الإسكان، بدأت اللجنة اجتماعها وسط جو عاصف ومعبأ بالغضب والانفعال مرتب له بالتأكيد بالنظر للحشد الكبير من نواب المجلس الذى لا يحدث عادة حتى فى الأمور المهمة، حيث أفاد النائب الملياردير مصطفى السلاب أنه نظرا لما قام به من تحرك إنسانى لخدمة أبناء دائرته واستصداره قرارا من وزير الإدارة المحلية بوقف أعمال الإزالة التى تقوم بها المحافظة إعمالاً للقانون، فإن محافظ القاهرة د. عبدالعظيم وزير قد أقسم بالله بأنه سينقتم من كل أفراد عائلة السلاب بمن فيهم النائب نفسه نصير الغلابة والمستضعفين.. وأضاف أن المحافظ أخذ يبحث فى الدفاتر القديمة ويشكل لجانا فنية للتفتيش عن أى مخالفات أو ثغرات ليتخذها ذريعة للانتقام، وادعى النائب المظلوم أن كل ما استند إليه المحافظ من مخالفات لتبرير قراراته بالهدم وإزالة العقارات غير قانونى، وأنه مع ذلك يمارس المحافظ «المتجبر» إجراءاته الانتقامية منذ خمسة عشر يوماً يستخدم فيها أجهزة المحافظة فى هدم جميع عقارات عائلة السلاب وإزالة أى لافتات بمدينة نصر تحمل اسم العائلة، والمحافظ فى ذلك لا يطبق حكم القانون، ولكنه يمارس رغبته فى الانتقام الشخصى!! هذا ما ورد بالنص بصحيفة الأهرام يوم الخميس 18/2 نقلاً عما دار فى الجلسة التى شهدت فى بدايتها ثورة عارمة من أعضاء لجنة الإدارة المحلية احتجاجا على عدم حضور المحافظ الاجتماع الذى يبدو أنه كان على علم بما هو مبيت له، ثم قرار أعضاء اللجنة بالانسحاب، ومحاولات الوزير المغربى تهدئة النواب ونجاحه فى إعادتهم.. ونجح كذلك النائب الملياردير الآخر أحمد عز فى تهدئة الأجواء الساخنة داخل الاجتماع، وتركوا النواب يقطعون فى اللحم الحى للمحافظ ويتهمونه بالصبيانية والتعامل مع النواب بنرجسية غير مقبولة وبطريقة إثبات الذات بعيداً عن القوانين والأعراف!! وقال أحدهم عن المحافظ إنه رجل «مغلول» يتصرف بطريقة تؤكد أنه لا يهمه نواب أو برلمان، وادعى أنه يتفرغ هو وأجهزته طوال 57 يوماً للبحث عن مخالفات لعائلة السلاب فقط! ولكى تكتمل الصورة الهزلية فقد انبرى نائب مستقل محترم يتهم نواب الوطنى بأنهم يكيلون بمكيالين لأن محافظ القليوبية فعل الشىء نفسه معه وانتقم منه عقب مطالبته بإقالة المحافظ فى مجلس المدينة فقام هو الآخر بهدم أحد أدوار منزل أخيه وتلفيق قضية لأحد أشقائه الآخرين،.. فما كان من نواب الحزب الوطنى إلا أن قاموا بالتعدى على النائب المستقل بالضرب وتوجيه شتائم إليه يعاقب عليها القانون فهو ليس من حزبهم، وذلك المحافظ مرضى عليه منهم! المهم أن هذه الجلسة المهزلة انتهت بما قيل إنه توصيات عاجلة إلى الحكومة بوقف قرارات الإزالة التى يقوم بها المحافظ ضد عائلة النائب مصطفى السلاب وكذلك القيام بزيارة ميدانية لحى مدينة نصر لكشف جميع المخالفات الموجودة داخل الحى والتى لم يقترب منها المحافظ.. ثم نصل إلى الطامة الكبرى وهى التهديد بالقيام باعتصام أمام مجلس الوزراء فى حالة عدم اتخاذ موقف حاسم ضد المحافظ!! ينتهى الأمر كما هو متوقع فى دولة ضائعة، أن يصرح الوزير المغربى بأن رئيس الوزراء أحمد نظيف قد أجل قرار محافظ القاهرة بتنفيذ قرارات إزالة مخالفات مبانى عائلة السلاب فوراً، وهو ما كان قد رفضه الوزير المغربى من قبل!!