«دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    الخارجية السورية تكشف تفاصيل الاجتماع الثلاثي واعتماد خارطة طريق لحل الأزمة في السويداء    مبابي يقود ريال مدريد للفوز على مارسيليا في دوري أبطال أوروبا (فيديو)    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    نتائج مباريات أمس الثلاثاء والقنوات الناقلة    "فأل حسن".. ماذا قدم الزمالك بحضور الصافرة التحكيمية لأمين عمر؟    صاحبه ولع فيه بالبنزين.. مصرع سائق توكتوك حرقًا في ههيا بالشرقية    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    زيارة صرف الأنظار، ترامب يصل إلى بريطانيا ومراسم استقبال ملكية في انتظاره    ارتفاع جديد ب 340 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025 بالصاغة    موعد إعلان نتيجة تنسيق جامعة الأزهر 2025 رسميا بعد انتهاء التسجيل (رابط الاستعلام)    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    مصرع وإصابة 3 شبان بحادث تصادم في محافظة البحيرة    90.6 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    نائب رئيس جامعة الأزهر يعلن موعد نتيجة التنسيق (فيديو)    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    ما زال الحبل السري متصلا بها.. أنثى حوت أوركا تحاول إنعاش طفلها الميت (فيديو)    رئيس أركان جيش الاحتلال ل نتنياهو: القوات تعمّق الآن «إنجازًا» سيقرب نهاية الحرب    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    موعد مباريات اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. إنفوجراف    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    مواليد 4 تواريخ «عندهم قدرة على التنبؤ».. يتمتعون بالبصيرة ويقرأون الأحداث مسبقًا    وفاة اللواء خالد العزازى مستشار رئيس هيئة قناة السويس للإعلام والعلاقات العامة    يوفنتوس يتعادل 4-4 مع دورتموند في أجمل مباريات دوري أبطال أوروبا    فرنسا تدين توسيع العملية الإسرائيلية بغزة وتدعو إلى وضع حد للحملة التدميرية    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 108 خلال هجمات الاحتلال اليوم    وزير الري: ندرة المياه لا تسمح بزراعة الصحراء بالقمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بنهر النيل في الوراق    ضبط ومصادرة 2 طن طحينة بمصنع بدون ترخيص بالمنيرة    الحماية المدنية تخمد حريق منزل في سرابيوم بالإسماعيلية    ننشر خريطة موعد بدء الدراسة للتعليم الابتدائي بمدارس الفيوم تدريجيًا.. صور    على باب الوزير    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: النيل مسألة وجودية لمصر    فلسطين.. قوات الاحتلال تعتقل من بلدة دير أبو ضعيف    وزير الدفاع السعودي وقائد القيادة المركزية الأمريكية يبحثان تعزيز التعاون الدفاعي    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بالدورة الثامنة    أمين الفتوى يوضح حكم استخدام الروبوت في غسل الموتى وشروط من يقوم بالتغسيل    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار هشام البسطويسى يخرج عن صمته بعد عامين من إعارته للكويت (1-2): تركت مصر لشعورى بتقييد حركتى وكلمتى وتعرضت لمحاولة تلفيق قضية جنسية

مساحة المسموح به فى هذا الحوار أقل بكثير من محظوراته، والسبب يعود لصاحب الحوار نفسه المستشار هشام البسطويسى، الذى طلب عدم ذكر وقائع محددة أو أسماء بعينها، لأسباب متفرقة، منها ما يتصل بعدم الخوض فى الأسماء، فالمهم لديه هو الأفكار والأهداف والقرارات، ومنها ما يتعلق بعدم إحراج أحد أو استفزاز آخر خصوصا أنه معار حاليا خارج مصر منذ أكثر من عامين فى الكويت مستشارا بوزارة الشؤون الاجتماعية، لكن بشكل عام تظل آراء البسطويسى الذى يتولى أرفع منصب قضائى، وهو نائب رئيس محكمة النقض، مثيرة للجدل، ليس فقط بسبب الأفكار التى يطرحها فى آرائه، لكن بسبب الرجل نفسه الذى أصبح فى غضون سنوات قليلة من أبرز القضاة المطالبين باستقلال القضاء والمنادين بالإصلاح لدرجة ساهمت بترشيح البعض له رئيسا للجمهورية.
البسطويسى لم يكن القاضى الوحيد الذى فضل مغادرة مصر بل سبقه ولحقه كثيرون، المفاجأة اللافتة هنا، أنهم جميعا منتمون لما يسمى تيار «استقلال القضاء» ومنهم المستشارون ناجى دربالة ومحمود مكى وأحمد صابر وعاصم عبد الجبار ويحيى جلال، ومن مجلس الدولة المستشارون سمير البهى وناصر معلا ومجدى الجارحى.. «المصرى اليوم» التقت المستشار البارز أثناء زيارته الأخيرة لمصر فى حوار مفتوح لا تنقصه السخونة، وبالتأكيد لا تنقصه الجرأة، وإلى الحلقة الأولى من الحوار.
■ أثار قبولك الإعارة للكويت ومغادرتك مصر جدلا كبيرا.. لماذا؟
- فى الحقيقة أنا مندهش من هذا، لأنى عندما قررت السفر للخارج كانت لدى دوافعى التى أراها منطقية، فوجودى أصبح مقلقا داخل بلدى، كنت أشعر بأنه يتم التضييق على، وأننى أصبحت مقيدا فيها، سواء فى كلمتى أو فى حركتى، وليس سراً أننى منعت من السفر إلى خارج مصر أكثر من مرة، رغم أن سفرى كان لحضور مؤتمرات دولية، وبعضها بدعوة من منظمات دولية، وبشكل عام فأكثر ما كان يؤلمنى ويصيبنى بالإحباط هو أن تشعر بأنك مقيد ببلدك وفى كلامك وحركتك وتنقلاتك، خصوصا إذا كنت قاضيا أو صحفيا مشغولا بقول الحق والدفاع عنه.
■ كم مرة مُنعت فيها من السفر؟
- خلال أقل من عام تم منعى ثلاث مرات، المرة الأولى، كانت للمشاركة فى محكمة دولية لمحاكمة مجرمى الحرب الإسرائيليين فى بروكسل، وهى محكمة شعبية دولية، والمحزن أن مصر التى كانت تقود حركة النضال ضد إسرائيل، هى مصر نفسها التى أصبحت تمنع قاضيا من السفر للمشاركة فى محكمة لإدانة الإجرام الإسرائيلى ضد الأبرياء من شعبنا الفلسطينى، أما المرة الثانية، فكانت للمشاركة بمؤتمر فى الاتحاد الأوروبى للحديث عن استقلال القضاء، والمرة الثالثة.. فكانت للسفر إلى جنيف للحديث فى مؤتمر دولى لمنظمة ICG عن استقلال القضاء وضمانات ومعوقات القضاء فى الدول العربية.
■ بأى آلية يمكن منع قاض من السفر؟
- عن طريق ما يسمى «الورقة الصفراء» أى إذن السفر من الجهات المسؤولة، وللعلم فقد حصلت على حكم قضائى لصالحى بإلغاء ذلك الأمر، وبدون الحصول عليها لا يسمح لك بمغادرة أرض المطار.
■ ألا تتفق معى فى أن العرض المادى لإعارتك كان مغريا أيضا؟
- نعم العرض المادى كان مغريا، ولا عيب فى هذا، خصوصا إذا كان الهدف هو محاولة تحسين ظروفك المادية بعمل شريف، ورغم أنه لم يكن هذا هو السبب الرئيسى لقبولى الإعارة، بل هناك أسباب أخرى، مثل الشعور بأن الدولة لديها الرغبة القوية للتدخل فى القضاء، ومشروعات القوانين المتتالية التى تنال من استقلال القضاء مثل أكاديمية القضاء، وتوسيع عضوية مجلس القضاء الأعلى، فضلا عما قمت به سابقا بإلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات العامة، والتعديلات الدستورية الأخيرة، وما جرى فيها.
■ كم هو الفارق المادى بين راتبك فى مصر وراتبك بالكويت؟
- الفارق المادى كبير جدا، ولا يتناسب مطلقا مع ما كنت أتقاضاه هنا، رغم أننى أشغل أعلى منصب فى درجات السلم القضائى، وهو منصب نائب رئيس محكمة النقض.
■ بصراحة كم كنت تتقاضى فى مصر وأنت تشغل أرفع منصب قضائى؟
- كنت أتقاضى ما لا يزيد على 6 آلاف جنيه، وكان يضيع أكثر من نصفها لتسديد القروض، والباقى لمصاريف الحياة الضرورية، ورغم منصبى الرفيع، فكنت أجد صعوبة شديدة لتوفير مستوى تعليم جيد لأولادى الثلاثة لكن الحمد لله جميعهم كانوا متفوقين، ولم يحصلوا على دروس خصوصية طوال مشوارهم التعليمى «وإلا بقت مصيبة» كما لم أقدر على تكاليف زواجهم أو حتى توفير مستوى لائق لهم، كما أننى لا أملك سيارة خاصة لى أو لأسرتى، وبالتالى فإذا جاءت الفرصة لك لتحقيق عائد مادى مناسب، لتعيش حياة كريمة، تتناسب مع وضعك ومستواك بالمجتمع، وكان يجب أن يكون توفير تلك الحياة داخل بلدك، فلا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يعارض ذلك فى ظل هذه الظروف، أما إحساسك أن تكون حياتك «مضغوطة» و«ضيقة» وأنت فى بلدك وأنت تعتلى أرفع المناصب فيها والتى تفرض عليك التزامات معينة ومستوى معينا، لكنك تعانى فهذا مهين وقاس.
■ وهل انتهى ما يمكن أن نسميه ب «التضييق عليك» بعد الإعارة؟
- بالطبع، اختلف الوضع كثيرا عن الأول، ولكن توجد بعض المنغصات، فمثلا كنت أقضى إجازة قصيرة فى شرم الشيخ مع أسرتى، وأثناء مغادرتى لمطار شرم فى طريقى للكويت، فوجئت بضباط المطار يستقبلوننى ويعاملوننى بشكل جيد للغاية، لدرجة أثارت اندهاشى فى البداية،
خصوصا أنهم دعونى لاحتساء القهوة فى المكتب الملحق، حتى الانتهاء من الإجراءات، وخضنا فى أحاديث متنوعة، بعدها طلبت منهم الاستئذان فى الانصراف للحاق بطائرتى، وقبل أن أغادر، فوجئت بضابط يطلب منى إبراز الإذن بالسفر، فقلت له أنا قاض معار بالخارج، ولا يوجد إذن سفر، فرد «يا فندم دى تعليمات ومش مسموح لك بالسفر»، فقلت له «لن يمنعنى أحد واتصل بوزير الداخلية اللواء حبيب العادلى على تليفونك دلوقتى»، وعندما ارتبك الضابط، هددت بفضح تلك الممارسات للصحف ووسائل الإعلام المحلية والعالمية إذا لم يجعلونى أغادر، بعدها رن هاتف الضابط، وسمعته يقول «تمام يا فندم، ثم أعطانى هاتفه، فكان على الطرف الآخر من الخط، من يعتذر لى بشدة، مؤكدا أن الضابط ليس لديه خبرة، وكرر أسفه، وانتهى الموضوع».
■ لكن سيادة المستشار بشكل دقيق.. كلامك عن التضييق والمنع برأيى كلام نظرى يمكن ألا يخرج عن مشاعرك وأحاسيسك به؟
- ليس صحيحا لأن لدى وقائع عديدة، وسأروى لك واقعة ثابتة، فكنت منتدبا بمركز الدراسات القضائية التابع لوزارة العدل، للتدريس لشباب النيابة والقضاة، وكنت أتقاضى حوالى1500جنيه شهريا، بخلاف راتبى، لكن نظرا لمواقفى المطالبة باستقلال القضاء، ونزاهة الانتخابات، فقد أبلغونى فى المركز بتأجيل محاضراتى، على وعد منهم بأن يتصلوا بى مرة أخرى، وكان ذلك فى شهر مايو2005، ولم يتصل بى أحد إلى اليوم، وهذا متوقع بالنسبة لى.
■ وماذا كان السبب برأيك؟
- كنت قد تحدثت فى أحد البرامج التليفزيونية عن استقلال القضاء وأهميته بالنسبة للمواطن والنظام، وقلت أن استقلال القضاء لم يعد مطلبا ملحا للمواطن، بل أصبح قضية أمن قومى، لأن ما جرى فى العراق، من غزو واحتلال لن يتكرر مرة أخرى بسبب التكلفة الباهظة للحرب، لكن هناك سيناريو آخر، أقل تكلفة، وهو جلب حكام عرب واقتيادهم للمحاكمات الجنائية أمام المحاكم الدولية، وهو ما حدث بالفعل فيما بعد فى لبنان - سوريا، والسودان، فالمحاكمة الدولية أرخص ثمنا من الحرب والغزو، وقلت إن استقلال القضاء هو الحل، كما رددت هذا الكلام أكثر من مرة، بعدها مباشرة تم إبلاغى بتأجيل محاضراتى بالمركز، وعلى فكرة علمت فيما بعد أنه تم إيقاف البرنامج تماما عن العرض.
■ هناك كثيرون غيرك يؤمنون بما تؤمن به من مواقف ولم يتعرضوا لمثل هذا ولم يغادروا البلد أيضا؟
- هناك أمور لا أحب الخوض فيها حدثت معى، وسأتركها للوقت.
■ لكن الرأى العام يريد الاطلاع عليها باعتبار أنك أحد الرموز القضائية؟
- صمت قليلا طالبا عدم الخوض أكثر من ذلك، لكن وأمام إصرارى روى قصة أخرى قائلا «حدث أثناء اعتصام القضاة الشهير بالنادى تضامنا مع إحالتى والمستشار محمود مكى للمحاكمة بسبب فضحنا التزوير والتلاعب فى نتيجة الانتخابات البرلمانية، أن حاولوا تلفيق قضية دعارة لى من أجل تصويرى والضغط على عن طريق فضحى، وبدأت القصة باتصال هاتفى من سيدة معروفة حاليا، وكنت موجودا مع زملائنا فى نادى القضاة، وطلبت مقابلتى لأمر مهم، فرفضت تماما مقابلتها فى أى مكان بخلاف صالون النادى أو بمنزلى أمام زوجتى وأولادى، لكنها فضلت مقابلتى فى النادى، وبالفعل قابلتها، وعندما دخلت للنادى، ورأت بعينيها الاعتصام والجو داخل النادى بكل ما فيه من زخم وحياة وإصرار وقوة، حتى إن بعض الكتاب والصحفيين أطلقوا على النادى، اسم «بيت الأمة» فى ذلك الوقت،
المهم هذه السيدة أجهشت بالبكاء، وعندما اندهشت أفضت لى بأنها مكلفة باستدراجى إلى خارج أبواب وأسوار النادى، على أن يقوم بعض الأشخاص العاملين بجهات أمنية، بخطفى عن طريق تخديرى بحسب ما قالت لى السيدة، وعندما سألتها عما سيحدث بعد ذلك، قالت إنهم كانوا سيصوروننى عاريا فى أوضاع مخلة معها دون أن تظهر هى فى الصور أو الفيديو على ما أذكر لأنى سألتها هل قبلت أن تفضح نفسها فى الصور، وعندما سألتها لماذا صارحتنى بهذا المخطط، قالت إنها لا تعرف السبب وراء ذلك، لكن ما رأته فى النادى أثر فيها، بحسب ما قالته لى، واتفقت معها على أن أخرج معها إلى السلالم الخارجية للنادى، ثم أفتعل معها مشاجرة حتى لا تتهم بأنها فشلت فى مهمتها أو يشكوا فيها.
■ وهل وصل التضييق عليك إلى بيتك؟ وكيف؟
- نعم.. وسأروى لك موقفا آخر تأكدت من خلاله بأننى مراقب داخل بيتى، لأنهم وضعوا لى جهاز تنصت متناهى الصغر داخل صالون منزلى، وهو المكان الذى ألتقى فيه بأصدقائى وضيوفى من القضاة أو الصحفيين أو كاميرات التليفزيونات المحلية والعالمية، وفوجئت بمن ينقل لى نص حديث كامل لى مع أحد أصدقائى من الدبلوماسيين، فقمت على الفور بتفتيش الحجرة ووجدت الجهاز فى أحد أركان الصالون، ثم تخلصت منه، ورغم أننى لا أخاف من أحد ولا أخفى شيئا، كما أننى معروف بأن «قلبى ميت» كما يصفنى المقربون منى، لكن ما أزعجنى بالفعل هو أننى أصبحت قلقا للغاية مما يحدث، وأنا مقيد الحرية فى الكلام مع زوجتى وداخل بيتى، كما أن الممارسات والمضايقات وصلت إلى حد أنهم كانوا يتصلون بنا على تليفون المنزل من أرقام غريبة ومن المحافظات، وكانوا يسبوننا بأفظع الشتائم، كما كنا نتسلم رسائل تحوى ألفاظا وعبارات قذرة.
■ بصراحة شباب القضاة غاضبون منكم ويصفونكم بأنكم «بعتم القضية».. ما رأيك؟
- أعتقد أن غضبهم ليس فى محله، وأحب أن أوضح لهم أمرا وهو أننى تكبدت معاناة الظروف المعيشية من أجل مواقفى ومبادئى التى أؤمن بها، فقد رفضت تنفيذ قرار بندبى إلى محكمة القيم بمقابل مادى جيد، بجانب عملى بالنقض، لتعارض ذلك مع مبادئى، فمن ناحية محكمة القيم تعتبر من القضاء الاستثنائى، ومن ناحية فأنا ضد سياسة الترغيب والترهيب التى تمارسها الدولة مع القضاة فى الإغداق عليهم أو التقتير عليهم، وأخيرا كان التفكير كيف أحافظ على مبادئى وأفكارى، وأؤمن لأسرتى مستوى لائقا، فكانت فكرة السفر حاضرة، لكن لى عتاب على شباب القضاة والنيابة العامة، وهو أنهم لو كانوا أحسنوا تنظيم أنفسهم وركزوا جهدهم، ما كانت وصلت الأمور إلى ما هى عليه الآن.
■ بمعنى؟
- بمعنى أن نتيجة انتخابات نادى قضاة مصر، ما كانت لتخرج بهذه الصورة.
■ بمناسبة انتخابات النادى، ما تحليلك لما أسفرت عنه من نتيجة؟
- أعتقد أن ما حدث مرتبط بعدة أشياء، متعلقة بطبيعة الناس فى مصر ومنهم القضاة، حيث السلبية وعدم المشاركة وعدم الفاعلية، فالعدد الأكبر لم يشارك فى تلك الانتخابات، وهذا خطأ جوهرى، كما أن هناك نقطة مهمة لا يمكن إغفالها فيما حدث بالنادي، وهى دخول الدولة بكل ثقلها لإسقاط مرشحى تيار استقلال القضاء، ولأكون منصفا فهناك أيضا أخطاء ارتكبها تيار الاستقلال ساهمت فى سقوطه، وليس انتهائه من النادى أو القضاء عليه، فالبقاء للأفكار وليس الأشخاص الذين قد يرتكبون أخطاءً،
كما أن الانتخابات عمل تطوعى ومجموعتنا تعمل فى المحاكم وليس من بينها من هو منتدب لأعمال أخرى، لذلك يقضى القاضى الذى يعمل بالمحكمة أكثر من 10 ساعات يوميا على الأقل لبحث ودراسة قضاياه، أما باقى الوقت، فمقسم بين النادى وانتخاباته، والجزء الأخير لحياته الشخصية والاجتماعية، أما الجبهة المنافسة فبنظرة واحدة، ستجد معظمهم منتدبون لأعمال ليس لها علاقة بالقضاء، بل لا أخفيك سرا إذا قلت إنه لا تتم محاسبتهم أحيانا على عدم أدائهم عملهم بالمحاكم، كما قد يحدث معنا، لكننا والحمد لله «متفوقون فى شغلنا وليس علينا غلطة واحدة فى شغلنا»، لأنه واجبنا ودورنا الأساسى.
■ لكن القضاة هم نخبة المجتمع ويوصفون دائما بأنهم «صفوته»؟
- نعم.. لكن ما أصاب المجتمع أصاب القضاة، والدولة تجيد استخدام سياسة الترغيب والترهيب مع القضاة منذ عشرات السنين، وهى السياسة المعروفة ب«العصا والجزرة»، وكان دورنا هو تعليم وتوعية شباب القضاة كما تعلمنا نحن من شيوخنا وأساتذتنا.
■ ألا تتفق معى أن سفر عدد كبير من القضاة المنتمين لتيار الاستقلال أثر على الدور التى كنتم تلعبونه فى الحياة والمجتمع القضائى؟
- لعلمك، دورنا هو تمثيل القضاة، وليس الإنابة عنهم، فيمكن أن يوجد من يمثلهم، لكن من غير الممكن أن يوجد بينهم من ينوب عنهم، أو يدعى أنه نائب عن القضاة، وفى الحقيقة تلك هى المشكلة الموجودة بكل مكان فى البلد، فالناس تريد من يقوم بكل شىء نيابة عنهم، رغم أن عصر الزعامة انتهى للأبد، وعهد النائب الأوحد عن الجماهير انتهى أيضا للأبد، وهذا الوضع برأيى يؤدى إلى السلبية، وما يجب أن تقوم به الجماعات هو حسن اختيار من يمثلها للدفاع عن مصالحها.
■ كثيرون يرون أن ما حدث هو هجرة جماعية «للقضاة المستقلين» ليس فى القضاء العادى فقط بل ومجلس الدولة أيضا؟
- لا أعتقد ذلك، فلا يوجد ما يسمى هجرة القضاة، وما حدث موقف طبيعى، وإذا شعرنا أن البلد تحتاجنا بالفعل، سنعود فورا بدون النظر إلى أى إغراءات أو مزايا لأن كل مصرى يشعر بالغربة خارج بلده، ويريد العودة إلى وطنه، فالمصرى كما قال الدكتور جمال حمدان، بطبيعته غير مهاجر ومرتبط بأرضه، وعذابه الوحيد تقريبا أنه خارج بلده، ولا أكون مبالغا إذا قلت إن الجميع يرغبون فى العودة لكن الظروف الراهنة ضاغطة.
■ لكن الواقع يقول إنكم خارج البلاد حاليا ؟
- خلال الفترات الماضية لم ندخر جهدا أو وقتا لقول كلمة الحق بأعلى صوت ووضوح وصراحة، وتعرضنا لأزمات شديدة، وكنا مستعدين للتحمل أكثر من ذلك، لكن الأبواب أغلقت فى وجوهنا، وأصبحنا لا نستطيع حتى قول كلمة الحق، كما أن الإصلاح الذى كنا ننشده «تاه» فى الطريق.
■ وهل تعتقد أنك ستساهم بفاعلية أكثر من وجودك داخل البلد؟
- من يدرى.. ربما أكون مساهما وأنا فى الخارج بشكل أكثر فاعلية، وأعترف بأننى فى البداية، وقعت فى محنة نفسية رهيبة بين وجودى بالخارج والتى لا أحس فيها بنفس مشاعر الصدق والمعاناة التى يعانيها الناس يوميا، وبقائى داخل مصر وما أعانيه فيها من تقييد لحريتى، خصوصا أننى حاليا أشعر أننى أكثر حرية للمشاركة فى مؤتمرات دولية والتعبير عن مبادئى وأفكارى فى استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات.
■ ودور الحكومة هنا غريب؟
- إذا كنت تقصد أنها سهلت لنا السفر للخارج.. فلا أخفيك سرا إذا قلت أن الدولة قدمت لنا جميع التسهيلات من أجل السفر للخارج، ولا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك حتى لا أحرج أحداً.
■ آلا يمكن أن يكون سفركم سببه اليأس من إصلاح الأوضاع وتوقف قطار الإصلاح؟
- ربما.. لكننا عندما اتخذنا مواقفنا ضد ما يحدث فى القضاء من تخريب وإفساد، كما وقفنا ضد ما حدث فى الانتخابات البرلمانية من ممارسات، ولعلك تذكر أننى شخصيا تعرضت لأزمة قلبية شديدة، فارقت فيها الحياة لمدة 5 دقائق بحسب الأطباء فى المستشفى، وهو ما اعتبروه معجزة، كان الطبيعى أو البديل هو أن تتحرك الناس للمطالبة بحقوقها فى الحرية والديمقراطية، لأنه لا أحد سيعطى للشعب حقوقه المشروعة بدون أن يتحرك هذا الشعب بنفسه، ولن يحصل على حقوقه بدون ضريبة يدفعها من جهده وعرقه وقد تقتضى الظروف من دمه أيضا.
■ ومتى ستقرر العودة؟
- إذا شعرت أن الناس تحتاجنى فى مصر، وإذا كان وجودى ودورى مهما لإحداث أى تغيير، سأعود فورا، لكن بدون تحرك جماعى ووعى عام بين الناس، فالأمور ستتدهور وستزداد سوءا، والتحرك من وجهة نظرى يجب أن يكون تحركا بالملايين من العمال والفلاحين ومن جميع الفئات الأخرى، لرفع الصوت للمطالبة بالحقوق والحريات والديمقراطية، وعدم السكوت على بقاء الأوضاع دون تغيير، فالجماهير هى التى يجب أن تعطل تماما منظومة الفساد المستشرى بشكل كبير فى كل مكان بالبلد، بسبب جمود الأوضاع الحالية، وعدم التغيير وغياب الإصلاح، وليس القضاة أو أى فئة أخرى بمفردها، ورجال القضاء ليسوا قادة مظاهرات أو احتجاجات أو زعماء حركات سياسية حتى يتسنى لهم التغيير، بل دورهم الرئيسى والحقيقى يتمثل فى إقرار العدالة وإعادة الحقوق والدفاع عن الحريات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.