«فتاة لم تبلغ من العمر سبعة عشر عاما.. سمراء.. ضئيلة الحجم للغاية.. تزوجت خمس مرات فى أقل من عام ونصف!».. هذه هى أوصاف سماح كما رددها محمد خليفة، المحامى الحقوقى بالمؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، وإحدى الإخصائيات الاجتماعيات بدار الرعاية الاجتماعية بأبو قتاتة، التى رفضت ذكر اسمها.. منذ شهرين تقريبا، كانت سماح قادمة للمؤسسة بسبب إلقاء القبض عليها فى قضية تشرد، وأمرت النيابة بتسنينها، وتم تحويلها للإخصائية الاجتماعية لعمل بحث حالة لها. حالة سماح - كما ترويها الإخصائية - كانت مزرية: «قامت النيابة بتحويل البنت لى لعمل بحث الحالة الاجتماعية لها ومرفق معها شهادة تسنينها، لأجد أن الفتاة لم تتجاوز عامها السابع عشر بعد، حكت لى أن والدها قد توفى وترك أمها التى لم تستطع تلبية متطلبات الحياة، فاضطرت أن تتزوج رجلا لينفق عليها وبناتها، لكن خاب ظنها، فلم يكن باستطاعة من تزوجته أن ينفق على أحد بل كان يحتاج من ينفق عليه، خرجت هى وبناتها للعمل، عملت هى بائعة متجولة على كوبرى الحادثة بمنطقة القناطر الخيرية بالقرب من مقر سكنها وخرجت بناتها للعمل كبائعات متجولات أيضا، فقط توفيرا لنفقات طعامهن.. ومنذ هذا الوقت خرجت سماح للشارع وتعرفت على حياته وأصبحت احدى فتيات الشوارع»، فوجئت عندما علمت من البنت أنها تزوجت خمس مرات من قبل، وقالت إن المرات الخمس كانت على يد مأذون بمنطقة القناطر اسمه «مجدى». وصفت سماح للإخصائية الشيخ «حلال العقد» وقالت إنه يزوج البنات «رسمى وعرفى وبيسنن ويعمل كل حاجة سواء العروسة صغيرة ولا كبيرة». كانت فكرة أن تكون الطفلة قد تزوجت رسميا خمس مرات فى نحو عام ونصف شبه مستحيلة، يمكنك الافتراض بسهولة أن أكبر عمر زواج لها بأحدهم لم يتجاوز الشهرين، هذا إذا غضضنا النظر عن شهور العدة المفترضة، التى يجب مرورها بين عقد زواج رسمى وآخر، وعندما سألتها عما إذا كانت تزوجت أحدهم عرفيا ردت البنت صارخة «لأ طبعاً.. العرفى حرام!! أنا مش باتجوز غير رسمى، ده حتى جوزى الأخير أنا رافعة عليه قضية خلع! منهم لله جوز أمى وأمى، هما اللى خلونى أتجوز وأنا صغيرة كده.. أمى قالتلى إنها مش قادرة على المصاريف وإنى لازم أتجوز.. فاتجوزت.. مرة واتنين وتلاتة وخمسة..ومحدش منهم كان كويس».. عرفت منها فيما بعد أن لديها طفلاً من أحد أزواجها «الذى لا تتذكر اسمه»! وأنها حامل فى آخر من زوجها الذى تود الانفصال عنه.. وبالفعل عندما أمرت النيابة بالكشف عليها ثبت فعليا أنها حامل فأمرت النيابة بإخلاء سبيلها. وتضيف الإخصائية: «عندما سمعت قصة هذا المأذون من سماح سألت إحدى صديقاتى، التى تسكن فى منطقة القناطر ورويت لها قصة البنت فسألتنى عن اسمه وعندما أخبرتها به، قالت لى ده مشهور أوى عندنا.. إيده طايلة، وبيقدر يعمل كل حاجة، قسايم رسمى وقسايم عرفى، وتزويج كبار وصغيرين». ويقول محمد خليفة: «كان بحث الحالة الاجتماعية لسماح يتم أمامى.. أكثر ما قالته غرابة أنها كانت تتزوج شباباً وأشخاصاً كباراً فى السن.. وأن أسرع زواج تزوجته لم يتعد عمره الأربع والعشرين ساعة - أى يوماً واحداً! - وكان هذا مع أحد الشباب، وتضيف أنها تزوجت مرة أخرى من رجل سبعينى وأن هذا هو الذى ظلت فى عصمته قليلاً». فى قصة سماح معلومات لم تكن فى الحسبان، ومجموعة أسئلة كان لا يمكن تجاهلها، سألنا عن عنوان «الشيخ حلال العقد»، وقررنا أن نخوض مغامرة البحث عن «مأذون القاصرات».
