يشترك جمال الشاعر، رئيس القناة الفضائية المصرية، مع غيره من المصريين فى عادة الاحتفاظ بكل ماهو قديم، فهو يخزن على الدوام أشياء قد لا يحتاجها، مما جعل مفهوم السحارة يتسع لديه ليشمل بيته بأكمله وليس مجرد صندوق قديم أو دولاب وركن صغيرين ويقول: أنا كالسنجاب أخبئ الأشياء على الدوام فى الأدراج والصناديق، وأدخرها لساعة أحتاجها فيها، ولكن ما يحدث دائما أننى أنسى أماكنها، وأحيانا أنساها هى نفسها، وأتذكرها فقط عندما أعثر عليها بالصدفة، ثم ألوم نفسى لاحتفاظى بها، لعدم أهميتها، ولكن ما العمل وأنا مصاب بلعنة الكراكيب التى لا خلاص منها، ولا أنكر أن وسط هذه الكراكيب أحيانا ما أجد درراً مكنونة، تستحق الاحتفاظ بها فعلا، مثل دفتر قصائدى الأولى، صادفته بين أغراضى وفوجئت فيه بقصائد جيدة، صالحة لإعادة الصياغة، يمكننى نشرها الآن مع إدخال بعض التحسينات عليها، فالإبداع لا يسقط فى نظرى بالتقادم. ومن الأشياء الأخرى التى أحتفظ بها من مرحلة المراهقة آلة رياضية صغيرة خاصة بتقوية عظام اليد، أستخدمها لتقوية عضلات كفى، و«أفش فيها غيظى» عندما أشعر بالعصبية والتوتر، كما أحتفظ بعدستين مكبرتين من أيام الدراسة، أعود لاستخدامهما أحيانا أثناء قراءة النشرات الأجنبية، أو لإرشادات الاستخدام الموجودة على الأجهزة التقنية. وأسعى لإعادة اكتشاف واستخدام كراكيبى مهما كانت قديمة أو بالية، فأشعر وكأنى أرد إليها اعتبارها، فعملية إعادة الاستخدام هذه تكسبنى شخصيا مهارات وخبرات استثنائية، مثلا جعلتنى قوى الملاحظة، مرن، متكيف مع المستجدات، ومثمن ماهر للأشياء النادرة بكل أنواعها. أشياء نادرة هى التى أحتفظ بها دون استخدام، كمجموعة «بابيونات» جميلة وعزيزة فى الوقت نفسه، أخزنها لقيمتها المعنوية ولثقتى بأننى سأستخدمها يوما، بينها «ببيون» عرسى، وأخرى ملونة اشتريتها أثناء وجودى بفرنسا.. أيضا أحتفظ بمجموعة من أقلام الحبر القديمة، بعضها بسن الريشة، أكتب بها عندما أكون فى حالة نفسية عالية، ومزاج رائق. وهنالك مقتنيات تخص أشخاصاً آخرين أحتفظ بها لأنها «من ريحة الحبايب» كسبحة والدتى التى أتت بها من الحج، وساعة جيب عتيقة تخص جدى، وراديو ترانزيستور صغير لوالدى، كلما أشغله وأستمع إليه الآن أتذكر نبوءة لأبى تعاملت معها باستخفاف فى شبابى، إلا أن الأيام أثبتت صدق توقعاته، كان رحمه الله محللاً سياسياً بارعاً، وكان بعد سماعه نشرة الأخبار فى هذا الراديو الصغير، يتحدث دائما عن استعمار جديد للشرق الاوسط آت لا محالة، ودارت الأيام وفعلا احتلت أمريكا العراق. أما أقدم مقتنياتى فهى نسخة نادرة لكتاب تاريخ الجبرتى، اشتريتها من بائع عجوز كان يفترش الأرض أمام مسجد السيد البدوى بطنطا.