فى التصنيف الأخير الصادر عن مؤسسة شنغهاى لأفضل 500 جامعة على مستوى العالم تربعت جامعة هارفارد العتيقة على القمة للعام الثامن على التوالى، والمعروف أنه توجد تصنيفات مختلفة للجامعات تصدر عن هيئات ومؤسسات أو مجلات أو صحف عالمية، ولكل منها معاييره، ولذا تختلف النتائج، بيد أن تصنيف شنغهاى هو الأهم من بينها، وهو يركز على إسهامات الجامعة فى زيادة العلم والمعرفة فى العالم بشكل عام، ويأخذ فى الاعتبار عدد أعضاء هيئة التدريس وعدد الخريجين الحاصلين على جوائز نوبل أو ميدالية «فيلدز» فى الرياضيات وعدد الأبحاث المحكمة المنشورة ومدى تأثيرها، ومع اختلاف مرجعيات التقييمات فإن الجامعات الأمريكية تظهر دائما فى المقدمة تليها البريطانية والأوروبية ثم اليابانية فباقى العالم، ودائما أيضا ما تستحوذ على القمة جامعات هارفارد وستانفورد وبيركلى وإم آى تى وكلها أمريكية وكامبريدج البريطانية. وأحرى بنا بدلا من الندب واللعب على عواطف العامة والتباكى على حالنا فى كل مرة تظهر فيها نتائج التصنيف حاملة الغياب التام لجامعاتنا عن سباق الأوائل أن ندرس لماذا يتفوق هؤلاء، وما هى الدروس التى يمكن أن نستخلصها من مسيرتهم؟. سر تفوق هارفارد هو الإصرار على التميز والبحث عن أفضل أساتذة فى العالم بل أفضل طلبة أيضا. ومع ما تقدم هناك الإمكانيات الكافية وحرية الفكر والحركة. وتقول الأرقام إن هارفارد بها 43 عضو هيئة تدريس حاليين أو سابقين حاصلون على جوائز نوبل وأنها تنفق سنويا 3.5 مليار دولار على العملية التعليمية، ولديها وقف للإنفاق من ريعه بلغت قيمته فى 2008 نحو 37 مليار دولار تراجعت إلى 26 مليارا بسبب الأزمة المالية العالمية التى عصفت بقيم كل الأصول فى أمريكا وفى غيرها، وكان يدير وقف هارفارد الخبير المصرى الشهير الدكتور محمد العريان قبل أن ينتقل ليدير واحدة من كبريات الشركات المالية فى العالم، هى «بيمكو»، وتحتوى مكتبات هارفارد على 16.2 مليون مجلد وبالجامعة 10 كليات ومدارس ومعهد للدراسات العليا المتقدمة ومنقوش على النصب التذكارى بها كلمة «فريتاس» أى الحقيقة ب«اللاتينية» ما يرمز إلى تطلع الجامعة الدائم للبحث عن الحقائق أينما وجدت، والانتصار لها ضد الزيف والتضليل والدجل. ويبلغ زمام هارفارد 4977 فداناً، ولو امتلكت جامعة عندنا واحداً إلى عشرين من تلك المساحة لقالوا إنها «حتسقّع الأراضى» وقد بلغ عدد خريجى هارفارد 320 ألفا، منهم 50 ألفا ينتشرون الآن فى 191 دولة بالعالم، واسم الجامعة، كما هو معروف، مأخوذ عن اسم القس جون هارفارد الذى ترك نصف ممتلكاته ومكتبته كاملة للجامعة عند وفاته فى 1638م، وكانت الجامعة قد أنشئت قبل ذلك بعامين، وفى هارفارد 6700 طالب جامعى و13600 طالب دراسات عليا ومهنية، وقد تعرفت من الطالبة التى قادتنا فى جولة بالجامعة خلال زيارة لها مع وفد مصرى منذ أكثر من شهرين أنه مما زكى قبولها أنها قامت، وهى طالبة ثانوى، بأعمال تطوعية لمساعدة الفقراء فى الهند، حيث تعد الأنشطة الإنسانية والبيئية والطبية فى مقدمة اهتمامات الجامعة، والهدف فى النهاية تخريج طالب متكامل المعارف قوى الشخصية ومبادر، ولهذا ليس غريبا أن يكون قد خرج من هارفارد العديد من قادة العالم ومشاهيره وعلى رأسهم بالطبع أوباما وزوجته. «يتبع» * رئيس جامعة النيل