تصفية الإرث الاستعمارى بين الاعتذارات والتعويضات وتطهير حقول الألغام

اعتذار جديد من اليابان إلى كوريا الجنوبية أضيف لملف تصفية الإرث الاستعمارى عن الكوارث الإنسانية التى تسببت فيها عقود طويلة من الاحتلال خلال القرن الماضى.
جاء إعلان سول قبول اعتذار طوكيو عن المعاناة التى تسبب فيها الاستعمار اليابانى لشبه الجزيرة الكورية طوال 35 عاماً، ليطوى سنوات زار خلالها مراراً رئيس وزراء اليابان السابق جونيتشيرو كويزومى نصب «ياسوكونى»، رمز «العنجهية» العسكرية اليابانية فى شرق آسيا. أما فى القارة الأفريقية، فلم يختلف الأمر كثيراً،
وإن تباينت القوى الاستعمارية، وتباينت معها محاولات استعادة حقوق ضحايا الاستعمار، فقد خلفت سنوات الاحتلال العسكرى للقوى الكبرى التى استوطنت غالبية دول القارة السمراء تركة مثقلة بالمشكلات، ولاتزال هذه الدول حتى اللحظة تطالب بتصفية حساباتها.
لكن طبيعياً أن تتنصل الدول الكبرى من مسؤولياتها عن انتهاكات وجرائم حكوماتها السابقة، وهى التى تنادى اليوم بالحريات وحقوق الإنسان، مادامت الدول التى رضخت لسنوات من الاستعمار مقصرة فى حقها فى المطالبة بالاعتذار والتعويض.
ومن الدول العربية، يستثنى الرئيس الليبى معمر القذافى، الذى نجح فى انتزاع اعتذار علنى غير مسبوق من إيطاليا، بعدما استغل كل فرصة ممكنة لإحراجها، ملوحاً تارة بجزرة الاستثمارات الاقتصادية التى ستعود بالنفع على إيطاليا، وتارة أخرى بزيارتها مرتدياً قميصاً عليه صورة شيخ الشهداء عمر المختار، لإحراجها أمام العالم. وبينما كانت بورصة العلاقات الفرنسية- الجزائرية تعلو وتهبط،
وفقاً لتصعيد الأخيرة مطالبها للأولى، باعتذار مماثل، استقر ملف الألغام على رف الدبلوماسية المصرية للقضايا غير المحسومة منذ عقود، لم يتحرك خلالها سوى بضع مرات، كان آخرها عبر الاتفاقية الإيطالية- المصرية لتطهير أجزاء من الساحل الشمالى الغربى المنكوب ب 17 مليون لغم أرضى.