عميد كلية الفنون التطبيقية بجامعة بدر: هدفنا تأهيل الطلاب لأسواق العمل المختلفة داخل مصر وبالخارج    مستقبل وطن بالغربية يكثف جولاته لدعم المستشار مجدي البري في إعادة الشيوخ    وزير العدل يفتتح محكمة كفر الدوار .. ويتفقد أعمال رفع كفاءة مجمع محاكم دمنهور    جولة ميدانية لمدير إدارة مصر الجديدة لمتابعة الاستعدادات للعام الدراسي الجديد    محافظ سوهاج يعلن فوز كيان استثماري بحق الانتفاع للمجمع الصناعي الحرفي    «الوزير»: زيادة إنتاج الأسمنت لضمان تراجع الأسعار    النجار: التعاون مع المجالس التصديرية ساعد في تلبية متطلبات الدول المستوردة    النجار: التعاون مع المجالس التصديرية ساعد في تلبية متطلبات الدول المستوردة    النونو: مقترح بتشكيل لجنة من المستقلين لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار    بدء توافد الضيوف على حفل PFA Awards لأفضل لاعب في إنجلترا.. صور    تشكيل بيراميدز في مواجهة المصري بالدوري الممتاز    مسار: إعادة قرعة دوري السيدات لا يغير من خططنا    بالإجماع.. محمد مطيع يفوز برئاسة الاتحاد الإفريقي للسومو    الداخلية تكشف حقيقة فيديو مفبرك عن تعدي شرطي على الأهالي بأسوان    مصرع ربة منزل صعقًا بالكهرباء في قنا    صدمات واعتذارات وانفصال مدوٍّ بالحلقة 4 من «بتوقيت 2028» | شاهد    ويجز يطرح "الأيام" أولى أغنيات ألبومه الجديد على يوتيوب    برج المملكة السعودية يحمل أفيش فيلم "درويش" لعمرو يوسف    تفاصيل فيلم «جوازة في جنازة» ل نيللي كريم وشريف سلامة    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    ابني دفعه والده اثناء مشاجرتي معه؟.. أمين الفتوى يوضح حكم الشرع    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسوان يوجه بتوفير العلاج والتخفيف عن المواطنين بمركز صحة أول    تأهيل مستشفى العريش كمركز كتميز لتقديم خدمات النساء والتوليد وحديثي الولادة    جراحة ب «الجمجمة» إنقاذ مواطن من الموت بعد إصابته بنزيف بالمخ    فابريزيو رومانو يكشف موقف مانشستر سيتي من رحيل نجم الفريق    موجة حارة.. حالة الطقس غدًا الأربعاء 20 أغسطس في المنيا ومحافظات الصعيد    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو يكذب ويضع شروطًا غير قابلة للتنفيذ لإفشال الصفقة    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندى يجيب    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يصدر إجراءات جديدة بشأن المكالمات الترويجية الإزعاجية    ميلان يخسر خدمات رافاييل لياو في الجولة الأولى للدوري الإيطالي    محافظ الأقصر يلتقي وفد أهالي المدامود ويعلن زيارة ميدانية عاجلة للقرية    وزير الصحة يجتمع مع مجموعة BDR الهندية وشركة المستقبل للصناعات الدوائية لدعم توطين صناعة الدواء    مصادر طبية: 40 شهيدًا بنيران الاحتلال في مناطق عدة منذ فجر اليوم    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    أول تعليق من أشرف زكي بعد تعرض ألفت عمر للسرقة في باريس    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    كابوس في لحظات سعادة... تفاصيل مؤثرة لغرق طفل أمام عيني والدته بسوهاج    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير التعليم يوقّع برتوكول تعاون جديد لتنفيذ حزمة تدريبات لمعلمي الرياضيات بالمرحلة الإعدادية    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    «الجيوماتكس ب 24.2 ألف جنيه».. «آداب الإسكندرية» تعلن مصروفات 2025/2026 والأعداد المقترحة للقبول العام الجديد    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    «الري»: منظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ لتسهيل الخدمات للمستثمرين والمواطنين    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.عبدالهادى مصباح يكتب: فى الإجابة عن السؤال الصعب .. ماذا حدث للمصريين وجعلهم أكثر عنفاً وعدوانية؟

سألتنى المذيعة المتميزة أميمة إبراهيم بقطاع الأخبار أثناء استعراض صحافة الغد بالتليفزيون المصرى: لماذا زاد معدل العنف والجريمة فى الآونة الأخيرة؟ وأجبتها باختصار نظراً لضيق الوقت، ولكنى وجدت أن السؤال يتكرر فى خوف فى كل مجلس أرتاده، وفى كل نقاش أسمعه، ومعه أيضاً: لماذا اتخذت أشكال الجريمة نمطاً مخيفاً بحيث أصبح من العادى أن نقرأ يومياً فى الجرائد حوادث من عينات: أب يتخلص من زوجته وأولاده بينما كانوا نائمين- طبيب شهير يقتل، ويقطع جثة القتيل بمنشار ويحرقها- سائق يطلق النار على الموظفين فى أتوبيس الشركة– مذيع مشهور يطلق النار على زوجته ويقتلها - ابن يذبح أباه وهو يصلى بالمسجد؟ ما الذى حدث وجعل المصريين بهذا القدر من العدوانية والتحفز حتى إن أى مشاجرة بسيطة فى الشارع يمكن أن تنتهى بجريمة قتل، أياً كان المستوى الثقافى والاجتماعى للأشخاص المتشاجرين؟ أضف إلى ذلك سلبية جمهور المشاهدين الذى لم يعد يبالى بما يحدث أمامه، ويكفى ما يحمله من معاناة وفقر وهموم وضغوط، ويكتفى بالفرجة إلى أن تحدث الواقعة.
ربما يكون العنف أحياناً هو أحد ردود الفعل المطلوبة من أجل الدفاع عن النفس، واستمرار البقاء، إلا أن العنف حين يتواجد فى غير الوقت والظروف المناسبة، فإنه يعد سلوكاً غير مقبول، سواء من الناس، أو من المجتمع.
والعنف مثل باقى أنواع السلوكيات وبعض الأمراض مثل السرطان، لكل منها أسباب جينية متعددة، وكذلك أسباب بيئية كثيرة، وقد شهد العقدان الماضيان الكثير من الأبحاث التى تتناول علاقة العنف والجريمة بالجينات، وخلاصة هذه الأبحاث تشير إلى أنه ليس هناك جين محدد يمكن أن نطلق عليه: جين العنف أو الجريمة، الذى يجعل الإنسان يرتكب جريمة دون إرادته- باستثناء بعض الحالات التى يفقد فيها الإنسان سيطرته على أجزاء معينة من المخ نتيجة مرض عقلى ونفسى، فيصبح مسلوب الإرادة- وهو ما يطلق عليه مجازا ب«الجنون» أو فقدان الأهلية، والتفاعل بين الجينات فى حالة وجودها والعوامل البيئية، أمر فى غاية الأهمية من أجل ظهور مثل هذه الأعراض والسلوكيات غير السوية، تماماً مثل البنزين والنار، حيث لا يمكن أن يحدث الحريق إلا فى وجود الاثنين وتفاعلهما معاً.
وفى دراسة نشرت أخيراً توصل «جيمس هودزياج» من خلال دراسة 500 زوج من التوائم إلى أن الجينات الوراثية أو العامل الوراثى، له دخل أساسى بمشاكل التركيز والانتباه فى نسبة تتراوح ما بين (70- 88%)، والعدوانية (70- 77%)، التوتر والاكتئاب (61- 65% ) فى كل من الجنسين .
ولكن دعونا نناقش بعض الأسباب الرئيسية للعنف بشكل عام، وهى إما أن تكون:
1- أسباباً بيولوجية: وتشمل أيضاً بعض العوامل الجينية الموروثة، التى تجعل الإنسان أكثر ميلاً للعنف والعدوانية، مثل زيادة هرمون الذكورة (تستوستيرون)، سواء فى الرجل أو المرأة أو الطفل، والذى يجعل الإنسان أكثر عدوانية وأكثر ميلا للعنف، أو نقص (السيروتونين) وهو أحد الموصلات العصبية المهمة، التى يؤدى نقصها إلى حالة من الاكتئاب والعدوانية التى قد تؤدى فى بعض الأحيان إلى الانتحار، وكذلك حالات الاكتئاب المزدوج، أو الفصام.
2- أسباباً بيئية: أ - مراحل الطفولة الأولية: الأطفال فى المراحل المبكرة من عمرهم يتخذون نموذجاً من الأشخاص القريبين منهم، سواء كان هذا الشخص أخاً أكبر، أو نجماً تليفزيونياً أو سينمائياً، سواء من البشر أو من الكرتون (الرسوم المتحركة)، وإذا كان هذا الشخص لديه ميل أو سلوك عدونى خاصة فيما يشاهده الطفل فى هذه المرحلة على شاشة التليفزيون، أو فى السينما، أو من خلال ألعاب الكمبيوتر، فإنه يختزن هذا النموذج، ويحاول تقليده من خلال إعجابه به فى منطقة اللا شعور.
ب- دور الأبويين وتشجيعهم لأبنائهم على ممارسة العنف مع زملائهم على اعتبار أن ذلك يكسبهم نوعاً من القوة وقد يكافئونهم عندما يعتدون على زملائهم أو يضربونهم من منطلق أنهم يجب أن يتعلموا أن يأخذوا حقهم بالقوة فى هذا الزمان.
ج- بعض الاعتقادات الموروثة التى تربط بين العنف والشرف والكرامة أو الأخذ بالثأر.
د- عوامل اجتماعية: وتشمل الفقر، والظلم، والبطالة، والفراغ، والضغط العصبى والظروف المعيشية السيئة التى تولد الحقد والغضب والمرارة التى تؤدى إلى العنف.
3- الإدمان: ويشمل التدخين والخمر والمواد المخدرة أو المنبهة، التى تجعل الإنسان فى حالة مزاجية غير طبيعية، وتولد عنده موجات من العنف والكراهية، التى لا يستطيع التحكم فيها، وقد يقتل الإنسان بسببها أو من أجلها.
4- الغذاء: أظهرت الأبحاث الحديثة أن نقص بعض العناصر الغذائية مثل: الزنك، والسيلينيوم، والنياسين، والترببتوفان، وحامض البانتوثنيك، وفيتامين B6، وفيتامين C، والحديد، والماغنسيوم وغيرها له دخل وثيق بظهور بعض الأعراض العدوانية، والميل تجاه العنف، وفى بعض الدراسات والأبحاث، تم علاج هذه الأعراض والتخلص منها، من خلال زيادة هذه العناصر الناقصة فى الغذاء، وهو أمر لا ينتبه له معظم الباحثين والأطباء النفسيين.
كذلك تبين أن بعض مكسبات الألوان التى تضاف للأطعمة الخاصة بالأطفال تسبب أعراضًا لسلوكيات عدوانية، ونشاطاً غير طبيعى، وذلك فى 60% من الأطفال الذين تعاطوا مواد مكسبة للطعم واللون، وبعض المواد الكيماوية الحافظة، بالمقارنة ب12% فقط فى المجموعة التى لم تتناول سوى الأغذية الطبيعية والتى تم أخذها بوصفها كنترول. وفى دراسة أخرى على أحد مكسبات اللون الأصفر مثلاً وهى مادة «تترازين»، تم إعطاء 23 طفلاً- لديهم حساسية ضد هذه المادة- أطعمة تحتوى على مادة «التترازين»، وكانت النتيجة أن 18 منهم كان نشاطه زائداً وغير عادى، بينما كان هناك 16 طفلاً يتسمون بالسلوك العدوانى بعد تعاطيهم هذه المادة، وكان هناك 4 يتسم سلوكهم بالعنف، كما أصيب بعضهم بالإكزيما، أو حساسية الصدر الربوية، أو تلعثم فى الكلام، وعدم التكيف، وذلك فى مقابل طفل واحد أصيب بأعراض جانبية خفيفة من بين المجموعة التى تم إعطاؤها «التترازين»، ولا يوجد لديها أى حساسية تجاهها.
5- التلوث من خلال الكيماويات والمبيدات الحشرية والسموم: وأهم مصادر هذا التلوث تأتى من المبيدات الحشرية، ومبيدات الأعشاب، وبعض أنواع الأسمدة الكيماوية، والكيماويات الزراعية بشكل عام تؤثر على نمو مخ الطفل، وعلى جهازه المناعى، وعلى الهرمونات التى تفرز من الغدد الصماء، وقد ثبت ذلك من خلال الدراسات التى تم إجراؤها على الفئران، ومن أهم هذه الدراسات، تلك التى نشرت فى مجلة Crime Times، والتى تناولت ثلاثة من أشهر المبيدات الزراعية المستخدمة وهى: المبيد الحشرى «ألديكارب» Aldicarb، ومبيد الحشائش «أترازين» Atrazine، وكذلك أملاح «النيترات» التى تستخدم كسماد كيماوى.
 وقد وجد الباحثون أن خلط هذه الكيماويات معاً قد أحدث اضطراباً فى إفراز هرمون الغدة الدرقية، وكذلك فى وظائف الجهاز المناعى للفئران الصغيرة، وأن هذا الخليط قد أدى إلى ظهور أعراض عدوانية فى هذه الفئران عن ذى قبل، ولعل الاضطراب الذى يحدث فى هرمون الغدة الدرقية يكون له علاقة وثيقة بالتوتر والعصبية، وضعف مستوى التعلم والإدراك والذكاء، وتأخر الاستجابة للمنبهات المختلفة، كما أن هرمون الثيروكسين يؤثر أيضا على هرمون الكورتيزول الذى له علاقة بالعدوانية والانفعال، والذى يؤثر بالسلب على الجهاز المناعى.
ولعل ما ذكرناه من أعراض جانبية تؤدى إلى تغير السلوك، وتؤثر على الهرمونات والمناعة فى الإنسان بشكل عام، تكون أقوى عندما تستخدم هذه المبيدات الحشرية فى الأطفال الصغار، حيث يكون التأثير على المخ أقوى، والتعامل مع هذه السموم بواسطة الجهاز المناعى والكبد لإبطال مفعولها يكون أضعف، ويكون المخ فى حالة نمو، وتشمل هذه المواد أيضاً المواد الفسفورية العضوية التى تستخدم بكثرة لإبادة الحشرات المنزلية، والتخلص منها (Organophosphorus Compounds).
ولقد صرح وزير الزراعة السابق المهندس أحمد الليثى من قبل فى برنامج «القاهرة اليوم» بأن خمسة أنواع من المبيدات المحرم استخدامها دولياً كانت تستخدم فى عهد الوزير الأسبق د.يوسف والى، والبحث فى هذه الملفات القديمة إنما يكون من أجل أن نوضح أن مثل هذه الجرائم لا يمكن أن تسقط بالتقادم أو بمرور الوقت، حيث إن تأثيرها تراكمى، واستخدامها لا يلوث المحاصيل فقط، ولكنه يلوث أيضا التربة والماء والهواء وكذلك الماشية والطيور والأسماك التى تتغذى على ما تنتجه هذه الأرض، وها نحن جميعاً ندفع الثمن، وأكثر من سيدفعون ثمن استخدام مثل هذه المبيدات هم الأطفال الذين لم تنضج أكبادهم بالقدر الكافى للتخلص من بعض هذه السموم، ولا يملكون جهازاً مناعياً قوياً يستطيع التصدى لها،
 وكذلك الأجنة التى تولد لأمهات تعرضن لكميات متراكمة من هذه السموم، والتى تنتقل إليهم وتسبب ازدياد نسبة الإجهاض، وولادة أطفال مشوهين ومعاقين، وتزيد عندهم نسبة حدوث الأورام السرطانية، بالإضافة إلى الاختلال الهرمونى الذى يحدث، ويسبب حالات من العدوانية والسلوك المضطرب لدى هؤلاء الأطفال، وضعف القدرة الجنسية لديهم ونقص الحيوانات المنوية، وازدياد نسبة حدوث العقم فى الجنسين، هذا بالإضافة إلى حالات الحساسية المزمنة التى لا تستجيب لأى نوع من العلاج، فالتسمم بمثل هذه المبيدات لا يقتصر على التسمم المباشر أو الأعراض المباشرة والظاهرة فقط، بل يشمل أيضا التسمم البطىء أو الإتلاف البطىء للمكونات البيولوجية لأجهزة الجسم المختلفة، وكذلك الأعراض المؤجلة التى تؤدى إلى ظهور الأمراض المفاجئة بعد حين من الزمن.
وتعتمد نهاية هذه المركبات فى التربة على قدرة الأحياء المجهرية على هدمها، حيث تحتاجها كمصدر للطاقة والكربون والنيتروجين، كما أن قابلية هذه المركبات على التحلل تختلف حسب تركيبها الكيماوى، فالمركبات الفسفورية والتى تدخل فى بنيتها الكيميائية مجموعة الفوسفات التى تعد من أقوى المثبطات لعمل إنزيم «الكولين أستيريز» ترتبط به وتحوله إلى إنزيم مفسفر غير قادر على تحليل مادة الأستيل كولين الموجودة فى النهايات العصبية، مما يؤدى إلى حدوث ارتجافات وارتعاشات تنتهى بالشلل نتيجة تراكم المبيد فى الجسم، أو الإصابة بأمراض ألزهايمر أو الشلل الرعاش (باركنسون)، ومن أمثلتها: «ديازينون» الذى يحتاج إلى 12 أسبوعا لكى يتلاشى من التربة ومن على المحصول، أما مبيد «مالاثيون» و«باراثيون» فيحتاج إلى أسبوع واحد، بينما المركبات الكلورينية (التى يدخل الكلور العضوى فى تركيبها الكيميائى) وهى غالبا من المبيدات المحظور استخدامها، ولكنها كانت تستخدم حتى فترة قريبة إلى أن منعها الوزير السابق أحمد الليثى، حيث تظل هذه المبيدات ملوثة للتربة لعدة سنوات مثل د.د.ت.
 الذى يحتاج إلى 4 سنوات لكى يتلاشى، «كلوردوان»: 5 سنوات، أندرين: 3 سنوات، هبتاكلور : سنتين، ألدرين .. إلخ، ويبقى السؤال المهم: هل الخضر والفاكهة والمحاصيل الغذائية التى نأكلها تحتوى على كميات يمكن أن تسبب لنا بعض هذه المخاطر التى ذكرناها أو كلها على المدى البعيد؟
6- التسمم البطىء من خلال الفلزات الثقيلة مثل:
1- الرصاص: أثبتت الدراسات الحديثة أن كمية ضئيلة جداً من الرصاص يمكن أن تؤثر على مخ الطفل الصغير، حيث أثبت «بروس لانفى» وزملاؤه أن كمية ضئيلة من الرصاص تصل إلى 5 ميكرو جرام لكل ديسى لتر- وهذه الكمية تعادل نصف الكمية المسموح بوجودها بواسطة الحكومة الفيدرالية الأمريكية- يمكن أن تؤثر على ذكاء الطفل بنسبة خطيرة، كما أنها تساعد على زيادة سلوكيات العنف والعدوانية، التى قد تؤدى إلى ارتكاب الجريمة، والرصاص هو أحد المنتجات التى تلوث الجو من احتراق معظم أنواع البنزين.
2- الزئبق: ويؤدى ترسبه فى الجهاز العصبى إلى حدوث تلف فى خلايا المخ يمكن أن يؤدى إلى سلوكيات عدوانية، وقد أظهرت الدراسات أن هناك ما يقرب من 1.16 مليون امرأة فى الولايات المتحدة فى سن الحمل والإنجاب، لديهن كميات ونسب من الزئبق فى دمهن، تكفى لكى تترسب فى مخ أطفالهن إذا حدث لهن حمل، ويمكن أن يترسب لديهن هذا الزئبق من خلال الأسماك الملوثة به، والمياه التى يوجد بها نسبة زائدة من الزئبق، وكذلك من خلال المواد التى يتم حشو الأسنان بها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.