15 مايو 2024.. الدولار يهبط بقيمة تصل ل10 قروش في البنوك المحلية    وزير النقل يدشن مشروع تاكسي العاصمة    جامعة حلوان توقع بروتوكول تعاون مشترك مع البورصة لتأهيل الطلاب لسوق العمل    استشهاد 5 فلسطينيين في قصف الاحتلال وسط قطاع غزة    الاتحاد الأوروبي يحذر من تقويض العلاقات مع إسرائيل حال استمرار العملية العسكرية في رفح    ميدو: الأهلي وراء جلسة حسام حسن مع الصحفيين    عبد المنعم: النهائيات ليس لها كبير.. وسنحاول تقديم كل ما لدينا أمام الترجي    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    سائق أوبر ينكر اتهامه بالتعدي على فتاة التجمع.. والمجني عليها تسقط مغشيا عليها خلال التحقيقات    ضبط 25 طن ملح طعام و5600 كيلو لحوم مجمدة مجهولة المصدر بالبحيرة    مقتل شاب بطلق خرطوش في مشاجرة مع آخر بالشرقية    الأحد.. إعلان تفاصيل المهرجان الدولي للطبول بالأعلى للثقافة    23 مايو.. عرض أوبرا أورفيو ويوريديتشي على خشبة مسرح مكتبة الإسكندرية    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 148 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات    الصحة: خدمة 898 ألف مريض بمستشفيات الحميات بجميع المحافظات    تعرف على أهم تعديلات قانون إدارة وتطوير المنشآت الصحية    جامعة القناة تستقبل أحدث أجهزة الرفع المساحي لتدريب 3500 طالب    97 % معدل إنجاز الري في حل مشكلات المواطنين خلال 3 سنوات    وكيل «تعليم قنا»: امتحانات الرابع والخامس الابتدائي هادئة والأسئلة واضحة (صور)    الداخلية يواجه الجونة لمحاولة الهروب من قاع ترتيب الدوري    6 ميداليات لتعليم الإسكندرية في بطولة الجمهورية لألعاب القوى للتربية الفكرية والدمج    ياسمين فؤاد: إنشاء موقع إلكتروني يضم الأنشطة البيئية لذوي الإعاقة    محافظ أسيوط يتفقد أعمال تنفيذ مشروع إحلال وتجديد موقف سيارات الغنايم    إقبال كبير على استخدام محطات المترو الجديدة بعد تشغيلها اليوم "صور"    ضبط عاطل انتحل صفة فتاة لابتزاز الشباب بمنطقة دار السلام    رابط الاستعلام عن أرقام جلوس امتحانات الثانوية العامة 2024- تفاصيل    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    وفود أجنبية تناقش تجربة بنك المعرفة في مصر.. تفاصيل    سؤال يُحير طلاب الشهادة الإعدادية في امتحان العربي.. ما معنى كلمة "أوبة"؟    وسيم السيسي: العلم لم يثبت كلام موسى على جبل الطور.. أو وجود يوسف في مصر    إنعام محمد علي.. ابنة الصعيد التي تبنت قضايا المرأة.. أخرجت 20 مسلسلا وخمسة أفلام و18 سهرة تلفزيونية.. حصلت على جوائز وأوسمة محلية وعربية.. وتحتفل اليوم بعيد ميلادها    أحمد حاتم عن تجربة زواجه: «كنت نسخة مش حلوة مني»    من هو حسين مكي القيادي في حزب الله الذي اغتالته إسرائيل؟    رئيس الوزراء الفلسطيني: شعبنا سيبقى مُتجذرا في أرضه رغم كل محاولات تهجيره    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    مسلسل دواعي السفر الحلقة 1.. أمير عيد يعاني من الاكتئاب    عاجل| شكري: إنهاء الحرب في غزة يتصدر أولويات القادة العرب بقمة المنامة    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    تداول 10 آلاف طن و675 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة هيئتي النقل العام بمحافظتي القاهرة والإسكندرية لعام المالي 2024-2025    "الأوروبي لإعادة الإعمار" يتوقع ارتفاع معدل النمو إلى 3.4% بجنوب وشرق المتوسط خلال 2024    «الصحة» تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    «إكسترا نيوز»: قصف مدفعي إسرائيلي عنيف على عدة مناطق في رفح الفلسطينية    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    وزارة المالية تعلن تبكير صرف مرتبات يونيو 2024 وإجازة عيد الأضحى تصل إلى 8 أيام    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    فاندنبروك: مدرب صن داونز مغرور.. والزمالك وبيراميدز فاوضاني    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    مصرع عامل صدمه قطار في سوهاج    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الإجابة عن السؤال الصعب .. ماذا حدث للمصريين وجعلهم أكثر عنفاً وعدوانية؟
نشر في المصري اليوم يوم 31 - 07 - 2010

سألتنى المذيعة المتميزة أميمة إبراهيم بقطاع الأخبار أثناء استعراض صحافة الغد بالتليفزيون المصرى: لماذا زاد معدل العنف والجريمة فى الآونة الأخيرة؟ وأجبتها باختصار نظراً لضيق الوقت، ولكنى وجدت أن السؤال يتكرر فى خوف فى كل مجلس أرتاده، وفى كل نقاش أسمعه، ومعه أيضاً: لماذا اتخذت أشكال الجريمة نمطاً مخيفاً بحيث أصبح من العادى أن نقرأ يومياً فى الجرائد حوادث من عينات: أب يتخلص من زوجته وأولاده بينما كانوا نائمين- طبيب شهير يقتل، ويقطع جثة القتيل بمنشار ويحرقها- سائق يطلق النار على الموظفين فى أتوبيس الشركة– مذيع مشهور يطلق النار على زوجته ويقتلها - ابن يذبح أباه وهو يصلى بالمسجد؟ ما الذى حدث وجعل المصريين بهذا القدر من العدوانية والتحفز حتى إن أى مشاجرة بسيطة فى الشارع يمكن أن تنتهى بجريمة قتل، أياً كان المستوى الثقافى والاجتماعى للأشخاص المتشاجرين؟ أضف إلى ذلك سلبية جمهور المشاهدين الذى لم يعد يبالى بما يحدث أمامه، ويكفى ما يحمله من معاناة وفقر وهموم وضغوط، ويكتفى بالفرجة إلى أن تحدث الواقعة.
ربما يكون العنف أحياناً هو أحد ردود الفعل المطلوبة من أجل الدفاع عن النفس، واستمرار البقاء، إلا أن العنف حين يتواجد فى غير الوقت والظروف المناسبة، فإنه يعد سلوكاً غير مقبول، سواء من الناس، أو من المجتمع.
والعنف مثل باقى أنواع السلوكيات وبعض الأمراض مثل السرطان، لكل منها أسباب جينية متعددة، وكذلك أسباب بيئية كثيرة، وقد شهد العقدان الماضيان الكثير من الأبحاث التى تتناول علاقة العنف والجريمة بالجينات، وخلاصة هذه الأبحاث تشير إلى أنه ليس هناك جين محدد يمكن أن نطلق عليه: جين العنف أو الجريمة، الذى يجعل الإنسان يرتكب جريمة دون إرادته- باستثناء بعض الحالات التى يفقد فيها الإنسان سيطرته على أجزاء معينة من المخ نتيجة مرض عقلى ونفسى، فيصبح مسلوب الإرادة- وهو ما يطلق عليه مجازا ب«الجنون» أو فقدان الأهلية، والتفاعل بين الجينات فى حالة وجودها والعوامل البيئية، أمر فى غاية الأهمية من أجل ظهور مثل هذه الأعراض والسلوكيات غير السوية، تماماً مثل البنزين والنار، حيث لا يمكن أن يحدث الحريق إلا فى وجود الاثنين وتفاعلهما معاً.
وفى دراسة نشرت أخيراً توصل «جيمس هودزياج» من خلال دراسة 500 زوج من التوائم إلى أن الجينات الوراثية أو العامل الوراثى، له دخل أساسى بمشاكل التركيز والانتباه فى نسبة تتراوح ما بين (70- 88%)، والعدوانية (70- 77%)، التوتر والاكتئاب (61- 65% ) فى كل من الجنسين .
ولكن دعونا نناقش بعض الأسباب الرئيسية للعنف بشكل عام، وهى إما أن تكون:
1- أسباباً بيولوجية: وتشمل أيضاً بعض العوامل الجينية الموروثة، التى تجعل الإنسان أكثر ميلاً للعنف والعدوانية، مثل زيادة هرمون الذكورة (تستوستيرون)، سواء فى الرجل أو المرأة أو الطفل، والذى يجعل الإنسان أكثر عدوانية وأكثر ميلا للعنف، أو نقص (السيروتونين) وهو أحد الموصلات العصبية المهمة، التى يؤدى نقصها إلى حالة من الاكتئاب والعدوانية التى قد تؤدى فى بعض الأحيان إلى الانتحار، وكذلك حالات الاكتئاب المزدوج، أو الفصام.
2- أسباباً بيئية: أ - مراحل الطفولة الأولية: الأطفال فى المراحل المبكرة من عمرهم يتخذون نموذجاً من الأشخاص القريبين منهم، سواء كان هذا الشخص أخاً أكبر، أو نجماً تليفزيونياً أو سينمائياً، سواء من البشر أو من الكرتون (الرسوم المتحركة)، وإذا كان هذا الشخص لديه ميل أو سلوك عدونى خاصة فيما يشاهده الطفل فى هذه المرحلة على شاشة التليفزيون، أو فى السينما، أو من خلال ألعاب الكمبيوتر، فإنه يختزن هذا النموذج، ويحاول تقليده من خلال إعجابه به فى منطقة اللا شعور.
ب- دور الأبويين وتشجيعهم لأبنائهم على ممارسة العنف مع زملائهم على اعتبار أن ذلك يكسبهم نوعاً من القوة وقد يكافئونهم عندما يعتدون على زملائهم أو يضربونهم من منطلق أنهم يجب أن يتعلموا أن يأخذوا حقهم بالقوة فى هذا الزمان.
ج- بعض الاعتقادات الموروثة التى تربط بين العنف والشرف والكرامة أو الأخذ بالثأر.
د- عوامل اجتماعية: وتشمل الفقر، والظلم، والبطالة، والفراغ، والضغط العصبى والظروف المعيشية السيئة التى تولد الحقد والغضب والمرارة التى تؤدى إلى العنف.
3- الإدمان: ويشمل التدخين والخمر والمواد المخدرة أو المنبهة، التى تجعل الإنسان فى حالة مزاجية غير طبيعية، وتولد عنده موجات من العنف والكراهية، التى لا يستطيع التحكم فيها، وقد يقتل الإنسان بسببها أو من أجلها.
4- الغذاء: أظهرت الأبحاث الحديثة أن نقص بعض العناصر الغذائية مثل: الزنك، والسيلينيوم، والنياسين، والترببتوفان، وحامض البانتوثنيك، وفيتامين B6، وفيتامين C، والحديد، والماغنسيوم وغيرها له دخل وثيق بظهور بعض الأعراض العدوانية، والميل تجاه العنف، وفى بعض الدراسات والأبحاث، تم علاج هذه الأعراض والتخلص منها، من خلال زيادة هذه العناصر الناقصة فى الغذاء، وهو أمر لا ينتبه له معظم الباحثين والأطباء النفسيين.
كذلك تبين أن بعض مكسبات الألوان التى تضاف للأطعمة الخاصة بالأطفال تسبب أعراضًا لسلوكيات عدوانية، ونشاطاً غير طبيعى، وذلك فى 60% من الأطفال الذين تعاطوا مواد مكسبة للطعم واللون، وبعض المواد الكيماوية الحافظة، بالمقارنة ب12% فقط فى المجموعة التى لم تتناول سوى الأغذية الطبيعية والتى تم أخذها بوصفها كنترول. وفى دراسة أخرى على أحد مكسبات اللون الأصفر مثلاً وهى مادة «تترازين»، تم إعطاء 23 طفلاً- لديهم حساسية ضد هذه المادة- أطعمة تحتوى على مادة «التترازين»، وكانت النتيجة أن 18 منهم كان نشاطه زائداً وغير عادى، بينما كان هناك 16 طفلاً يتسمون بالسلوك العدوانى بعد تعاطيهم هذه المادة، وكان هناك 4 يتسم سلوكهم بالعنف، كما أصيب بعضهم بالإكزيما، أو حساسية الصدر الربوية، أو تلعثم فى الكلام، وعدم التكيف، وذلك فى مقابل طفل واحد أصيب بأعراض جانبية خفيفة من بين المجموعة التى تم إعطاؤها «التترازين»، ولا يوجد لديها أى حساسية تجاهها.
5- التلوث من خلال الكيماويات والمبيدات الحشرية والسموم: وأهم مصادر هذا التلوث تأتى من المبيدات الحشرية، ومبيدات الأعشاب، وبعض أنواع الأسمدة الكيماوية، والكيماويات الزراعية بشكل عام تؤثر على نمو مخ الطفل، وعلى جهازه المناعى، وعلى الهرمونات التى تفرز من الغدد الصماء، وقد ثبت ذلك من خلال الدراسات التى تم إجراؤها على الفئران، ومن أهم هذه الدراسات، تلك التى نشرت فى مجلة Crime Times، والتى تناولت ثلاثة من أشهر المبيدات الزراعية المستخدمة وهى: المبيد الحشرى «ألديكارب» Aldicarb، ومبيد الحشائش «أترازين» Atrazine، وكذلك أملاح «النيترات» التى تستخدم كسماد كيماوى.
وقد وجد الباحثون أن خلط هذه الكيماويات معاً قد أحدث اضطراباً فى إفراز هرمون الغدة الدرقية، وكذلك فى وظائف الجهاز المناعى للفئران الصغيرة، وأن هذا الخليط قد أدى إلى ظهور أعراض عدوانية فى هذه الفئران عن ذى قبل، ولعل الاضطراب الذى يحدث فى هرمون الغدة الدرقية يكون له علاقة وثيقة بالتوتر والعصبية، وضعف مستوى التعلم والإدراك والذكاء، وتأخر الاستجابة للمنبهات المختلفة، كما أن هرمون الثيروكسين يؤثر أيضا على هرمون الكورتيزول الذى له علاقة بالعدوانية والانفعال، والذى يؤثر بالسلب على الجهاز المناعى.
ولعل ما ذكرناه من أعراض جانبية تؤدى إلى تغير السلوك، وتؤثر على الهرمونات والمناعة فى الإنسان بشكل عام، تكون أقوى عندما تستخدم هذه المبيدات الحشرية فى الأطفال الصغار، حيث يكون التأثير على المخ أقوى، والتعامل مع هذه السموم بواسطة الجهاز المناعى والكبد لإبطال مفعولها يكون أضعف، ويكون المخ فى حالة نمو، وتشمل هذه المواد أيضاً المواد الفسفورية العضوية التى تستخدم بكثرة لإبادة الحشرات المنزلية، والتخلص منها (Organophosphorus Compounds).
ولقد صرح وزير الزراعة السابق المهندس أحمد الليثى من قبل فى برنامج «القاهرة اليوم» بأن خمسة أنواع من المبيدات المحرم استخدامها دولياً كانت تستخدم فى عهد الوزير الأسبق د.يوسف والى، والبحث فى هذه الملفات القديمة إنما يكون من أجل أن نوضح أن مثل هذه الجرائم لا يمكن أن تسقط بالتقادم أو بمرور الوقت، حيث إن تأثيرها تراكمى، واستخدامها لا يلوث المحاصيل فقط، ولكنه يلوث أيضا التربة والماء والهواء وكذلك الماشية والطيور والأسماك التى تتغذى على ما تنتجه هذه الأرض، وها نحن جميعاً ندفع الثمن، وأكثر من سيدفعون ثمن استخدام مثل هذه المبيدات هم الأطفال الذين لم تنضج أكبادهم بالقدر الكافى للتخلص من بعض هذه السموم، ولا يملكون جهازاً مناعياً قوياً يستطيع التصدى لها،
وكذلك الأجنة التى تولد لأمهات تعرضن لكميات متراكمة من هذه السموم، والتى تنتقل إليهم وتسبب ازدياد نسبة الإجهاض، وولادة أطفال مشوهين ومعاقين، وتزيد عندهم نسبة حدوث الأورام السرطانية، بالإضافة إلى الاختلال الهرمونى الذى يحدث، ويسبب حالات من العدوانية والسلوك المضطرب لدى هؤلاء الأطفال، وضعف القدرة الجنسية لديهم ونقص الحيوانات المنوية، وازدياد نسبة حدوث العقم فى الجنسين، هذا بالإضافة إلى حالات الحساسية المزمنة التى لا تستجيب لأى نوع من العلاج، فالتسمم بمثل هذه المبيدات لا يقتصر على التسمم المباشر أو الأعراض المباشرة والظاهرة فقط، بل يشمل أيضا التسمم البطىء أو الإتلاف البطىء للمكونات البيولوجية لأجهزة الجسم المختلفة، وكذلك الأعراض المؤجلة التى تؤدى إلى ظهور الأمراض المفاجئة بعد حين من الزمن.
وتعتمد نهاية هذه المركبات فى التربة على قدرة الأحياء المجهرية على هدمها، حيث تحتاجها كمصدر للطاقة والكربون والنيتروجين، كما أن قابلية هذه المركبات على التحلل تختلف حسب تركيبها الكيماوى، فالمركبات الفسفورية والتى تدخل فى بنيتها الكيميائية مجموعة الفوسفات التى تعد من أقوى المثبطات لعمل إنزيم «الكولين أستيريز» ترتبط به وتحوله إلى إنزيم مفسفر غير قادر على تحليل مادة الأستيل كولين الموجودة فى النهايات العصبية، مما يؤدى إلى حدوث ارتجافات وارتعاشات تنتهى بالشلل نتيجة تراكم المبيد فى الجسم، أو الإصابة بأمراض ألزهايمر أو الشلل الرعاش (باركنسون)، ومن أمثلتها: «ديازينون» الذى يحتاج إلى 12 أسبوعا لكى يتلاشى من التربة ومن على المحصول، أما مبيد «مالاثيون» و«باراثيون» فيحتاج إلى أسبوع واحد، بينما المركبات الكلورينية (التى يدخل الكلور العضوى فى تركيبها الكيميائى) وهى غالبا من المبيدات المحظور استخدامها، ولكنها كانت تستخدم حتى فترة قريبة إلى أن منعها الوزير السابق أحمد الليثى، حيث تظل هذه المبيدات ملوثة للتربة لعدة سنوات مثل د.د.ت.
الذى يحتاج إلى 4 سنوات لكى يتلاشى، «كلوردوان»: 5 سنوات، أندرين: 3 سنوات، هبتاكلور : سنتين، ألدرين .. إلخ، ويبقى السؤال المهم: هل الخضر والفاكهة والمحاصيل الغذائية التى نأكلها تحتوى على كميات يمكن أن تسبب لنا بعض هذه المخاطر التى ذكرناها أو كلها على المدى البعيد؟
6- التسمم البطىء من خلال الفلزات الثقيلة مثل:
1- الرصاص: أثبتت الدراسات الحديثة أن كمية ضئيلة جداً من الرصاص يمكن أن تؤثر على مخ الطفل الصغير، حيث أثبت «بروس لانفى» وزملاؤه أن كمية ضئيلة من الرصاص تصل إلى 5 ميكرو جرام لكل ديسى لتر- وهذه الكمية تعادل نصف الكمية المسموح بوجودها بواسطة الحكومة الفيدرالية الأمريكية- يمكن أن تؤثر على ذكاء الطفل بنسبة خطيرة، كما أنها تساعد على زيادة سلوكيات العنف والعدوانية، التى قد تؤدى إلى ارتكاب الجريمة، والرصاص هو أحد المنتجات التى تلوث الجو من احتراق معظم أنواع البنزين.
2- الزئبق: ويؤدى ترسبه فى الجهاز العصبى إلى حدوث تلف فى خلايا المخ يمكن أن يؤدى إلى سلوكيات عدوانية، وقد أظهرت الدراسات أن هناك ما يقرب من 1.16 مليون امرأة فى الولايات المتحدة فى سن الحمل والإنجاب، لديهن كميات ونسب من الزئبق فى دمهن، تكفى لكى تترسب فى مخ أطفالهن إذا حدث لهن حمل، ويمكن أن يترسب لديهن هذا الزئبق من خلال الأسماك الملوثة به، والمياه التى يوجد بها نسبة زائدة من الزئبق، وكذلك من خلال المواد التى يتم حشو الأسنان بها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.