الصدفة وحدها كانت وراء دخولها عالم كرة القدم، حيث التقت نعمة رشاد (29 سنة) مع منتخب الإسكندرية للكرة النسائية أثناء تواجدها فى مركز شباب سموحة لممارسة الكرة الطائرة. قررت نعمة أن تنضم إلى فريق الكرة النسائية بنادى سموحة دون أن تُعلم أهلها، خوفا من رفضهم، وظلت لفترة تجاوزت الستة أشهر تخفى عنهم ذلك الأمر حتى لاحظوا نحافتها الشديدة واسمرار وجهها. انضمت نعمة إلى منتخب مصر وعمرها لم يتجاوز الثامنة عشرة وحصلت على لقب هدافة كأس مصر لعام 2004، وكانت من بين اللاعبات اللاتى وقع عليهن الاختيار لاجتياز الاختبارات المؤهلة للتحكيم بعد أن عرف عنها ولعها الشديد بمعرفة حقوقها وتفوقت فى امتحانات اللياقة لتصبح أول امرأة تشغل منصب الحكم فى كرة القدم النسائية. ولم يكد يمر عامان حتى رُشحت كحكم دولى وسافرت للتحكيم فى تصفيات كأس الأمم الأفريقية لعام 2006 كما طلبتها «الفيفا» للتحكيم فى تصفيات بكين. ولا تحكم نعمة بطولات كرة القدم النسائية فحسب بل تحكم فى بطولات الشركات للرجال ودورى الدرجة الثالثة، تلك المباريات التى لا يسلط عليها الإعلام، وبالتالى لا تجد هجوما إعلاميا على لجنة الحكام لاستعانتها بحكم امرأة «لو فضلت أحكم مباريات نسائية فقط مش حاقدر أحكم مباريات الأولاد» قالت نعمة، مؤكدة أنه مهما ارتفع مستوى البنات فلن يصل إلى قوة الأولاد. كانت نظرات الدهشة والسخرية كفيلة بأن تجعلها تلازم بيتها ولا تفكر فى التحكيم مرة أخرى، ففى نادى إسكو الذى ذهبت للتحكيم فيه، لم يعتادوا على وجود البنات حتى فى مدرجات المشجعين، دخلت حجرتها وأغلقتها خوفا من نظرات الناس ولكنها خرجت منها متحدية إما أن تثبت جدارتها أو تنسى أمر التحكيم إلى الأبد. اعتقد الجميع للوهلة الأولى أنها مساعد الحكم بل استكثروا عليها تلك المكانة، مما جعلها تواجه تلك النظرات بغرور شديد «اديتهم وش غرور الحكام»، وحاولت أن تركز حتى لا تقع فى أى خطأ «أصل أنا بنت لو غلطت مش حيسيبونى» قالت نعمة مفرقة بين التحكيم لدى الذكور والإناث، فالرجال يصعب السيطرة عليهم ولن يتقبلوا أى إهانة لذلك تتعامل معهم بشدة وعنف لكن باحترام فلا تسمح بأى تجاوزات ولا تسمح أن يشكك أحد فى تحكيمها، فقد اضطرت فى إحدى المرات إلى طرد مدربها فى المنتخب لأنه تجاوز ودخل إلى الملعب أثناء تحكيمها مباراة لنادى الطيران، فاستبعدها المدرب فى اليوم التالى من المباراة. تناطح أحلامها السحاب، فلا يحدها حدود وربما يكون الهدف الأقرب أن تصبح أفضل حكم فى أفريقيا، خاصة بعد أن حكمت فى بطولة الأمم الأفريقية ووصل ترتيبها الرابعة على مستوى أفريقيا. أما حلم الزواج فيأتى فى المرتبة الثانية، فإن جاء خيرا وإن لم يأت فهى امرأة ناجحة ومتحققة «معنديش وقت، لازم أتمرن باستمرار وأشد على نفسى عشان أحافظ على مستوايا، بافرح جدا لما يشبهونى بالرجال، ويبدو أن الكورة غيرت من إحساسى بأنوثتى»، قالت نعمة فى إشارة إلى أن من يتقدمون لها يشترطون أن تترك عملها كحكم لأنهم يغارون من نجاحها.