ظهور بشار الأسد كأول رئيس عربى يأتى إلى الحكم عام 2000 من بوابة التوريث خلفا لوالده حافظ الأسد وضعه أمام مسؤولية سياسية وتاريخية لإثبات جدارته بالسلطة وقدرته على العطاء والإنجاز من واقع كفاءته وأفكاره وليس كونه «ابن الرئيس» المفروض على النظام والشعب بمنطق الملكية.. وعندما وصفت فترة بداية عهده بأنها «ربيع دمشق» التفتت الأنظار إلى إنجازاته التى من أبرزها ظهور العديد من المنتديات السياسية للتعبير عن حرية الرأى، وأشهرها منتدى الأتاسى وصولا إلى بعض الانفتاح على الصعيد الاقتصادى فى البلاد من خلال السماح لأول مرة بفتح فروع للمصارف الأجنبية وفتح حسابات للمواطنين بالعملات الأجنبية وتزامن هذا الانفتاح مع تحسن وضع معاش المواطن العادى. ومع بزوغ نجمه فى عالم السياسة بعد أن خلع رداء الطبيب، أظهر استطلاع للرأى أجرته جامعة ميريلاند الأمريكية بالتعاون مع مؤسسة الزغبى الدولية عام 2009 أن بشار تصدر قائمة القادة العرب الأكثر شعبية فى الشارع العربى رغم أن الطريق «دستوريا» كان مفروشا أمامه بالورود والتسهيلات للجلوس على كرسى الرئاسة عندما انتسب إلى القوات المسلحة وتدرج فى سلك الخدمات الطبية العسكرية وحصل على العديد من الترقيات السريعة التى تم تفسيرها على أنها «الجسر» الذى سيعبر من خلاله إلى شاطئ السلطة، وبالفعل بمجرد وفاة والده فى 10 يونيو 2000 تمت ترقية بشار وعمره 34 عاماً إلى رتبة فريق بشكلٍ سريع، متجاوزاً رتبتين عسكريتين بموجب مرسوم تشريعى لتمكينه من قيادة الجيش.. وبمرور الوقت شهد المشهد السياسى تعديل فقرة من الدستور تختص بالعمر ليتم التمكن من انتخابه، ثم عّينه الرئيس المؤقت وقتذاك عبدالحليم خدام قائدا للجيش والقوات المسلحة فى اليوم التالى وانتخب بعدها «أمينا قطريا» فى المؤتمر القطرى التاسع لحزب البعث العربى الاشتراكى ثم صار بعد شهر واحد رئيسا للبلاد فى يوليو 2000 عبر استفتاء شعبى واسع ومظاهرات مؤيدة وداعمة غطت سوريا بأكملها.. وبعد نجاحه فى إدارة شؤون الحكم داخليا وخارجيا تمت إعادة انتخابه لولاية رئاسية أخرى فى 27 مايو 2007 تستمر 7 سنوات. وبعد 10 سنوات اصطدم على مدارها بشار بمجموعة من التحديات السياسية والاقتصادية وسعى لتوطيد أركان حكمه. وجاء هذا ضمن سياق تقرير أعدته ونشرته المجلة 23 يونيو الماضى واعتبرت فيه أن بشار يحكم سوريا منذ عقد كامل بعد أن ارتدى جلباب أبيه وبات ينفق مئات الملايين من الدولارات فى العراق ولبنان، بينما يتجاهل مطالب واحتياجات شعبه وتعمل أجهزته الأمنية على قمع معارضيه والمنادين بالحرية والعدالة والديمقراطية بطرق وحشية.. وبالتالى فإن فوز الرئيس السورى الشاب بشعبية كبيرة ورصيد وافر من محبة رجل الشارع فى دمشق لا يحول دون الترويج لصورته باعتباره «وريثا للدماء والطغيان» وهو الأمر الذى يرغمه على خوض مزيد من الاختبارات خلال فترة رئاسته الحالية، وأكثر هذه الاختبارات أهمية هو أنه نموذج للديمقراطية والشفافية حتى ولو كان التوريث تذكرة عبوره إلى السلطة الشرعية.