■ لا تبدو فى الأفق أى بارقة أمل فى حلحلة الوضع الفلسطينى الشائك، سواء فيما يخص المفاوضات مع إسرائيل، أو ملف المصالحة الفلسطينية، أو حتى رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة، فجميع هذه الملفات الحيوية مازالت تراوح فى مكانها، رغم ما يشاع من اتخاذ خطوات إيجابية فى اتجاه حل كل قضية من تلك القضايا. ففى الوقت الذى أُعلن فيه أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يسعى للجمع بين الرئيس الفلسطينى محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى لقاء ثلاثى معه فى البيت الأبيض بهدف استئناف المفاوضات المباشرة، كشفت بلدية القدسالغربية عن مخطط جديد يمتد للعشرين سنة المقبلة، يقضى بإجراء أكبر عملية توسع استيطانى فى شرقى المدينة منذ احتلالها عام 1967، وتوقعت مصادر سياسية فى إسرائيل أن يؤدى هذا المشروع إلى أزمة جديدة فى المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وكذلك بينها وبين الإدارة الأمريكية، فهذا المخطط يعنى استغلال إسرائيل الأمر الواقع ومن طرف واحد، بهدف تخليد الاحتلال والمساس بمكانة الفلسطينيين والتخريب على آمال السلام، هذا الوضع دعا كبير المفاوضين الفلسطينيين، ومسؤول ملف المفاوضات فى منظمة التحرير إلى تأكيد أن خيار حل السلطة الفلسطينية سيكون مطروحاً بقوة قريباً إذا لم يتم التوصل إلى حل الدولتين، فقد جرت إقامة السلطة الفلسطينية للتوصل إلى حل الدولتين، وليس لإبقاء إسرائيل مصدراً للسلطة وقوة حاكمة إلى الأبد، خاصة أن الرئيس عباس اشترط للعودة إلى المفاوضات وقف الاستيطان بصورة كاملة، بما فيه النمو الطبيعى فى المستوطنات، فقد بات واضحاً تماماً أن المفاوضات بالنسبة لنتنياهو ليست سوى عملية يستخدمها للإيحاء لخصومه محلياً ودولياً بأنه منخرط فى عملية السلام، لكنه فى الحقيقة يمارس برنامجاً آخر مختلفاً وهو برنامج الاستيطان. وإذا كان هذا هو حال المفاوضات التى لم تشع أى بهجة أو بريق أمل منذ انطلاقتها الأولى وحتى الوصول إلى مفاوضات غير مباشرة قوامها أربعة أشهر تنتهى فى سبتمبر المقبل، ولم تحرز أى تقدم، فإن التقدم فى ملف المصالحة تعترضه عوائق وعقبات لا تقل خطورة عن المفاوضات، وهى فى حال تراجع وتوتر غير مسبوق، خاصة بعد التوتر الذى طفا على سطح الأحداث والتراشق الإعلامى بين القاهرة وحركة حماس، ومؤخراً اتهام الأخيرة صراحة مصر والرئيس عباس بإجهاض المصالحة. فقد سربت حركة حماس تقريراً قالت إنه يدور عن أسباب تعثر المصالحة الفلسطينية يتهم مصر والسلطة الفلسطينية بإجهاض جهود المصالحة، ونسبت فيه إلى من سمته مصدراً فلسطينياً مطلعاً شارك فى اجتماعات لجنة المصالحة التى شكلها الرئيس عباس قوله إن الأمور كانت فى طريقها إلى الانفراج والاقتراب من اتفاق ينهى حالة الانقسام لولا اصطدام الجهود بعقبة الرفض المصرى وبتراجع رئيس السلطة عن تفويضه هذه اللجنة، على الرغم من أن تشكيل وفد مكون من أعضاء اللجنة التنفيذية وممثلى بعض الفصائل وشخصيات وطنية جاءت لتكون مهمتها، بحسب نص القرار، العمل على تذليل العقبات والعوائق التى تحول دون توقيع تطبيق الوثيقة المصرية المتعلقة بالمصالحة الوطنية. وكان من الطبيعى أن ترد مصر بحزم، رافضة بشكل قاطع الدخول فى لعبة تحميل المسؤوليات، وهى لا تريد الانزلاق إلى مثل هذه الأمور، فمحاولات التشكيك فى التصريحات أو التسريب إلى صحيفة هنا أو موقع إخبارى هناك، أساليب مكشوفة لن تحقق شيئاً يذكر، ولن تدفع الأمور إلى الأفضل، خاصة أن هذه التسريبات كشفت عن أن البعض يريد أن تدخل مصر فى لعبة تحمل المسؤوليات حول توقف جهد المصالحة، وحماس بذلك تريد التخلص من هذا العبء الكبير، عبء تحمل مسؤولية فشل المصالحة الذى تحمله منذ نهاية العام الماضى!! إن رد القاهرة بقوة على تصريحات قادة حماس التى حمّلوا فيها مصر مسؤولية تعثر المصالحة، أثار توتراً شديداً فى الأجواء قد يؤدى إلى تراجع هذا الملف إلى نقطة الصفر. وفى ذروة الفشل القائم فى ملفى المفاوضات والمصالحة، فإن الجهود الحثيثة المبذولة لرفع الحصار عن قطاع غزة تتأرجح بين التيارات المتصارعة لتضيع قضية حصار غزة وتختزل فى خطوات هزيلة تقوم بها إسرائيل، مدعية أنها تبذل قصارى جهدها وتتخذ خطوات إيجابية لرفع الحصار والسماح بدخول المزيد من السلع إلى غزة بعد قرار الحكومة الإسرائيلية تخفيف حصارها للقطاع، وإسرائيل بذلك تستغل التجاذب الفلسطينى الفلسطينى، وانشغال أقطاب الخلاف بإلقاء اللوم، كل على الآخر، مدعية للعالم أنها تعمل بكل طاقاتها لإنقاذ الشعب الفلسطينى من براثن المتصارعين على السلطة، وأن هدفها هو مساعدة شعب غزة الذى قتلته الخلافات والصراعات، وليس منهجها وإجراءاتها الاحتلالية القمعية المغلفة بكم هائل من الأكاذيب والادعاءات!!