رئيس الإنتوساي يعرض الرؤية المصرية لقيادة مرحلة جديدة من العمل الرقابي الدولي    الإمام الأكبر يخاطب المفكرين والقادة الدينيين فى مؤتمر السلام العالمى بروما    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 75 جنيهًا    ختام دورة النهج المستدام لإدارة المياه بمركز بحوث الصحراء    الإسكندرية تستعد ب22 شاشة عملاقة لنقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الداخلية يبحث التعاون المشترك مع نظيره الزامبي ويوقعان مذكرة تفاهم لمكافحة الإرهاب    سفير فرنسا بالقاهرة يمازح رضيعة من غزة داخل مستشفى العريش ويرسل لها قبلات    تشكيل الأهلي أمام بتروجيت في الدوري المصري .. بن شرقي يقود الهجوم    أيمن يونس يهاجم ثروت سويلم بسبب تصريحاته عن حلمي طولان    مجلس الزمالك.. لقد نفد رصيدكم!    ننشر اسماء ضحايا الصعق الكهربائي في منطقة شتلات القصب بالوقف في قنا    زواج رحمة محسن يشعل السوشيال ميديا.. القصة الكاملة    مصطفى قمر يطرح اللى كبرناه أولى أغانى ألبومه الجديد قمر 25    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    جامعة القاهرة تُهنئ أساتذتها الذين شملهم قرار رئيس الوزراء ب«المسؤولية الطبية»    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    وزيرة الخارجية الفلسطينية: الحراك الشعبي في إيطاليا لدعم فلسطين لم يأتِ من فراغ    فاتن عمارة: انخفاض معدلات الأنيميا والسمنة والتقزم بين طلاب المدارس (فيديو)    الفيلم الفلسطيني بايسانوس ينافس في مسابقة الأفلام القصيرة بالقاهرة السينمائي    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    ضمن فعاليات وزارة الثقافة للاحتفاء بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. رحلة إلى مصر القديمة للأطفال بالأوبرا    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    الولايات المتحدة تبدأ تقليص قواتها في رومانيا    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين إثر انقلاب سيارة بطريق الخارجة - أسيوط    آرسنال يخطط للتجديد مع ساكا ليصبح الأعلى أجرًا في تاريخ النادي    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    أحمد السيد: زيزو أفضل من تريزيجيه.. وجراديشار ليس على مستوى الأهلي    سفير الصين: نعمل مع أكثر من 150 دولة على بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية    تعديل موعد مباراة برشلونة وأتلتيكو في الدوري الإسباني    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية محاكاة التعامل مع مياه الأمطار وحركة المواقف ومستوى النظافة    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    رئيس جامعة حلوان: الاستثمار في التكنولوجيا استثمار بالمستقبل    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    «الخطيب أخي وأوفينا بما وعدنا به».. خالد مرتجي يزف بشرى لجماهير الأهلي    «نرعاك في مصر» خدم أكثر من 24 ألف مريض من 97 دولةً بإيرادات تجاوزت 405 ملايين دولار    بعد تداول فيديو.. القبض على متهم بسرقة هاتف فتاة في الإسماعيلية    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    10 مشروبات طبيعية لعلاج الأرق وصعوبة النوم    حبس المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة الفتيات ببنها في القليوبية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    دون إبداء أسباب.. السودان يطرد مسؤولين من برنامج الأغذية العالمي    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    سفيرة قبرص لدى مصر: المتحف الكبير.. الهرم العظيم الجديد لعصرنا الحديث    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة من المقرر

«التعليمى يقدم الأسئلة المتوقعة والإجابة النموذجية». كان ذلك هو العنوان البارز فى صدر الملحق التعليمى لصحيفة «الأهرام» فى عددها الذى صدر يوم 12 يونيو الماضى أى مع بدء امتحانات الثانوية العامة الأخيرة، وللحق والإنصاف فإن ملحق «الأهرام» لم ينفرد بذلك العنوان فما أكثر ما طالعناه فى صحف أخرى هذا العام وعبر إعلانات تليفزيونية، بل ما أكثر ما قرأناه وما سمعناه فى العقدين الأخيرين عموما.
وفى كل السنوات كان يتم طمأنة الطلبة قبيل الامتحانات، وعلى لسان مسؤولين تعليميين بأن الامتحان من المقرر، فإذا ما جاء أحد الامتحانات وفيه سؤال من خارج المقرر أو لم تتعرض له «برشامات» الإجابة النموذجية التى حفظها الطلاب من قبل فإن نفس الصحف جاهزة بالحل: صور للباكين والآباء والأمهات المنهارين، تعقبها مناشدات للوزير بالتخفيف عن كاهل الأسر وعن «أبنائه» الطلبة وإعادة توزيع درجات المادة الفلانية أو منح درجات رأفة للمادة الترتانية،
والطريف والمثير للأسى فى الوقت نفسه أن الجمهور استشعر هذا العام أن وزير التربية والتعليم الحالى -بغض النظر عن الاتفاق أو الخلاف معه- ليس ممن يستجيبون لمثل هذا النوع من النداءات، لهذا توجه أولياء الأمور بمناشداتهم إلى رئيس الجمهورية ذاته يستعطفونه حتى يخفف عن الممتحنين.
لن أصف عيوب نظامنا التعليمى برمته، فقد باتت معروفة للذين يريدون امتحانات سهلة ومن المقرر أو الذين يريدون نظاما تعليميا مختلفا، لكن تلك اللحظة توضح أن الجميع فى المنظومة الراهنة من مسؤولين وطلبة وأولياء أمور ومدرسين خصوصيين وحتى الصحاف اختزلوا العملية التعليمية فى إجابات يتم تلقينها تمهيدا ل«دلقها» فى الامتحان الذى يتعين أن يأتى من المقرر.
إن عدد الذين تقدموا للامتحان هذا العام (460 ألفا) يفوق عدد سكان قطر أو دبى، وهم ثروة تتمنى مثلها بلاد كثيرة فى زمن أصبح يقيس قوة الأمم بعدد خريجيها من المهندسين والفيزيائيين والكيماويين والمعلوماتيين والبيولوجيين ومدى ما يتمتع به هؤلاء من قدرات على الابتكار والإبداع، فإذا كنا سنلقن هؤلاء الطلبة الإجابات النموذجية ليسكبوها يوم الامتحان ونمتحنهم فقط فيما ورد فى الكتب والمذكرات مع أن ما فيها نقطة فى بحر المعرفة -فإننا بذلك نتخذ قرارا من البداية بإعدام تلك الثروة وبتحويلها إلى عدد فى ليمون طبقا للمثل الشعبى الذائع،
وإذا قررنا أن نواصل السير على هذا النهج فقد يكون من الأفضل أن نقوم باختبار قدرة الطالب كل يوم خلال العام الدراسى على التفكير بنفسه وعلى الاعتماد على الذات فى جميع المعلومات من المصادر المتعددة واستيعابها والمقارنة بينها واستخدامها وعلى الإتيان بالجديد ولو كان بسيطا وإدراك نسبية الحقائق، ثم نيسر الامتحانات لاحقا ونزيل عنها هذا التوتر ما دام الامتحان هو عقدتنا.
لم نسمع فى تاريخ الأمم عن أن الحفظ والتلقين أديا إلى تقدم أو اختراعات أو زيادة فى قوة البلد الاقتصادية أو فى رخائه، فلماذا نتصور أن الطبيعة ستثنينا من قانون التقدم الذى هو التفكير الحر الخلاق والعقلانى المنفتح؟. لماذا يعتقد بعض الأهالى أن «تساهيل» سنة فى امتحانات الثانوية «مش حتوقع الدنيا» ويطلبون أن نتساهل هذا العام وبعدين نبقى نحبكها وهكذا كل سنة دون انقطاع.. ألا تنهض الأمم بعمل تراكمى يبنيه جيل وراء جيل فما الذى سيبنيه جيل الحفظ والتلقين ليواصل عليه الجيل التالى له بافتراض أننا نخطط لجعله مختلفا؟
لقد أمضيت 40 عاما من عمرى أعمل فى التعليم العالى بعدة دول ولم أسمع فى حياتى عن مناشدة الساسة إعادة تصحيح امتحان أو الرأفة بالطلبة. هناك المدرس أو الأستاذ هو المسؤول عن تقييم الطالب وتصحيح إجاباته دون ضغوط أيديولوجية أو سياسية، وقد تغير العالم وانفجرت ثورة المعلومات بحيث يستحيل أن ينفع أسلوب المذكرات والمختصرات كما أن المعلومات المتفجرة فيها الكثير مما يتعارض بعضه مع بعض فكيف سيواجه طلابنا ذلك بعد أن يتخرجوا اعتمادا على التلقين والرأفة؟
إن سير التعليم حاليا هو كيف نتعلم باستمرار، وكيف نحول المعرفة إلى تطبيقات واختراعات ومنتجات سلعية أو خدمية تنافس فى العالم وترفع مستوى حياة الناس. فهل هو سر فعلا أم أنه معروف للجميع ونحن الذين نصر على تأجيل مواجهة أنفسنا به وكأن الزمن سينتظرنا أو يمنحنا وقتا إضافيا لنستدرك ما فاتنا. من حسن الحظ أنه رغم تدهور نظامنا التعليمى ومخرجاته فإن آلافاً مؤلّفة من المصريين مازالوا قادرين على أن ينافسوا نظراءهم فى أكبر الشركات العالمية وفى أكثر المجالات تعقيدا..
وقد رأيت فى الأيام الماضية خلال حضورى لقاءات الوفد المصرى الذى ترأسه وزير الاتصالات فى واشنطن وبوسطن ونيويورك مدى إعجاب قادة شركات تكنولوجيا المعلومات الكبيرة وعمداء أهم جامعات العالم بذكاء وموهبة المصريين، وقال بعضهم فى حفل غداء على شرف الوزير حضره 450 مدعوا إنهم لم يروا فى أى بلد فى العالم مثل تلك المهارات،
وظهر أيضا خلال الإطلاق الرسمى لمبادرة أوباما لريادية الأعمال فى العالمين العربى والإسلامى من القاهرة منذ عشرة أيام مدى تقدير الأمريكيين لطاقات أبناء مصر وشبابها وقد عبر عن الإعجاب ذاته بشبابنا خبراء أجانب عالميون يعملون فى القرية الذكية أو بوادى التكنولوجيا بالمعادى خلال فعاليات إطلاق الإستراتيجية القومية للإبداع والابتكار منذ أسبوعين، وتقدم لنا الحياة كل يوم أدلة جديدة على أن الثروة البشرية المصرية هى ذخيرة مذهلة فى معركة الطموح إلى النهضة وأنها فقط تريد أن نفتح لها الأبواب لتنطلق، فلننتهز اللحظة قبل أن تولى بلا رأفة.
* رئيس جامعة النيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.