يخطئ من يستخف بالاهتمام بالشأن النظري إبان الحالة الثورية في المجتمع العربي، فالثورة ليست فقط صراع قوى، ولكنها، ربما في المقام الأول، صراع على المعاني, ومن ثم أهمية الهم النظري في النظر في مآلات المد التحرري العربي. هذا المقال يقوم على بعض من القسم النظري من كتاب، بالإنجليزية، أعمل عليه بعنوان "ثورة عربية قيد الاكتمال؟". وعلامة الاستفهام في نهاية العنوان مهمة من حيث أن الكتاب يزعنم أن المد التحرري العربي الذي بدأ في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين يمكن أن يؤسس لمسار نهضة إنسانية في الوطن العربي تنقض ركام عقود بل قلرون من التخلف والركود، كما يمكن ان يفضي إلى كوارث مفجعة تتعدى المنطقة العربية إلى عموم العالم، إن قامت حرب إقليمية، قد بدأت فعلا، واتسعت إلى حرب عالمية. الشفق لغة، هو الضوء الخافت الذي يلي ظلمة الليل ويفضي إلى انبلاج النهار، ساطع الضوء. والموضوع يقوم على قراءة في كتاب صدر حديثا ( 2014) لعالم أنثروبولوجيا دنماركي واسع ومتنوع الخبرات المعرفية (بيورن توتمامسن) وموضوعة الأساس هو الانتقال الطقسي من حالة إلى حالة مغايرة، وهو موضوع يهتم به علماء الأنثروبولجيا في دراسة الانتقال من الطفولة إلى البلوغ في المجتمعات البدائية بشكل خاص. ولكن الكتاب يحتوى فصلا عن "الثورات السياسية" شعرت وأنا أقرأه أنه يكاد ينطبق حرفيا، وصفا أو تحليلا، على الانتفاضات الشعبية في المد التحرري العربي. ##