يحتل الاعلام السلطة الرابعة في تنظيم الدولة، فهو مرآة العصر، و لن يتم ذلك الا بصحافة مفتوحة و حرة و بمشهد اعلامي لا تصادر فيه الافكار و الآراء. ان وضع الدولة لن يستقيم الا بإظهار الحقيقة على علاّتها لان الحق هو الذي يفوز في النهاية . فماهي المواصفات التي يقوم عليها الاعلام الصادق؟ و كيف لهذا الاعلام ان يساهم في بناء الديمقراطية؟ و ما هي الاقلام التي يمكن ان تزيغ عن هذا الخط؟ ان الاعلام الناجح هو الذي يسخر لخدمة الشعب و يكون في صف المدافعين عن الحق و الحقيقة، فيكون الصحفي المنتمي لهذا النوع من الاعلام سيد نفسه ، فيعمد الى تحليل الاحداث السياسية بكل مهنية و موضوعية و تجرد، فيوفر للجماهير مشهدا اعلاميا امينا و دقيقا، مشهدا اقرب الى المنطق و العقلانية ، مشهدا يكشف الحقيقة المقلقة، فينقد السلطة لا سعيا الى اعاقتها بل حبا في انارتها ، فتسائل نفسها بنفسها لكي تقف عند مواضع الخلل فتصوبها و تعرف النقائص فتتجاوزها، فتصبح قريبة الى نداء شعبها في العمل و الاصلاح، فتفيد المجتمع و تبني الدولة و تصبح سلطة موثوقا بها و مراهنا عليها. اما الاعلام اذا افتقد النزاهة و الحياد يعني ذلك ان العيب في الاقلام و الصحفيين ، فكثيرون هم من كيّفوا الاعلام محاباة للسلطة و جريا وراء المصالح الذاتية فاحدثوا العزلة بين الناس بعضهم عن بعض و بين الناس و السلطة، و كثيرا ما اعتمدوا "الاخفاء" اخفاء الحقيقة بوسائل التأييد و مقالات المديح، فاعتمدوا اعلاما خشبيا وسعوا من ورائه الى تطويع الواقع لما يوافق حاجاتهم، فحادوا عن الرسالة النبيلة للإعلام ، و دفعوا السلطة نفسها الى اخفاء تناقضاتها و مشكلاتها عند نشوبها بدلا من معالجتها، و الاخطر من ذلك اصبحت السلطة غير منفتحة على الاعلام الهادف و النقدي الذي يمكن ان يضعها موضع المساءلة. و من هنا ظل هذا الاعلام يقوم بوظيفة الدعاية الساذجة للسلطة و بوقا كاذبا ينشر الاكاذيب و يطمس الحقائق. ان الجماهير مدعوة اليوم و اكثر من اي وقت مضى، الى التنبه الى الاعلام الناقص، الزائف و الكاذب، و هذا يسري على السلطة نفسها التي لابد لها ان تقوم بعملية مراجعة وغربلة للإعلامعموما و على مختلف انواعه فتدرك المصيب من المخطئ و تكتشف المسيء من المحسن الى قطاع الاعلام اولا و السلطة الحاكمة ثانيا و الشعب ثالثا. ان صحافة تعاني من فقر مهني مدقع، و من مواقف مهتزة اضافة الى عدم قدرتها على تقديم خطاب اعلامي صادق و مقنع للقارئ ، زد على ذلك فهي خالية من كل موضوعية و لا تتقيد بأبسط قواعد و اخلاقيات العمل الصحفي، بل الذي يهمها من كل هذا هي المنافع المادية فأقل ما يقال فيها انها "صحافة مال" فحذار ن هذا النوع من الصحافة التي تربك العمل السياسي الجاد و حذار من صحافة تسعى الى "برمجة" عقول الجماهير. فهل الاعلام الناقص و الزائف و الكاذب يريد التقدم للدول و تطوير الشعوب ام يعمل على انتكاسة الشعوب و تخريب الاوطان؟ ان الصحافة الحق هي في خدمة الوطن و الشعب و ليست في خدمة الاشخاص او اللوبيات، و عليه فانه على كل صحفي امين و غيور على المهنة و محب للوطن ان يواصل النضال من اجل كلمة الحق و نقل هواجس الشعب و همومه و كشف الحقائق... نعم انه طريق صعب، مملوء بالصعاب و محفوف بالمخاطر لكن الهدف واضح و الرسالة نبيلة و عظيمة فلنؤتمن عليها. يقول الشاعر: نجوع و نشقى و قد نتشرد لكننا سنقاوم و لن نتردد نجوع و لكننا لا نساوم ##