أعاد الحكم الذي أقرته المحكمة الدستورية برئاسة عدلي منصورأمس السبت ببطلان منع القضاة من استعمال الرأفة في الأحكام القضائية إلى الأذهان قضية السجن المؤبد ل"3 سيدات"، إحداهن مصابة بالشلل من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، لاتهامهن باستعراض القوة وحيازة أسلحة نارية في أحداث العنف التي شهدتها منطقة حدائق القبة عقب أحداث رمسيس في الأربعاء 6 أغسطس 2014 والتي حكمت فيها محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار زكريا عبد العزيز. وكان يتم تخفيف حيازة السلاح من المؤبد إلى 3 سنوات، حيث يستعمل القاضي الرأفة وفقًا للمادة 17 من قانون العقوبات، ولكن في يناير 2012 أصدر المجلس العسكري مرسومًا بقانون رقم 6 لسنة 2012 يمنع استخدام الرأفة في حيازة السلاح الآلي، ولم يغير الإخوان القانون فترة وجودهم في السلطة الأمر الذي أثار وقتها جدلا واسعا بين مؤيدي الحكم ومعارضي السلطة الحالية خاصة وأن المستشار عبد العزيز كان رئيسا لنادي القضاة الذي قاد ثورة القضاة في أوج قوة نظام حسني مبارك. وكانت "المحكمة قد استندت إلى المرسوم بالقانون رقم ستة لسنة 2012، الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعديل قانون الأسلحة والذخائر، والذي نص في المادة 26 على توقيع عقوبة السجن المشدد أو المؤبد وغرامة 20 ألف جنيه لكل من حاز أسلحة من ضمنها الأسلحة الرشاشة من دون ترخيص، وتحظّر المادة ذاتها على المحاكم تخفيض العقوبة عدا حالات معينة لا تنطبق على قضية السيدات الثلاث"، وهو ما قامت المحكمة الدستورية اليوم ببطلان دستوريته. ويؤكد المستشار حمدي الأسيوطي المحامي بالنقض والدستورية العليا أن هذا الحكم هو فى حقيقته انتصار لمبدأ استقلال القاضى وحريته فى بناء عقيدته وتقدير الوقائع وايضا فى تقديره للعقوبة الذى لا رقيب عليه إلا ضميره. فقد غلت يده فى استخدام المادة 17 وحقه فى استعمال الرأفة والنزول بالعقوبة درجة دون تسبيب ودرجتين مع وجوب التسبيب فى ذلك وكانت كارثة فى قضايا حيازة السلاح فلم يكن يستطيع أن ينزل بالعقاب لأسباب يراها فى الدعوى لكن تطبيق هذا الحكم والاستفادة منه تعود إلى كل حالة على حدة أى على كل متهم حكم عليه لن يتقدم إلى النائب العام بأشكال بوقف تنفيذ الحكم مع تقديم صورة رسمية من حكم المحكمة الدستورية. وبناء عليه فمن حق السيدات أن يتقدمن عن طريق محاميهن إلى النائب العام بطلب وقف تنفيذ الحكم ثم التماس إعادة نظر لو مضى ميعاد النقض، وفى حالة إذا ما كان النقض لم ينظر بعد يُقدم طلب مستعجل إلى محكمة النقض لنظر موضوع النقض، وفى كل الأحوال لا بد من تقديم صورة رسمية من حكم المحكمة الدستورية، وهذا حكم منصف جدا للغاية ويعد انتصارا لاستقلال القضاء. ويقول المستشار الدكتور سمير جاويد إن أحكام المحكمة الدستورية نافذة بقوة القانون ولها أثر فورى على الأحكام القضائية التى تصدر بعد صدور أحكام أما بالنسبة للأحكام الجنائية التى صدرت قبل صدور حكم المحكمة الدستورية فلا يطبق ما جاء بأحكام هذة المحكمة ولا يوجد أثر رجعى لتطبيق أحكام المحكمة الدستورية العليا إلا إذا أقرته المحكمة الدستوريه العليا بضرورة تطبيق أحكامها بأثر رجعى وهذا ما يطبق على الأحكام الجنائية ومن ثم لا يستثنى السيدات الثلاث من ذلك الحكم وإنما ممكن تقديم طلب عفو رئاسى بموجب قرار جمهورى لهن جميعا. ويوضح مجدي فاروق المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة أنه في هذه الحالة التي أقرت فيها المحكمة الدستورية ببطلان منع القضاة من استعمال الرأفة في الأحكام القضائية فإنه يطبق القاعدة القانونية "القانون الأصلح للمتهم" وكون الفعل وقع فى أثناء سريان قانون محدد فهو الواجب التطبيق على المتهم ولا يسرى أى قانون لاحق على الفعل إلا فى حاله كونه يخفف العقوبة أو يجعل الفعل مباحا وأحكام المحكمه الدستوريه العليا بإلغاء مادة من أي قانون لعدم دستوريتها فهو يعتبر تعديلا بالإلغاء، ولا ينطبق على حكم صدر إلا فى حالة كونه الأقل عقوبة وليس الأشد. وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة أمس السبت برئاسة المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (6) لسنة 2012، والتي حظرت تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات على حيازة وإحراز الأسلحة الآلية المحظور الترخيص بها وذخائرها. وقالت في أسباب حكمها: مشروعية العقوبة من الناحية الدستورية تتجلى في أن يباشر القاضى سلطته فى مجال التدرج بها في حدود القانون، وأن الدولة القانونية هى التى يتوافر لكل مواطن فيها ضمانات لحقوقه وحرياته التى يحميها القضاء باستقلاله وحصانته، وأن تخفيف العقوبة عند توافر عذر قانوني وإجازة استعمال الرأفة فى الجنايات إعمالاً للمادة (17) من قانون العقوبات، هي أدوات تشريعية يستند إليها القاضى حسب ظروف كل قضية، ومن ثم فإن حرمانه بصورة مطلقة من تخفيف العقوبة يشكل عدواناً على استقلاله وسلبًا لحريته في تقدير العقوبة، وينطوى على تدخل فى شئون العدالة، وهو ما يخالف المواد ( 94 ، 95 ، 96 ، 99 ، 184 ، 186 ) من الدستور. وجدير بالذكر أن المجلس العسكري إبان حكمه لمصر عقب ثورة يناير أصدر مرسوما بقانون رقم "6 لسنة 2012 نص في احد مواده على التالي: و استثناءً من أحكام المادة (17) من قانون العقوبات لا يجوز النزول بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة في هذه المادة