يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم .. من علامة المؤمن ان يجعل الله شهوته في الصلاة والصيام.. وعلامة المنافق أن يجعل الله شهوته في بطنه وفرجه.. والصحابي الجليل عطاء بن يسار كان من الذين يجعلون شهوتهم فى الصلاة والصيام يريدون وجه الله ولقد تعرضت امرأة جميلة الحسن بهية الطلعة إلى عطاء تراوده عن نفسه فماذا فعل معها هذا التقى الذي عرف حدود ربه فحفظها ولم يتعديها. فلقد خرج عطاء بن يسار وسليمان أخوه حاجين من المدينة ومعهم أصحاب لهم. حتى إذا كانوا بالأنواء نزلوا منزلا لهم فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجتهم، وبقى عطاء قائمًا يصلى. فدخلت عليه امرأة من الإعراب جميلة فلما شعر بها عطاء ظن ان لها حاجة فخفف صلاته. فلما قضى صلاته قال لها: ألك حاجة قالت : نعم: فقال: ما هى؟ قال: قم . فأحب منى، فإنى قد ودقت أي رغبت في الرجال ولا بعل لي.. فقال : إليك عنى لا تحرقيني ونفسك بالنار، ونظر إلى امرأة جميلة جعلت تراوده عن نفسه وتأبى إلا ما تريدون فجعل عطاء يبكى ويقول: ويحك! إليك عنى. إليك عنى. و اشتد بكاؤه، فلما نظرت المرأة إليه وما دخله من البكاء والجزع بكت المرأة لبكائه! فبينما هو كذلك إذ رجع ليمان بن يسار من حاجتهن فلما نظر إلى عطاء يبكى والمرأة بين يديه تبكى في ناحية البيت، بكى لبكائهما، لا يدرى ما أبكاهما. وجعل أصحابهما يأتون رجالا رجالا كلما آتاهم رجل فرآهم يبكون جلس يبكى لبكائهم، لا يسألهم عن أمرهم حتى كثر البكاء. فلما رأت الإعرابية ذلك فاقت فخرجت وقام القوم فدخلوا، فلبث سليمان بعد ذلك وهو لا يسأل أخاه عن قصة المرأة إجلالا له وهيبة. ثم إنهما قدما مصر لبعض حاجتهما، فلبثا بها ما شاء الله، فبينما عطاء ذات ليلة نائمًا استيقظ وهو يبكى: فقال سليمان: ما يبكيك يا أخي؟ قال عطاء: رؤيا رأيتها الليلة قال سليمان: ما هي؟ قال عطاء : بشرط ألا تخبر بها أحدًا ما دمت حيًا قال سليمان: لك ما شرطت قال عطاء: رأيت يوسف النبي عليه السلام فى النوم فجئت انظر إليه فيمن ينظر، فلما رأيت حسنه، بكيت، فنظر إلى فى الناس، فقال: ما يبكيك أيها الرجل؟ قلت: بأبي أنت وأمي يا بني الله، ذكرتك امرأة العزيز، وما ابتليت به من أمرها، وما لقيت من السجن، وفرقة الشيخ يعقوب فبكيت من ذلك وجعلت أتعجب منه فقال يوسف عليه السلام: فهلا تعجب من صاحب المرأة البدوية بالأسواء؟ فعرفت الذي أراد فبكيت، واستيقظت باكيًا. فقال سليمان: أي أخي وما كان حال تلك المرأة. فقص عليه عطاء القصة، فما أخبر بها سليمان أحدًا حتى مات عطاء، فحدث بها امرأة من أهله. ويحضرني فى هذا المقام ان اذكر حوارا لذى النون المصري رضي الله عنه لأحد الأتقياء: ما أراك إلا وحيدًا قال: ما الأنس بغير الله إلا وحشة وما التوكل بغيره إلا ذل فقلت له: دلنى على أهل ولاية الله يرحمك الله قال: هم الذين أخلصوا فى الخدمة ماستخصوا بالولاية وراقبوا مولاهم ففتح لهم فى نور القلوب. فقلت له : ما علامة المحبة؟ فقال: المحبة لله غريق فى بحر الحزن إلى قرار التحير. فقلت له: ما علامة المعرفة؟ قال: العارف بالله لم يطلب مع معرفته جنة ولا يستفيد من نار فعرفه له ولم يعظم سواه معه.