خضر: أصبح أسير أزمة أخلاقية عبدالله: التوسع في استخدام العنف أهم الأسباب لم تمر سوى أيام قليلة على مشهد تصدر المرأة للانتخابات الرئاسية، حتى تصدرت مشهدا آخر ولكن من نوع كارثي، وذلك عندما تعرضن مجموعة من النساء لحالة تحرش جماعي وصلت لحد التعري التام لبعض السيدات، بعد أن خرجن للاحتفال في ميدان التحرير بتنصيب المشير عبدالفتاح السيسي رئيسا لمصر، والذي كان للمرأة الدور الأكبر في هذ الحدث، الأمرالذي أضاع فرحة المصريين بهذه اللحظة التاريخية، وفتح الباب على مصراعيه الى التساؤل عن متى ستنتهي هذة الظاهرة المتوحشة من الشارع المصري. وبين اتهامات عديدة للدولة بعجزها التام عن مواجهة هذه الظاهرة حتى بعد التعديلات الأخيرة لقانون التحرش التي أقرها الرئيس السابق عدلي منصور، واتهامات للإخوان بمحاولة تشويه الصورة الجميلة للمشهد السياسي والاحتفال، تظل ظاهرة التحرش تسئ الى المجتمع المصري وتنتهك خصوصية المرأة وتهدر كرامتمها وانسانيتها. ويؤكد خبراء وأساتذة الإجتماع أن خطورة هذه الواقعة أنها ليست جريمة عادية، وإنما جريمة مركبة تحمل في طياتها جرائم كثيرة تتعلق بالحرية الشخصية والخصوصية والأمن وسلامة المواطنين في الشارع. "أزمة مجتمعية" هكذا علقت دكتورة سامية خضر ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، على ماحدث من تحرش جماعي في ميدان التحرير، مضيفة في تصريحات ل"المشهد"، أنه بالرغم من أن ماحدث تم بشكل ممنهج ومنظم وبدا مختلفا عن كل حالات التحرش السابقة، إلا أن هذا لايمنع من القول أن المجتمع المصري أصبح أسير أزمة أخلاقية متمثلة في عدم إحترام المرأة والنظر اليها على أنها مجرد جسد لا عقل. وتابعت: "هناك تغيرات في المجتمع المصري أدت إلى هذا أهمها انتشار البلطجة وهروب المساجين وارتفاع معدلات البطالة والألفاظ والمشاهد الجنسية في السينما والأفلام والأغاني". وترى "خضر" أن التشريعات الخاصة بالتحرش جيدة، ولكن الحل في تغيير المناخ الثقافي في المجتمع من خلال التربية السليمة المساوية بين الاناث والذكور في الأسرة والمدرسة، مؤكدة على دور المؤسسات الدينية والاعلامية والمؤسسات المعنية بدور المرأة. ويرى أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، أن التحرش فعل عدواني يأخذ شكلا جنسيا لأسباب متعددة فسيولوجية ومجتمعية وسياسية، ومن ثم نكتشف أن السلطة نفسها تمارس العنف على المواطنين خاصة في ظل غياب المؤسسات الرقابية مثل البرلمان، فالسلطة عندما تتوسع في استخدام العنف يحدث تعميم نموذجي لدى الناس لممارسة العنف على بعضهم البعض. وأضاف عبدالله، في تصريحاته ل"المشهد"، أن الحل ليس في تغليظ العقوبة على المتحرش، فالعقوبات مغلظة على تجار المخدرات وغيرها ومع ذلك يرتكبون هذه الجرائم، ولكن جريمة التحرش من الظواهر المركبة ومن ثم فإن القضاء عليها يكون بتقليل معدلات الميل الى العنف والتغلب على العوامل الفسيولوجية والنفسية والمجتمعية والسياسية التي تؤدي الى العنف. من جانبه، قال محمد بيومي، مدرس علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الحدث في حد ذاته مهين ومسئ للشخصية المصرية ومصر عموما، مشيرًا إلى أن معادلة اجتماعية أدت الى مانحن فيه، تقصير في التنشئة الاجتماعية بسبب انشغال أولياء الأمور، وإنفلات أخلاقي غير مسبوق نماه إعلام مثير للغرائز.