جاء خطاب الرئيس السيسى أمس الجمعة أثناء مشاركته فى المارثون الرياضى الذى توجه فيه بالحديث عن ما تشهده البلاد من إنحدار أخلاقى ادى إلى أنتشار التحرش بها، متوعدا للمتحرشين بعدم تركهم لكى يمارسوا هذه الأفعال الوحشية كما يشاؤن، محملا بالأمل والطمأنينة للمرأة المصرية التى عانت فى السنوات الماضية من تعرضها لشتى أنواع التحرش بداية من اللفظى وصولا إلى الجنسى بما فيه من إغتصاب. فمنذ أن بدأت ظاهرة التحرش فى الظهور بالمجتمع المصرى، وقد كثرت الشماعات التى علقت عليها ، دون النظر إلى السبب الحقيقى الذى يقف وراء تفشيها فى المجتمع، فأصبح التحرش آخذ فى التفاقم والتكاثر دون أن يضع له حد، بل بدأت ظاهرة التحرش أن تتطور وتنتشر فى جميع الأماكن العامة، ولم يخجل هؤلاء الذئاب البشرية من فعلها فى أى وقت وفى كل مكان حيث أصبح التحرش علانيا فى وسع النهار، فهذا وإن دل على شىء فهو يدل على إنحدار المستوى الأخلاقى فى المجتمع المصرى ، الذى أصبح الرجل فيه تسيطر عليه شهوته أكثر من عادات مجتمعه وقيمه الدينية. يرجع البعض السبب فى تفشى هذه الظاهرة إلى عدم العمل على وجود حل لها، وعدم وجود قانون رادع يحمى المرأة المصرية من التحرش بها وتعرضها لهذا الموقف المهين. لكن على مر السنوات الماضية نرى أن كل ما يتم مواجهة هذه الظاهرة به هو لصقها بمتهم جاهز للإدانة. فنجد أن منذ قيام ثورة 25 يناير وبدأ تعليق ظاهرة التحرش على وجود ثورة مضادة تحاول تشويه الثورة الأساسية، وذلك من خلال التحرش بالنساء الموجودة فى الميدان لتوضيح أن ذلك مدفوع من جهة معينة لخلق حالة من الهلع. كما حدث أثناء تظاهرات طلاب كلية الإعلام، فقد كان الفتيات يبتن معتصمن حتى يقلع دكتور سامى عبد العزيز عميد الكلية وقتها، وتم قذفهن وقتها أنه يتم التحرش بهن بالليل من قبل زملاؤهم، وقد أثير هذا من جانب مؤيدى الدكتور سامى وتم إلقاء الذنب على الطالبات بقول ما الذى يجعلها تذهب إلى هناك؟، فدائما يلقى اللوم على المرأة وكأنها ذاهبة وهى تعلم ماذا سيجرى بها؟. أيضا حالات كشف العذرية التى أنتشرت أثناء فترة حكم المجلس العسكرى للبلاد وخاصة عند وقوع حادث مجلس الوزراء فتم إلصاق السبب بالمجلس العسكرى ولم يتوجه أحد لحل هذه الأزمة أومعالجتها بل تم الإكتفاء بتشويه صورة المجلس . وأخيرا ما حدث بميدان التحريرأثناء الإحتفال بتنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث تعرض جنس حواء لتحرش جماعى فى قلب الميدان وقد تم تجريدهم من ملابسهم ليصبحوا كما خلقوا أمام أعين الجميع، وتم إلصاق التهمة بالإخوان الذين حاولوا إفساد الجو الإحتفالى الذى كان يعيشه المصريون فى هذا اليوم. ومع كل هذا لم يتصدى المعنيين لهذه الظاهرة بما هو رادع وقادر للحد منها، ولكن أيضا فعلوا كما يفعلوا فى كل مرة وعلقوا السبب على شماعة الإخوان الذين أرادوا أن يفسدوا فرحة الشعب المصرى بتنصيب رئيسه. والجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التى يتم فيها التحرش الجنسى بفتيات ونساء مصر، فبالرجوع إلى الخلف نجد كثير من حوادث التحرش الجنسى والإغتصاب التى وقعت بمصر. بداية من "فتاة المعادى" التى كانت فى عام 1985،حيث تم إغتصابها على يد أربعة عمال بناء،وقد لاقت هذه الحادثة إهتمام إعلامى كبير بعكس حادثة "فتاة إمبابة" التى لم تحظى بنفس الإهتمام، وهى قد قام بإغتصابها سبعة رجال بعد أن تم إختطافها من زوجها. توالت بعد ذلك حوادث التحرش الجنسى التى تصل فى بعض الأوقات غلى حد الإغتصاب، حيث جاءت الواقعة التى عرفت بأسم "فتاة العتبة" فى عام 1992، والتى كانت فإنتظار الأتوبيس بموقف العتبة وأثناء التكالب على الأتوبيس حين مجيئه تم التحرش بها من قبل إحدى الركاب الذى أنقض عليها وقام بإغتصابها. فبالرغم من كثرة حوادث التحرش والإعتداء الجنسى المنتتشرة فى مصر منذ عدة سنوات إلا انه لم يتخذ أى إجراء لمحاربة هذه الظاهرة سواء قانونيا، أو إجتماعيا أو إقتصاديا أو أخلاقيا، ولكن كل ما يوجد هى شماعات تلقى عليها أسباب كل حادثة عند وقوعها دون توجيه نظرة متعمقة فى الأسباب الجوهرية التى تدفع إلى إنتشار هذه الظاهرة بهذا الشكل.