وجه وزير المالية الدكتور أحمد جلال بضرورة وضع رؤية وخطة عمل متكاملة لتطوير وتحديث دار المحفوظات التابعة لمصلحة الضرائب العقارية والتي تعد الأرشيف القومي لمصر. وشدد وزير المالية على ضرورة التركيز على تحويل الدار إلى دار حفظ واسترجاع للوثائق والكتب النادرة من خلال إدخال التوثيق الالكتروني بجانب نظام الميكروفيلم بما يحافظ على ما تضمه من وثائق ومستندات وسجلات حكومية ، وأيضا العمل على تحسين بيئة العمل وما تقدمه الدار من خدمات للمواطنين. جاء ذلك خلال الزيارة التفقدية التي قام بها جلال اليوم الاثنين للدار ، وتفقد خلالها مقرات الدار بمنطقة القلعة والتي يرجع تاريخ انشاؤها إلى عامي 1829 و1935 . كما تفقد سير العمل بصالة التعامل مع الجمهور وطلب استخراج شهادة ميلاده وسدد الرسوم المقررة ، وتفقد مركز ترميم المخطوطات والوثائق بها والذي يعد من أقدم مراكز الترميم للوثائق على مستوي العالم . وقالت الوزارة في بيانها ، إن الوزير عقد خلال جولته اجتماعا موسعا مع سامية حسين رئيس مصلحة الضرائب العقارية ، وطارق فراج مستشار الوزير لشئون الضرائب العقارية ، وعاطف الفقي مستشار الوزير لتكنولوجيا المعلومات والمسئولين عن الدار. وأوضح جلال أن دار المحفوظات تعد من الآثار الواجب الحفاظ عليها، فهي بمثابة ذاكرة الأمة ، حيث تضم ثروة من المعلومات عن الحياة الاقتصادية والاجتماعية لمصر منذ عصر محمد على وحتى ستينيات القرن الماضي . وقال إنه يوجد بالدار على سبيل المثال- 90 ألف ملف خدمة لكبار موظفي الدولة منها 1500 ملف لأعلام مصر المشاهير منهم الزعماء أحمد عرابي وسعد زغلول وجمال عبد الناصر وكبار علمائها كالشيخ محمد عبده وطه حسين ونبوية موسي وهذه الملفات تتضمن كل البيانات عن حياتهم الوظيفية، وللاستفادة من هذه الثروة يتردد علي الدار باحثون من جميع أنحاء العالم بجانب الباحثين المصريين . وأشار إلى أن تواجد دار المحفوظات بجوار قلعة صلاح الدين وما تضمه من ثروة ووثائق وكتب نادرة ومخطوطات وعملات أثرية تؤهلها لتكون أحد المزارات السياحية المهمة بمصر. واهتم خلال جولته بالاطلاع على ميزانية عام 1836 التي كان حجم الإيرادات العامة بها نحو 5ر8 مليون جنيه منها نحو 5ر5 مليون من ضريبة الأطيان الزراعية. كما اطلع على موازنات أعوام 1897، و1898 و1899، والتي سجلت الموازنة العامة خلالها إيرادات عامة بقيمة 5ر10 مليون جنيه وكان ذلك رقما قياسيا في ذلك الوقت ولم تشهد أي عجز حيث كانت الإيرادات تغطي المصروفات بالكامل . وأظهرت تلك الفترة أن السكك الحديدية كانت موردا هاما من موارد الخزانة العامة ، حيث سددت ضرائب بقيمة 192 ألف جنيه وأيضا البريد وسدد 116 ألفا ..كما بلغت نفقات الخديوي وديوانه نحو 192 ألف جنيه . وتفقد الوزير عددا من المشروعات التي يجري العمل بها بدار المحفوظات أهمها مشروع رقمنة المستندات الذي ينفذ بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية لحفظ 15 مليون وثيقة تضمها الدار ، تم الانتهاء من 25ر2 مليون وثيقة منها، وطلب الوزير تكثيف العمل بالمشروع وزيادة عدد الأجهزة الالكترونية المستخدمة والعاملين علي تنفيذه لسرعة الانتهاء منه، لافتا إلى أنه يشعر بقلق على هذه الثروة القومية لمصر المحفوظة بالدار وأن واجب الجميع التكاتف لصيانتها. من جانبها ..قالت سامية حسين رئيس مصلحة الضرائب العقارية إن خطط التطوير التي تدرسها المصلحة بالفعل تشمل تخصيص قاعة عرض مزودة بأجهزة الكترونية حديثة تمكن الباحثين والطلاب والمهتمين من دراسة الحياة في مصر خلال الثلاثة قرون الماضية منذ إنشائها في عهد محمد علي عام 1829. وأوضحت أن دار المحفوظات تشتمل على مكتبة لأمهات الكتب تضم 10 آلاف و833 كتابا وجميع معاهدات مصر مع الدول الأجنبية من أيام الدولة العثمانية و27 ألفا و500 خرائة نادرة لمصر والعالم . وقال إن هذه الخرائط توضح حدودنا مع دول الجوار استعين ببعضها في ملف طابا، وعشرات الآلاف من حجج ملكيات الأراضي الزراعية والحجج الشرعية لممتلكات أسرة محمد علي وسجلات القضايا بالمحاكم، والدفاتر الخاصة ببعثات الحج ، ودفاتر بصمة ورخص السلاح والعمد والمشايخ في قرى وعزب مصر وأول إحصاء لتعداد السكان أجري وأيضا أول ميزانية يتم إعدادها في مصر. وأوضحت أن هناك 87 ألف مجلد محفوظة بالدار تضم آلاف القضايا التي نظرتها المحاكم بمستنداتها تسعي وزارتا المالية والعدل لحفظها الكترونيا بما يساعد الباحثين والمجتمع القانوني على سهولة استرجاعها والاضطلاع على ما أرسته من قواعد ومبادىء قانونية وأحكام يستند لها عند نظر القضايا الجديدة. وأضافت أن مشروع ميكنة هذه القضايا تم الاتفاق عليه بين الوزارتين عام 2009 وتوقف مؤقتا إلا أن المالية تعمل الآن على تفعيله وتدبير التمويل اللازم له والمقدر بنحو 12 إلى 15 مليون جنيه ..مؤكدة أهمية حفظ القضايا لحماية ما يترتب عليها من حقوق للمواطنين تجاه بعضهم البعض وتجاه الدولة أوحقوق للدولة تجاه المواطنين، وأيضا باعتبارها سجلا للتاريخ القانوني والقضائي والاجتماعي للبلاد . من جانبه .. قال طارق فراج مستشار وزير المالية لشئون الضرائب العقارية إن خطط تطوير وميكنة دار المحفظات تستهدف إتاحة تقديم الخدمات الكترونيا للجمهور مثل تيسير الحصول على مستخرجات رسمية لشهادات المواليد والوفيات ، حيث كانت دار المحفوظات تتولى تسجيل المواليد والوفيات على مستوى عموم مصر مركزيا حتى عام 1961، إلى جانب سجلات عدد من الوزارات والهيئات مثل التربية التعليم والداخلية والعدل ولايزال مئات المواطنين يترددون يوميا على الدار لاستخراج صور رسمية لشهادات ميلاد آبائهم أوحصولهم على بكالوريوس الطب أوالهندسة أوالشهادات الدراسية المختلفة . وأوضح أنه مع ميكنتها لن يضطر المواطنون للقدوم للقاهرة للحصول على هذه الشهادات أو استخراج شهادة بمساحة الأراضي الزراعية وحدودها وموقعها بأي زمام . وأضاف أن الدار تحتفظ أيضا بشهادات أداء الخدمة العسكرية ، حيث أنه من ضمن شروط الترشح لعضوية مجلس النواب أو رئاسة مصر تقديم شهادة بتأديتها أو الإعفاء منها، ومع ميكنة خدمات الدار سيمكن الحصول على هذه الشهادات وغيرها الكترونيا من أي مكان بالجمهورية دون التردد على الدار بالقاهرة. وأوضح أن تطوير دار المحفوظات ورفع رسوم خدماتها وتحويلها لمركز علمي وثقافي لخدمة الباحثين في دراساتهم القانونية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية بجانب الجمهور العادي يمكن أن يحقق للدولة موارد مالية تدعم الموازنة العامة بصورة ملموسة، لأن الرسوم الحالية زهيدة، كما أن الباحثين لا يدفعون أي مقابل للاطلاع علي الوثائق والمستندات. من جانبه ..أكد عاطف الفقي مستشار وزير المالية لتكنولوجيا المعلومات أن دار المحفوظات لا تقل أهمية عن المجمع العلمي أوالمتحف المصري فهي تحتوي علي 118 مخزنا منها 72 مخزنا عملاقا في الدار القديمة التي أنشأها محمد علي ، حيث يصل ارتفاع المخزن الواحد إلى 8 أمتار وهي تضم بيانات المواطنين ووثائق المحاكم والوزارات وملفات الموظفين، ولاستيعاب التوسع الكبير في محفوظات الدولة، تم إنشاء دار جديدة عام 1935 ، اشتملت علي 46 مخزنا لكن ارتفاعها لا يتعدى 6ر4 متر، وهي تضم مركزا لترميم الوثائق وآخر للميكروفيلم .