تشهد تطورات الاوضاع بين الجزائر والمغرب منحى خطيرا يتصاعد يوما بعد يوم ، ولاتلوح بوادر تهدئة فى الافق خاصة بعد الخطاب الذى القاه عاهل المغرب الملك محمد السادس يوم 6 نوفمبر بمناسبة الذكرى ال 38 للمسيرة الخضراء والذى واصل فيه اتهاماته للجزائر ، متهما اياها هذه المرة بانتهاك حقوق الانسان فى تندوف بدلا من ان يلجأ إلى تهدئة الموقف . ومعروف أن العلاقات الجزائرية - المغربية تشهد توترا ازليا بسبب قضية الصحراء ، ولكنها كانت تهدأ فى أوقات وتستعر فى أوقات اخرى ... وعاد مجددا هذا الصراع ليفرض نفسه على الساحة حيث كثرت فى الاونة الاخيرة التصريحات المغربية التى حملت طابعا عدائيا ضد الجزائر ... فقبل فترة عند طالب حميد شباط امين عام حزب الاستقلال المغربى باستعادة اقليمى بشار وتندوف الجزائريين وهو ما اعتبره الجانب الجزائرى مساسا بالسيادة الوطنية .. وتلاها هجوم وكالة الانباء المغربية على شخص الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة بسبب الرسالة التى وجهها الى قمة ابوجا حول الصحراء المغربية حيث اتهمت بوتفليقة بأنه حاول ركوب موجة "حقوق الإنسان" وأنه متجاوز وأنه يستلهم خطاباته من الحرب الباردة. ولم يكتف المغرب بذلك بل شن عاهل المغرب من جانبه هجوما اخر فى الخطاب الذى القاه امام البرلمان فى 10 اكتوبر الماضى والتى أعرب خلاله عن استيائه من تراجع حماس النواب إزاء مستقبل الصحراء الغربية وطالبهم بالتعبئة ... وجاءت خطوة سحب السفير المغربى لدى الجزائر للتشاور لتزيد حدة التوتر ثم ما أعقبها من هجوم على السفارة الجزائرية فى الرباط والقنصلية الجزائرية فى الدار البيضاء وتدنيس العلم الوطنى والتى اثارت استياء شديدا فى الجزائر خاصة مع رفض المغرب الاعتذار رسميا والاكتفاء بالاعراب عن "الاسف" لوقوع هذه الحادثة . كما شهدت العلاقات المتوترة فصلا اخر بعد تأجيل زيارة جون كيرى وزير الخارجية الامريكية للجزائر والمنطقة كلها حيث اتهمت بعض وسائل الاعلام الجزائرية المغرب بأنه فعل كل مافى وسعه لعدم اتمام الزيارة ، مؤكدة أن تأجيلها يصب فى مصلحة المغرب لانها تمنحه الفرصة لترتيب أوراقه . ويرى الدكتور اسماعيل دباش استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر3 ، أن المغرب اخطأ وخالف كافة الاعراف الدولية وتجاوز الشرعية الدولية واصفا اياه بأنه متمرد على الشرعية . واضاف الدكتور اسماعيل دباش - لوكالة انباء الشرق الاوسط - أن هذه المخالفة للاعراف والتقاليد والدولية وتجاوز الشرعية هى التى دفعت بالجزائر حتى اليوم للابقاء على الحدود مغلقة مع المغرب .. فكيف تقدم على فتح الحدود وهى ترى هذه التصرفات غير المسئولة من المغرب فى تعامله مع الشرعية . وأشار إلى أن المجتمع المدنى يتحدث بأساليب وامور غير موضوعية وذلك بإيعاز من النظام المغربى كما أن حادث الاعتداء على القنصلية الجزائرية فى الدار البيضاء وتدنيس العلم وهو المشهد الذى رأه العالم كله تم بكل تساهل من قبل السلطات الامنية بل إن مرتكب الحادث حر طليق فيما يتعرض الصحراوى الذى يتظاهر سلميا إلى السجن .. وهذا يعكس أن النظام المغربى يتصرف بغير مسئولية سواء على المستوى الثنائى او على المستوى الدولى . وأكد الدكتور اسماعيل دباش أن التوسع فى الصحراء الغربية لايخدم المغرب او الصحراء لان هناك اموالا تهدر لصالح عناصر معينة فى النظام المغربى بالاتفاق مع عناصر اوروبية ولهذا قبل الحديث عن العلاقات الثنائية التى يجب أن تبنى على الاحترام المتبادل ينبغى اصلاح هذه الامور . وندد فى هذا الصدد بما يروج له المحللون فى المغرب من سعى الجزائر لتنفيذ حلم الجزائر الكبرى وليس المغرب العربى مؤكد أنها إكذوبة يروجها المغرب .. وخير دليل على ذلك الطريق السيار الذى تنفذه الجزائر فهو احدى مشروعات اتحاد المغرب العربى وكذلك انبوب الغاز فهو ايضا مشروع مغربى عربى .. إذن فالجزائر قامت بعدة مشاريع من اجل اتحاد المغرب العربى مطالبا المغرب أن تفصح عن دليل واحد يؤكد اهتمامها بهذا المشروع. ورأى استاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3 أن المغرب يريد تصدير ازمته الداخلية وهو لهذا يتستر تحت قضايا الصحراء والحدود حتى لايعكس الازمة الداخلية .. كما أنه يواجه ضغطا من العالم كله للالتزام بالشرعية الدولية لانها الضمان الوحيد لبناء المغرب العربى وبناء افريقيا مستقلة .. فتوسعات المغرب التى يحلم بها يمكن أن تمتد إلى موريتانيا وغيرها من دول افريقية على الحدود وهنا فهو يؤسس لخلافات وصراعات فى العلاقات الافريقية - الافريقية ويرسى لمنطق فوضوى لان كل دولة قوية يمكن أن تطغى على جارتها . وحول تأجيل زيارة وزير الخارجية الامريكى جون كيرى للجزائر اكد الدكتور اسماعيل دباش أنه مما يبدو ان تأجيل الزيارة كان ناجما عن وجود مستجدات على ارض الواقع ، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة تنادى بتطبيق الشرعية الدولية من خلال كريستوفر روس الذى يعمل فى الاممالمتحدة ولكنه ينقل ايضا وجهة النظر الامريكية ... وأكد أن المغرب يريد تصدير أوهام لاأساس لها من الصحة ، فالولاياتالمتحدة تتعامل مع الصحراء الغربية كأرض محتلة ولاتبرم اية اتفاقيات مع الغرب بشأن الصحراء انطلاقا من هذا المفهوم .. كما أن الولاياتالمتحدة هى التى طالبت بإدراج مهمة حقوق الانسان ضمن عمل بعثة /مينورسور/ .. أما الدكتور مصباح مناس استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3 فقد اعرب عن اعتقاده بأن مايحدث من المغرب إنما يعكس تأزم النظام المغربى من الوضع الداخلى ومايعانيه من مشكلات اقتصادية واجتماعية خاصة فى المنطقة الشرقية المتضررة من غلق الحدود مع الجزائر الامر الذى دفعه لتصدير الازمات الداخلية وافتعال ازمة مع الجزائر هذا بالاضافة إلى ماحققته قضية الصحراء من تقدم على الصعيد الدولى وتحرك دولى لمراقبة حقوق الانسان هناك . وقال الدكتور مصباح مناس - لوكالة انباء الشرق الاوسط - إن المغرب يفقد مليارات الدولارات جراء غلق الحدود الشرقية ومعاناته تدل على أن اقتصاده ليس قويا ولاتنافسيا وغلق الحدود ينعكس على السياحة التى تعتمد عليها المغرب وهى احدى المشكلات التى تؤرق النظام المغربى وتجعله يعمل على توتير العلاقات مع الجزائر . واشاد الدكتور مناس بموقف الجزائر من الازمة الاخيرة وقال إنه اتسم بالحكمة والاتزان .. مشيرا إلى أن الجزائر هى الشقيقة الكبرى لدول المغرب العربى وهى لاتريد سكب الزيت على النار حرصا منها على الحد الادنى من العلاقات مع المغرب وهذا ليس ضعفا وانما دليل على حسن النوايا وليس كما يروج المغرب من أن الجزائر تعانى داخليا .