خرج الناس يدعون ربهم اللهم اجعله خيرًا لمصر، فقد عشنا سنوات عجافًا اشتدت فيها قسوة الفقر والمرض وتدنى الدخول وقلة الأموال وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية التى ننشدها وانتظرناها طويلاً، ولم تأت، فازداد الفقير فقرًا والغنى غنى، وأصبحت أحوال العاملين فى الدولة والقطاع العام بل والقطاع الخاص أيضاً وأصحاب المعاشات مع زيادة معدلات التضخم وأعداد البطالة والفئات الضمانية والباعة الجائلين وعمال التراحيل والذين لا نستطيع حصرهم، أصبح حالنا جميعاً لا يسر أحدًا، ولم يعد الأمر يستقر فقط عند هذه الحياة المعيشية المؤسفة التى عشناها سنوات طويلة بل امتد الأمر لنصبح ديكوراً وكومبارسًا و أدوات يتلاعب بها الكبار كلما أرادوا ذلك، ولم يعد لنا رأى يسمع أو يؤخذ به حتى إننا فقدنا الثقة فى كل شيء، وأصبح أداؤنا سلبياً وأصبحنا لا نهتم بالشأن العام وتأتى الانتخابات على كل لون وشكل ولا نساهم فيها، فقد تعودنا على السلبية وفوضنا الحكومة فى أن تمارس حقوقنا نيابة عنا، لأننا كنا متأكدين أنها سوف تفعل ما تريد سواء رضينا أم أبينا، وكانت دائما ما تأتي النتائج متفقة مع هوى الحكومة التي تختار أعضاء مجلس الشعب الذين سيوجهون لها طلبات الإحاطة والأسئلة والاستجوابات، وقد يطرحون الثقة بها ويراقبونها، فهل يحدث ذلك من رجال تم اختيارهم بعناية فائقة منتخبين أو معينين؟! وهكذا كانت أيضًا الحكومة يقودها رجال أعمال كانوا يسعون لتحقيق مصالحهم، فكانت الأدوار تقسم بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في إطار معارضة في معظمها راعية للنظام ومدافعة عنه لا تمارس أدوارًا حقيقية في الرقابة والتشريع حتى كان الأمر يبدو للمتابع للمشهد السياسي أن الأمر كله لا يعدو أن يكون تجمعًا حول السلطة لتحقيق منافع خاصة لا تحقق للشعب شيئًا. وأراد الناس أن يختبروا مدى مصداقية المجلس العسكري في تنفيذ ما وعد به .. وأيضا اختبار النوايا والهواجس التي تراودهم بين الحين والآخر وخرج الناس طامعين في إسدال الستار على الماضي الأليم بكل ما فيه من جرح لكرامتهم وإهدار لآدميتهم وتهديد لمستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة .. وخرجوا أيضا وكلهم أمل في عودة الأمن والاستقرار للشارع المصري بعد حالة الفوضى المجتمعية التي سادته قرابة العام وأثرت على كل شيء في الاقتصاد والاستثمار والسياحة وخلافه.. حتى عاش الناس في قلق شديد وفزع مخيف نحو المجهول الذي ينتظرهم وأبناءهم، بعد فقد الوطن كثيرًا من الشهداء وخلفت الأحداث الجسام أعدادًا كبيرة من الجرحى ندعو لهم بالرحمة وللمصابين بالشفاء العاجل. وهكذا شهد الأسبوع الماضي أيام تدل أن المصري خرج من عباءة الماضي يريد أن يحقق الأمل في مستقبل أفضل .. وأراد أن يختار أناسا لم يكن لهم دور فيما مضى .. ووجودها لم يتعود الناس أن يسمعوا عنهم إلا في السجون والمعتقلات أو تحت مسمى الجماعة المحظورة وكأن الناس أرادوا أن يقولوا لهم سوف نجعلكم تتصدرون المشهد السياسي- بإرادتنا نحن فقط فهل تكونوا عند حسن الظن بكم؟ !! تأخذوا بأيدينا ونأخذ بأيديكم وندعو ربنا أن ينسينا آلام الماضي وعذابه !! وأن يحقق لمصر الأمن والآمان والإستقرار والإزدهار والتنمية ووحدتها الوطنية أيضا؟؟