رغم القبول الشعبي الواسع الذى كان يحظى به الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق إلا أن خبر ترشيحه لتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني فجر عاصفة من الرفض بين قوى ثورة 25 يناير يقابله قبول محدود من جانب بعض القوى. وبالنظر لتاريخ الجنزوري مع الحكم ومع النظام القديم قد يفسر حالة التناقض بين القبول الشعبى للجنزورى كشخص أو كرئيس وزراء أسبق، وبين الرفض الواسع له كرئيس محتمل لحكومة الانقاذ. فالجنزورى ينظر إليه باعتباره أحد رجال عصر مبارك وهو من تولى في عهده وزارة التخطيط لسنوات طويلة كان يعد فيها خطة الدولة وبعدها اختاره مبارك رئيسا للوزراء عام 1996 فى خطوة لاقت وقتها ترحيبًا شعبيًا غير مسبوق خاصة ان حكومة الجنزورى جاءت بعد حكومة عاطف صدقى التى استمرت نحو 10 سنوات ونفذت ما سمي برامج الاصلاح الاقتصادى والمالى التى ارهقت المصريين بالضرائب. وجاء الجنزوري ليتخذ خطوات لمصالحة الشعب حيث عمل بقوة على تحسين الأوضاع وانحاز في الكثير من قراراته للبسطاء ومحدودى الدخل وعالج مشكلات الرسوب الوظيفي. لكن الجنزورى الذى استطاع اكتساب الرضا الشعبى اصطدم بالصحافة والاعلام بسبب شخصيته التى وصفت بأنها ديكتاتورية تتسم بالعناد الشديد، كما واجه انتقادات حادة بسبب ما سمى بسياسة التكويش على المناصب واللجان التى جعلها تحت سيطرته حتى اصبح يرأس اكثر من 36 مجلسا ولجنة وهو ما اصاب العمل الحكومى فى النهاية بحالة شلل، برغم تبرير سياسة التكويش هذه بأنها بسب عدم ثقة رئيس الوزراء فى رؤساء الهيئات والجهات مع انتشار الفساد الذى كان سمة عصر مبارك. وليست الديكتاتورية والتكويش على السلطات هما فقط كل ما وجه للجنزورى من انتقادات بل ان عهده شهد ثلاث سلبيات أكبرها ارتباطه بطلعت حماد وزير شئون رئاسة الوزراء وقتها الذى سمى الرجل القوى داخل الحكومة والذى اثيرت بشأنه الكثير من الانتقادات بشأن الاستغلال السيئ لموقعه وأيضا كانت قضية بيع شبكة المحمول التابعة للشركة المصرية للاتصالات لشركة اوراسكوم التابعة لرجل الاعمال نجيب ساويرس بالأمر المباشر وهو الملف الذى مازال مفتوحا بعد ان اثر كثيرا على المصرية للاتصالات وما زالت تدفع ثمنه حتى اليوم ووقتها اثير الكثير من التساؤلات بشأن دور طلعت حماد فى هذه الصفقة. اما القضية الكبيرة التى ما زال ملفها مفتوحا فهى قضية توشكى وما أثير بشأن الأموال التى أهدرت فيه بعد فشله، برغم دفاع الجنزورى عنه حتى الآن. أخيرًا فإن الجنزورى برغم خروجه من الحكومة مغضوبًا عليه من جانب النظام السابق وابتعاده التام عن الأضواء حتى السنوات الأخيرة لعهد النظام السابق فإنه حين تم الاعلان عن ترشيحه لرئاسة حكومة الإنقاذ ووجه برفض شديد لأنه جزء من النظام السابق ولعامل السن ولرغبة الكثيرين فى وجوه جديدة تنتمى لثورة يناير وليس إعادة انتاج النظام القديم حتى ولو بوجوه لم تكن مقبولة من مبارك ورموز نظامه.