ماوراء تعديات دهشور: اختفاء أموال أجنبية ومحلية لتنمية المنطقة الأثرية المتهمون بالتعدي انتظروا 4 سنوات لتخصيص "جبانة" ولم يصدر القرار إلا قبل أيام أثيرت خلال الأسبوع الماضي قضية التعدي علي المناطق الاثرية بدهشور، و ظهرت صور توضح مكان وحجم التعديات، ولكن كان للحقيقة وجه آخر دفع لاكتشافه تساؤل حول الأسباب التي دعت الأهالي فجاة ودون سابق إنذار الي التعدي على الآثار. حين حققت المشهد القضية، أدركت أن مانشر هو قمة جبل الجليد ، لكن ماخفي كان مشاريع تنموية لم تتحقق ، وأموالا أجنبية ومصرية بالملايين لا يعرف أحد مصيرها ، واحتياجات إنسانية لسكان المنطقة لم تثر التفات أحد. التاريخ و الانسان منطقة دهشور من أغني المناطق ، حيث تتوافر بها موارد اقتصادية وسياحية متنوعة، جلبت السائحين رغم عدم الدعاية لها وتنميتها ، فهناك مكونات سياحية متعددة ، بينها البانوراما الرائعة لأهرامات دهشور الثلاث (الأحمر ، الأصفر ، والأسود) وتقبع في مقدمة المشهد البانورامي منطقة ريفية شديدة الخضرة تمثل الصورة الوحيدة الحية المتبقية لطبيعة حياة سكان وادي النيل، حيث يحتفظ أهالي دهشور بنفس نمط الحياة القديمة ، من ثم اعتبرت دهشور أهم موقع للتراث العالمي. أما بركة دهشورفهي عبارة عن شبكة من أجمل المناطق المحمية الموجودة في مصر، حيث تقدم مزيجا من الخلفيات الثقافية والطبيعية تجعلها مغرية لجميع الزوار. كما تمنح دهشور تجربة فريدة لمعايشة الحياة الريفية و تعلم الكثير عن التاريخ القديم للمنطقة. كل هذا التنوع والغنى السياحي لم ينعكس علي حياة الأهالي أو يعد عليهم بالنفع ، بل تعاني المنطقة من أعلي معدلات الفقر و التهميش، و لا يزال العديد من افرادها يحتفظون بعاداتهم القديمة ويعيشون بطريقة تقليدية معتمدين على الزراعة. كما لم تستفد الدولة من دهشور إلا بقدر ضئيل لا يتناسب مع امكانيات المنطقة ، فالسائح لا يقضي في الوضع الحالي غير 30 دقيقة في زيارته لها ، الأمر الذي دعا عدة جهات هي الهيئة العامة للتنمية السياحية والمجلس الأعلي الأثار ووزارة التعاون الدولي ووزارة السياحة الصندوق الاجتماعي للتنمية وجهاز شئون البيئة ومركز تحديث الصناعة، لمحاولة إيجاد حلول دائمة لتنمية منطقة دهشور المكونة من 5 قرى أبعد ما تكون عن المدنية ، وذلك بدعم من اليونيسكو والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية ومنظمة السياحة العالمية ، وبالفعل تم الاتفاق عام 2009 على مشروع لتنمية المنطقة. تضمن المشروع المخطط وقتها برنامجا لحماية منطقة أهرامات دهشور ونظامها الإيكولوجي المحيط واستهدف في ذات الوقت دعم التنمية المستدامة، و ترسيخ مبادىء الإدارة الثقافية والبيئية السليمة، وخلق فرص لزيادة الدخل و ربط هذا الدخل بالأثار مما يخلق علاقة نفعية إيجابية بين السكان و الأثار. وبلغت تكلفة هذا المشروع 3,095,086 دولار أمريكى دخلت مصر بالفعل وحددت لتنفيذه مدة ثلاث سنوات بدءا من 2009 الي 2012، يتم بالتوازي معها إقامة و تشجيع صناعات بيئية للقضاء على مشكلات الفئات المهمشة والمستضعفة والحد من التفاوت الاجتماعي.و بالفعل حدثت لقاءات مع سكان دهشور لشرح المشروع الانمائي ورحب به الأهالي بشدة بل تحمسوا له. ثم قامت هيئة التنمية السياحية بتدريب أكثر من 3 آلاف شاب وفتاة بدهشور علي أعمال الخدمات السياحية وفق برنامج التمويل. بعد ذلك قامت محافظة الجيزة عام 2011 وإثر الثورة بالتخطيط لمشروع أخر لتنمية منطقة دهشور حيث تم اعادة تخصيص مبلغ 50 مليون جنيها (كانت مخصصة لمشروع متحف الطفل لسوزان مبارك) لتنمية دهشور والمحمية البيئية في منطقة بركة دهشور يتم فيها بناء بازارات محيطة بالمنطقة تتناسب مع الطراز البيئي لها، و تطوير شبكة الطرق و اقامة سور يحيط بالمنطقة الأثرية لحمايتها. بالاضافة لتخصيص مبلغ 330 الف جنيه لإنارة الطريق للمناطق السياحية.
احتياجات أهالي دهشور بخلاف احتياجات الأهالي للتنمية و الاجتماعية تقدم أهالي دهشور منذ اربع سنوات بطلب من أجل تخصيص مساحة جديدة تستخدم كجبانة حيث امتلأت الجبانة القديمة المخصصة لهم منذ 100 عام تقريبا، لكن لم يتم فيها بالرغم من التزام الأهالي بكافة الاجراءات عند احلال و تجديد اي مدفن في الجبانة القديمة من ضرورة اخطار الأثار و الحصول علي الموافقات اللازمة. و بمقارنة حالة دهشور بنفس حالة منطقة أبو صير التي تعدي فيها الأهالي عام 2011 و أستولوا علي 25 فدان من الأراضي الأثرية الخاصة بالأسرتين الأولي و الثانية بالرغم من تخصيص المحافظة لمساحة 5 أفدنة هذه المقارنة ستكون في صالح سكان دهشور لا محالة. تحتاج أيضا منطقة دهشور الي شبكة من الطرق حيث لا يوجد بها الا طريق واحد (رايح/جاي) بعرض 5 متر لا يصلح و لا يكفي لخدمة سكان 5 قري يستخدمونه للتنقل من و الي محافظة الجيزة. مصير مشاريع التنمية الي الأن لم يعرف مصير التمويل المدفوع لمشروع اليونيسكو و الذي أثيرت حوله ضجة هائلة.. ولا يعرف أحد ما إذا كانت المخصصات قد أنفقت علي مجرد اعطاء محاضرات ل 3000 شاب و فتاة؟؟؟ فكل مايخص المشروع المخطط منذ ماقبل الثورة ، دخل في طي النسيان ، وتفرق دمه بين الحكومات التي تلت الثورة و لا يعلم أحد عن مصير تلك الملايين شيئأ. اما بخصوص مشروع محافظة الجيزة فقد قامت المحافظة بدورها من حيث التخصيص وعرض تنفيذ المشروع تحت اشراف الاثار، ورغم موافقة تفتيش المنطقة الأثرية الا أن المشروع أجهض و دفن في أدراج مديرية سقارة ودهشور واللشت ، حيث رفض قطاع المشروعات في الأثار قيام المحافظة بتنفيذه ، واشترط ان ترد الأموال اليهم ليقوموا بالتنفيذ ومن هنا مات المشروع.
أسباب التعديات سكان دهشور ليسوا معتدين بطبعهم... ورغم عدم استفادتهم بالكنز الأثري المحيط بهم.. ألا أنهم صبروا فترات طويلة من أجل تحقيق مطالبهم دون مجيب و ظلت دهشور الي وقت قريب منطقة بكرا عامرة بالأثار!!!! ، فما سر هذا الشره في الاستيلاء علي الأراضي؟؟؟ مسؤولون بالمنطقة الأثرية يرجعون ذلك إلى عدم ثقة الأهالي في الحكومة ، نتيجة التأخر في اتخاذالقرارات والتباطؤ في تنفيذها واتضح هذا بشكل جلي، في قرار تخصيص أراضي جديدة للجبانة الذي تأخر أربع سنوات ولم يتم البت فيه إلا بتاريخ 14/1/2013بعد أن قام الأهالي بالوصول بالمباني الي منطقة الهرم الأسود وهي منطقة دفن ملكية بها اثار متنوعة من الأسرة الرابعة والأسرة الثانية عشر، بينما المنطقة التي خصصت من قبل الأثار كانت مجاورة للطريق الصحراوي وهي بعيدة نوعا ما عن المناطق الأثرية الغنية. ولم يتخذ القرار إلا بعد الوصول الي الهرم الأسود و التهديد بالمزيد من البناء في تهديد سافر للأثر الثابت بعد نهب الأثر المنقول ، وأدى عدم تنفيذ مشاريع التنمية ، إضافة إلى بطء القرارات، لفقدان الثقة في الحكومة والعمل علي الاستفادة من الاراضي ، خاصة وأن أهالي المنطقة بعتبرونها ملكا لهم .. لا يستفيدون منه. شجع على التعديات أيضا عدم التصدي لأول حالة تعدي ، والتي تمت في 24/10/2012، فرغم تحرير محضر "تعدي وتدمير" من قبل تفتيش دهشور و تحريك دعوى جنائية، الا أن الوزارة لم تحرك ساكناً ، وتكرر نفس السيناريو مع عشرات المحاضر الادارية ، فلم يصدر قرار ازالة واحد الي الأن، وكلما تأخر صدور قرارات الازالة كلما زادت صعوبة تنفيذها، وسيعد التنفيذ من قبيل الاستحالة اذا ما تم استخدام الجبانة الجديدة فعلا. يضاف إلى ذلك ضعف امكانيات وحدات التفتيش الأثريبالمنطقة ، حيث تفتقر حتي لوجود وسيلة انتقال مناسبة للأجواء و الطبيعة الصحرواية، وهي مشكلة عامة تعاني منها كل الوحدات الميدانية في الأثار رغم كون الوزارة غنية لا تنقصها الامكانيات، فمنطقة دهشور تحتاج الي سور مراقب لحماية المنطقة الأثرية وعدد لا يقل عن 50 فرد حراسة مسلح ، فلا يحرس المنطقة التي تصل مساحتها ل 70 كم2 وتعج بأقدم اثار مصر الا 13 خفيرا غير مسلح !!. يزيد من فداحة مايجري عدم استجابة الشرطة للبلاغات فيما بعد الثورة خشية الاحتكاك بالأهالي، بخلاف فيما قبل 25 يناير حيث كان التنافس بين الشرطة و الآثار جلياً للحصول علي الأسبقية في ضبط التعديات. الأهالي تعدوا علي المنطقة الأثرية في دهشور لكن ألم يتم التعدي عليهم مسبقا؟؟؟ استجديت الملايين بإسمهم من القاصي و الداني ... بعثرت و نهبت أموال جاءت خصيصا لهم ...أجلت ابسط طلباتهم الانسانية ... ثم لم يمنعهم أحد منذ البدء عن ارتكاب التعديات ... لذلك يعتبرهم البعض مجنيا عليهم . من المشهد الاسبوعى