أعلنت اليوم القمة العالمية لطاقة المستقبل عن إطلاق منتدى حواري متخصص هو الأول من نوعه، يرمي إلى مناقشة الرؤى العالمية وأفضل الممارسات المتعلقة بتطوير المدن في منطقة الشرق الأوسط، وذلك من أجل إدارة مستدامة بعيدة الأمد للمناطق الحضرية، وينعقد "منتدى مدن المستقبل" في 20 يناير الجاري تحت شعار "التعاون في صوغ المستقبل الحضري: إنشاء مجتمعات مستدامة كفؤة الموارد". وسيكون بوسع الحضور الاستماع من عدد من كبار الخبراء الحكوميين في العالم إلى أفكار ورؤىً تتعلق بأفضل الممارسات في إدارة التحديات الحضرية المعقدة على الأمد البعيد، وأحدث الابتكارات في مجال الطاقة والمياه والنقل والتخطيط الحضري والمرونة المناخية. ويُتوقع في العام 2050 أن يصبح 66% من سكان العالم قاطنين في مناطق حضرية، بعد أن كانت النسبة 54% في العام 2014، وفقاً لأرقام الأممالمتحدة. وتلجأ الحكومات في جميع أنحاء العالم، من أجل مواجهة تحديات التحضر، إلى استخدام التقنيات المتقدمة لتطوير المدن الذكية، في وقت تقدّر شركة "فروست آند سوليفان" للأبحاث أن قيمة سوق المدن الذكية في العالم ستصل إلى 1.56 تريليون دولار بحلول العام 2020. ويوجد لدى بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خطط لتطوير عدد من أكثر المدينة الذكية تقدماً في العالم، وتشمل بعض من هذه الخطط مدينة مصدر في أبوظبي، ومدينة لوسيل القطرية، فضلاً عن أربع مدن اقتصادية في المملكة العربية السعودية، ومدينة الدار البيضاء كبرى المدن المغربية. وتستهلك مدينة مصدر طاقة ومياهاً أقلّ بنسبة 40% مما تستهلك المناطق الحضرية التقليدية المماثلة لها مساحة، بفضل عوامل عدة من بينها المباني الذكية، والتخطيط الحضري الذي يراعي احتياجات المشاة، والتقنيات المتكاملة. وكانت مدينة مصدر دشنت حديثاً نظام تخزين للطاقة الشمسية بالتعاون مع شركة "إنيرجي نست"، كما وقّعت اتفاقية مع شركة العقارات الصينية "وانكيه" لتطوير مشروع للأبحاث والتطوير. وقال أنتوني مالوز، مدير مدينة مصدر، إن تركيز مصدر خلال منتدى مدن المستقبل سينصبّ على حاجة المدن العالمية إلى مكاملة السياسات الرفيقة بالبيئة مع الفرص التجارية المُجدية، بهدف دفع عجلة التنمية المستدامة، موضحاً أن مصدر بصمة خضراء للتصاميم الحضرية المستدامة". أما مبادرة مدينة دبي الذكية فتعمل بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات، التابع للأمم المتحدة، على تطوير أول مؤشرات أداء رئيسية لمدينة ذكية في العالم، في وقت تهدف استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 إلى تأمين 75 بالمئة من احتياجات الطاقة في الإمارة من مصادر طاقة نظيفة على مدى السنوات الخمس والثلاثين المقبلة. وقالت الدكتورة عائشة بطي بن بشر، المدير العام لمكتب مدينة دبي الذكية، إن دبي تشهد تحولاً جذرياً في تطوير حلول المدن الذكية والترويج لها، مشيرة إلى عزمها التركيز في منتدى مدن المستقبل على عدة مواضيع من بينها قوة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والابتكار الحكومي، وتحليلات البيانات الخاصة بالمباني الذكية، والنقل، وخدمات المياه والكهرباء، وهي الجوانب التي من شأنها دعم دبي كمدينة ذكية رائدة على الصعيد العالمي". من جانبها، سوف تقدّم شركة "أتكينز" الاستشارية، خلال مشاركتها في المنتدى، عرضاً لأفضل الممارسات الداعمة لإعداد المدن للمستقبل في مناطق تضم دول مجلس التعاون الخليجي والصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وقال سايمون مون، الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط لدى شركة "أتكينز"، المختصة باستشارات التصميم والهندسة وإدارة المشاريع الدولية، إن شركته ستعرض في منتدى مدن المستقبل خبراتها التي من شأنها المساعدة على تعظيم قيمة أصول العملاء عبر ضمان التخطيط لها بشمولية واستدامة ومرونة، وأن تظلّ مناسبة على المدى الطويل، مع دراسة متأنية لدوافع التغيير في أنحاء المنطقة، وكيف يمكن استغلال الفرص المواتية والتخفيف من المخاطر، وذلك في ظلّ التوقعات بتضاعف عدد سكان الشرق الأوسط بحلول العام 2050. وأضاف مون: "تمنحنا الأدوات والأفكار الواقعة في متناولنا اليوم القدرة على تكوين فهم أفضل لكيفية تفاعل المباني ومرافق البنية التحتية والبيئات المحيطة بها مع الأفراد والجهات وتنجز ما هو منتظر منها، علاوة على اتخاذ قرارات مستنيرة لدعم استمرارها وبقائها، فمن الضروري أن نطبّق هذه المعرفة اليوم لصالح بيئتنا العمرانية والاجتماعية المستقبلية". وتعمل كثير من المدن الذكية في أنحاء المنطقة على تنويع مزيج الطاقة ليشمل مصادر طاقة متجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، وفي هذا السياق رأى روبرتو دي دييغو أروزمينا، الرئيس التنفيذي لشركة عبداللطيف جميل للطاقة والخدمات البيئية، أن إحدى المنهجيات المتبعة في المدن الذكية تشمل جوانب عدة من شأنها أن تؤدي إلى "معيشة حضرية أكثر استدامة"، وقال: "لا بد من خطة شاملة لتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد، تشتمل على جوانب عديدة بينها ترشيد استهلاك المياه والطاقة، وتحسين استخدام وسائل النقل العام، وتقديم حلول أكثر كفاءة لتكييف الهواء، وتوليد الطاقة من مصادر متجددة". وأضاف الرئيس التنفيذي لشركة عبداللطيف جميل للطاقة والخدمات البيئية، إحدى الجهات الرئيسية الراعية للقمة العالمية لطاقة المستقبل 2016، التي تنعقد في أبوظبي: "خير مثال على خطة كهذه هو استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، التي أعلن عنها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والتي تم الكشف من خلالها عن نية الحكومة وضع تقنيات إنتاج الطاقة الشمسية فوق جميع أسطح المباني في دبي بحلول العام 2030". من جانب آخر، تستعد شركة الاستشارات والتصميم وإدارة البرنامج العالمية "سي 2 إتش إم"، التي تشارك راعياً للقمة العالمية لطاقة المستقبل، لعرض رؤيتها للمدن والبنى التحتية الذكية والمستدامة وتبادل أفضل الممارسات المكتسبة من خبراتها الواسعة في تسليم المشاريع بمناطق الشرق الأوسط والهند وأوروبا. وقال نيل رينولدز، النائب الأول للرئيس والمدير الإقليمي للشركة في الشرق الأوسط والهند، إن رؤية شركته لمدن المستقبل "تستند على خلق مجتمعات نابضة بالحياة تتسم باستقرارها المالي وبسهولة الوصول إليها، لتنجح في اجتذاب الأعمال التجارية وتشكيل بيئة اجتماعية غنية ترغّب الأفراد بالعيش والعمل فيها، ومع اشتداد المنافسة بين المدن العالمية، فإن الحاجة لأصحاب المواهب وتدفق الاستثمارات وتنوع الموارد تصبح أكثر إلحاحاً". وأضاف: "ستكون المدن بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى التركيز على تعزيز اقتصاداتها، فضلاً عن تحسين البيئة ورفع مستوى المعيشة الذي يمكن أن تتيح لقاطنيها. وهنا فإن المفتاح لذلك هو البنية التحتية الذكية، سواء في مجالات النقل أو المياه والطاقة أو النفايات، ونحن في "سي 2 إتش إم" لدينا الحل الشامل الذي يمكن أن يساعد في تطوير المدن الذكية". ومن المنتظر من جهة أخرى، أن يستضيف منتدى مدن المستقبل أيضاً الاجتماعات التحضيرية الموضوعية للمؤتمر الثالث حول الطاقة المستدامة التابع للأمم المتحدة، والمعروف باسم "الموطن"، بغرض وضع جدول أعمال السياسة الحضرية الجديدة للأمم المتحدة. وتنعقد القمة العالمية لطاقة المستقبل 2016، التي تستضيفها شركة مصدر، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض بين 18 و21 يناير الجاري، بالتزامن مع القمة العالمية للمياه ومعرض ومؤتمر "إيكو ويست" لإدارة النفايات.