تحكى ابنتى الصغيرة عن أستاذ الجامعة الذى يتحدث معلقا على ملابسهن ويتساءل عن الذوق والأناقة وتناسق الألوان ومدى معرفتهن بها وبدرجاتها وماهية الألوان الحارة والباردة وكيف يتم خلق التناغم والانسجام بينها حتى يصبح مظهر فتاة الجامعة مقبولا، فى الحقيقة أراها قضية منتهى الأهمية فى زمن ينحتون فيه للقبح تماثيل تشوه الميادين، وأصبح التردى فى الذوق معلم من معالم المدن ومداخلها وبواباتها. أتساءل دوما أين غاب الجمال ؟ ولماذا تحول البشر إلى نسخ متشابهة فى الصور والأزياء،،،أين اختفت الفساتين التى كانت تدور بمن ترتديها دورة ساحرة خلابة، لماذا لانرى عيون ضاحكة مثل عيون سعاد حسنى وسمرة سامية جمال وخصر صباح وليلى طاهر وجاذبية إيمان وشعر شادية، أين التباين فى جمال القسمات وسحر الملامح، لماذا توحدت ملامحنا إلى هذا الحد الذى أصبح بلا مذاق أنثوى، وفى عالم الرجال حدث ولا حرج فلا وجود لرشدى أباظة أو أحمد مظهر أو صالح سليم أو عبد الحليم. فى زمن السيلفى الذى يتفنن البعض فى أن تبدى اللقطة نوعا من الجنون أو العبط أتساءل عن غياب صور والدينا وأقاربنا الأنيقة بجوار الأهرام أو فوق أسطح المنازل وفى الحدائق العامة تلك الصور التى تحكى مدى الاهتمام بالشياكة والرقى والذوق فى أدق التفاصيل كبارا وصغارا.. الشارع المصرى يعج بأناس فقدوا قدرتهم على الأحساس بالرقى والتذوق وامتلأ بعابريه المصابين بالترهل الجسدى والإهمال فى المظهر بحجة "الكاجوال" و"الفرى سايز". من ناحية أخرى لو كنت من هواة التأمل ومشاهدة العمارات والمبانى القديمة التى تنطق بمدى الاهتمام فى أن يعيش المبنى شاهدا على الأبداع سوف يتبادر إلى ذهنك سؤال لماذا توقفت العقول عن الابتكار فى خلق أفكار جديدة جذابة تدل على الأتقان والتأنى فى هيئة مبنى أو تمثال أو أى عمل فنى يقف أمامه الناس فى حالة أنبهار؟ ولماذا أستطاع المصريين القدماء أن يحولوا كل أعمالهم إلى قيمة فنية خالدة متدفقة الجمال ليس بالنسبة لنا فقط بل للعالم أجمع ؟ وهل فقدنا الحس الجمالى وأصبحت العشوائية سمت الحاضر الذى نعيشه ؟ هذه التماثيل القبيحة التى أنتشرت مؤخرا لماذا لم تجد عين تعرب عن استيائها من فداحة الجرم فى حق نفرتيتى الجميلة مثلا، هل فقدنا بوصله الحس الإبداعى والابتكارى وماعدنا نعرف الفرق بين العشوائية والذوق؟ الجمال قيمة وأحساس لا علاقة لها بالمستوى الاجتماعى أو الثقافى أو المادى لو فقدت فلا معنى للحياة فى ظل القبح الذى يحيط بنا. المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية