"متعايشين مع الإيدز": المرضى يحتاجون رعاية ودعم المجتمع وليس رفضهم "طبيب نفسى": مجتمعنا يتقبل الشخص مُلحدا ولا يقبله شاذا كشف تقرير صادر عن البرنامج الوطنى لمكافحة الإيدز التابع لوزارة الصحة لهذا العام، أن نحو 36.9 مليون شخص على مستوى العالم يعانون الإصابة بفيروس العوز المناعى البشرى (الإيدز) من بينهم نحو 5929 حالة إصابة بين المصريين، 82% نصيب الرجال من نسبة الإصابة و18% من النساء، منهم 4631 مُصابا على قيد الحياة يلحقهم العار أينما ذهبوا، يقطنون جحورا لا يخرجون منها خوفا من مواجهة المجتمع الثائر نحوهم. وربما ظلت الصورة الذهنية الخاطئة التى صدرها الإعلام عن مرضى الإيدز، عالقة فى الأذهان بأنهم "مرضى بوصمة عار"، لم تؤثر فقط على من نقول بأنهم "جهلة"، ولكنها أيضا على صفوة المجتمع من الأطباء المعالجين لحالات المرضى المصابين. الدكتور ناصر هاشم مدير جمعية رؤية لرعاية المتعايشين مع الإيدز، يقول "إن مرض الإيدز أصبح كأى مرض مزمن آخر، مُشيرا إلى أن الصورة السيئة التى رسمها الإعلام عن مرضى الإيدز بالوصم والتميز وانعزاله عن المجتمع فهى صورة خاطئة، حيث إنه يوجد الملايين من الأشخاص على مستوى العالم يتعايشون مع المرض لسنوات ويباشرون حياتهم طبيعية ويقومون بأعمالهم دون أن يحدث لهم أى تدهورات فى حالتهم الصحية أو أنهم يتسببوا فى انتقال العدوى لغيرهم". وأوضح "هاشم" فى تصريحات ل"المشهد"، أن الفيروس لا ينتقل بين الأشخاص سوى عن ثلاث طرق (الدم والعلاقات الجنسية غير المحمية ومن الجنين إلى الأم)، مؤكدا أنه غير ذلك لا يشكل الفيروس خطورة على الآخرين. وأعرب "مدير جمعية رؤية"، عن استياءه من المجتمع بأكمله بسبب معاملتهم السيئة للمرضى المتعايشين مع الفيروس، التى تؤثر على حالاتهم النفسية التى تجعلهم يختبئون من مواجهة المجتمع وينعزلون، مُؤكدا أن الأطباء أنفسهم يتخوفون من التعامل مع المرضى ويرفضون علاجهم، حيث يتم تأخير إجراء عمليات جراحية لمرضى كثيرين بسبب الخوف من نقل العدوى. وتابع: إن عوامل الإصابة بمرضى الإيدز كثيرة ليس فقط المعروف عنها من العلاقات المحرمة والشاذة فقط وإنما أيضا ربما يكون عن طريق نقل الدم أو الغسيل الكلوى أو انتقل من شخص مُصاب لا يعلم بإصابته إلى شريكه تحت إطار علاقة شرعية، فلا نحكم عليهم جميعا بأنهم جُناة فبينهم الكثير من الضحايا لا ذنب لهم. وأضاف: "لابد وأن يكون المجتمع رحيما على المريض فإنه يحتاج لدعم لمجتمع ورعايته وليس رفضه، ولابد أن تتضافر كل الجهود لمحاربة المرض منعا لازدياده، مُشيرا إلى أن معدلات الإصابة فى مصر مازالت قليلة والانتشار منخفض. وأكد "هاشم"، أن العلاج متوفر لجميع المرضى مجانا ب11 مركز علاج و23 مركز فحص تابع لوزارة الصحة، حيث يذهب المريض مرة واحدة شهريا لتلقى العلاج الثلاثى الذى يكبح جماح الفيروس داخل الجسم ويمنع استنساخ خلايا فيروسية جديدة داخل الجسم، لافتا إلى أن علاج الشخص المريض يكلفه 7 آلاف جنيه شهريا. "إننا نعيش فى مجتمع ذو ثقافة ذكورية أبوية يتقبل أن يكون الشخص ملحدا ولا يتقبله شاذا".. بهذه الكلمات علق الدكتور سعيد صادق أستاذ علم اجتماع بالجامعة الأمريكية، على أوضاع مرضى الإيدز ونظرة المجتمع المصرى لهم، حيث قال إننا نعانى جزءا من الفهم الخاطئ للمرض طبيا ومجتمعيا وهى إحدى أدلة التدهور الأخلاقى والمجتمعى. وأوضح "صادق"، ل"المشهد"، أن مرضى الإيدز يعيشون فى المجتمع يختبئون ممن حولهم لعدم إلحاق العار بهم وبعائلاتهم ويحاولون تبنى أمراضا أخرى ولا يفصحون لأحد عن حقيقة مرضهم حتى لا يكونوا منبوذين من المجتمع، مُشيرا إلى أن المعهود لدينا هو أن المرض مُعدٍ بفطرته وهو الإدراك الخاطئ الذى لم يغيره المجتمع. وقال "أستاذ علم الاجتماع"، إن بعض المستشفيات تقوم بإخفاء اسم القسم أو "العنبر" الذى يتواجد به مرضى الإيدز، منعا لعدم معاملتهم بسوء من قبل الأشخاص العاديين أو الأطباء نفسهم، لافتا إلى أنهم يعانون الإهمال والمعاملة السيئة ليس فقط من الأشخاص العاديين وإنما الأطباء داخل المستشفيات، وأنه إذا حدث وفاة تقوم الأسرة بإخفاء السبب المرضى الحقيقى منعا لإلحاق العار بهم. والإيدز يعد من الأمراض الفيروسية المزمنة التى تنتقل من خلال الممارسات الجنسية الخاطئة أو العدوى من أدوات ملوثة بالدماء المحملة بالفيروس، وقد تظهر أعراض المرض عندما تضعف المناعة ويتم مهاجمة الأجسام المضادة لها، يُحيى العالم فى الأول من ديسمبر من كل عام اليوم العالمى لمكافحة المرض، وهذا العام 2015 ينطلق تحت شعار "المضى سريعا نحو القضاء على الإيدز". جدير بالذكر أن 71% من المرضى مصابون نتيجة ممارسة الجنس غير الشرعى، و28% مصابون نتيجة الحقن بالإبر والمخدرات، و20% من المصابين هاجروا منازلهم، و40% خائفون من الإعلان والكشف عن إصابتهم، بالإضافة إلى أنه يوجد 3 آلاف حالة تجهل الإصابة، حسبما جاء بتقريرالبرنامج الوطنى لمكافحة الإيدز.