دخلت المنطقة إلى عالم الرؤى والكشوف الصوفية، فبعد رؤية باول للسلام، والأخرى رؤية ديك تشينى،ثم رؤية كوندوليزا رايس، ثم الرؤية الأوروبية، والرؤية الروسية، ثم .... أخيرا يقف الحبر الأعظم "أوباما" كى يسرد رؤيته فى كامب ديفيد على قادة الخليج العربى،وهو يتوقع أن يردد خلفه العابدون والناسكون فى خشوع وخضوع. سفر أوباما: أنا سيدكم الأعلى والحق أقول لكم: من لا يتبع السيد فهو ضده، واللعنة سوف تلاحق كل إرهابى حتى ولو كان لا يزال نطفة فى بطن أمه، وأقول لكل من فى رأسه عقل أن جنونى ليس له حد، ولقد أعلنتها حربا على المنظور والمستور، فنحن سادة هذا الكون ولابد أن يتأدب العبيد، فقد أعددت لكم نارا نووية ماحقة، وحروبا مع الكواكب، أما من تاب وأناب فله جنة الحلم الأميركى وعظيم الثواب،كونوا ديمقراطيين وانفتاحيين، كونوا عبيدا شاكرين، كونوا تطبيعيين، هللوا لنجمة داود، كى تنعموا بالسلام الصهيونى. سفر "نتن ياهو": رسالتى اليكم دم ورعب وموت وخراب، حتى أطهركم من خطيئتكم فى حق أبناء اسرائيل، وأنا هو من أنا، تعرفون قسوتى وبطشى،فأنا الذى شربت دماء الأسرى فى صحراء سيناء، وأنا الذى ذبحت الأطفال والنساء فى صابرا وشاتيلا، أنا قاتل العرب فى كل مكان، وأنا أيضا «رجل السلام». سفر كوبنهاجن: ولما لم يكن فى الإمكان أبدع مما كان، ولما كانت الحرب ليست مهنة لنا، ولما كان الذل والهوان جزءا من حياتنا، ولما كانت أسلحتنا ليست لنا وإنما علينا، ولما كان غضبنا نارا تأكلنا وتأكل أولادنا.. السلام السلام، التطبيع التطبيع.. يا أهل القرى والمدن، اسمعوا وعوا: نعيش بذل ولكن نعيش، نأكل، نشرب، نمارس عاداتنا العلنية والسرية، تلك هى الواقعية، قولوا لنا أين هؤلاء الحالمون؟.. الكرامة تعنى الموت، فهل تريد أن تكون كريما ميتا، أم ذليلا حيا؟.. دعونا نأكل عقولكم، نلحسها بألسنتنا اللزجة، فليس ثمة خلاص إلا لدينا، نحن نريحكم من الهم والكرب، ولدينا كل العقاقير والمخدرات السحرية اللازمة، لقد تعلمنا فى أفضل جامعات الغرب، ونملك الحل والعقد، ولسوف نظل فوق رؤوسكم حتى تدمنوا وصايانا وتعشقوا الهوانا. سفر الخروج: يا شعب فلسطين، اخرجوا تسلموا، فالأرض واسعة وإلا ففى القبر متسع لكم، كنتم المعنيين بالتيه، والتيه لكم، واذا أردتم حفنة من قمح وشربة من ماء، فلابد حتما أن تخلعوا رؤوسكم وسراويلكم، فلا عرفات ولا المزدلفة ولا منى، والسلطة من عندنا، فلا سلطة لكم، نريدكم شفافين حتى نرى من خلالكم، الكرامة فساد فتخلصوا من الفساد فورا، ومقاومة المحتل كفر فآمنوا، افتحوا أبوابكم للغازى النبيل، نرهبكم ولكن لا تفكروا فى الارهاب، وتحلوا بشجاعة الخيانة وخيانة الشجاعة. سفر سلام الشجعان: كانت البداية كأسا ذات مذاق لذيذ، ثم كان فراشًا وسكرًا فى حاضرة «أوسلو»، وتمزق القميص فى غرف البيت الأبيض المعمور، ثم انكسرت الكأس فى أسطبل داوود، راحت السكرة وجاءت الفكرة، حسرة على من يبكى على اللبن المسكوب، حتى «المأذون» والشهود لم يعترفوا بعقد الزواج، بات على المسكينة أن تثبت شرفها، بينما الجميع يقذفونها بعارها.. لم يكن حتى عقدا عرفيا.. مجرد ورقة ضمن أوراق أخرى لا قيمة لها. سفر المبادرات والرؤى: منذ مبادرة السادات المبروكة، أمطرت المبادرات مثل مبادرة ريجان، مبادرة فرنسا، مبادرة الأمير فهد، مبادرة الملك حسين، مبادرة بوش الأب، مبادرة كلينتون، مبادرة الأمير عبدالله، رؤية باول، رؤية بوش الابن. والمبادرة هى الإقدام على الفعل، وليست الفعل نفسه، فهى التحفز والاستعداد للإتيان بشئ، ولكنها لا تعنى ولا يمكن أن تعنى أنها ضمان له، نصف قرن من التحفز يتلوه التحفز، وأصبح الأمر يحتاج مبادرة للمبادرة تضع حدودا وتعريفا علميا لها، ولكن يبدو أن الجميع قد اكتفوا بمجرد المبادرة، ولعل ذلك جزء من تركيبة ثقافية مدفونة فى النخاع، ويرضى شيئا من الغرور، ويقدم بعض العزاء والسلوان، فهناك حركة، أى حركة أفضل من السكون، حتى ولو كانت الحركة الوحيدة هى التأهب والتحفز ثم.. ثم النوم العميق. ولقد تطور الأمر فأصبحت المبادرة مجرد رؤية، أى حلم أو كابوس، وبدلا من التحفز للقيام بأمر ما، اقتصر الموضوع على استدعاء النوم والاغراق فى الأحلام، ومن رؤية إلى رؤية لا يملك الانسان المؤمن إلا أن يقول: اللهم أجعله خيرالابد من قمة جديدة لمواجهة التطورات الجديدة، حتى يمكن التوصل إلى مبادرة جديدة حيال هذا التدهور الذى انزلق بالقضية من مستوى «المبادرة»إلى مستوى «الرؤى». سفر المثقفين: السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، المسألة لا تزيد على كونها «حالة عولمة»، ولابد من مواجهة «صراع الحضارات» من خلال «حوار الحضارات».. لا.. لا.. أعترض وبشدة، فالمسألة هى حقوق الانسان وكرامة الفرد.. لا.. بل الديمقراطية.. يا سيدى الداء معروف، نريد أسواقا حرة، إنفتاحا.. اكسروا القيود.. المشكلة بدأت مع «الشعر الجاهلي» لطه حسين.. لا.. لا.. البداية الحقيقية مع فيلم «خلى بالك من زوزو»، صندوق الانتخابات هو الحل.. هذا هو المعنى العميق لأغنية «السلام عليكم» ما هو دور المثقف؟.. بل من هو المثقف؟.. يا عم انت غاوى بلبعة مصطلحات. . أبو مازن : " أقدم خالص عزائى لأسر الضحايا فى تل أبيب ونتساريم، وأقول للجلادين أنا رجل السلام والسلم والسلامة وكل مشتقاتها، وأقسم وأبصم لكم غليظا مغلظا أننى لست إرهابيا، ولو كان الأمر بيدى لطلبت من نساء فلسطين ألا يبكوا على أطفالهم، وأن يدفنوا موتاهم فى صمت وسكون. كل ما أريده هو دولة وعاصمتها القدس الشريف، القدس الشريف، القدس الشريف .. هل قلت شيئا لم تقولوه: أنتم تقولون «دولة فلسطينية»، وهو ما أقوله، تقولون: «إنسحاب المحتل» وهو ما أقوله، تقولون: السلام، وهو ما أقوله.. هل يجوز أن أطلب أقل مما تطلبون؟ وعلى أية حال كل ما تطلبونه حاضر.. سفر الانتفاضةسكّت دهرا، ونطقت كفرا.. نلقم فمك حجرا فاسكت، ولتسكت معك كل ألسنة العجز والهوان، فنحن لا نريد منكم سلطة ولا دولة، نجوع ولا نأكل منكم منّا ولا سلوى، نموت ولا نعيش فى «إسطبلات» كرمكم الخبيث.. ذلك هو الرد: حزام ناسف نتحزم به، وبعدها نريح من سماع أصواتكم المزعجة، ونفتح ثقبا جديدا فى جدار غروركم حتى يتهاوى بالكامل.. نحن نموت على كل حال، فما الفارق. لن نسجد أبدا فى ردهات البيت الأبيض المعمور، لن نرتل تسبيحا بحمد رب ذلك البيت، بل سنلعنه فى كل صلاة، ونرنو إلى اليوم الذى سوف يأتى ويتهدم فيه بيت النار: سنقاوم حتى بحناجرنا.. سنترك لكل طفل آت وصية حتى لا ينسى ولا يغفر، راح زمن النسيان والغفران.. ونقسم بألا يسقط اللواء من أيادينا أبدا. نحن أيضا لدينا رؤانا للسلام.. هى الرؤية الوحيدة الممكنة والمحققة.. أن تزول من خرائط الدنيا خطيئة عام 1948. من العدد المطبوع من العدد المطبوع