طلب إحاطة إستطاعت " المشهد " فى عددها الأخير أن تنكأ الجراح فى بعض قضايا الفساد التى لم تندمل بعد .. ومازالت تنزف دماً وصديداً وتلطخ وجه الوطن كله .. "فالمشهد " سلطت الأضواء على إحدى قضايا الفساد فى المؤسسات الصحفية القومية والمعروفة "بهدايا الكبار " لمبارك وعائلته وحاشيته وسدنة نظامه من كل الألوان والأحجام والأشكال .. بعد أن قام رؤساء مجالس إدارات هذه المؤسسات الصحفية بتحويلها الى عزب وضياع يغترفون خيراتها لصالحهم لسنوات طويلة بلا وازع من ضمير أو أخلاق .. ويوزعون العطايا والهدايا والهبات والمناصب على كل من هب ودب تحت رعاية سيدهم الأكبر وولى نعمتهم! .. والحقيقة أنه لولا ثورة 25 يناير 2011 ما كنا نستطيع كشف كل هذا الفساد الذى كان ينخر فى عضد الجسد المصرى . وأحسب أن هذه القضية نقطة فى بحر الفساد المتلاطم الذى إستشرى فى نظام مبارك .. وللأسف الشديد إننا مازلنا نغرق فى هذا البحر بسبب غياب المحاسبة الجادة لكل الفاسدين .. و ننتقى من نقدمهم للعدالة بعد أن أصبحوا أوراقاً محروقة من الأنظمة السابقة .. ونعلن التصالح مع بعض رموز الفساد ، أونغمض الطرف عن البعض الأخر!. وأقول بكل صراحة : إن حال هذا البلد لن ينصلح أو يرى أى تقدم أو يجذب الإستثمارات .. ما لم نواجه الفساد - كل الفساد - بكل قوة وحسم وعزم و بخطوات عملية وليست بأقوال مرسلة يرددها كل مسئول يتولى مقاليد الحكم .! . فنحن نحتاج فعلاً الى محاسبة حقيقية لكل الفاسدين الذين استولوا على ثروات هذا الشعب الغلبان .. ويعيشون فى القصور والفيلات والمنتجعات ، ويتمتعون بالأموال الحرام التى جنوها من وراء مضاربات الأراضى والبورصة ، والتهرب من الضرائب ، وعدم دفع رسوم رخص مصانعهم التى بنوها من دم الشعب وحصلوا على أراضيها بتراب الفلوس , ومن السمسرة والعمولات تحت "التربيزة " والأستيلاء على أموال حوافز التصدير لشركاتهم .. وتركوا الناس تعيش فى المقابر والعشوائيات ، ويتقاتلون من أجل رغيف عيش أو أنبوبة بوتاجاز، ويشربون المياه الملوثة التى اصابتهم بالفشل الكلوى والألتهابات الكبدية والسرطانية . والعجيب أننا كنا نسمع من هؤلاء الفاسدين - على مدى سنوات عديدة - أحلى كلام عن الطهارة ، والحكم الرشيد ، وأن الكفن ليس له جيوب .. ولكن -للأسف الشديد - كان ذلك كله دخاناً فى الهواء ، ومسرحية هزلية كنا نعيش فيها ..و كان أعضاء عصابة مبارك يوزعون الأدوار فيمابينهم . *** والحقيقة أن الدستور الجديد تحدث عن الفساد ، وأن الدولة تلتزم بمكافحته .. وقال بالحرف الواحد فى المادة 218 : "إن الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها تلتزم بمكافحة الفساد ، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية, ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام ووضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية "..ولهذا فنحن نريد أن نطبق هذا النص على أرض الواقع حتى لا يكون مجرد حبر على ورق !. [email protected] من العدد المطبوع من العدد المطبوع