لعنة الرئيس المخلوع حسني مبارك لن تقتصر على فئة الأعوان والمناصرين الذين كانوا يحيطون به وإنما ستمتد لتضرب بسياطها فاسدين فى بلاد ودول اخرى.
فشبكة الفساد تجذرت فى المجتمع المصري وتفرعت وأورقت وتشابكت غصونها وامتدت الى كل بقعة من بقاع مصر ثم زحفت حبائلها لتعانق فاسدين فى دول عربية وأوروبية وأمريكية وهو ما يضفى صبغة العالمية على فساد نظام مبارك.
بدت مؤشرات هذا التمدد والتوغل فى الاتهامات التى طالت الشركة المصرية الكويتية التى وضعت يدها على آلاف الأفدنة فى منطقة العياط واستخدمتها فى غير الهدف الاصلى الذى خصصت له .
فقد وجهت اليها اتهامات بالحفر والتنقيب عن الآثار وتهريبها وكان من بين أهداف الزيارات التى قام بها مسئولون كويتيون الى القاهرة مؤخرا محاولة تسوية هذا الملف قبل ان تفوح رائحته التى قد تزكم انوفا كثيرة .
كما طالت الاتهامات أمراء ورجال أعمال فى السعودية على رأسهم الوليد بن طلال فيما يتعلق باراضى توشكى وهناك مفاوضات جارية بين مسئولين مصريين وسعوديين حاليا كادت تتوصل الى تسوية عادلة تعطى كل ذى حق حقه.
وهناك حرص على الإسراع بإغلاق هذا الملف الذى يمثل جرحا اذا اندمل فسوف يكشف صديدا وقيحا كثيرا وهذا ينطبق أيضا على حالات اخرى منها الاراضى التى حصل عليها الشيخ صالح كامل فى محافظة الإسماعيلية والتي كانت مخصصة للاستصلاح الزراعى لكنها تحولت الى كتل خرسانية وقصور وفيلات .
وبالنسبة للامارات تلقى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بلاغًا ضد شركة إماراتية للتحقيق فى حصولها على مائة ألف فدان فى توشكى بسعر 50 جنيهًا للفدان بالمخالفة للقانون بجانب شركات إماراتية أخرى .
وهو ما حال دون زيارة رئيس الوزراء عصام شرف الى ابوظبى فى اللحظات الأخيرة قبيل جولته الخليجية وهناك اتهامات طالت دولا اخرى فى منطقة الخليج التى حظيت بنصيب الأسد من أراضى المصريين وثرواتهم .
وكأن هذه الدول لا تريد الاكتفاء بامتصاص دماء المصريين العاملين على أراضيها من خلال مرتبات هزيلة وحقوق ضائعة بل جاءت الى بلادهم لتستنزف ثرواتهم وتحصل على ممتلكات بوسائل مشروعة وغير مشروعة .
اما على المستوى الدولى فبدت شبكة فساد الرئيس المخلوع تكشف عن أذنابها وبدأت تباشير هذه الفضائح فى صفقة اللوحات المعدنية الجديدة للسيارات التى تورط فيها رجل أعمال المانى يدعى هلمت جانج بلص بجانب كل من الدكتور احمد نظيف ويوسف بطرس غالى وحبيب العادلى .
والعجيب أن دولا أوروبية وأمريكية تزعم انها تدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وتؤكد على مبادئ الشفافية والعدالة والمساواة متورطة فى التستر على فساد مبارك ونظامه .
يؤكد هذا ما ذكره الدكتور يحيي البنا ممثل الحكومة السابق في مفاوضات التوقيع علي اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد واسترداد الأموال، عن تورط الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية في غسل أموال مصر التي هربها مبارك وعائلته ورموز حكمه للخارج.
كما كشفت صحيفة " واشنطن بوست" عن تواطؤ مسئولي وزارة الخزانة الأمريكية فى عدم تجميد اموال الرئيس السابق حسنى مبارك .
واعتقد ان ايطاليا وفرنسا وألمانيا ستكون محطات أساسية سوف يتوقف أمامها طويلا قطار الفساد المصري خلال الأيام والسنوات القادمة لان الرئيس السابق كان يداوم على زيارة هذه البلاد وكانت العلاقات معها اكبر من مجرد علاقات سياسية او اقتصادية .
ان المرء لا يتخيل حجم الفساد والإفساد الذى ورطت فيه هذه العصابة "المباركية "مصر والمصريين ولا ادري لماذا فعلوا ذلك هل من اجل الأموال والرفاهية والمتعة بأى ثمن ؟
إن كان ذلك كذلك فأى شراهة تلك واى إجرام هذا الذى يجعل حاكما او مسئولا يفترض فيه ان يعمل على حماية ثروات الشعب وتنميتها يبيع تلك الثروات للأجانب بل الى أعداء الوطن بابخس الأثمان؟!
إن حجم الاراضى التى بيعت ومنحت تفوق مساحات دول ولا تقدر بثمن فالبعض يقدر المساحات التى بيعت بالأمر المباشر والتى اعترت عقودها شبهة الفساد بنحو 16 مليون فدان.
وهذه مساحة ضخمة جدا بل ان رجل اعمال واحد حصل على مائة كيلو متر مربع من الاراضى بأسعار زهيدة لا يتجاوز ثمن المتر جنيها واحدا!!!
هذا الفساد غير المسبوق فى تاريخ البشرية يلقى على المصريين مسئولية كبيرة فى مواجهته واعتقد ان الفرصة مواتية الان امام مصر لتقدم للعالم كله الذى يعج بألوان وصنوف الظلم والفساد درسا فى محاربة الفساد .
وهذا ليس غريبا على بلد علم العالم قبل آلاف السنين الحضارة وأصول المدنية كما علم العالم من خلال "ميدان التحرير" كيفية التظاهر السلمى وممارسة الضغط من اجل انتزاع الحقوق وإلحاق الهزيمة بالديكتاتورية والاستبداد .