«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور‏ .. توشكى‏ الآن
نشر في بوابة الشباب يوم 18 - 06 - 2011

‏علي‏ مر‏ العصور‏ لم‏ يتوقف‏ زحف‏ المصري‏ القديم‏ علي‏ ضفاف‏ النيل‏ حتي‏ ضاق‏ الوادي‏ به‏ .. من‏ هنا‏ جاء‏ حلم‏ توشكي‏ من‏ أقصي‏ الجنوب‏ لخلق‏ حياة‏ جديدة‏ ودلتا‏ أخري‏ لمصر‏ تتشابه‏ مع‏ دلتاها‏ العليا‏ من‏ حيث‏ الخضرة‏ والخير‏ والجمال‏ .. وعلي‏ مدار‏ 13 سنة‏ هي‏ عمر‏ المشروع‏ لم‏ تسلم‏ توشكي‏ من‏ الهجوم‏ ولهذا‏ تعد‏ أكثر‏ المشروعات‏ إثارة‏ للجدل‏ في‏ تاريخ‏ مصر‏ الحديث‏ نظرا‏ لارتباطه‏ بالرئيس‏ السابق‏ ولهذا‏ كان‏ ميدانا‏ رحبا‏
تصوير : محمد لطفي
في أثناء زيارتنا الشاملة لتوشكي رافقنا المهندس طارق عويس مدير إدارة نظم المعلومات والتدريب والعلاقات العامة بالمشروع بوزارة الري حيث رصد لنا بالأرقام كشف حساب توشكي حتي كتابة هذه السطور قائلا : يتولي زراعة واستصلاح توشكي أربع شركات كبري هي المملكة ( الوليد ) والظاهرة الإماراتية والراجحي وشركة جنوب الوادي المصرية وتقوم المساحة الإجمالية للمشروع والتي تقدر ب 540 ألف فدان علي أربعة أفرع مائية وهي فرع (1) ويضم 120 ألف فدان بطول 24 كيلو مترا وكان مخصصا منها 100 ألف فدان لصالح شركة المملكة للتنمية الزراعية وصاحبها الأمير الوليد بن طلال وقد بدأت الشركة الزراعة علي مساحة 17 ألف فدان ولكن الوليد بن طلال لم يزرع حتي الآن سوي ألفي فدان أي 2% من إجمالي المساحة التي حصل عليها وذلك بزراعة العنب والفراولة والخضراوات والشعير وبعض أنواع من علف الماشية أما ال 20 ألف فدان الأخري فتستثمر فيها شركة الراجحي وتقوم حاليا بزراعة 10 آلاف فدان من إجمالي 25 ألف فدان مخصصة للشركة كمرحلة أولي أما فرع (2) فيضم 120 ألف فدان مخصص منها 45 ألف فدان لصالح شركة جنوب الوادي للتنمية الزراعية وهي شركة مصرية تابعة لوزارة الاستثمار وتم في هذا الزمام حتي الآن زراعة 14 ألف فدان وجار استصلاح وزراعة 7 آلاف فدان أخري في حين يضم فرع (3) 100 ألف فدان بطول 23 كيلو مترا وتم تخصيصه لصالح شركة الظاهرة الإماراتية وهذا الفرع يقوم بتمويله صندوق أبو ظبي بتكلفة 100 مليون دولار ولم تبدأ الزراعة في هذا الفرع حتي الآن أما فرع (4) فقد توقف العمل به ومن المفترض أنه يضم 200 ألف فدان بطول 57 كيلو مترا أي أن مساحة توشكي الإجمالية تبلغ بدقة نحو 540 ألف فدان وهي تعادل تقريبا مساحة الأراضي الزراعية في محافظتين ولهذا كانت أهمية وخطورة هذا المشروع .
والسؤال الأشد خطورة يتصل بعلاقة المشروع بمؤسسة الرئاسة وكيف كان يتم تخصيص الأرض ولماذا غاب المستثمر المصري من توشكي؟
حول ذلك يقول المهندس طارق : المشكلة الكبري التي كانت تواجه المستثمر المصري هي أن تخصيص أراضي توشكي كان يمثل لغزا كبيرا فالمفروض أن وزارة الزراعة كانت مسئولة عن هذا التخصيص لكن واقع الحال كان يؤكد أن التخصيص كان يتم من الجهات السيادية العليا أي من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء من منطلق أن توشكي كانت مشروع الرئيس السابق ولهذا حضر أحد المستثمرين المصريين وطلب من إدارة المشروع أن يأخذوا عليه كافة الضمانات من أجل أن يحصل علي قطعة أرض في المشروع فكان جزاؤه أنه ' لف كعب داير ' علي الوزارت ومن وزير لوزير ومن مسئول لمسئول حتي وصل في نهاية الأمر إلي رئاسة الجمهورية وفي رئاسة الجمهورية طلبوا منه مبالغ مضاعفة وثبت أن هؤلاء المسئولين في رئاسة الجمهورية لم يكونوا مسئولين عن الأمر كله ولهذا لم يستطع المستثمر المصري أن يصل إلي الجهة المنوط بها توزيع الأرض والمفروض أنها هيئة التعمير في النهاية أيضا من ناحية أخري كان المستثمرون المصريون خائفين من المجيء إلي توشكي فلما جاء الوليد قدموا له كل التسهيلات والخدمات من أجل أن يزرع ويشجع باقي المستثمرين علي المجيء إلي هنا لكن الوليد كانت مشكلته أن حركته بطيئة جدا ولم يزرع سوي 2% من المساحة طوال السنوات الماضية فتسبب في الإساءة لسمعة المشروع وتسبب في مشكلة أحرجت النظام السابق كله وللأسف أيضا تصفية الحسابات بين النظام والمعارضة أضرت بالمشروع الذي كان يتم اتخاذه كوصمة عار علي جبين النظام السابق وأنه مشروع فاشل وكلف الدولة المليارات وكان هذا الهجوم يتم علي وجه الخصوص في فترات الانتخابات البرلمانية والرئاسية وقد أدي ذلك إلي عرقلة المشروع وتأخيره سنوات بل وقلل من حماس الدولة له حتي تم إهماله مع أنه مشروع كل المصريين وأنا أعتقد أن جميع ما تم إنفاقه علي المشروع والذي وصل حتي الآن إلي 6,5 مليار جنيه لم تشبها أي ذرة فساد من الناحية الفنية التي قامت بها وزارة الري ..
توشكي خالية من الحياة
يواصل المهندس طارق حديثه قائلا : مشروع توشكي لم يكن خاضعا لإشراف وزارة الري فقط التي تولت مسئولية رفع المياه من بحيرة ناصر إلي المشروع وإنشاء الفروع المائية ومحطات الرفع وتوصيل المياه للأرض وإنما كانت هناك أدوار أخري ومسئوليات تم توزيعها علي باقي الوزارات من أجل خلق حياة كاملة في المكان كامتداد لمصر في الجنوب وكان المفروض أن يحدث توطين في توشكي لذلك تم تكليف وزارة الإسكان ببناء مدينة توشكي الجديدة وتم تعليق لافتة تحمل هذا الاسم منذ عام 1998 ولكن لم تقم الوزارة بأي دور ولم تضع حتي حجر أساس وكان ذلك منذ أيام محمد إبراهيم سليمان وأيضا كان مطلوبا من وزارة النقل أن تمد شبكة طرق وأن تقوم هيئة السكك الحديدية بإنشاء خط سكة حديد يربط توشكي بالعمران عند أسوان حتي يتسني للجميع أن يحضروا إليها في القطار من الإسكندرية مرورا بجميع أنحاء الجمهورية ولكن هذا لم يحدث فتوشكي مقطوعة الصلة بأي عمران حيث تبعد عن أسوان حوالي 240 كيلو مترا جنوبا أيضا كان مطلوبا من وزارة الصحة أن تنشيء مستشفيات عامة في المكان لكن هذا لم يحدث وبإمكان الزائر أن يري مبني مهجورا يقف علي الأعمدة الخرسانية كان من المفترض أن يكون مستشفي توشكي الجديد ولكن هذا لم يحدث أيضا كان من المفترض أن تقوم وزارة التربية والتعليم بإنشاء مدارس صناعية وزراعية في المكان ولكن هذا لم يحدث إذن لم يتحرك أحد سوي وزارة الري التي حملت عبء مد المياه لتوشكي في حين لم يتحرك أحد من الباقين فبدا المشروع هكذا منقوص الخدمات وقيل إن محمود أبو زيد وزير الري السابق عندما تكلم عن الأدوار الغائبة في المشروع تمت إقالته من منصبه .. وعندما هوجم توشكي بشراسة من أحزاب المعارضة بدأت الميزانيات والاعتمادات تقل أيضا كان هناك مبرر للنقد والهجوم وهو أن المردود الانتاجي كان بطيئا جدا ولم يكن كما كان متوقعا أيضا لم تكن هناك استراتيجية لزراعة المحاصيل القومية مثل القمح والذرة وإنما تركت الحرية للمستثمر أن يزرع ما شاء .
أين الحكومة؟
يقول المهندس طارق : حماس الحكومة قل منذ سنتين وهذا يعزي لسوء الإدارة يعني الحكومة عملت حاجة كويسة ولكنها لم تستطع أن تديرها فكانت النتيجة أن المشروع من الناحية الفنية تم إنجازه بنسبه 100% أي نسبة وصول المياه للمكان لكن النسبة لم تصل إلي 50% في باقي النواحي أما الإنتاج فهو مسئولية المستثمر وكان المفروض أن تكون هناك جهة تتابع ما تم إنجازه وقد ثبت أن تشجيع المستثمر الأجنبي علي تولي مشروعات الدولة العملاقة ثبت أنه كلام فارغ خاصة في المجال الزراعي لأن رأس المال جبان أو أن المستثمر يخاف أن يرمي فلوسه في الأرض مادام لم يتحقق له الربح السريع وهذا لا يتحقق في الزراعة لأنك هنا لو دفعت 100 قرش فإنك يجب أن تنتظر 4 سنوات حتي تسترد أول قرش وسنوات أخري حتي تحقق المكاسب أو تجني ثمار ما زرعته ولهذا كان يجب منذ البداية أن يستمر الفكر القديم في تولي الدولة مسئولية المشروعات القومية وهناك بالفعل شركات استصلاح زراعية مصرية وقومية كان المفروض أن تأخذ قروضا طويلة الأجل من أجل أن تعمل في المكان ولو حدث هذا لكانت خريطة توشكي تغيرت تماما فمثلا شركة جنوب الوادي المصرية التابعة للدولة ضربت أفضل الأمثلة في سرعة الزراعة وفي الإنتاج حتي زرعت حتي الآن 14 ألف فدان منها محاصيل استراتيجية مثل القمح وتدل خريطة المساحة المزروعة والمنتجة في توشكي الآن علي هذا الفارق بين المستثمر الأجنبي والمستثمر الوطني وبين دور الدولة أو المستثمر الوطني عندما نعلم أن الوليد حتي الآن زرع ألفي فدان فقط أما شركة الراجحي فقد زرعت 12 ألف فدان وهناك عدة مزارع تجريبية أي أن المساحة المزروعة قد لا تتجاوز 35 ألف فدان فقط لكن يبدو أن الحلم كان كبيرا للغاية وهناك ملاحظة هامة جدا وهي أن مشروع توشكي هو أول مشروع يتعامل مع فكرة الأمن القومي عن طريق تأمين حدود مصر الجنوبية بالزراعة وبالبشر وكان الحلم أن يبدأ التوطين من اسفل مصر ويستمر في الصعود حتي أعلي كانت تلك هي فلسفة المشروع من منطلق أن الأرض الزراعية هي أكثر وسيلة تضمن الأمان للمجتمع وهذا أيضا ما تكرر بنفس المنطق في شرق التفريعة ومشروع العوينات في حدودنا الأخري أي أننا هنا كنا نرسم حدودنا بناسنا وبأرضنا بدل ما نترك أرضنا وحدودنا سداح مداح .. لكن يجب أن نعلم أن هناك أسبابا أدت لتعثر المشروع وهو أننا يوم أن خططنا للمشروع قلنا إنه خلال 10 سنوات سيتم زراعة توشكي لكن المشكلات التي مرت بها البلد أدت لتباطؤ البرنامج وتأخره وكانت أولي هذه المشكلات هي تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار المواد الخام والقرارات الحكومية المتخبطة والخاصة بتوزيع وتخصيص الأراضي وتراجع حماس الدولة للمشروع الذي شهد ذروة الاهتمام به في عهد الدكتور كمال الجنزوري الذي كان يحرص علي زيارة توشكي بشكل شبه شهري لكن بعده قلت الزيارات يعني عاطف عبيد جاء مرة واحدة مع مبارك أما نظيف فتقريبا لم يزرها .
أرض الوليد
الحقيقة التي رأيناها بأنفسنا هي أن أرض الوليد تبدو للناظرين مجرد نقطة خضراء وسط بحر من الرمال حيث اكتشفنا أن الوليد لم يزرع سوي ألفي فدان من ال 100 ألف فدان فقط وفي أرضه يوجد مهبط طيران خاص لاستقبال كبار الزوار الذين كان علي رأسهم مبارك وسمو الأمير نفسه كما يوجد أيضا استراحة خاصة ومكاتب إدارية ومساكن للعاملين بها و يكشف لنا المهندس إبراهيم دحروج مدير المزرعة الحقيقة الكاملة حول هذه الأرض قائلا : سمو الأمير زار أرض توشكي مرة واحدة مع حسني مبارك والوليد لم يجن ثمار استثماره في الأرض حتي الآن يعني الأرض عليه بالخسارة و في المساحة الخضراء المستصلحة والتي تعادل ألفي فدان زرعنا عنب وفراوله . وكانتلوب وبعض الخضراوات والمحصول يتم تصديره للسوق الأوروبية خصوصا فرنسا وإنجلترا تحت شعار 'from toshka ' و جملة إنتاج المزرعة من العنب تصل إلي حوالي 700 طن في الموسم ونحن في طريقنا لتصدير بلح توشكي أيضا لأوروبا و استطعنا أن نصنع ميزة تنافسية لكن للأسف سوء السمعة بدأ يؤثر علي الشركة بسبب كثرة الهجوم علي الأمير وهو كان زعلان جدا وعبر عن أسفه من كثرة الكلام حتي تنازل عن 75 ألف فدان وهي أرض رملية وغير مستصلحة تماما ويحتاج الفدان الواحد منها لاستصلاحه حوالي 15 ألف جنيه أما الأرض المتبقية فجار العمل بها والسبب في هذا البطء أن الاستثمار الزراعي مكلف جدا وقليل العائد وسمو الأمير لم يأخذ حاجة وكان ينفق علي المزرعة بشكل جيد وبشكل علمي وحتي هذه اللحظة لم يجن ثمار ما غرسه ويحتاج لنحو 10 سنوات علي الأقل حتي يحقق المكسب ..
ضحايا توشكي
كان من أهم أهداف توشكي فتح المجال لنصف مليون فرصة عمل لكن علي مدار السنوات الماضية يعمل ويعيش في توشكي الآن من 15 إلي 20 ألف عامل فقط وهم أحياء توشكي الذين قرروا البقاء هنا وتحمل الحرارة والمناخ القاسي بلا حياة آدمية ولا مساكن آمنة ولا عيادة ولا مستشفي - حياة قاسية للغاية - وقد شهدت رمال المشروع وفاة عدد كبير من العمال بسبب هذه الحياة حيث يصل عددهم إلي المائة تقريبا وكان وجودهم هنا من أجل الفلوس بعدما فشلوا في الحصول علي فرصة عمل في الوادي الأخضر . وقد تبين لنا أن العامل الشاب يحصل علي أجر شهري يبلغ حوالي 600 جنيه فقط حيث يخضع العمل في توشكي لمبدأ الأجر علي حسب العمل وليس علي حسب الطلب أو الظروف هذا ما أكده لنا العامل هاني الشحات (46 سنة ) من مركز ميت غمر بالدقهلية ويعمل في أرض شركة جنوب الوادي حيث يقول : الأجر يتراوح ما بين 500 و 600 جنيه واللي مش عاجبه يمشي وفعلا فصلوا حوالي 200 عامل لأنهم طلبوا زيادة في الأجر ولذلك هناك عمالة كبيرة جدا هربت من توشكي وطبعا الشركة توفر لنا السكن في المزارع وتعطينا بدل أكل لكن لا يوجد بدل سفر أي أن المرتب الشهري شامل المواصلات وغالبية الشركات لا تقوم بالتأمين علي العمال إلا بعد سنوات من العمل وهناك عمال يتعرضون لمخاطر الموت والإصابات وضربات الشمس ولا أحد يسأل عنا في هذه الصحراء .
أين يذهب محصول توشكي؟
من خلال زيارتنا للمشروع تبين أن إنتاج توشكي من المحاصيل يشمل الفاصوليا والبسلة والطماطم والشعير والقمح والفول السوداني والعنب والمانجو والبلح وهو إنتاج ضئيل للغاية قياسا علي المساحة الخضراء أو المزروعة لكن هناك أصناف تحمل ميزة تنافسية عالمية مثل عنب سمو الأمير الذي يتم تصديره لأوروبا والفول السوداني الذي يصدر لأوروبا بسعر 3 يوروات للكيلو أيضا هناك تعاقدات تتم مع شركات المياه الغازية لزراعة الشعير حيث إن 3 حبات من شعير توشكي تكفي لصناعة زجاجة ' بيريل ' أما المانجو والفراولة والخضراوات فتجد طريقها أحيانا للهايبر ماركت الشهيرة بالقاهرة والإسكندرية ولكن لا يوجد منفذ توزيع رسمي لإنتاج توشكي إلا في مدينة أبو سمبل علي بعد 50 كيلو مترا من المشروع نفسه حيث يقول محمد عزب حجازي مدير إدارة التسويق والتعاقدات بشركة جنوب الوادي للتنمية بتوشكي : إنتاج توشكي ليس ضخما حتي يحظي بالانتشار الواسع وكان هناك منفذ واحد في القاهرة وتم إغلاقه نظرا لارتفاع تكلفة النقل وعدم تحقيق مكاسب كافية ومن المعلوم أن محصول توشكي يظهر قبل موسمه بحوالي شهر ونصف أي أن العنب مثلا ينضج في توشكي مبكرا جدا قبل موعده وبالنسبة للخضراوات فإننا نقوم بشحنها إلي شوادر سوق الجملة في أسوان وطبعا إنتاجية الأرض في توشكي عالية جدا يعني يكفي أن نعلم فدان الطماطم ممكن نجمع منه ألف صندوق من الحجم المتوسط أما القمح فإن الفدان ينتج نحو 18 أردبا وهو أيضا إنتاج كبير وعال وبالنسبة لشركة جنوب الوادي فإننا زرعنا حوالي 6 آلاف فدان ووردنا للمطاحن في أول دفعة حوالي 4 آلاف طن قمح . لكن المشروع في بداياته ويحتاج لمزيد من الصبر والجهد والاهتمام ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.