شدد أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، على أهمية العملية التي تقوم بها السعودية بمشاركة خليجية وعربية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، كما أكد ضرورة تضافر الجهود العربية لإيجاد حل للقضية الفلسطينية ومواجهة موجة الإرهاب التي تجتاح المنطقة العربية، وفيما يلي نص كلمة الأمين العام. بسم الله الرحمن الرحيم السيد الرئيس أصحاب السمو والمعالي والسعادة، السيدات والسادة، أتوجه بالتهنئة إلى أخي معالي السيد سامح شكري، وزير خارجية جمهورية مصر العربية، على تولي رئاسة أعمال هذه الدورة للقمة العربية السادسة والعشرين، متمنيًا له كل التوفيق والنجاح، وإنني لعلى ثقة تامة بأن الدبلوماسية المصرية تحت رئاسته سوف تتمكن من الاضطلاع بالمسئوليات الجسام المُلقاة على عاتقها خلال هذه الدورة الهامة. وبالتأكيد، فإن انعقاد القمة العربية في مدينة شرم الشيخ وبرئاسة جمهورية مصر العربية يُجدّد الثقة بدور مصر الريادي في هذه الظروف الاستثنائية المليئة بالتحديات والمخاطر الجسام. كما أود أن أُحيّي أخي معالي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية دولة الكويت، متوجهًا إليه بكل الشكر والتقدير على الجهود التي بذلها خلال تولي الكويت رئاسة أعمال الدورة السابقة للقمة العربية، منوهًا بدوره الشخصي وبدبلوماسيته المتميزة وبدور دولة الكويت بقيادة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وما أبدته دولة الكويت من حرص على دعم الجامعة ومسيرة العمل العربي المشترك. ومعروض أمام حضراتكم تقرير وافٍ حول ما قامت به رئاسة القمة من جهود دءوبة لمتابعة تنفيذ قرارات قمة الكويت. كما أتوجه بخالص التهنئة إلى سلطنة عمان على عودة جلالة السلطان قابوس بن سعيد، سالمًا إلى أرض الوطن، كما أرحب بالدكتور رياض ياسين وزير خارجية الجمهورية اليمنية الذي يشارك معنا للمرة الأولى. السيد الرئيس.. أود في مستهل كلمتي، وقبل الخوض في التحضيرات الجارية للقمة أن أؤكد أهمية عملية "عاصفة الحزم" التي بادرت المملكة العربية السعودية بتنفيذها، وأؤكد التأييد التام لها، وهي عملية عسكرية ضد أهداف مُحدّدة تابعة لجماعة الحوثيين الانقلابية في اليمن، وذلك استجابةً لطلب فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية الذي يمثل الشرعية في اليمن، ولحماية أبناء الشعب اليمني وحكومته الشرعية. وجاء انطلاق هذه العمليات العسكرية بعد فشل جميع المحاولات الرامية إلى وضع حد لانقلاب جماعة الحوثيين وبعد تماديهم في اتخاذ خطوات تصعيدية ضد الشرعية الدستورية والإرادة الوطنية للشعب اليمني المتمثلة في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومتابعة تنفيذ بنود مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآلياتها التنفيذية. وهذه العملية تستند إلى ميثاق جامعة الدول العربية وقراراتها بشأن الأوضاع في اليمن، كما أنها تستند أيضًا إلى المادة الثانية من معاهدة الدفاع العربي المشترك والتي نصت واقتبس: "تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أي دولة أو أكثر منها، أو على قواتها، اعتداءً عليها جميعًا، ولذلك فإنها، عملاً بحق الدفاع الشرعي – الفردي والجماعي – عن كيانها، تلتزم بأن تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها وبأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلم إلى نصابهما. وتطبيقًا لأحكام المادة السادسة من ميثاق جامعة الدول العربية، والمادة الحادية والخمسين من ميثاق الأممالمتحدة، يُخطر على الفور مجلس الجامعة ومجلس الأمن بوقوع الاعتداء وما اُتخذ في صدده من تدابير وإجراءات". (انتهى الاقتباس). وهذا كله قد تم بعد أن طلب الرئيس اليمني رسميًا من مجلس الأمن ومن جامعة الدول العربية: "التدخل العسكري لحماية اليمن وشعبه من العدوان الحوثي وردع الهجوم المتوقع حدوثه في أي ساعة على مدينة عدن وبقية مناطق الجنوب، ومساعدة اليمن في مواجهة القاعدة وداعش". السيد الرئيس.. إن ما تشهده اليمن اليوم يفرض وبإلحاح على جدول أعمال هذه القمة النظر في ما يمكن اتخاذه من إجراءات وتدابير جماعية لصيانة الأمن القومي العربي ومواجهة التهديدات الجسيمة بما في ذلك مكافحة الجماعات الإرهابية المتطرفة، التي باتت تُشكّل آفة العصر والخطر الأكبر المُحدق بأمن المنطقة واستقرار دولها وشعوبها، فضلاً عمّا تُشكّله من تهديد لنظام الأمن القومي العربي برمته. وفي هذا الإطار، أود تأكيد ما تضمنه القرار الصادر عن اجتماع مجلس الجامعة الوزاري في السابع من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي بشأن متطلبات المواجهة الشاملة ضد الإرهاب وكيفية التصدي له واجتثاث جذوره، وكذلك الإشارة إلى الدراسة التي أعدتها الأمانة العامة بشأن "دور الإرهاب في تهديد الأمن القومي العربي" وتم تعميمها على جميع الدول الأعضاء في الجامعة في نوفمبر الماضي. السيد الرئيس.. وفي هذا الصدد، أود أن أؤكد مُجدّدًا ضرورة تبني مجموعة من التدابير العملية والفعّالة التي لا تقتصر فقط على النواحي العسكرية والأمنية، وإنما تمتد لتشمل النواحي الثقافية والعقائدية والإعلامية والمجتمعية الحاضنة والمُنتجة للتطرف والإرهاب بكافة أشكاله وصوره. إن التوافق على اتخاذ مثل هذه التدابير من شأنه أن يرتقي بأداء العمل العربي المشترك ويُشكّل ردًا عربيًا جماعيًا لصيانة الأمن القومي العربي والمواجهة الشاملة مع كل ما يواجهه. وقد اقترحت جمهورية مصر العربية بعض الأمور وأرجو أن يتم إقرارها. السيد الرئيس.. إن تبني مقاربات جديدة وفعّالة للتعامل مع مستجدات القضية الفلسطينية وهي القضية المركزية والمحورية لجميع العرب، وما يواجهها من تحديات مصيرية، إضافةً إلى أسلوب التعامل مع جُملة الأزمات المتراكمة والمتفاقمة في كل من سورية وليبيا واليمن، أصبح أمرًا ملحًا تتجه أنظار شعوب العالم والرأي العام ودوائر صنع القرار الدولية إلى ما سوف يصدر عن هذه القمة العربية من قرارات بشأنها. وغني عن القول أن نيران تلك الأزمات بمجرياتها وتداعياتها الخطيرة وانسداد أفق الحل السياسي لها، قد فاقم من مخاطر الإرهاب، وهناك علاقة مباشرة بين الأمرين، ويُهدّد على نحو مباشر وغير مباشر أمن الدول العربية واستقرارها دون استثناء، كما أنه قد فتح الأبواب أمام التدخلات الإقليمية والدولية في شئون المنطقة ومستقبلها. السيد الرئيس.. قبل أن أختم هذه الكلمة الموجزة، حيث سأقدّم تقريرًا مُفصّلاً أمام القمة، فإنني أود تأكيد أهمية النظر في القرارات المعروضة أمام حضراتكم بشأن تطوير جامعة الدول العربية، وقد أشار السيد الرئيس إلى هذا الأمر، لتكون الجامعة قادرة على مواكبة المتغيرات العاصفة التي تمر بها المنطقة والاضطلاع بالمسئوليات المُلقاة على عاتقها، كما أؤكد بهذا الصدد أن هذه المسئولية هي مسئولية عربية مشتركة، وعلينا جميعًا تحمل أعبائها لتحقيق ما نصبو إليه من آمال في عمل عربي مشترك يُلّبي تطلعات شعوب هذه المنطقة ويحقق طموحاتهم في مستقبل آمن ومستقر ومزدهر. كما أرجو أن تتمكن هذه القمة قبل انتهاء عملها من إقرار مشروع الميثاق الجديد للجامعة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .