الفنان فرغلي عبدالحفيظ يقدم لنا أسطورة النيل.. باحثا عن النيل نفسه وما قدمه للتاريخ الإنساني.. باحثا عن مصر التي أعطت الحياة كلها عبر مسار «النيل» ومسار العزة والكرامة لبني الإنسان.. فالنيل وينابيعه الصافية رمز الخصوبة من أجل الحياة، فالأمل يحدو الأمة حتي عندما تضيق الحياة بأرزاقها. الفنان فرغلي عبدالحفيظ من أبناء النيل يسطر اليوم خباياه واعترافه بحق هذا النهر العظيم فيما أنجبه من الحق والعدالة والميثولوجيا القديمة والجديدة في رحاب عمر البشرية. قد تكون التسمية التي قدمها الفنان فرغلي هي «النيل» فقط.. وقد يكون «النيل» معروفا لجميع أنحاء العالم ولكن لابد من تحديد تسمية مصر علي نهر النيل، ومنها يعاد قراءته مرة أخري، لأن النيل في حقيقة الأمر هو «نهر النيل». اسم علي غير مسمي نهر «مصر النيل».. قد تكون كلمة النيل تابعة إلي مصر، ولكن أردت هنا أوضع معرفة نهر النيل بمصر.. وقد يكون الفنان فرغلي عبدالحفيظ أو أصحاب الجاليري قد وضعوا هذا الاسم علي عجالة منهم نظرا لمشاغل الفنان والقائمين بهموم «الصالة» نفسها.. ورغم أنه لا يوجد خلاف علي وضع اسم مصر أولا، ولكن «نهر النيل» أو نيل مصر فكلاهما يؤديان إلي نفس المعني وهي مصر العظيمة التي أعطت لأبنائها الحياة كلها، فارتباط مصر بالنيل نفسه «نيل مصر» وقد يكون «نهر النيل».. إلا أنني أري أن وضع اسم مصر في المقدمة هو الأفضل «نيل مصر».. أو إذا أردنا أن نضع مصر في المؤخرة فهذا يجوز ولكن من حيث التكامل المعنوي واللغوي هو «مصر النيل» أو «نيل مصر». لا أريد الكتابة عن الفنان فرغلي عبدالحفيظ بكلمات ليس لها معني مثل قراءة الكف للذين يأكلون من ورائها لقمة العيش، بل أردت أن أعطي «براحا واسعا» عن الكلمات مثل ما أعطاني الفنان فرغلي عبدالحفيظ هذا الأمد البعيد حول مستقبل مصر وكرامتها وعزتها من أجل التواصل التاريخي لهذه الأمة التي حاول المستعمر الغاصب أن يتوهم اغتصابها ويعيد حلقات التاريخ للوراء، وقد يكون ظنا بأفكاره الخارجة عن حب مصر وعدم معرفة نشأة هذه الحضارة ومحاولة الغزو في آخر الأمر لأنها قامت علي «الضغينة» دون معرفة حقيقة مصر التي بناها الإنسان المصري منذ فجر التاريخ، ففشلت غزوات الحقد والكراهية عندما أراد المستعمر بناء أمة جديدة تعتمد علي ضياع أمة مصر التي كانت في «التابوت المصري القديم» والتي كانت رمزا للحياة الجديدة كما رآها الفنان المصري «فرغلي عبدالحفيظ» علي نهر النيل العظيم الذي علم البشرية العقيدة وفلسفة الحياة في إبداع علمي في بدايات القرون السابقة، فمصر ليست ولادة مبكرة، ولقد أخطأ من قال إن حضارة مصر هي سبعة آلاف سنة فقط أو تقريبا. قراءة التاريخ في زمن الوفاء والأمل قد يحتاج الفنان فرغلي عبدالحفيظ مني كتابات كثيرة لا تعطيني شبع هذه الصفحات المحدودة وغير المقروءة للكثير من عامة الناس.. وأنا هنا لا أندب حظي وحظ الآخرين الذين تعودا الكتابة في حدود النظم المدرسية البعيدة عن النقد الثاقب البعيد عن «الهوس» الفكري الذي لعب عليه النقد التشكيلي سنوات في غيبة الثقافة العامة والنقدية.. والذين رأوا في أنفسهم صورا من الماضي البعيد لقصور لديهم في العمليات الإبداعية التي تميزت بها البشرية جمعاء من أجل تواجد التواصل البشري «الفذ» الذي أعطي قدرا وفيرا من التصور الإنساني الذي سوف يعيد قراءة التاريخ «قراءة ثاقبة» تحدد فيها من هم المبدعين في نقد الفن التشكيلي. وإذا أردت أن أقول كلمتي الأخيرة عن الفنان «فرغلي عبدالحفيظ» حفاظا علي تاريخ مصر.. وأنا لست أضع أعمال الفنان فرغلي عبدالحفيظ علي مقصلة الذبح لكي أذبح كل ما قامت به مصر، وقد يكون حديثي هذا أكثر الأحاديث إلماما بالفنان فرغلي بعيدا عن المباهاة و«القيل والقال» في حق الفنان فرغلي.