يعني قانون «Sopa»، منع القرصنة علي الإنترنت Stop Online Piracy Act ، أما قانون «Pipa» فهو يعني قانون حماية الملكية الفكرية Protect IP Act هذان القانونان اللذان كان من المُفترض أن يتم التصويت عليهِما في الكونجرس الأمريكي في 24 يناير الماضي، مما أثار جدلاً عالمياً وبالأخص في العديد من الشركات العالمية بالولايات المُتحدة الأمريكية. فبموجب اعتماد الكونجرس لهذا القرار كان سيتم إيقاف العديد من المواقع الإليكترونية، فعلي سبيل المثال كانت «Google» العالمية وغيرها من مُحركات البحث علي الإنترنت ستضطر إلي أن تُخفي كُل نتائج البحث الخاصة بتلك المواقع الموقوفة، وفي حالة امتناع أي منها عن تنفيذ ذلك القانون ستُتهم بمُخالفة القوانين بالإضافة إلي تعرضها لفرض غرامات مالية باهظة. ويكيبيديا وفيس بوك وتويتر ترفض كما أكد موقع Wikipedia" " أكبر وأضخم موسوعة علي الإنترنت رفضه لهذا القرار، ووقف ضد هذا القانون بشكل صارم، وعبر عن إستيائِه من خلال منع ظهور المحتوي باللغة الإنجليزية في 18 يناير 2012 فبالدخول لصفحة الموقع كانت تظهر صفحة سوداء وتوضيح لسبب منع المحتوي من الظهور. بالإضافة إلي أغلب مواقع التواصُل الاجتماعي الشهيرة مثلFacebook" "وTwitter" " و"Google+" " وغيرها والتي أعربت عن غضبها ورفضها التام لمثل هذه القرارات، لأنها ستُحتم عليها مُراقبة كُل ما ينشر علي مواقعها وما إذا كان يحمل مُحتوي مُقرصن أم لا !! وهذا بالتأكيد ما يصعُب مُتابعتهِ حيثُ كثرة التحديثات من الShare""، وال"Tweet" "، إلي آخرهِ... والتي تُعد بالملايين في الثانية الواحدة علي مواقع التواصُل الاجتماعي. مما سىُعرضها بالتأكيد إلي مشاكل كثيرة في ساحات المحاكم الأمريكية. ان الاعتراض لم يكُن مُنصباً علي فكرة مُحاربة القرصنة نفسها، لكن أيضاً علي الطريقة التي يفرضها القانون ليصل لذلك الهدف. هذه الطريقة التي نظر إليها المُراقبون علي أنها تؤثر علي طريقة مرور المعلومات وتبادُلها من خلال الإنترنت. كما رأي بعض المُحللين أن فرض هذا القانون من المُمكن أن يؤدي إلي أن تتحول الولايات المُتحدة الأمريكية إلي ما يشبه مُمارسات بعض الدول كالصين ودول العالم الثالث من حجب ورقابة علي شبكة الإنترنت. هوليوود تؤيد أما بالنسبة لمؤيدي هذه القوانين، فهُم يتمثلون في استديوهات الأفلام في" هوليوود" وغيرها من شركات الإنتاج والتوزيع الموسيقية، لأنهُم دائماً أكثر المُتضررين من عمليات القرصنة، والتي تُعرضهُم لخسائر مالية كبيرة. ولذلك فهي تُرحب بتلك القوانين من أجل وضع حد لقرصنة مُنتجاتها. وهذا ما تُدركهُ الكثير من الشركات ورجال الأعمال ولذلك يرفضون تلك القوانين التي في حالة صدورها تُعطي الفُرصة لشركات النشر والتوزيع لرفع دعاوي قضائية علي الأفراد والمواقع في حالة نشر مواد مُقرصنة تخُص شركات الإنتاج مما يتسبب في إيقاف أي موقع يقوم بنشر مثل هذه المواد، ولهذا أكدت أغلب كُبري شركات الإنترنت مثل هذه القوانين. مما أدي إلي قيام شركات عالمية مثل كُلاً منAOL، EBay، Facebook Googl ،LinkedIn،Mozilla، Twitter،Yahoo ، Zynga بكتابة رسالة وجهتها للكونجرس الأمريكي وفيها : «نحنُ نشعُر بالقلق من أن مشروع هذين القانونين قد يشكلان خطراً كبيراً علي المسار الحافل للابتكار وخلق فُرص العمل، لذلك لا ىُمكننا دعم هذا المشروع كما هو مكتوب ونطلُب منكُم أن تضعوا قوانين وسُبل أكثر استهدافاً للقضاء علي المواقع المُتخصصة في التعدي علي حقوق النشر وتقليد العلامات التُجارية مع الحفاظ علي الابتكار الذي جعل من الإنترنت عاملاً مُهماً للنمو الاقتصادي وخلق فُرص العمل. إن هذه الاجراءات غير قادرة علي وقف القرصنة لأن المواقع قد تضطر لتغيير عناوينها والاستمرار في نفس أنشطتها بينما ستُعاني المواقع المُقيضة بالقانونين بشكل أكبر. ونحنُ علي استعداد للعمل مع الكونجرس لوضع حلول جدية تستهدف مُعالجة مُشكلة المواقع الأجنبية المُضرة بالفعل». ولم يتوقف الأمر عند الحد السابق، لكن بمُجرد الإعلان عن تلك القوانين ظهرت موجة مُعارضة وعنيفة من الناشطين ومُستخدمي الإنترنت في العالم، عن طريق شن حملات كبيرة في شكل مُظاهرات إليكترونية ضد الشركات التي دعمت مشروع ذلك القرار. مثل ما حدث مع شركة «Godaddy» أحد أشهر المواقع في تخصُص حجز ال«Domains» النطاقات- والتي دعمت مشروع قانون «Sopa» حيثُ تعرضت لُخسارة أكثر من مائة ألف اسم نطاق خلال عشرة أيام قام فيها أصحاب تلك النطاقات بنقل نطاقاتهِم إلي شركات أخري. لكن بمجرد هذا الانقلاب العالمي من قِبَل أقوي وأشهر الشركات العالمية علي الإنترنت، تم تأجيل اعتماد ذلك القرار، وأصدر "البيت الأبيض" بياناً رآهُ العديد مؤيدا لمنتقدي Sopa" "و"Pipa" "، والذي جاء فيهِ : "علي الرغم من أننا نعتقد أن القرصنة الإليكترونية من جانب مواقع أجنبية مُشكلة خطيرة تتطلب رداً تشريعياً مهماً، إلا أننا لن نُدعِم تشريعاً يقلل من حُرية التعبير، ويزيد من مخاطر الأمن الإليكتروني أو يقنن ديناميكية وإبداع الإنترنت العالمي". اتفاقية التجارة ومكافحة التزييف وفي بداية شهر فبراير الجاري أعلن Darrel Issa" " عضو مجلس النواب الأمريكي أنهُ لن يتم طرح مشروع قرار "Sopa" " و"Pipa" " لما تسبب فيه من جدل وضجة صاخبة في أوساط الإنترنت مُنذ الإعلان عنهِ. لكن لا أعتقد أن إلغاء قانوني «Sopa» و«Pipa» ىُعتبر نصراً للنشطاء العالميين وشركات الإنترنت العالمية، ففي حين توجَه أنظارهم جميعاً لتلك الإشكالية، فوجئ الجميع بتوقيع مشروع إتفاقية Acta Anti-counterfeiting trade agreement أو مايعرَف ب "اتفاقية التجارة ومُكافحة التزييف"، فهو عبارة عن اتفاقية نتجت عن مُقترح مُتعدد الأطراف بهدف وضع معايير دولية لتنفيذ حقوق الملكية الفكرية عن طريق إنشاء إطار قانوني دولي جديد يمكِن الدول المختلفة من الانضمام بشكل اختياري، وقد قامت كُل من اليابانوالولايات الُمتحدة الأمريكية بتطوير الفكرة لإنشاء اتفاق متعدد الأطراف بشأن مُكافحة التزوير في عام 2006 وفيما بعد نالت هذه الفكرة دعماً كبيراً من كثير من الدول وبالأخص دول الاتحاد الأوروبي. فهذه الاتفاقية تنُص علي تجريم الصناعة والنشر، والأدوات والخدمات التي تُحاوِل التنصل من وسائل السيطرة علي المواد الخاضعة لحقوق النشر - إدارة الحقوق الرقمية - كما أنها ستفرض عقوبات جنائية جديدة تضطر الجهات المعنية في الكثير من الأحيان لرصد ورقابة الإنترنت والاتصالات، مما يتسبب في تهديد رئيسي لحُرية التعبير علي الإنترنت. وأعتقد أنهُ بُدءَ بالفعل تنفيذ بعض من أفكار هذه الاتفاقية حيثُ نُشاهد أحياناً بتصفح موقع ال«Youtube» جملة مثل : «هذه المادة لا يمكن الوصول إليها من دولتك» وفي مواقع أُخري نري : «لقد قامت الشركة "س" بحجب هذه المادة». وبالتالي نري أن هذه الاتفاقية لا تختلف كثيراً في المضمون عن قانون «Sopa»، فهي مُعاهدة عالمية تُحاول تطبيع حماية حقوق التأليف والملكية الفكرية، أي لها الحق في حظر كُل شيء علي الإنترنت بدعوي حقوق الملكية الفكرية، وهذا بالطبع يتنافي مع فكرة الإنترنت من الأساس والتي تقوم علي المُشاركة وانتشار المعرفة وتداوُل المعلُومات، وتبادُل الثقافات، إلي آخره... لكن مع الأسف تم التوقيع علي اتفاقية Acta" " بين الكثير من الدول دون أن يعلم الجميع بهذا الأمر أي في الخفاء نوعاً ما، حيثُ بدأ التوقيع عليها بدول مثل: استراليا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية، والمغرب ونيوزيلندا وسنغافورة والولاياتالمتحدةالأمريكية مُنذ الأول من أكتوبر لعام 2011 ثم انضم حالياً إليها دول الإتحاد الأوروبي فدخلت فيها كُل من: النمسا وبلجيكا وبُلغاريا وجمهورية التشيك والدنمارك وفنلندا وفرنسا واليونان والمجر وآيرلندا وإيطاليا ولاتفيا وليتوانيا ولكسُمبورج ومالطا وبولندا والبرتغال ورومانيا وسلوفنياوإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة. مما تسبب في اعلان مجموعة "أنونيموس" لمُهاجمة كل من يوافق علي هذه الاتفاقية، وبالفعل بدأت في تنفيذ تهديدها مع اليونان حيثُ قامت "أنونيموس" بمُهاجمة موقع وزارة العدل اليونانية مُحذرة السلطات أن الأمر من المُمكن أن يتصاعد ليصل إلي ما يقرُب من ثُلثمائةِ موقع لوسائل الإعلام والوزارات اليونانية في حالة عدم تراجُع اليونان عن قرارِها.