محافظ بني سويف يشهد ذبح 225 رأساً ماشية لتوزيعها على الأسر    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ أبريل الماضى وحتى الآن    للأسر الأولي بالرعاية.. جمعية الأورمان تذبح 10 رؤوس عجول أضاحى    أول أيام العيد| مواعيد مباريات اليوم الأحد 16 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    قائمة منتخب السلة استعدادًا لمعسكر التصفيات المؤهلة للأولمبياد    انخفاض الحرارة 5 درجات في أول أيام عيد الأضحى المبارك بالفيوم    وفاة سيدة من قنا أثناء أداء مناسك الحج.. تمنتها ونالتها    محمد رمضان يكشف عن كواليس اغنيته الجديدة "مفيش كده" |صور    محافظ الجيزة يؤدي صلاة عيد الأضحى في ساحة مسجد مصطفى محمود    عيار 21 يسجل 3140 جنيها.. سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 16 يونيو 2024    أسرع قطارات السكة الحديد.. تعرف على أسعار قطار تالجو    «القاهرة الإخبارية»: سقوط 5 شهداء في قصف إسرائيلي على مخيم الشابورة برفح الفلسطينية    الرئيس السيسى يشكر خادم الحرمين الشريفين وولي العهد على حُسن وحفاوة الاستقبال بمناسبة أداء فريضة الحج    آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة عيد الأضحى ب "الأقصى" فى ظل تضييق أمنى للاحتلال    الأوقاف الإسلامية بالقدس: 40 ألف فلسطيني أدوا صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى    بن غفير: من قرر تطبيق هدنة في رفح لا يجب أن يبقى في منصبه    بوتين يهنئ مسلمي روسيا والعالم بعيد الأضحى المبارك    الآلاف يؤدون صلاة العيد في 159 ساحة بالفيوم    السيدات خلف الرجال.. طوابير بساحة القرنة غرب الأقصر لأداء صلاة العيد    الزمالك يستأنف تدريباته استعداداً للمصري    تفعيل مبادرة «العيد أحلى» في مراكز شباب كفر الشيخ.. أنشطة ترفيهية وفنية    محاولة أهلاوية أخيرة لإنقاذ صفقة الجزائري «بلعيد» من الفشل    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    بالدف والإنشاد.. آلاف المواطنين يحتفلوا بعيد الأضحى في الأقصر    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل بصحراوي المنيا    11 ساحة تشهد صلاة العيد فى شمال سيناء.. وذبح الأضاحى مجانا بالمجاز    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    تعرف على مواعيد قطارات السكة الحديد على القاهرة - الإسكندرية والعكس    عقب أداء صلاة العيد.. السماء تمطر «بالونات» بحى السيدة زينب    «ولاد رزق 3» يقترب من تحقيق 30 مليون جنيه إيرادات في دور العرض    عادات وتقاليد مميزة في أول أيام عيد الأضحى المبارك بشمال سيناء    أحمد العوضي يذبح الأضحية بنفسه في أول يوم العيد.. سيلفي مع أهالي عين شمس    خطيب صلاة العيد بمسجد الحسين: الأديان والأوطان لا تقوم إلا بالتضحية والفداء    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    لماذا أول أيام عيد الأضحى أفضل وقت للنحر؟.. اغتنم الفرصة    بالبالونات والجلباب الأبيض.. أطفال الغربية يؤدون صلاة عيد الأضحى    محافظ كفر الشيخ يشارك أطفال مستشفى مركز الأورام فرحتهم بعيد الأضحى (صور)    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد بدر.. صور    توافد المصلين لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك بساحات الجيزة.. صور    الألاف يصلون صلاة عيد الأضحى في مجمع أبو العباس بالإسكندرية    حماس: موقفنا واضح ومتوافق مع مبادرة بايدن وقرار مجلس الأمن    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    محافظ جنوب سيناء يشارك مواطني مدينة الطور فرحتهم بليلة عيد الأضحى    ريهام سعيد: «أنا عملت عملية وعينيا باظت ومش محتاجة حد يصدقني» (فيديو)    الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: مرضى الربو الأكثر تأثرا بالاحترار العالمي    تمنتها ونالتها.. وفاة سيدة قناوية أثناء أداء فريضة الحج    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الاحد 16 يونيو 2024    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسماء .. صرخة الضمير في مواجهة «الكآبة والعزلة»
نشر في القاهرة يوم 20 - 12 - 2011


لاشك أن مرض الإيدز عواقبه وانتشاره وظروف وقوعه .. كان من أهم الأحداث التي هزت النصف الثاني من القرن العشرين .. وذلك نظرا لكثرة عدد ضحاياه وللجو الجنسي الغامض الذي يحيط بولادته.. وإصابة الكثير من المشاهير من نجوم الفن والمجتمع بأضراره. لكن هذا الطابع الجنسي المريب للمرض «انتشاره الكبير بين أوساط الممثلين» وضع ستارا رقيقا حوله ومنع الكثيرين من التصريح به .. لذلك انتشرت الشائعات الكثيرة حول سرعة عدواه وحول الشكوك المتزايدة التي تحيط بالمصابين به. ولعل أول من تجرأ ومزق هذا القناع الكاذب الذي تضافرت الهمسات والشائعات والأقاويل علي وضعه علي وجهه .. هو الممثل الأمريكي الشهير روك هدسون الذي اشتهر بوسامته وعشق الجماهير النسوية له والذي أعلن بصراحة ووضوح إصابته بهذا المرض. وتعالت الصيحات والاعتراضات والهمسات وتوالت الاعترافات التي طالت نجوما ذوي شهرة صاخبة كالراقص الروسي تورييف وعدداً آخر من الكتَّاب والمشاهير. الطابع الأخلاقي وظلت السينما في هوليوود صامتة عن التعرض لظاهرة هذا المرض .. رغم تكاثر الحديث عنه ووقفت حائرة بين الدفاع أو الهجوم نظرا كما قلت للطابع الجنسي والأخلاقي الذي يصاحب عموما هذا المرض القاتل. إلي أن جاء فيلم «فيلادلفيا» الذي تعرض بجرأة وصراحة لهذا المرض والدفاع عن المصابين به كما ظهر قبله الفيلم الكندي «سقوط الامبراطورية الأمريكية» والذي قدم فيه العام ضمن عشرات الشخصيات التي يعج بها الفيلم- مريضا بالإيدز نتعاطف معه أو نشفق عليه. السينما المصرية تنأي بنفسها تماما عن هذا الموضوع الشديد الحرج .. الذي يتناقض تماما مع اخلاقنا الصارمة ومفهومنا العام عن الجنس كان هناك فيلم لشريهان مر مرورا عابرا وكانت البطلة فيه مصابة بهذا المرض العضال ولكن بعد هذا الفيلم عم الصمت التام. رغم أن عدد الإصابات في مصر قد بدأ يتزايد بشكل ملحوظ لانعدام الرقابة واسدال ستائر الصمت علي ظروف هذا المرض وكيف يمكن تجنبه أو كيف يمكن مواجهته. المصاب به يصبح كالمصاب بالجزام أو الطاعون ضحية للإهمال والاحتقار ويترك عاريا أمام الموت .. وقد تخلي عنه الجميع بما في ذلك الأطباء الذين يعنون به. لذلك جاء فيلم «أسماء» وهو الفيلم الطويل الثاني علي ما أظن لمخرج شاب يملك الموهبة والجرأة والاقتحام .. هو عمرو سلامة بمثابة صرخة ضمير عالية كنا ننتظرها جميعا وذراع قوية أطاحت بستائر الظلام الداكنة التي كانت تحيط بهذا الموضوع. جرثومة المرض «أسماء» هي سيدة قروية أصيبت بالمرض بعد أن أصاب زوجها ولم يفصح الفيلم تماما عن كيفية إصابة الزوج وإن كنا نستنتج بشكل عارض أنه ربما قد أصيب به أثناء قضائه فترة عقوبة في السجن لتسببه دون قصد في مقتل تاجر أهان زوجته التي يحبها. «أسماء» رغم إصابتها بالمرض .. تحمل من زوجها وتخشي علي الجنين ولكن الطبيب يطمئنها وتكتم عن الناس جميعا خبر مرضها ولكن الأزمة تشتد عندما تضطر لإجراء عملية استئصال حصوة في المرارة يرفض أغلب الأطباء إن لم يكن كلهم اجراءها لها خوفا من العدوي. أسماء تحمل جرثومة الإيدز رغم أنها لا تميتها تعمل جاهدة بعد موت زوجها علي إخفاء الأمر عن ابنتها وتضطر لمغادرة القرية التي ولدت وعاشت بها لأن أهل القرية بدأوا يتجنبونها ويخافون من الاقتراب منها بل بلغ بهم الأمر ألا أحد يأتي للعزاء في زوجها الراحل وكأن هذا المريض الذي فقد الحياة مازال قادرا علي اخفاء العدوي. ويحاول أحد معدي البرامج التليفزيونية الشجعان أن يلقي الضوء علي هذه الأزمة القاسية وأن يقنع «أسماء» بالحديث عن مرضها وعن أزمتها ومواجهة الرأي العام. عدوان اجتماعي أسماء في علاقتها مع ابنتها وابيها .. ورجل آخر مصاب بالمرض نفسه أصابت عدواه زوجته وقتلتها بينما ظل هو علي قيد الحياة «مشكلته كمشكلة اسماء تماما» يحاول أن يرتبط بها كي يقفا معا في وجه هذا العدوان الاجتماعي الظالم. لكن أسماء الحائرة بين مأساتها الفردية وبين ابنتها وبين المجتمع الذي يتابعها بلعناته وإهماله لا تدري من أمر نفسها شيئا. الفيلم الذي كتب له السيناريو المخرج نفسه يربط بنجاح ورقة بين المأساة الشخصية والمأساة العامة ويجدل خيطا رفيعا شفافا مليئا بالمشاعر الإنسانية. ربما كانت شحنة الميلودراما في قصة «أسماء» زائدة عن الحد قليلا لكن طبيعة مرض الإيدز نفسه طبيعة ميلودرامية جدرانها الكآبة والعزلة ومنفذها الوحيد الموت. وقد نجح المخرج بقوة مثلا في أن يرسم خطوط العلاقة بين اسماء وزوجها منذ أن ذهبت إليه في الحقل أمام الجميع وحتي زواجها منه وحبها له وتعلقها الأعمي به ورفضها الانفصال عنه حتي بعد أن عرفت بسر مرضه بل رغبتها العارمة في اقتسام هذا «الهم الكبير» معه ثم علاقتها بابنتها واكتشافها أن هذه المراهقة الصغيرة تحب شابا في مثل سنها وتلتقيه سرا بعيدا عن انظار الأسرة والمواجهة المدهشة بين الأم وابنتها في واحد من أفضل مشاهد الفيلم وأكثرها قسوة وحنانا معا. وعلاقة أسماء بالصديق المريض ذلك يزيد من قوة الخيوط الميلودرامية ولكنه في المقابل يعطي دفقة من الحنان والعذوبة إلي العلاقات المتشابكة ورسم صورة شفافة لقلب امرأة وعذاب امرأة وكبرياء امرأة في الوقت نفسه. العقدة المربكة الزمن هو العقدة المربكة في فيلم «أسماء» . لأن أحداثه تدور علي مدي سنوات طويلة وجد المخرج لها حلا بالعودة إلي الوراء في أكثر من مشهد مما وقف التدفق الدرامي أحيانا وضلل المشاهد أحيانا أخري. لكن الحرارة والقوة اللتين استطاع المخرج أن يفرضهما علي الكثير من مشاهده أعطي الفيلم عنفوانا خاصا زاده قوة أداء هند صبري اقناعا وتأثيرا. هند «لبست » تماما حالة أسماء في كل تدرجاتها، فهي الهامسة وهي المريضة وهي الأم الجريحة وهي المناضلة الصامتة وهي الثائرة الجريئة التي أعطت هند «أسماء» كل ما تملكه وتختزنه من عواطف وانفعالات دخلت في جلدها أحست برعشاتها تسللت إلي عينيها وحركتها هيمنت عليها وسيطرت تماما علي أبعادها ولاشك أن المخرج والكاتب كان علي حق عندما أطلق علي الفيلم اسمها لأنها هي حقا الفيلم كله بكل معانيه وتطلعاته وهدفه الإنساني النبيل ووقفته الشامخة مع كبرياء الإنسان المجروح. ماجد الكدواني في دور المعد التليفزيوني يثبت كفاءة عالية أحسست بها أكثر من مرة في أكثر من فيلم ظهر فيه في الفترة الأخيرة .. إنه يلعب دوره بنفس القوة التي لعبت فيه هند الدور بدمها وأعصابها. كما تجدر الإشارة بقوة إلي هاني عادل ولا أدري أي جانب منه تفوق علي الآخر الممثل أم الموسيقي أم أن الصنفين أصبحا متكاملين لدرجة تلفت النظر وتجعلنا دون تردد نطلق علي أدائه الداخلي صفة الترنيم الموسيقي المؤثر. نبرة عالية عمرو سلامة في هذا الفيلم ينطلق سينمائيا فذا يعرف ما يريد أن يقول ويركز علي ما يقوله بصوت ونبرة عالية حتي لو كان الأمر يحتاج أحيانا إلي الهمس والمفاجأة ولكنها صفة المخرجين الموهوبين في أفلامهم الأولي يعتمدون علي الصرخة العالية الصادرة من قلب مكلوم أكثر من اعتمادهم علي النظرة النابعة من الشرايين الحارقة أو المهمشة التي تكاد لا تسمع . في أسماء أكثر من مشهد قوي اختيار ذكي لاماكن التصوير إدارة بارعة للممثلين كافة.. حس درامي متنام وإيقاع مؤثر ساحر خصوصا في الجزء الأخير من الفيلم وقدرة علي رسم الجو بتفاصيل دقيقة مؤثرة وبحس فني ناضج. كلها صفات تبشر بولادة مخرج شاب نحن بحاجة إلي موهبته وجرأته واقتحامه وذكائه في اختيار مواضيعه واعتماده علي موهبة نادرة كموهبة هند صبري ليضع هذه «الماسة المتلألئة» في الإطار الحقيقي الذي يليق بها. وجه هند صبري المضيء والمشرق والطافح بالأمل والكبرياء والذي يملأ الشاشة بعد أن خرجت أسماء من دائرة الصمت واعترفت بصوت عال أمام جماهير مصر كلها بطبيعة مرضها وأهمية مواجهته .. رسالة حقيقية يرسلها عمرو سلامة إلي كل من يعتقد أن «الصمت» هو ضمان الأمان.. وأن الشفاء لا يمكن أن يتم دون أن تواجهه ونخرج القبح منه. رسالة سامية لا تمس مرض الإيدز وحده قدر ما تمس كياننا ووجودنا كله وموقفنا أمام كل الخناجر السوداء التي تحيط بنا وتهددنا.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.