«شرم الشيخ عاصمة القرار والدبلوماسية».. محطات تاريخية من القمم والمؤتمرات العالمية    الرئيس السيسى: نطالب الرئيس ترامب بدور كبير فى إعادة إعمار غزة    خبر في الجول - مد فترة الراحة.. تأجيل المران الأول ل الأهلي تحت قيادة توروب    تصفيات كأس العالم - دون استقبال أهداف.. منتخب تونس يختتم مشواره بثلاثية في ناميبيا    وزير الري: المياه أساس السلام والازدهار وكرامة الإنسان    في اليوم السادس.. 6 مرشحين يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس النواب 2025 بسوهاج    المنيا: مصرع مسن وإصابة 5 في تصادم بين سيارتين بطريق سمالوط الزراعي    مصطفى كامل في ذكرى توليه منصب نقيب المهن الموسيقية: مستمر في معركة استعادة حقوق الموسيقيين    دار الإفتاء تؤكد جواز إخراج مال الزكاة لأسر الشهداء في غزة    الرئيس السيسي يؤكد لرئيسة وزراء إيطاليا أهمية اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    تأكيدًا لما نشرته «المصري اليوم».. «الأطباء» تعلن نتائج انتخابات التجديد النصفي رسميًا    منال عوض تبحث مع الاتحاد الأوروبي سبل مواجهة التلوث البلاستيكي    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    قمة شرم الشيخ.. الآثار الإيجابية المحتملة على الاقتصاد المصري بعد اتفاق وقف الحرب في غزة    «ارمي نفسي في النار عشانه».. سيدة تنقذ طفلها من الغرق في ترعة بالغربية    بالصور.. تطوير شامل بمنطقتي "السلام الجديد والتصنيع" في بورسعيد    طارق الشناوي عن عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة: «دليل على انحياز الرقيب الجديد لحرية التعبير»    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي للطبيبات    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    فحص 1256 مواطنًا وإحالة 10 مرضى لاستكمال العلاج ضمن القافلة الطبية بكفر الشيخ    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    المشدد 3 سنوات لعصابة تتزعمها سيدة بتهمة سرقة موظف بالإكراه فى مدينة نصر    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من أبوجا النيجيرية لبحث التعاون    جامعة بنها تتلقى 4705 شكوى خلال 9 أشهر    ضوابط جديدة من المهن الموسيقية لمطربي المهرجانات، وعقوبات صارمة ل2 من المطربين الشعبيين    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    الأهلي يدعو أعضاء النادي لانتخاب مجلس إدارة جديد 31 أكتوبر    دار الإفتاء توضح حكم التدخين بعد الوضوء وهل يبطل الصلاة؟    أحمد ياسر يعتذر لطارق مصطفى بعد تصريحاته الأخيرة: حصل سوء فهم    حسام زكى: نهاية الحرب على غزة تلوح فى الأفق واتفاق شرم الشيخ خطوة حاسمة للسلام    محافظ الوادي الجديد يشارك فى مؤتمر الابتكار العالمى للأغذية الزراعية بالصين    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    فيديو توضيحى لخطوات تقديم طلب الحصول علي سكن بديل لأصحاب الإيجارات القديمة    إعلام إسرائيلى: ترامب يعقد اجتماع عمل مع نتنياهو فى الكنيست    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    عفت السادات: مصر تستقبل زعماء العالم لإرسال رسالة سلام من أرضها للعالم    القوات الإسرائيلية تداهم منازل أسرى فلسطينيين من المقرر الإفراج عنهم    «أسير» و«دورا».. عروض متنوعة تستقبل جمهور مهرجان نقابة المهن التمثيلية    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    جامعة عين شمس تفتح باب الترشح لجوائزها السنوية لعام 2025    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    إشادة بالتعاون بين «السياحة والآثار» والسفارة الإيطالية في الترويج للمقاصد المصرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    "هتفضل عايش في قلوبنا".. ريهام حجاج تنعى الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    الكنيست يوزع قبعات بشعار «ترامب رئيس السلام» بمناسبة خطابه في المجلس (صور)    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    عبد المنعم سعيد: الطريق لدولة فلسطينية موجود في خطة ترامب    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    تصفيات كأس العالم – بوركينا فاسو تنتصر وتنتظر نتائج المنافسين لحسم مقعد الملحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الواجب ألا تُوقفنا أخطاؤنا عن السير حثيثاً نحو الحضارة
نشر في القاهرة يوم 29 - 11 - 2011


في الماضي كانت البطولات تتمثل في جرأة فرد لا في ثورة شعب وفي قوة رجل لا في تكاتف مجتمع.. فلم تكن حوادثها تاريخياً بل كانت قصصا ممتعة ولم تكن صيحاتها صيحات شعب بأكمله وإنما كانت مناجاة ضمير لصاحبه لا يصل صداها إلي الضمائر الأخري فيوقظها من نومها العميق.هذا ما قاله المفكر الجزائري مالك بن نبي في كتابه القيم «شروط النهضة» والذي صدرت طبعته الأولي بالفرنسية في العام 1948..وليته كان معنا اليوم ليشهد كيف تتحول البطولة من بطولة فردية إلي بطولة جماعية شعبية وصل صداها إلي الجميع. إزاحة الطغاة مثلما يبدو أن الشباب العربي قد آثر أن يرد عملياً لا قولاً علي تساؤل د.عبد العزيز الخالدي في مقدمته لهذا الكتاب.يتساءل الخالدي قائلاً:هل تستطيع الشبيبة العربية والإسلامية التي وجدت في ظروف مواتية أن تحرك هذه النهضة التي يعتبر بن نبي داعيها وحاديها؟ لقد وضع هؤلاء الشبيبة أقدامهم علي بداية الدرب وأولي الخطوات كانت هي إزاحة الطغاة من أماكنهم وكراسيهم التي جلسوا عليها من عقود وعقود تحميهم عمالتهم للغرب مما أدي إلي تخلف شعوبهم وتأخرها. ثم ها هو مالك بن نبي يقول إن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته ولا يمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلي الأحداث الإنسانية وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها.. وما الحضارات المعاصرة والحضارات الضاربة في ظلام الماضي والحضارات المستقبلية إلا عناصر للملحمة الإنسانية منذ فجر القرون إلي نهاية الزمن. عقلية الاستبداد لقد كان مالك بن نبي يقول في دروسه دائماً إن الحكام العرب ورثوا عقلية الاستبداد من الاستعمار وكذلك الهزيمة هي بنت انعدام الحرية.إن الاستعمار ليس مجرد عارض بل هو نتيجة حتمية لانحطاطنا.. هذه هي المشكلة ولا جدوي من فكرة لا تُسلِّم لهذا المسلَّم الأساسي الذي يبرزه مالك بن نبي وهو يؤكد أنه لكيلا نكون مستعمّرين يجب أن نتخلص من القابلية للاستعمار.هذه الجملة البسيطة والقول للخالدي هي الإشعاع النوراني الأول الذي استرسل لينير حلبة الصراع لنا ولقد أضاءها من قبل نور الآية الكريمة المذكورة هنا كأساس لنظرية النهضة كلها:(إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم).غير أن مالك بن نبي يري أنه من المفيد أن نقدم أيضاً التبرير التاريخي والنقدي والعقلي لهذا الأساس الرباني الذي قد يفزع العقل الديكارتي.لكننا إذا طبقنا هذه النظرية في بلاد العروبة مثلاً فإنها تستوجب تكيف الإنسان الأمي والتراب البائر والوقت الضائع. ومتحدثاً عن العالم الإسلامي في حقبة ماضية يقول بن نبي إنه العالم الإسلامي قد دخل صيدلية الحضارة الغربية طالباً الشفاء ولكن من أي مرض؟وبأي دواء؟ وبديهي أننا لا نعرف شيئاً عن مدة علاج كهذا ولكن الحالة التي تطّرد هكذا تحت أنظارنا منذ نصف قرن لها دلالة اجتماعية يجب أن تكون موضع تأمل وتحليل.ويطلق بن نبي علي هذه الحقبة أنها بادرة حضارة أو مرحلة إرهاص ويكمل قائلاً:العالم الإسلامي يتعاطي هنا (حبة) ضد الجهل ويأخذ هناك (قرص) ضد الاستعمار وفي مكان قصي يتناول (عقاراً) كي يشفي من الفقر.. لكننا حين نبحث عن حالته عن كثب لن نلمح شبح البرء أي أننا لن نجد حضارة. الرجل البسيط في موضع آخر يقول بن نبي:لعله من الواضح أن مشكلة الحضارة في العصر الحاضر لا تخص الشعوب الإسلامية فقط بل إنها أيضاً تخص الشعوب المتقدمة نفسها التي تتهدد فيها مدنيتها بالفناء.وجملة القول إن الوسيلة إلي الحضارة متوفرة ما دامت هناك فكرة دينية تؤلف بين العوامل الثلاثة:الإنسان والتراب والوقت لتركب منها كتلة تسمي في التاريخ (حضارة). وهكذا لا يتاح لحضارة في بدئها رأسمال إلا ذلك الرجل البسيط الذي تحرك والتراب الذي يمده بقوته الزهيد حتي يصل إلي هدفه. أما في تعريفه للثقافة فيقول مالك بن نبي:الثقافة من الأشياء الأساسية التي تتطلب بإلحاح تعريفين الأول: يحددها في ضوء حالتنا الراهنة والثاني: يحددها حسب مصيرنا.. لأن جيلنا هذا حد فاصل بين عهدين.. عهد الكساد والخمول وعهد النشاط والمدنية.لكن هذا التحديد للثقافة لا أثر له إلا إذا زال ذلك الخلط الخطير الشائع في العالم الإسلامي بين ما تفيده كلمتا (ثقافة) و(علم).ففي الغرب يعرفون الثقافة علي أنها تراث الإنسانيات الإغريقية اللاتينية.. وفي البلاد الاشتراكية يعرفونها علي أنها ذات علاقة وظيفية بالجماعة أي هي فلسفة المجتمع.ثم يخلص بن نبي ليعرف الثقافة علي أنها مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي يتلقاها الفرد منذ ولادته كرأسمال أوَّلي في الوسط الذي ولد فيه وعلي هذا فهي المحيط الذي يشكل الفرد فيه طباعه وشخصيته.وعن علاقة الحضارة بالجمال يقول بن نبي:الإطار الحضاري بكل محتوياته متصل بذوق الجمال بل إن الجمال هو الإطار الذي تتكون فيه أية حضارة.. فينبغي أن نلاحظه في نفوسنا وأن تتمثل في شوارعنا وفي بيوتنا ومقاهينا مسحة الجمال نفسها التي يرسمها مخرج رواية في منظر سينمائي أو مسرحي. نحو الحضارة وفي نهاية كتابه الذي صدرت طبعة جديدة منه هذا الشهر عن وزارة الثقافة والفنون والتراث بقطر ويوزع مجاناً مع مجلة الدوحة.. يقول مالك بن نبي:إن من الواجب ألا توقفنا أخطاؤنا عن السير حثيثاً نحو الحضارة الأصلية.. توقفنا خشية السخرية أو الكوارث.. فإن الحياة تدعونا أن نسير دائماً إلي الأمام.وإنما لا يجوز لنا أن يظل سيرنا نحو الحضارة فوضوياً يستغله الرجل الوحيد أو يضلله الشيء الوحيد.. بل فليكن سيرنا علمياً وعقلياً حتي نري أن الحضارة ليست أجزاءً مبعثرة ملفقة ولا مظاهر خلابة بل هي جوهر ينتظم جميع أشيائها وأفكارها وروحها ومظاهرها.. وقطب يتجه نحو تاريخ الإنسانية. وبعد يظل هذا الكتاب طازجاً كأنه كُتِب اليوم لأنه وعلي الرغم من أنه نُشر منذ ما يزيد علي ستين عاماً إلا أنه يتعرض لأمور ما زلنا نلمسها اليوم بأيدينا.. باختصار.. لأننا ما زلنا محلك سر.. ولم نتقدم علي طريق النهضة قيد أنملة، ليتنا نعيد قراءته بعد حدوث الثورات العربية وبعد أن اختلفت نظرتنا إلي الأشياء فعسي أن نُحْدث ما لم يحْدثه السابقون!!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.