ماركس كان يقول... الفلاسفة حتي الآن فسروا العالم.. أما نحن فنريد تغييره... هذا ليس حلم ماركس فقط ولكنه حلم كل الاصلاحيين.. المفكر الجزائري مالك بن نبي والمفكر المصري سلامة موسي كانا يعيشان مسكونين بشهوة التغيير.. كل بطريقته ... مالك بن نبي كان يري ان الدخداخيات هي سبب تخلفنا.. هي التي تمص دماءنا وتنخر في عظامنا.. ويقول: الامبريالية هي أس الفساد, وسقراط لم يعش عصور الاستعمار ولذا لم يكتب عن خطورة مفاسدها... فالإمبريالية الآن أشبه بنوع من الحشرات يسمي الدخداخيات.. رأس واحد وجسد واحد طويل وعشرات الأرجل تنتشر في كل مكان... فالاستعمار يترك أرجله تتوغل في بلادنا تستنزف بترولنا وثرواتنا.. وعندما أرادت العراق ان تستفيد من حقول بترول الرميلة وتهورت.. عوقبت وجاءت الدخداخيات لتحتل العراق... ثم إن هذه الحشرات الاستعمارية تسرق عقول أبنائنا العباقرة ليساهموا في بناء الامبراطوريات الدخداخية.. إذن ماهو الحل؟.... الحل هو أن نصرخ فليسقط الاستعمار الجديد ثم نعيد بناء ثقافتنا من جديد.. فالثقافة هي المقدمة الاولي للنهضة العلمية.. هذا ما اعتقده غاندي أيضا عندما صرح بأن الهند لاتستحق الاستقلال.. طالما أن المار في أحد شوارع بومباي أو كالكوتا معرض لان يتلقي بصقة علي رأسه من أحد النوافذ... فالانهزامات العسكرية عابرة ولكن الانهزامات الثقافية هي القاضية.. وإذا أردت أن تتقدم فإنك ستصيح إلي الأمام ياعقلي.. ولن تصيح.. إلي الأمام ياحماري.. العلم هو الحل وسلامة موسي أيضا يؤمن بذلك وبأن العلماء سيصرخون في وجهك.. لاترتأي ولكن جرب واتبع قواعد التفكير السليم مثل ديكارت... أولا لاتعترف بصحة شيء مالم تختبره... ثانيا.. جزئ الصعوبة وحل كل منها علي حده.. ثالثا.. ابدأ بالاشياء البسيطة وإنتقل خطوة خطوة للأشياء الصعبة.. رابعا... كن صاحب رؤية شمولية في نهاية الأمر ولاتترك شيئا للصدفة.. والصناعة ايضا هي الحل.. الصناعات الآلية.. لأنها هي التي أفرزت نظما أكثر تحضرا في الحياة.. أفرزت مزيدا من الانتصارات العلمية ثم الانتصارات الإنسانية في مجالات الديمقراطية والحرية والمساواة والدستور وفي نهضة البلاد اقتصاديا.. فالساعة كمادة خام ربما تساوي جنيها.. ولكن بعد إضافة علم صناعة الساعات للمادة الخام قد تساوي آلاف الجنيهات... ويحكي أن بطرس الأكبر قضي حياته كلها لكي يعلم الشعب الروسي أن يصبح تلميذا متدرجا لدي الحضارات الأخري.. وهو بذاته قيصر كل روسيا تدرب علي يد نجار سفن, وعلي يد حداد في هولندا... لكي يعطي لبلاده أول أسطول وطني.. صحيح أن أول المدافع والسفن الشراعية كانت مضحكة بالمقارنة مع إساطيل غريمه شارل ملك السويد.. إلا أن بطرس الأكبر عرف كيف يخضع غرور بلاده للتواضع من أجل رسالة النهضة الكبري.. وقد سئل فولتير مرة... من هو أعظم رجل في العالم.. قال هو اسحاق نيوتن... فالحضارة هي علم وصناعة, ومصيبتنا هي الترف الذهني.. وعنده حق فولتير حين قال اسحقوا الخزي.. خزي الجهالة والكسل... وعنده حق مالك بن نبي حين قال.. استقلوا واحذروا الدخداخيات.. وكلنا يعرف ما الذي كان يقصده تماما...