"أمس لم يكن الوقت مناسبا .. غدا سيكون الوقت قد فات" هي الجملة التي تقابلك حينما تتصفح موقع "دولة مدنية" وعنوانه الإلكتروني www.dawlamadaneya.com ويتكون مجلس تحريره من الأديبة مي التلمساني والناشطين الكتّاب ابراهيم فرغلي ووليد الخشاب وراداميس هاني، والذي دشن بهدف إقامة مجتمع مدني حقيقي يرفض التبعية للغرب وينفصل فيها الدين عن الدولة. فعقب اندلاع الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير كتب عدد من المثقفين المصريين من مختلفي الانتماءات السياسية والدينية بياناً يطالبون فيه بإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري التي تنص علي أن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ويطالبون العودة إلي مواد دستور عام 1923 الذي يكفل المساواة لجميع المصريين أمام القانون، بغض النظر عن أصلهم أو لغتهم أو دينهم. موقع "دولة مدنية" يرفع شعار "أمس لم يكن الوقت مناسبا .. غدا سيكون الوقت قد فات" والبيان موجود علي الموقع ونصه: "انطلاقا من حرصهم علي مبادئ الديمقراطية والوحدة الوطنية، يري المثقفون المصريون الموقعون علي هذا البيان باختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية ضرورة تعديل المادة الثانية من الدستور المصري التي تنص علي الآتي: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". يقترح الموقعون علي البيان استلهام الصياغة القديمة لدستور 1923 المصري الذي تنص المادة الثالثة فيه علي ما يلي: "المصريون لدي القانون سواء. وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين". كما تنص المادة الثانية عشرة علي أن "حرية الاعتقاد مطلقة". إن الإسلام هو دين الأغلبية في المجتمع المصري وهو أحد أهم روافد الشخصية المصرية الحديثة، كما أن مكانة الديانة المسيحية في صياغة هذه الشخصية ونموها عبر العصور لا خلاف عليها. من هذا المنطلق يؤكد الموقعون علي هذا البيان علي ضرورة احترام حرية التعبير الديني وحرية ممارسة الشعائر الدينية باعتبارها حقا مكفولا للجميع في ظل الدولة المدنية. ومن نفس المنطلق يري الموقعون أن الدولة يجب أن تظل بمنأي عن التيارات والأهواء الدينية وأن تلتزم بالدفاع عن حقوق المواطنة وأن تحث المواطنين جميعا علي احترام القانون الوضعي الذي من شأنه أن يعيد للدولة المصرية هيبتها ومكانتها بين دول العالم. بناء علي ما تقدم، يري الموقعون أن تطبيق المبدأ العلماني في الدولة المدنية ليس نفيا للدين أو نفيا لحق المواطن في ممارسة الشعائر، بل هو دعوة صريحة لفصل الدين عن الدولة ومبادئ التشريع فيها، بما يكفل لكل مواطن حقوقه الأساسية المشروعة: حق التعبير والتفكير والاعتقاد. ولكي يتحقق التطور المرجو للمجتمع المصري في ظل مبادئ الدولة المدنية التي تكفل الحريات الثلاث المشار إليها دون تمييز بسبب الأصل أو اللغة أو الدين -ودون تمييز بسبب جنس المواطن أو المواطنة- فإن الموقعين علي هذا البيان يهيبون بالقائمين علي إعادة صياغة الدستور المصري بتعديل المادة الثانية بما يتوافق مع متطلبات التحديث والإصلاح التي نادي بها شباب ثورة 25 يناير عملا بمبدأ الدين لله والوطن للجميع. في الصفحة الرئيسية مجموعة من مقاطع الفيديو لبعض المثقفين المهتمين بشأن الدولة المدنية مثل جورج إسحق المنسق السابق لحركة كفاية الذي قال أنا ضد تأسيس الأحزاب علي أساس ديني، وسالي سامي نائب المدير التنفيذي لمركز القاهرة التي نفت أن تكون تلك الدولة المرجوة ضد الدين والمخرج يسري نصر الله الذي ذكر أن تقييم المواطن في هذه الدولة سيكون تبعا للكفاءة، والإعلامية أماني الخياط التي قالت في كلمتها إن الدولة المدنية تحفظ للمواطنين حقوقهم في التعليم والصحة والحريات". مقالات المقالات الموجودة في الموقع معظمها لم يكتب خصيصا للموقع إنما تم نقله من مواقع وصحف مصرية وعربية، ومن هذه المقالات مقال لأحمد عبدالمعطي حجازي عنوانه "انتبهوا أيها المصريون" منشور بجريدة الأهرام ويذكر فيه حجازي "نحن نعرف أن الديمقراطية والدولة الدينية ضدان لا يجتمعان لأن الديمقراطية كما نعرف هي النظام الذي يكون فيه المواطنون سادة أنفسهم يفكرون لأنفسهم ويشرعون لأنفسهم ويضعون قوانينهم ويختارون حكامهم ويحاسبونهم ويغيرونهم كما يشاءون وهذه حقوق لا وجود لها في الدولة الدينية التي تستمد فيها القوانين من الكتب الدينية وما علي المواطنين الا أن يسمعوا ويطيعوا لأن الحكام في الدولة الدينية هم ظلال الله علي الأرض كما يزعمون يطبقون أحكامه وينفذون ما أمر به كما يدعون ". ومنها أيضا مقال للكاتبة مي التلمساني بعنوان "الأوغاد" تم نشره بجريدة روزاليوسف وتفرق فيه بين العلمانية والإلحاد ومن المقال نقرأ "عندما تحدثت هنا منذ فترة عن مزايا الدولة العلمانية وقلت إنها تكفل حرية الأديان وتحميها، وصلتني إيميلات تردد نفس الكلام التافه الذي يربط بجهل ورعونة بين العلمانية والإلحاد.. ووصلتني إيميلات أخري تشد من أزري وتدافع عن الفكر بأساليب متنوعة، من بينها الأسلوب المنهجي والتاريخي الذي أثبت بما لا يقبل الشك أننا بحاجة ماسة لتبني النموذج العلماني.. الآن فوراً، ليس فقط للاعتذار عن تخاذلنا في الدفاع عن أبناء هذا البلد، ولكن للاعتذار عن التعديل الدستوري الذي لم يكن حصيفا.. وحتي لو كان كذلك في زمنه، فهو لم يعد كذلك الآن.. فماذا ننتظر؟ هل غابت العقول أم أن صنعة التفكير باتت مغشوشة؟ الدساتير صنعها أناس مثلي ومثلك، وسيغيرها أناس مثلي ومثلك أيضا". "فن صناعة الكراهية" هو مقال الكاتب ابراهيم فرغلي مؤلف رواية أولاد الجبلاوي التي أثارت الجدل مؤخرا ونقرأ من مقاله "أقتطف بداية هذه الفقرة من الكتاب الذي كنت أشرت إليه في المقال السابق للفيلسوف الهندي الحائز علي نوبل أمارتيا صن بعنوان" الهوية والعنف" حيث يقول "إن التعرف الأساسي علي ما تتسم به الهويات من تعددية سوف يكون له تأثير مناهض لمحاولة رؤية الناس حصريا بناء علي انتماءاتهم الدينية، مهما كان مدي تدينهم داخل مجال الدين. إن محاولات مجابهة الإرهاب من خلال مساعدة الدين في بريطانيا وأمريكا أدت إلي تعظيم صوت رجال الدين وغيرهم من أعضاء المؤسسات الدينية في مسائل لا تدخل ضمن مجال الدين، وذلك في وقت كانت فيه أدوار المسلمين السياسية والاجتماعية في المجتمع المدني، بما يشمل ممارسة الديمقراطية، في حاجة إلي تعزيز وتأييد أكبر. إن ما فعله التطرف الديني للحط والتهوين من قيمة الفعل السياسي المسئول للمواطنين (بصرف النظر عن الدين الذي ينتمون إليه) عُمِدَ إلي تقويته بدلا من استئصاله ومحوه، بالإقدام علي محاربة الإرهاب عن طريق محاولة تجنيد المؤسسات الدينية علي الجانب الصحيح من الخط الفاصل المزعوم. وفي التقليل من الهويات السياسية والاجتماعية باعتبارها تتعارض مع الهوية الدينية، كان المجتمع المدني هو الخاسر، بالضبط في وقت تتعاظم فيه الحاجة إلي تقويته". وأيضا نجد ضمن المقالات مقالا لوزير الثقافة د. عماد أبوغازي بعنوان " الإسلام والدولة المدنية.. قراءة في رؤية الإمام محمد عبده" منشور بجريدة الشروق، ونقرأ منه " وربما نجد جذور أفكار محمد عبده عن الدولة المدنية والمجتمع المدني في برنامج الحزب الوطني المصري الذي صاغه الشيخ في ديسمبر من عام 1881 عندما كان منخرطا في صفوف الثوار، ذلك البرنامج الذي نصت مادته الخامسة علي أن «الحزب الوطني حزب سياسي لا ديني، فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب، وجميع النصاري واليهود، وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم لغتها منضم إليه، لأنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات، ويعلم أن الجميع إخوان، وأن حقوقهم في السياسة والشرائع متساوية، وهذا مسلم به عند أخص مشايخ الأزهر الذين يعضدون هذا الحزب ويعتقدون أن الشريعة المحمدية الحقة تنهي عن البغضاء وتعتبر الناس في المعاملة سواء". من أجل دولة مدنية إرساء قواعد الدولة المدنية في مصر كانت حاضرة في كلمة مجلس التحرير التي كان نصها: معا من أجل إقامة دولة مدنية حقيقية في مصر دولة مدنية ترفض التبعية للغرب كما ترفض التبعية للفكر السلفي وديكتاتورية الأغلبية. دولة مدنية ينفصل فيها الدين عن الدولة وتتخلص في ظلها المؤسسات التشريعية والتنفيذية من الأهواء الدينية ونزعات التفرقة والتمييز العقائدي. دولة مدنية تناهض أساليب ومناهج الحكم العسكري والحكم الديني والحكم الشمولي وجميع أشكال التحالف القائمة فيما بين الأساليب والمناهج الثلاثة. دولة مدنية تكفل حرية المواطن وتؤمن بأن القانون وحقوق المواطنة هما الضامنان الأساسيان والوحيدان للحريات الثلاث: التفكير والتعبير والاعتقاد. دولة مدنية تكفل حرية الأديان وتنادي بأن الدين لله والوطن للجميع وتسعي لتحقيق أمال الثورة المصرية في التغيير والإصلاح والعدالة الاجتماعية. دولة مدنية معناها دولة القانون والحريات، دولة الثورة علي الفساد والرجعية والتعصب الفكري والديني، دولة مرجعيتها الأولي احترام حقوق المواطن والعدل بين جميع أفراد الشعب بلا تمييز بسبب النوع أو العرق أو الدين. ضد المد السلفي المد السلفي مشكلة حقيقية تعترض قيام الدولة المدنية هكذا كان تصريح مي التلمساني في حوارها مع دويتشه فيله، حيث قالت "البعض يعتقد أن هناك في مصر دولة مدنية، وهناك مؤشرات كثيرة علي ذلك وهذا حقيقي، ولكن المشكلة الحقيقية هي تصاعد المد السلفي في السنوات الثلاثين أو الأربعين الماضية، مما جعل من المادة الثانية مصدر خطر حقيقي يهدد مستقبل مصر في المرحلة القادمة، فالتحرك نحو الدولة المدنية في مصر هو في رأيي أهم هدف يجب أن نتكاتف جميعاً للوصول إليه في اللحظة الراهنة، وأضافت مي "هناك تحركات كثيرة تتم منذ تنحي الرئيس السابق مبارك وحتي الآن صوب التوعية بإنجازات وضرورة الدولة المدنية، طبعاً الصوت الأعلي هو صوت الإخوان المسلمين، وهم أكثر الأحزاب تنظيماً، ما أحاول القيام به ليس حلماً، وليس مجرد محاولة مثالية لتغيير الأوضاع، ولكن بما أننا المثقفين كنا ننادي بحق الإخوان المسلمين في التواجد علي الساحة السياسية، فعلي الإخوان الآن أن ينصتوا إلي الصوت الآخر، صوت العلمانيين وصوت اليسار، لأنه صوت سيكون له دور مؤثر في المرحلة المقبلة".