إن الجمع بين الأدبية والإلكترونية هو ما أنتج ما عرف باسم الأدب التفاعلي والذي أفرز الرواية التفاعلية والشعر التفاعلي والمسرح التفاعلي وغيرهما من الأجناس الأدبية الالكترونية الجديدة ،وتعرف لنا الدكتورة فاطمة البريكي أستاذة النقد والبلاغة في جامعة الأمارات الأدب التفاعلي بأنه مصطلح فضفاض يضم عدداً من الأجناس الأدبية التي تختلف فيما بينها اختلافا كلياً ولا تكاد تتفق إلا في كونها لا تتجلي لمتلقيها إلا الكترونياً وهذا يعني بالضرورة أن مبدعها لا ينتجها إلا الكترونياً أيضاً ، مما يترتب عليه أن يصبح المبدع متمكناً من استخدام الحاسوب بمهارة وفهم ، حتي يتمكن من صياغة إبداعه دون أن يشعر بحواجز نفسية علي الأقل بينه وبين الوسيط الذي ينقل عبره إبداعه إلي المتلقي . الرواية التفاعلية ثم تعرف لنا الدكتورة فاطمة البريكي الرواية التفاعلية بأنها الجنس الأدبي الجديد الذي ولد في رحم التكنولوجيا ويوصف هذا الجنس ب ( الأدبية والالكترونية) معاً ، فهو أدبي من جهة لأنه في الأصل رواية ، والكتروني من جهة أخري لأنه لا يمكن لهذه الرواية أن تتأتي للأدب في صيغته الورقية ولابد لها من الظهور في الصيغة الالكترونية ، ولقد انتشر هذا الجنس الأدبي الجديد في الأوساط الأدبية الالكترونية وأصبح اتجاهاً معروفاً وصدرت عدة روايات منه ، من أشهر تلك الروايات رواية (الظهيرة قصة Afternoon a story) للروائي(ميشيل جويسMichael Joyce) والتي تعد من كلاسيكياته ، وقد قام (ميشيل جويس) بذلك مستخدماً برنامج وضعه (جي .بولتر JBolter )في عام 1984. واسميا البرنامج (بالمسردStory Space )وهو برنامج خاص لكتابة النص المتفرع الذي يعد عماد الكتابة الالكترونية ، والذي لا يمكن كتابة الرواية التفاعلية دون استثمار معطياته . النص المتفرع وتعتبر د. فاطمة البريكي أن النص المتفرع أو (الهايبرتكست) هو أساس الرواية التفاعلية وتقول (يعتمد هذا الجنس الأدبي الجديد في ظهوره إلي حيز الوجود علي استخدام النص الجديد، أقصد النص الذي يطل علينا عبر شاشة الحاسوب ، وهو ما اصطلح عليه باسم (النص المتفرع Hypertexts) والنص المتفرع كما تعرفه مايكروسوفت بوصفه مصطلحاً حاسوبياً ، نظام لتخزين صيغ مختلفة من المعلومات كالصور والنصوص وغير ذلك من ملفات الكمبيوتر، بحيث يسمح بالوصول إلي النصوص والصور والأصوات وغيرهم من المعلومات المرتبطة بذلك النص (الملف) مباشرة . ويربط هذا النظام النص الواحد مع الأنواع المختلفة من النصوص ، التي تتداخل مع بعضها ، لتؤلف نصاً واحداً يفضي بعضه إلي بعض عبر الوصلات الالكترونية التي يتضمنها ، بحيث يقدم لقارئه أو مستخدمه من خلال تلك النصوص المتعددة والوصلات الرابطة بينها مسارات مختلفة غير متسلسلة أو متعاقبة ومن ثم غير ملزمة بترتيب ثابت في القراءة فيتيح أمام كل قارئ أو مستخدم فرصة اختيار الطريقة التي تناسبه في قراءته. ولابد أن نوضح أن النص المتفرع يتضمن مستويين أحدهما سلبي ، لا يتم فيه توظيف أي خاصية من خصائص النصوص الالكترونية ويكون أقرب إلي النشر الورقي ، ولكن علي شاشة الحاسوب بدلاً من الورق ، والآخر ايجابي ، وهو الذي يتم فيه توظيف الخصائص الالكترونية تتداخل فيها الصور بالأصوات بالحركات بالنصوص المكتوبة...الخ ، وغالباً ما يقصد بالنص المتفرع النسق الايجابي منه . وتواصل الدكتورة فاطمة البريكي مؤكدة أن النسق الحامل لهذا الجنس الأدبي الالكتروني الجديد (الرواية التفاعلية) هو النسق الايجابي بما يتيحه من إمكانيات تشجع الأدباء المبدعين علي شحذ خيالاتهم لاستثمار كل معطيات هذا النص وإمكانياته التي لا تحدها حدود . وبالتالي يمكن تعريف (الرواية التفاعلية) بأنها ذلك النمط من الروايات التي يقوم فيها المؤلف بتوظيف الخصائص التي تتيحها تقنية النص المتفرع والتي تسمح بالربط بين النصوص سواء أكانت نصاً كتابياً أم صوراً ثابتة أو متحركة ، أم أصواتا حية أو موسيقية ، أم أشكالاً جرافيكية متحركة أو خرائط أو رسوم توضيحية ، باستخدام وصلات تكون دائماً باللون الأزرق وتعود إلي ما يمكن اعتباره هوامش علي متن أو إلي ما يرتبط بالموضوع نفسه أو ما يمكن أن يقدم إضاءة أو إضافة لفهم النص بالاعتماد علي تلك الوصلات .... ان الرواية التفاعلية وما شابهها من الأجناس الاكترونية ان جاز التعبير ، هي ثورة علي الرواية والأشكال الأدبية التقليدية.. فهي محاولة لتقديم الأجناس الأدبية بشكل جديد ومبهر يجذب القارئ الذي تغيرت صفاته فهو ليس بقارئ عادي ولكنه مستخدم للحاسب الآلي حتي يستطيع التعاون مع ذلك النوع من أدبيات الكمبيوتر ان جاز التعبير ، ورغم أن تلك الأدبيات تعتمد علي برامج الكترونية لا علاقة مباشرة لها بشبكة الإنترنت إلا أن كيانها يقوم علي تلك الشبكة فبمجرد انتهاء المبدع من روايته يضعها علي شبكة الإنترنت التي من غيرها لا يستقيم هذا النوع من الأدبيات فالإنترنت وسيلته لتقديم وعرض تلك الأجناس الالكترونية . ان تلك الأجناس الأدبية الجديدة هي وسيلة جديدة لعرض تلك الأدبيات ولكن لا يعني ذلك اندثار الأجناس الأدبية بشكلها التقليدي.. ولقد غزا الكمبيوتر جميع المجالات الأدبية والفنية فنجد مثلاً ما يعرف بالمسرح الرقمي.. وسوف نتناول ذلك في مقال آخر ...