«مدارس البترول» بدائل الثانوية العامة 2025 .. تعرف على شروط القبول والأقسام (تفاصيل)    وزير الطاقة الروسي: القطاع يشهد تغيّرات عالمية خطيرة وتحديات متسارعة    تسليمه خلال أيام.. محافظ القليوبية يتابع أعمال رصف طريق مساكن الرملة ببنها    محافظ كفر الشيخ: تسهيل إجراءات تقنين الأراضي لتيسير الأمور على المواطنين    مياه كفر الشيخ: انقطاع المياه لمدة 8 ساعات عن مركز ومدينة فوه غدًا    الإيجار القديم.. مصطفى بكري: المستأجر لم يغتصب حق الملاك.. العلاقة كانت سليمة وبموافقتكم    إعلام عبري: ترامب ونتنياهو اتفقا على إنهاء الحرب بغزة خلال أسبوعين    البيت الأبيض: نسير على المسار الدبلوماسي حاليا مع إيران ونتطلع لسلام طويل الأمد بالمنطقة    ما سبب رفض إيران التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟.. خبير يوضح    أكسيوس: ترامب يريد التوصل إلى اتفاق بشأن غزة في أسرع وقت ممكن    الرئيس السيسى وستارمر يعبران عن ارتياحهما لوقف إطلاق النار.. إنفوجراف    معلول: بن رمضان يتمتع بمواصفات نادرة.. وتأقلم سريعا مع الأهلي    الكرملين: ينبغي تذكير أمريكا بأنها الدولة الوحيدة التى استخدمت النووى    زعماء أوروبا يبحثون في بروكسل عن صيغة اتفاق تجاري مع أمريكا    طنطا يعلن التعاقد مع محمد العطار قادما من الداخلية    «سيطرة واضحة».. لماذا تفوقت فرق البرازيل في كأس العالم للأندية؟    منتخب مصر يخسر من البرتغال في ربع نهائي كأس العالم للشباب لكرة اليد    كريستيانو رونالدو يُمدد عقده مع النصر السعودى.. فيديو    مصدر: الجزيرى متمسك بالزمالك ويشترط الحصول على مستحقاته حال الرحيل    تعرف على الجهاز المعاون ل"مجدى عبد العاطى" فى مودرن سبورت    بعد استدعائهما للنيابة.. القصة الكاملة لاتهام أحمد السقا بضرب مها الصغير وسائقها في الشارع    تدريب الأطفال على مسابقات السباحة بحديقة الخالدين فى كفر الشيخ.. فيديو    مصرع رضيع صعقا بالكهرباء داخل منزله بقنا    الأرصاد الجوية تحذر من طقس الساعات القادمة: أجواء شديد الحرارة نهارًا    «مش عاجبك متخرجش».. محمود حجازي يعلق على انزعاج المشاهير من المعجبين (فيديو)    ممدوح موسى عن «ابتدينا» ل عمرو دياب: «ده مش اسم غنوة دي مرحلة جديدة بيبدئها الهضبة»    محمد رمضان يستعد لإحياء أولى حفلاته بالساحل الشمالي.. تعرف على موعدها    مصطفى كامل وعلى الحجار ولؤى وهاني رمزى فى عزاء والد تامر عبد المنعم (صور)    «الجهل قتل الراهب».. خالد الجندى: «كل بني آدم بداخله شعلة إيمان تحتاج لمن يشعلها»    لفقدان الوزن.. تعرف على فوائد المشروم المذهلة    «مني رزق » تتابع ميدانيًا مشروع الربط الكهربائي المصري–السعودي في طابا    مدير التأمين الصحي بالقليوبية: برامج تدريبية متخصصة لرفع كفاءة الكوادر الطبية    نقطة دم تساوي حياة.. وكيل صحة البحيرة يدعو المواطنين للمشاركة في حملة التبرع بالدم    مصرع أب وإصابة نجله في تصادم سيارة ربع نقل مع دراجة نارية بالفيوم    تعاون بين «التموين» و«القطاع الخاص» لتحديث المنافذ وتحسين سلاسل الإمداد    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    10 فئات محرومة من إجازة رأس السنة الهجرية (تعرف عليها)    رئيس جامعة حلوان يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول العام الهجري الجديد    فحص 829 مترددا خلال قافلة طبية مجانية بقرية التحرير في المنيا    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الحوامدية العام للوقوف على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    هل يُستَحبُّ شرعًا الصوم في شهر الله المحرم.. الإفتاء توضح    أمانة العمال المركزية ب"مستقبل وطن" تختتم البرنامج التدريبي الأول حول "إدارة الحملات الانتخابية"    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    مقاومة النسيان بالصورة    ثقافة الفيوم تناقش المجموعة القصصية "اختنقت بجوز الهند" للكاتبة دعاء رشاد.. صور    بالتنسيق مع المحافظات المجاورة.. محافظ البحيرة تعتمد خريطة الحدود الإدارية للمحافظة    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    مطاردة أمام كمباوند شهير بأكتوبر، مها الصغير وسائقها يحرران محضرا ضد أحمد السقا    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    انتصار السيسي تهنئ المصريين والأمة الإسلامية بمناسبة رأس السنة الهجرية    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    إخلاء محيط لجان الثانوية العامة بالطالبية من أولياء الأمور قبل بدء امتحاني الفيزياء والتاريخ    "قاتلت من أجل الكيان ولكل قصة نهاية".. حمزة المثلوثي يعلن رحيله عن نادي الزمالك    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الظلال».. بدء العالم ونهايته في عالم مغلق
نشر في القاهرة يوم 22 - 03 - 2011


خط صغير شاحب يفصل بين الجنون والعبقرية .. وجبل من التراكمات والتقاليد والمفاهيم المغلوطة يفصل بين عالم الأصحاء وعالم «المجانين» كما يطلقون عليهم.. والفيلم التسجيلي المهم الذي أخرجته ماريان خوري بالتعاون مع المخرج التونسي الراحل مصطفي الحسناوي يضرب علي هذا الوتر الحساس بالذات. ماريان خوري التي قدمت لنا من قبل أفلاما عن النساء سواء رائدات السينما أو بعض الفنانات الأجنبيات المقيمات في مصر .. خرجت من عالم النسوة الضيق لتلج عالما آخر شديد الاتساع وشديد الغموض .. يحمل في طياته آلاف الإشارات وكثيرا من الرموز والاسقاطات متخذة في سبيل ذلك أسلوبا واقعيا شديد السحر والإثارة، لقد اختارت مستشفي العباسية للأمراض العقلية مكانا لفيلمها .. ومرضاه هم الشخصيات التي تدور حولهم أحداث الفيلم. لقد أمضت ماريان خوري ومصطفي الحسناوي ثمانية أشهر كاملة يزوران فيها يوميا هذا المستشفي .. ويلقيان بنظراتهما علي ما يدور فيه ويرقبان بصمت حينا ويتدخلان أحيانا فيما يقوله هؤلاء المرضي .. وكيف يتعاملون مع أنفسهم ومع رفاقهم في المستشفي ومع المجتمع الخارجي ومع العالم بأسره. أشهر ثمانية صور فيها المخرجان مائة ساعة خضعت لمونتاج متميز وذكي لتخرج علينا هذه «الظلال» المدهشة لتهزنا من الأعماق.. ولتجعلنا نتساءل بعد رؤية الفيلم هل كان هؤلاء الذين رأيناهم يتحدثون ويتألمون ويصرخون ويضحكون ويتهامسون ويحبون ويكرهون هم «المجانين»، كما اعتدنا أن نسميهم .. أم أن العالم الذي رفضهم ونبذهم ووضعهم وراء القضبان والسدود هو المجنون؟ النماذج التي انتقاها الفيلم بعناية من خلال عشرات أو مئات المرضي الذين يعيشون في هذا الجزء النابض بالحياة في وسط القاهرة «العباسية» يحييون تحت شروط لاإنسانية .. في جميع احتياجات حياتهم أنهم أشبه ما يكونون بالسجناء في سجن قضبانه من أوهام الناس واتهاماتهم الظالمة. خيوط رفيعة لقد استطاعت المخرجة أن تلتقط الخيوط الرفيعة التي تقود احاسيس هذه الزمرة من الناس التي رفضها المجتمع ، ويجبرها علي أن ترفض نفسها أيضا. النماذج التي تتكلم أمامنا تنبض بالحياة وبالحيوية.. وتطلق الحزن العميق القابع في أعماق قلوبها بعفوية أخاذة وبسلاسة لا يقدر عليها أي كاتب حوار مسرحي أو سينمائي ، كلمات تتدفق قاسية وكالحديد الصلب.. وناعمة كالحرير فظة أحيانا إلي درجة القسوة .. ورقيقة أحيانا أخري كالهمس. هذه الزوجة التي تفتقد الحنان والتي وضعها زوجها في المستشفي .. تتحدث عن الحب .. وعن الرابطة بين الرجل والمرأة.. وتبث شكواها إلي سيدة حسنة هي الأخري ذهبت ضحية احساسها وعقوق اسرتها.. حديث يكاد أن يكون بعفويته وصراحته وقسوته .. قصيدة من الشعر .. أحسنت المخرجة التقاطها في اللحظة المناسبة وفي التوقيت الصحيح. الشخصيات كلها تتكلم دون تكلف ودون اصطناع .. وكأن الكاميرا لا وجود لها أمامهم وهذا الرجل الذي يحس أن الألوهية تقمصته وهذا المتمرد الذي يحطم كل شيء أمامه.. والذي يعلن عن تمرده بحرق اثاث وجهاز شقيقته وهذه الأم التي انكرها أولادها وإخوتها .. تدور حول وحدتها كفراشة محروقة الجناح. كلمات تصدر من أفراد هؤلاء الناس وكأنها حجرات من نار أو كأنها تنهيدة محتضرة لكن العين تظل ثابتة لا تتحرك. عين تحمل الاتهام الصريح.. لمجتمع ظالم حكم عليهم بالنبذ والإهمال والنسيان. المبني كله بحيطانه المشققة وردهاته الباردة والشروخ في سقوفه والقضبان علي نوافذه لا يبدو لنا كمستشفي قدر ما يبدو لنا كسجن رهيب وضع فيه أناس خرجوا عن تقاليد المجتمع وعاداته فحكم عليهم بالإبعاد والنفي. منطق شديد الإقناع يخرج أحيانا من بين أفواههم بكلمات متقطعة ولكنها شديدة الوضوح والصفاء. لقد أصبح هذا المكان عالمهم .. لا يستطيعون البعد عنه «في حال خروجهم منه» إلا لكي يعودوا إليه.. لأن لا مكان لهم في مجتمع بارد وقاس اعتاد أن يعاملهم بسادية قاتلة أو يضعهم موضوع التهكم والفرجة. البداية والنهاية «العباسية» هي بدء العالم ونهايته بالنسبة لهم يسيرون في ردهات المكان وفي حدائقه الزابلة المهملة يتهامسون فيما بينهم أو يرتفع صراخهم الأحادي. يخضعون لأدوية عشوائية ويعذبون أحيانا بالكهرباء .. لا أحد يسمعهم ولكنهم يحاورون أنفسهم حينا ولخالقهم أحيانا .. محطمين أي جدار فاصل بينهم وبينه. لقد جعلها هذا الفيلم ولا أقول جعلنا .. والأفضل أن أقول أجبرنا علي أن ننظر إلي داخلها نظرة جديدة وأن نتساءل بحق من هو المجنون فينا. لقد كان الجنون موضوعا لأكثر من فيلم شهير.. ولعلنا مازلنا نذكر «خارقون عش الوقواق» فيلم ميلوش فورمان الشهير الذي حاز علي كثير من جوائز الأوسكار ويروي قصة صحفي ادعي الجنون .. لكي يذهب إلي مستشفي الأمراض العقلية.. ويعاشر المجانين ويفهم تصرفاتهم. فيلم ماريان خوري لا يلجأ إلي هذه الوسيلة المصطنعة .. إنه يدخل بنا منذ البداية من بوابة المستشفي .. لنري «الأهل» الذين يسيرون بأولادهم نحو هذا المصير .. هناك عين حقيقية لا نراها تتبعهم وترصد حركاتهم وانفعالاتهم .. ضعفهم ونقاط القوة في أجسادهم الهزيلة الهشة.. وفي نظراتهم التي يشع النار منها حينا والنور أحياناً كثيرة. ثم تلاحقهم الكاميرا لترصد حياتهم اليومية .. وتصرفاتهم كل حالة تظهر أمامنا وتنايدنا من خلال نظرة أو جملة حوار.. أو تصرف صغير عجيب. جدران وقضبان ولا تكاد تمضي دقائق من الفيلم .. حتي تنسي تماما وجود هذه الكاميرا وتنطلق ببساطة لنحيا مع هؤلاء «المعزولين» حياتهم اليومية وهمومهم وأحلامهم المجهضة. عالم العباسية المغلق هو عالمهم المحدد بالجدران والقضبان تهيمن عليه قوة لا يدركونها ولا يستطيعون مواجهتها .. والغريب أنهم إذا خرجوا منها لسبب ما .. فإنهم سرعان ما يعودون إليها مجذوبين بسحر خفي لا يقاوم. العالم الخارجي .. أصبح بالنسبة لهم هو العالم المجنون، والخط الفاصل بيننا وبينهم يبدو في الفيلم رقيقا هشا .. يكاد لا يري.. ومن هنا يأتي سحر هذا الفيلم.. الذي جعلنا دون أن ندري ننظر إلي عالمنا وكأنه عالم مجانين وإلي عالمهم وكأنه عالم العقلاء.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.