افتح عينيك لتري العالم حولك.. افتح قلبك ليستوعب مدي المتغيرات التي تحيط بك من كل جانب.. حاول أن تفهم أن العالم يتسع للجميع بمختلف ثقافاتهم.. لغاتهم.. دياناتهم.. معتقداتهم.. فليس هناك أحد أفضل من الآخر إلا بما يفعله ويقدمه. هذه الدعوة الموجهة من مهرجان »دبي« في دورته السابعة والذي اتخذ شعارا دائما له عبر دوراته السابقة »الجسر الثقافي« الذي يفتح آفاق الحوار لمزيد من المد والتواصل الإنساني والثقافي والحضاري. هذه الدعوة لمزيد من اللقاءات.. والحوارات.. والمشاهدات.. نجحت في أن تتوج هذه الدورة الناجحة لمهرجان »دبي« والذي رغم اهتمامه بالعروض العالمية يفتح المجال باهتمام بالغ علي السينما العربية بكل أنواعها واتجاهاتها. ومن مميزات مهرجان دبي ثراؤه الفني الشديد.. فإلي جانب الأفلام الروائية هناك أكثر من مسابقة تصلح كل منها في حد ذاتها لأن تكون مهرجانا قائما بذاته.. ومنها مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقية.. والمهر العربي فئة الأفلام القصيرة.. وفي إطار مسابقة الأفلام الوثائقية عرض فيلم »ظلال« لماريان خوري ومصطفي حسناوي.. وهو إنتاج مصري.. فرنسي.. مغربي.. إماراتي. وقد حصل علي جائزة »الاتحاد الدولي لنقاد السينما« فيبرسي. أحداث الفيلم تدور داخل أروقة اثنتين من المصحات النفسية.. حيث يعالج الكثير من المرضي أصحاب الاضطرابات النفسية والذي يجب أن نعترف بأن المرض النفسي ليس بعيدا عن أي منا.. التحصين ضده قد لا تقوي عليه كل النفوس.. كما أن فقدان الأصدقاء.. أو الأهل والإحاطة السليمة بالرعاية والوعي في التعامل مع النفس البشرية كلها من شأنها أن تؤدي بأي إنسان إلي الوقوع في براثن »المرض النفسي«. ماريان خوري.. ومصطفي الحسناوي.. قدما فيلما ربما يشكل صدمة لنا لعدم اعتيادنا الاقتراب من هذا الجانب.. إنه أقرب للتحقيق الصحفي لكن بدون شك الصورة الناطقة والحالات التي رأيناها كانت كافية لفطر القلوب.. بالإضافة إلي نجاح مخرجيه في كشف كل عورات »العلاج النفسي« ولا أقول »الجنون«.. ومدي حالة الإهمال والتسيب وعدم الاعتناء الحقيقي بالمرضي... الإدانة الصريحة التي وجهتها »ماريان« إلي الأطباء.. والأهل علي السواء.. الذين ألقوا بأقرب الناس إليهم في هذه المستشفيات ليتخلصوا منهم.. ومن رعايتهم.. والأسوأ أن هناك من أودعوا هذه المستشفيات كي لا يحصلوا علي حقهم من »إرث« وذلك دون رحمة ولا شفقة. وستظل صورة الأب العاجز الذي يبكي منهارا من حالة ابنه الذي يتعرض لهياج شديد.. أو الزوجة التي جرح الزوج كرامتها وكسر نفسها.. وعدم إعطائها حقوقها.. لكنها امتلكت الشجاعة لتتحدث عن حياتها الشخصية.. وأوجاعها في علاقتها الحميمية بزوجها كل هذا يجعلنا نتوقف أمام أشياء صغيرة تبدو لنا في الحياة .. لكنها كافية لكي تصيب العديدين بالمرض النفسي. وبهذه المناسبة والحمد لله أن الجدل الذي دار مؤخرا حول مبني مستشفي الأمراض النفسية والعصبية بالعباسية قد انتهي علي الأقل مؤقتا بأن تقرر ضمه إلي قائمة الآثار الإسلامية والقبطية.. حيث إن عمره يبلغ أكثر من مائة عام. وكانت هناك جهات تنوي بيعه وهدم المستشفي ونقله إلي مدينة »بدر« وكأنه لايكفي المرضي وأهلهم مايلاقونه من عذاب.. فقرروا أن يزيدوهم عذابا بالبعاد. والجدير بالذكر وكما تقول النبذة التاريخية المصاحبة للفيلم بأن أول مستشفي للأمراض العقلية في العالم بنيت في مصر والشام. ولذلك كم هو مؤسف الحالة المتردية للمرضي النفسيين في مصر رغم الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدتها الأممالمتحدة وقامت مصر بالتصديق عليها في أبريل 2008. ❊❊❊ بنات الخليج صورة جديدة مشرقة وجميلة للمرأة العربية في عالم الفن والسينما.. تنبئ بمستقبل واعد. وكم كان جميلا أن تفوز في مسابقة المهر الإماراتي اثنتان الأولي »نجوم الغانم« وحصلت علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلمها »حمامة«. والثانية »نايلة الخاجة« عن فيلم »ملل« وهو أول فيلم إماراتي يصور خارج دولة الإمارات وهذه هي بداية النهضة السينمائية والفنية التي سوف تشهدها منطقة الخليج علي أيدي شبابها فتيانا .. وفتيات. »نايلة الخاجة« فتاة إماراتية بسيطة.. وإن كانت أحلامها كبيرة.. وكثيرة.. وقد نجحت »نايلة« أن تقدم في فيلمها »ملل« مجموعة كبيرة من السينمائيين الشبان خرجت بهم إلي مابعد حدود بلادهم وذهبت للهند وبالتحديد في منطقة »كيرلا« ذات الطبيعة الساحرة لتروي حكاية زوجين شابين في رحلة شهر العسل. و»نايلة« لم تكتف بالإخراج في فيلمها بل قامت ببطولته مع الفنان الإماراتي »غسان الكثيري« الذي عمل في أكثر من فيلم أجنبي. إن »نايلة« تؤمن بدور السينما في معالجة القضايا الاجتماعية التي تهم الشباب في المقام الأول.. وهي تستعد حاليا لتصوير فيلم وثائقي جديد بعنوان »مروية« وهو عن »ماء زمزم« مما سيكون له تأثير كبير علي مستوي العالم. ❊❊❊ أطفالنا الصغار.. أحبابنا.. من أجلهم نعيش ونحلم بمستقبل أفضل. صغارنا مازالت الحدوتة تسحرهم وتمثل لهم عالما من الخيال يهربون إليه.. يحلمون به علي نفس المنوال الذي كنا نعيشه .. ونعايشه.. وفي افتتاح القسم أو البرنامج الخاص بسينما الأطفال الذي حمل البهجة للصغار والكبار وافتتح بالفيلم البريطاني »كسار البندق« للمخرج الروسي أندريه كوتشالوسكي الذي ولد في موسكو عام 1973 وفاز آخر أفلامه الطويلة »منزل الحمقي« عام 2003 بالأسد الفضي من مهرجان فينيسيا. الفيلم متعة بصرية وفنية لحدوتة قديمة قدمتها فرق الباليه العالمية علي أشهر مسارح العالم. والأحداث تدور في فيينا في بداية العشرينات عن الفتاة »ماري« ذات التسع سنوات والتي تعيش مع شقيقها الوحيد في المنزل الكبير.. الأبوان في حالة انشغال دائم ولذلك عندما يهديها الخال »البرت« في ليلة عيد الميلاد هدية عبارة عن كسار البندق.. لتبدأ المغامرة باكتشافها بأن هذه اللعبة مسحورة من الفأر الشرير وأمه.. لتدخل ماري وشقيقها عالم القوارض لتنقذ كسار البندق وأهل المدينة التي حكم عليها الجرذان بحرق لعب الأطفال فيها.. لتكون السحابة السوداء حاجبة للشمش والنور. إن العالم إذا اختفت منه ضحكة الصغار.. وضاعت أحلامهم.. وتحطمت لعبهم.. لأصبح بالتأكيد عالما بشعا لامكان للحياة فيه.