وفوز فيلم حاوي للمخرج ابراهيم البطوط علي جائزة افضل فيلم في مهرجان ترابيكا بالدوحة وتقدر قيمة الجائزة ب100 ألف دولار أمريكي إلي جانب اختياره للعرض في مسابقة مهرجان روتردام السينمائي الدولي وهو أكبر مهرجان للسينما المستقلة ومن قبلهما فيلم بصرة للمخرج احمد رشوان الذي حاز علي العديد من الجوائز في المهرجانات المختلفة منها مهرجان القاهرة السينمائي الا أن بداية التصوير بكاميرا ديجيتال للسينما فكانت عام 1998 عندما صور المخرج السينمائي يسري نصر اللَّه فيلمه الروائي الطويل المدينة فكانت التجربة الأولي من نوعها في مصر والتي فتحت باب الحلول البديلة وهو ما شجع المخرج خيري بشارة ليخرج فيلمه ليلة في القمر ثم محمد خان لتصوير فيلم كليفتي بالطريقة نفسها، كل تلك الانجازات التي حققتها تلك السينما بمفرداتها المختلفة عما هو سائد فتحت الباب حول العديد من التساؤلات عما اذا كانت تلك السينما هي طوق النجاة للسينما المصرية للعبور من ازمتها واعادة رونقها مرة اخري من خلال التواجد الدولي بشكل مشرف وهل تلك السينما هي سينما المستقبل القريب ام انها لاتعدو مجرد افلام تجريبية قليلة التكلفة قد تفتح الباب امام نوعية مختلفة من افلام المقاولات من حيث التكلفة والعناصر الفنية الفقيرة؟ وفي محاولة للتعرف عن قرب علي سمات تلك الافلام ذات التعريفات المختلفة. نفقات الخام ففي البداية حاورنا اصحاب تلك التجارب السينمائية الجديدة وعلي رأسهم المخرج ابراهيم البطوط صاحب عدد من الافلام المستقلة منها فيلم عين شمس وايثاكي وحاوي فقد اكد قائلا ليس كل فيلم مستقل هو بالضرورة فيلم ديجيتال فالافلام المستقلة موجودة منذ بدايات السينما في العالم والمقصود بها الاستقلال عن سطوة جهات الانتاج والتوزيع وطرح رؤي مختلفة خاصة بالمخرج اما الفيلم الديجيتال اي أن تكون وسيلة التصوير هي الكاميرا الرقمية ( الديجيتال ) وهي وسيلة تختلف اختلافاً كلياً عن كاميرا السينما التقليدية ( ال35 مللي) وهو ما يعني توفيراً كبيراً في نفقات الخام المستخدم صحيح أن الصورة النهائية ستختلف من حيث الجودة والعمق الا اننا امام افلام صورت بهذه التقنية بل واصبحت هي الوسيلة الاولي الان في التصوير لغالبية افلام هوليوود والعالم بأكمله ولكنها في مصر تستخدم تبعا لطبيعة السيناريو وبالطبع لتوفير النفقات ولذلك ارتبط اقترانها بالفيلم المستقل فتم الخلط بينهما ويقول إن تلك الافلام لن تكون بديلة للافلام التجارية المعتادة لان لها جمهورها الذي سيأخذ وقتا حتي يعتاد علي تلك الافلام التي نقدمها لان البناء الدرامي لتلك الافلام الذي قد لا يعتمد علي سيناريو محدد ومكتوب مثل افلامي مثلا قد يشعر المتفرج بالغربة عن احداث الفيلم بالاضافة إلي عدم تواجد النجوم بسبب تقليص النفقات فأقل نجم قد يطلب مئات الآلاف وايضا بسبب اختلاف شكل التصوير الذي تحدثنا عنه كل هذا قد يبعد المتفرج التقليدي ولكننا نسعي إلي فرض تلك النوعية من الافلام عن طريق البحث عن جهات للتوزيع والانتاج حيث أتفاوض حاليا مع مجموعة من الموزعين علي طريقة العرض وعمل افيشات تناسب تلك الافلام وبالفعل تقابلت مع جابي خوري وإسعاد يونس لايجاد طريقة جديدة في مصر لعرض افلامنا ولكنني أعتقد أنه بعد فيلمي المقبل «ربع جرام» سيختلف الموضوع كثيرا. سينما مهرجانات اما المخرج احمد رشوان صاحب فيلم بصرة فيري أن هذه التجارب اصبح لها مكان مميز في المهرجانات الدولية المختلفة الا أنه لا يمكن حصرها في انها افلام مهرجانات وانها ذات شعبية محدودة بل يمكن أن تحقق قاعدة جماهيرية اذا ما افسح لها المجال وهذا لن يتحقق الا اذا تحمس المنتجون لتلك الافلام وان كان هناك عدد منهم بدأ بالفعل بالاهتمام بها منهم علي سبيل المثال المنتج محمد حفظي ود. محمد العدل وشريف مندور وجابي خوري لاننا نعاني لاخراج تجاربنا الفنية هذه إلي النور فمنا من يلجأ إلي القروض او حتي يلجأ إلي المنح الخارجية التي في كثير من الاحيان يكون لها شروط قد تحد من حرية المخرج في تناول ما يريده ولكن كل ذلك في طريقه إلي التعديل لان تلك السينما ( الجديدة و التي يمكن تسميتها سينما الموضوع )اصبح لها هذا التواجد واستطاعت لفت انظار المنتجين والنجوم ايضا امثال خالد ابو النجا ويسرا اللوزي ومنة شلبي وباسم سمرة وهو ما يعني انها في الطريق ايضا إلي الجمهور. لغة خاصة اما صاحب فيلمي هليوبليس ومايكروفون المخرج والمونتير احمد عبد الله السيد فهو يري أن تلك السينما البعيدة عن نظام الاستوديوهات المعتاد وما حققته من جوائز قادرة علي الحد من ارتفاع اسعار النجوم لانهم سيشعرون بالخطورة التي تهدد بقائهم بهذه الصورة المستفزة اما عن تلك التركيبة الدرامية الخاصة التي يمتاز بها فيلماه فيقول الفيلم المستقل عموما قائم علي التفاعليه بين الممثلين وشخصياتهم الحقيقية وهو ما لعبت عليه في فيلمي مايكروفون الذي تدور احداثة بالكامل في مدينة الإسكندرية من خلال شخصيات حقيقية عمدت تقديم الفيلم من خلالهم لزيادة درجة المصداقية ولكني اري أنه قد لا يكون هناك تعريف جامع لمفهوم السينما المستقلة فهي مستقلة من حيث الإنتاج الذي غالباً ما يكون هنا عبئاً علي صانعيها سواء كانوا ممثليها أو مخرجيها أو كانوا فرادي أو ينتجون بالتعاون مع مركز ثقافي أو هيئة تنموية ليست لها أهداف ربحية في غالبية الأوقات. وهي مستقلة من حيث اللغة السينمائية والمقصود هنا طريقة الحكي والإطار الذي من الممكن أن يجنح نحو التجريب أو الذاتية. وهي مستقلة حتي علي مستوي التقنيات البصرية والصوتية، فأغلب الأفلام المستقلة تصور بكاميرا ديجتيال ويتم تحويلها إلي 35 ملم بعد توفر السيولة اللازمة لعرضها في المهرجانات المختلفة. وهي مستقلة أيضاً في التوزيع إذ انها تعرض غالباً في المراكز الثقافية والمهرجانات الأوروبية والعربية وعلي ذلك لا تكون لها قاعدة كبيرة من الجمهور الا أن القائمين علي صناعة السينما يجب أن يستغلوها لمواجهة ازمة السينما وهروب صناعها إلي التليفزيون . أسوار القمر ومن اوائل المتحمسين لسيناريو فيلم مايكروفون وتولي مهمة الانتاج المنتج والسيناريست محمد حفظي الذي يرفض تماما اقتران الفيلم الديجيتال بانخفاض التكلفة قائلا : فيلم اسوار القمر الذي اقوم بانتاجه تكلف إلي الان ما يقارب ال20 مليون جنيه رغم أنه ديجيتال فلا علاقة بينهما صحيح أن نقطة توفير الخام عليها عامل في توفير النفقات لكنها لا تحتسب اذا كان الفيلم بالاساس مكلفاً كما انني ارفض أن يتم جمع كل الافلام المستقلة في سلة واحدة فمنها ما هو جيد ومنها ما يفتح الباب امام مشاريع لا علاقة لها بالسينما واقرب إلي اضغاث افلام لا افلام بالشكل الجاد والحقيقي ويستطرد قائلا هذه السنما ستجد المكانة التي تستحقها في حالة الاهتمام بها بشكل موسع مع تواجد السينما التجارية لذلك اري أن المصطلح الاكثر تناسبا مع تلك الحالة السينمائية المختلفة هو مصطلح السينما الموازية . كسر التابوهات اما الناقد السينمائي كمال رمزي فيري أن وجود السينما المستقلة مهم جداً لكسر التابوت الذي اصبح يحاصر السينما المصرية التي اصبحت تعتمد بشكل اساسي علي الاستسهال وسطوة النجوم واجدها فرصة للتحرر من القيود الكثيرة التي أصبحت موجودة في سوق الصناعة السينمائية كما اثبتت أن صناعة السينما في مصر اختلفت عما كانت عليه قديما وأن كل مخرج أو فنان موهوب يستطيع أن يقدم ما يراه دون انتظار منتج يقوم بإنتاج العمل وأنه من خلال إمكانيات ضئيلة جدا يمكن أن يحقق النجاح من خلال العمل التعاوني بين صناع الفيلم في مراهنة قوية علي الموضوع والقضية التي يناقشها الفيلم بإطار من الحداثة والارتجال بعيدا عن الاستوديوهات وهو ما يجعلنا اكثر اطلاعا علي افكار الشباب وطموحاتهم وافكارهم المفتوحة علي العالم . رغبات مشروعة اما الناقد رفيق الصبان فيري أن تلك الافلام التي ظهرت منذ ما يقرب الثلاث سنوات انها الوسيلة الوحيدة للتنفيس عن رغبات المخرجين المشروعة للتواجد السينمائي من خلال تعبيرهم عن وجهات نظرهم في الحياة من حولهم واظن أن بعد حصولهم علي تلك الجوائز في قرطاج ودبي سيفتح الباب امام افلام الديجيتال لان المخاطرة ستكون اقل والتكلفة كذلك وقد يكون المردود في صالح السينما عموما وبدلا من انتاج افلام مستقلة لتعرض علي القنوات الفضائية فمن الافضل أن يتم طرحها في دور العرض وبدعاية تضمن رواجها رغم أن الجمهور العريض لم يعتد علي تلك النوعية الا أن ذوق المتفرج بدأ يتغير بدليل ما حدث في بانوراما الفيلم الاوروبي والذي حقق اعلي نسبة مشاهدة وهو مايرجح أن تلك السينما هي سينما المستقبل . دعاية ملائمة ويصرح المخرج محمد خان أنه لولا شراء احدي القنوات الفضائية لفيلمه كليفتي الذي تم تصويره بالاسلوب الديجيتال لما شاهده الجمهور لأنه بعد محاولات عديدة من جانبه لتسويق الفيلم اكتشف أن هذه النوعية من الافلام يجب أن تجد الموزع الجريء الذي يعمل علي تسويقها بشكل جيد والمنتج المغامر الذي يكرس لتلك النوعية من الافلام الدعاية الملائمة بدلا من فتح دور العرض للافلام الاجنبية التي اصبحت تزاحم الافلام التجارية فما بالك بالافلام المستقلة والتي كانت سببا ساهم في ظهور تيارات سينمائية جديدة قادرة علي المنافسة كما اتجهت العديد من المؤسسات العامة للسينما في العالم العربي إلي تصوير العديد من الأعمال بكاميرا الديجتال وكل الشواهد تؤكد أنه سيتم قريباً بث الأفلام الديجيتال عبر الستالايت إلي دور العرض في جميع انحاء العالم فهي الحل الامثل للازمات التي تعانيها السينما حاليا مؤكدا أن خلال الفترة الاخيرة شهدت ظهور العديد من الشباب السينمائيين الذين أصبحوا يصورون الأفلام بكاميراتهم الخاصة ويقومون بإجراء العمليات الفنية لها في منازلهم وذلك بفضل الثورة الرقمية. سينما بسيطة اما المنتج محمد حسن رمزي فيري أن الموضوع لا يكمن فيما اذا كانت هذه الافلام مصورة بكاميرا ديجيتال ام لا؟ لان الخام العادي للكاميرا ال 35 لن تزيد عليها سوي ما يقارب ال 150 الف جنيه فالفارق ليس ضخما كما يتصور البعض ولكن النقطة أن تلك الافلام قليلة التكلفة نتيجة نظام العمل ففريق الفيلم لا يزيد عن 15 فرداً معتمدين علي انفسهم بلا جهة انتاج ضخمة تقف ورائهم كما انها تعتمد علي ممثلين غير معروفين واجهزة مونتاج بسيطة كل ذلك يجعلها سينما بسيطة التكلفة وانا اجد أن اهمية الفيلم لا يجب أن تختزل باسلوب تصويره وميزانيته لكن بقيمة الفيلم وموضوعه كما اننا كموزعين ليس لدينا المانع لتوزيع هذه النوعية لكن من يضمن لنا نجاحها وان كنت اري أن الميزة الحقيقية منها انها تقدم وجوها جديدة بعيدة عن النجوم الحاليين اصحاب الاجور الفلكية الذين كرهوا الناس في السينما و(وهيجيبوا ضرفها) فمن الممكن أن يكون الامل في التغيير علي يد هؤلاء فمثلا فيلم سمير وشهير وبهير نجح لأنه فيلم كبير بامكانيات قليلة رغم أنه لا يتبع سينما الديجيتال فالبطل هو الموضوع وفقط