نشأت الديهي عن صفقة الغاز مع إسرائيل: لست سعيدًا بها.. لكننا قمنا بما هو واجب    تكريم الزميل عبد الحميد جمعة خلال المؤتمر السادس لرابطة تجار السيارات 2025    دبلوماسي فلسطيني سابق: لقاء ميامي يمثل محاولة لضبط النفس وسط المساومات الإسرائيلية على غزة    مغادرة 388 شاحنة مساعدات إنسانية من معبر رفح لدعم قطاع غزة.. صور    وزير السياحة والآثار يستقبل وزير الحج والعمرة بالسعودية في إطار زيارته الرسمية الحالية إلى مصر    الركراكي: فوز المغرب على جزر القمر بداية قوية رغم صعوبة المباراة الافتتاحية    عادل عقل: الهدوء والثقة عنوان شخصية حكم افتتاح كان 2025 بين المغرب وجزر القمر    السجن المشدد 10 سنوات لسائق التوكتوك المتهم بالتحرش بسائحة في مقابر الإمام الشافعي    هنادي مهنى تنضم ل " اتنين غيرنا" في دراما رمضان    أحمد العوضي: أنا ابن عين شمس.. وهدفي تقديم البطل الشعبي الحقيقي بعيداً عن البلطجة    من قلب عين شمس إلى قمة الدراما.. أحمد العوضي يروي رحلته في «صاحبة السعادة»    ترتيب الدوري الإنجليزي بعد مباريات الأحد.. أرسنال يتفوق على السيتي    رئيس الإمارات يلتقي إيلون ماسك    الصحة توضح أسباب اعتداء الطلاب على زميلهم في أكتوبر    نوعية بنها تنظم معرضا لتقييم التدريب الميداني لمشروعات طلاب الإعلام    تامر عاشور ومحمد سلام وأحمد خالد صالح يحضرون عرض فيلم خريطة رأس السنة    فلكية جدة: هلال رجب يزيّن سماء الوطن العربي    تامر أمين: الهجوم على محمد صبحي خناقة في حارة مش نقد إعلامي    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    قناة ON تنقل قداس عيد الميلاد من مصر وبيت لحم والفاتيكان    المعهد القومي للاتصالات يفتح التقديم ببرنامج سفراء الذكاء الاصطناعي    مصر تتقدم 47 مركزًا فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2025 الصادر عن البنك الدولى    جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    ديانج: مستعد للتضحية بنفسي للتتويج بأمم إفريقيا مع مالي    حفل توقيع كتاب "وجوه شعبية مصرية" بمتحف المركز القومي للمسرح.. صور    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    أسباب قلة الوزن عند الأطفال الرياضيين    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    سيسكو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في البريميرليج    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    انطلاق المسح الصحي لرصد الأمراض غير السارية بمحافظة قنا    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    توجيهات الرئيس السيسى خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزى ووزير المالية (إنفوجراف)    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    محافظ أسيوط يعلن عن استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف ورعاية الموهوبين رياضيًا    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثنائية المؤلف الشاعر أربكت «العانس»
نشر في القاهرة يوم 15 - 12 - 2009

قد يبدو عنوان المسرحية للوهلة الأول معبراً بجلاء عن أزمة العنوسة التي تفشت بالمجتمع المصري بفعل الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي توالت علي البلاد في الربع الأخير من القرن الثاني ولكن بعد الانتهاء من مشاهدة العرض المسرحي «العانس» تأليف وأشعار علي أبو سالم واخراج لبني عبدالعزيز يدرك خطأ ما تصور فالقضية قضية فردية وذاتية في المقام الأول والأخير تلك هي المفارقة الأولي أما المفارقة الثانية في هذا العرض فهي ثنائية التأليف والأشياء التي أربكت النص المسرحي في صياغته الدرامية النهائية فإذا بالمتفرج يجد نفسه أمام نصين مسرحيين نص يشمل الحوار ونص آخر غنائي مواز للأول ويشمل الأشعار والألحان هذا التوازي خلق ما يسمي بالترهل الدرامي داخل سياق العرض بمعني أن الأشعار رغم جودتها وعذوبتها إلا أنها جاءت تكرارا لما حدث وما سوف يحدث من هنا تولد بطء الإيقاع العام للعرض فالمؤلف الشاعر مسئول مسئولية كاملة عن تلك الثنائية أو الإزدواجية وهي ثنائية ازعم أن وجودها أتي من الإعجاب الشديد بالذات وتقديس الكلمات فكل مؤلف يظن أن نصه المسرحي كتاب مقدس لا يأتيه الباطل من خلفه أو من أمامه فلا يجوز الحذف أو التكثيف مع أن العرض لو تخلص من تلك الثنائية لأصبح له شأن آخر ولتحول العرض إلي حالة مونودرامية راقية بقدر ما هي رائعة ولكن الإعجاب بالذات وتقديس الكلمات حولا مسار العرض إلي الضفة الأخري.
تبر وذكريات لا تموت!
للذكريات شجن خاص وأزعم أن بطلة المسرحية تبر قد هيجتها بقدر ما اشعلتها الذكريات الشجية والعذبة أيضاً ومن تلك الذكريات انفتح باب الذاكرة لكي تقوم تبر باستدعاء جميع شخوص المسرحية عبر تدخلات زمنية تربط بين الماضي والحاضر بقدر ما تؤسس للمستقبل الذي لا وجود له.
فتبر امرأة صعيدية تعمل في أكثر من مهنة معددة بلانة وماشطة وخاطبة وهي ككل النساء تحلم ولكن أحلام تبر مآس فعبر أكثر من ساعة وربع تستدعي تبر عبر ذاكرتها المشتعلة شخصيات مختلفة الغث منها والثمين فهي امرأة تقدم بها العمر دون زواج ودون أن تدري ولكن أحاسيس الأنثي بداخلها تنشط الذاكرة عبر التداعي الحر للأفكار- دون فلترة- فتمتليء الخشبة بالشخصيات الحية التي عايشتها طوال حياتها وذلك عبر مخيلتها ومن وجهة نظر أحادية شأن المونودراما- دراما الممثل الواحد-، وكأنثي تشعر تبر بالوحدة بعد فوات الأوان من هنا يتولد الحلم، الحلم بالفارس الهمام الشجاع الذي يبدد تلك الوحشة ويزيح عنها تلك العزلة فالخاطبة- ويالسخرية القدر- لا تجد لها عريساً ولكن مع استمرار التداعي الحر للأفكار عبر المخيلة تكتشف أن القرية التي تسكنها تبر يحكمها عمدة ظالم يقتني النساء كما يقتني الثري أخوتيه لدرجة أن هذا الفحل العمدة تلد له زوجته كل أربعين يوماً ولداً لا يعرف له أباً وهي دلالة واضحة علي سقوط القرية كلها في خطيئة تجهيل النسب ولا أعرف كيف استسلم المؤلف لتكرار تلك الجملة أكثر من مرة مع ما تحمله من إشارات ضمنية المهم أن هذا الفحل العمدة يطلب يد تبر لكنها ترفض وتتحدي العمدة الظالم وذلك لعشقها الشديد «لحمد» الذي ارتبطت به وعاهدته علي أن تكون له لا لغيره وتستدعي تبر من المخيلة ذلك المشهد الحزين مشهد حمد وكيف نصب له العمدة كميناً ليلة عرسه إذ يقتل حمد علي يد أحد الخفراء برصاصة طائشة وليكتس المشهد باللون الأحمد ليتحول الفرح إلي مأتم ولكن تبر رغم ما تحمله من ثراء فني ودرامي إلا أن المؤلف لم يستطع رسم صورة بانورامية لتلك الشخصية المحورية علي وجه الدقة أسرة تبر والدها، والدتها، أشقاؤها بل لا تعرف وإذا فعلت تبر مع العمدة الظالم الذي قتل حبيبها وحلمها الأثير.
حتي مناط التعاطف مع تلك الشخصية أرغمنا المؤلف عنوة علي أن نهرب من تلك المنطقة وذلك حينما أتي بحكايات غثة عن تبر وكيف خدعت بعض الأسر بتزيين من هي قبيحة لأي عابر سبيل أمثال العروسة الدميمة وتكتيف العريس حتي يتزوجها عنوة.
هنا تفقد الشخصية الدرامية تعاطف المتلقي فهذا الخلل في تركيبة الشخصية الرئيسية جعل الشخصية تترنح وتتخبط عشوائياً في سرد الحكايات التي شتت عقل المتلقي وافقدت البنية الدرامية حيويتها ولكن يحمد للمؤلف حرصه الشديد علي زرع لغة مسرحية درامية مستوحاة من البيئة التي تدور فيها الأحداث ولولا تلك الأخطاء والتي جاءت- في أغلب ظني- عن غير وعي من المؤلف كنتيجة ضمنية لاستخدام بنية درامية دائرية مفتوحة لكي تستوعب كل ما تلقيه الذاكرة المشتعلة ولكن خطأ المؤلف في أنه لم يضع فلتراً درامياً- إن جاز التعبير- لكي يكثف من الحالات الشعورية واللاشعورية التي انتابت المبدعة حنان سليمان بطلة العرض.
الرؤية التشكيلية والإخراجية
نجحت المخرجة لبني عبدالعزيز في أولي تجاربها الاخراجية لمسرح الدولة إلي حد بعيد في لملمة عناصر العرض بعد أن فككتها الدراما المرتبكة كذلك نجحت في خلق منظر واقعي يعبر عن البيئة التي تدور فيها الأحداث فمثلاً علي يمين المسرح نجد الجدار المشقق واسفل منه الفرن وهناك الرحاية وأدوات الخبيز والمطرحة وقن الحمام والمشنة وفي أحد الأركان ترقد لمبة كيروسين وهناك البوص المركون فوق الجدران وزير وصندوق يستخدم لحفظ الملابس وسجاجيد علي الأرض أما وسط المسرح فيوجد فيه قرص مستدير وفي الخلفية قماش ستائر وفي العمق خلفية يغلب عليها اللون الأسود إضافة إلي المرآة القديمة وعدة أبواب عن يمين وعن يسار المسرح هذا هو المنظر ورغم تعبيره عن البيئة وواقع الأحداث إلا أن كثرة الإكسسوارات أرهقت عين وذهن المتلقي وكان مصمم الديكور عمرو عبدالله عرف كيفية استغلال قاعة يوسف إدريس لمسرح الشباب فقد استخدم القاعة بشكل طولي وكأننا أمام نص وبنية تقليدية.
مما خلق نوعاً من الفوضي البصرية حينما يتعدي عدد الممثلين الثلاثة فلو استخدم المصمم القاعة بشكل عرضي واجلس المشاهدين في ناحيتين متقابلتين وفي الوسط مشاهد التمثيل لاستوعبت القاعة ممثليها واكسسواراتها ولخلقت نوعاً من الحميمية بين المتلقي والخشبة كذلك جاءت ملابس المصممة جمالات عبده علي غير عادتها متناقضة فرغم كون تبر امرأة صعيدية إلا أنها البستها زياً أقرب إلي المرأة الريفية منه إلي الصعيدية وتبقي الاشعار والألحان- رغم ما ذكرته انفاً- نسيجاً درامياً. اجهضت به المخرجة فيروس الملل من ارتباك النص لذلك جاءت اشعار المؤلف حية ومعبرة عن وحدة القسوة وقسوة الوحدة داخل ذات تبر كما تغلغلت ألحان محمد عزت في نفوس المشاهدين لتصنع بهجة حيث البهجة وتصنع شجنا حيث موضع الشجن ويبقي الأداء التمثيلي البارع والرائع لحنان سليمان التي استطاعت باقتدار أن تجسد مأساة ومعاناة شخصية تبر بكل تحولاتها وآلامها من خلال تلوين صوتي لكل حالة علي حدة وبتماسك انفعالي لا يجعلها تقع في فخ الافتعال ويقف إلي جوار البطلة فنانون اكفاء أجادوا جميعاً مثل خفيفة الظل وصانعة البهجة إيزابيل كمال في دور العروس الدميمة ونائل علي في دور حمد وهناء سعيد في دور فردوس ومديحة أبو زيد في دور أم السعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.