من زيزينيا بدأت الحكاية ومنها رأسا إلي الكوميدي فرانسيز ولقاء العمالقة أنتوني كوين وكلود جودار وبيرت لانكستر وجينا لولو برجيدا وغيرهم من نجوم العالم. جميل راتب أو «جي آر» السينما المصرية كما أطلق عليه الذي شهدت مسارح الشانزليزيه صولاته وجولاته لم يكن طريقه مفروشا بالورود لرفض أسرته العريقة عمله بالتمثيل ويذكر الأرشيف السينمائي أنه لأول مرة في السينما المصرية تلجأ أسرته إلي حذف مشاهد صورها في فيلم «الفرسان الثلاثة» وكانت أمام ماري منيب.. سافر بعدها إلي فرنسا لاستكمال دراسة القانون وهناك احتكم الأمر فالتحق بمعهد التمثيل هناك ورغم معارضة أسرته عاند وعمل بسوق خضار بعد قطع مصروفه ليكون ممثلا وفي منتصف السبعينات عاد ليسطر اسمه بين عمالقة التمثيل في مصر بمواصفات عالمية. في دورة مهرجان الإسكندرية هذا العام دخل الفنان الكبير جميل راتب ضمن قائمة المكرمين بوصفه أحد نجوم زمن الفن الجميل.. وعن انفعالاته حول هذا التكريم في الإسكندرية قال: الذي لا يعرفه أحد أنني ابن الإسكندرية حيث شهدت منطقة زيزينيا ميلادي أثناء وجود أسرتي لقضاء إجازة الصيف في ذلك الوقت ولهذا لا أنسي بسهولة الإسكندرية وسعيد جدا بتكريمي في مهرجانها الدولي وفخور باختيار إدارتها برئاسة ممدوح الليثي لتكريمي وبالمناسبة هو أول من أبلغني بهذا التكريم. مفارقات غريبة احتراف جميل راتب للتمثيل كما يقول الأرشيف السينمائي لم يكن سهلا.. ماذا عن أبرز المفارقات التي صادفت مشوارك الفني؟ حياتي مليئة بالمفارقات الغريبة بدأت بمعارضة أسرتي لعملي في التمثيل مثل معظم العائلات المصرية في ذلك الوقت رغم التحاقي بفرق التمثيل أثناء الدراسة وأذكر أن الأسرة أصرت علي حذف دوري في فيلم «الفرسان الثلاثة» لرفضهم التام احترافي التمثيل واهمال دراستي وكانت مشاهدي في الفيلم أمام ماري منيب وبعد التحاقي لدراسة القانون قررت أسرتي استكمال دراستي في فرنسا وهناك تضخم حلمي والتحقت بمعهد التمثيل وعندما علموا قرروا وقف مصروفي للضغط علي ولم يكن أمامي سوي العمل شيالا بسوق خضار هناك وأيضا كومبارس وشاركت في أعمال مسرحية وكان عمري وقتها 20 عاما ولا أنسي أنني عملت مساعدا للمخرج في فيلم للممثل العالمي أنتوني كوين وبالمناسبة فهو صديقي منذ هذا الوقت إلي جانب عدد من الأعمال المسرحية حتي عدت لمصر في منتصف السبعينات لظروف عائلية. رفض أسري هل استمر الرفض الأسري عند عودتك لمصر أم تغير الوضع؟ الرفض كان موجوداً لكن الظروف تغيرت بعد عودتي بعد أن لمحوا الإصرار بداخلي كما أنني وصلت لمرحلة من السن ملكت فيها حرية اتخاذ القرار وأذكر أنني بعد العودة شاركت في مسرحية بعنوان «الأستاذ» إخراج سعد الدين وهبة وكنت ممثلا نشيطا في أعمال فنية نفذت في إطار التعاون الثقافي الفرنسي بحكم إجادتي للفرنسية وبدأ الوسط الفني كله يعرفني. لكن الجميع يذكر أن نقطة انطلاقتك السينمائية كانت في فيلم «الصعود إلي الهاوية» ماذا تقول عنه؟ قبل الصعود إلي الهاوية كان الوسط الفني في مصر يعرفني جيدًا فقبل عودتي لمصري في السبعينات حضرت أكثر من مرة وقدمت نفسي في أكثر من عمل لكن فيلم «الصعود إلي الهاوية» كان أول عمل جماهيري وأذكر أن الفيلم حقق نجاحا كبيرا في السينما واستمر فترة طويلة، وأذكر أنني حصلت علي جائزة أحسن ممثل ثان وتسلمت وقتها الجائزة من الرئيس الراحل أنور السادات. أعمال مميزة من بين الأعمال المهمة التي شاركت فيها بعد عودتك النهائية من فرنسا.. ما الأقرب إليك؟ أنا عملت في أفلام كثيرة أذكر منها فيلم «البداية» إخراج صلاح أبوسيف و«لا عزاء للسيدات» إخراج هنري بركات و«الصعود إلي الهاوية» طبعا و«الكيف» و«الكداب» وكلها أعمال مميزة كنت سعيداً بوجودي فيها. الأولة في الغرام وتيمور وشفيقة وليلة البيبي دول وجنينة الأسماك.. أعمال قدمتها مؤخرا لماذا لم تذكرها؟ أنا تحدثت عن أعمالي الأولي والأميز منها أما هذه الأعمال فهي آخر ما قدمت للسينما وهي أعمال مميزة مع مواهب سينمائية واعدة وأعتز بالعمل فيها. فيلم «ليلة البيبي دول» رغم الإمكانيات الضخمة لتنفيذه لماذا لم يحقق النجاح في رأيك؟ هذا الفيلم وقع في خطأ في تصوري عندما حاول تقديم مزيج من الكوميدي والتراجيديا فيه.. و أري أن الكوميديا في الفيلم كانت نقطة ضعفه لأنه ناقش أفكاراً سياسية مهمة وكان لابد من التركيز عليها. كيف تري مستقبل السينما في مصر مع وجود حراك سينمائي.. وهل تستطيع السينما الوصول فعلا للعالمية؟ السينما المصرية حاليا تقدم موضوعات جيدة وجادة سواء سياسية أو اجتماعية وأتصور مع وجود أسماء مثل أسامة فوزي ويسري نصرالله فإن السينما المصرية ستكون لها كلمة معهم في الفترة المقبلة وأنا متفائل بهم.