48 ساعة، هذا هو الوقت الذي استغرقته الزيارة الأولي لوزير الخارجية الأمريكي الجديد، جون كيري لمصر، زيارة لم تمر مرور الكرام، ولم يترك رجل أكبر دولة في العالم شاردة أو ورادة إلا وذكرها وناقشها، بداية من رئيس الجمهورية وحتي موظفي سفارة بلاده. آراء وتحليلات وردود أفعال ووقائع، كل ذلك صاحب هذه الزيارة الهامة، لا سيما في هذه الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد. الغرض من الزيارة تباينت الآراء والمعلومات عن السبب الرئيسي لزيارة جون كيري لمصر وفي ذلك التوقيت الحرج. فذكرت وكالة أنباء الأناضول، أن كيري سيسعي لإقناع القيادة المصرية بضرورة الاستجابة لمطالب المعارضة من خلال تشكيل حكومة توافقية تضم مختلف القوى السياسية. وذكرت مصادر قريبة من دوائر صنع القرار الأمريكي للأناضول، كيري فضَّل أن يلتقي بالأحزاب السياسية قبل لقائه والرئيس محمد مرسي حتى يزيل تحفظاتهم بشأن تصريحاته الأخيرة التي دعا فيها المعارضة "وبالأخص جبهة الإنقاذ" إلى التراجع عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما اعتبرته قيادات الجبهة تدخلاً في الشؤون المصرية. في حين نقلت جريدة الحياة اللندنية عن مسؤول أميركي رفيع أن كيري، سيطلب من المعارضة المصرية بوضوح عدم مقاطعة انتخابات مجلس النواب. لقاء كيري بالمعارضة .. البعض يقبل والآخر يمتنع رفض د.محمد البرادعي رئيس حزب الدستور، وحمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي مقابلة رئيس الوزراء الامريكي جون كيري، وأكدا رفضهما لأي ضغوط أمريكية علي المعارضة للعدول عن قرار مقاطعة الانتخابات. ومن ناحية آخري، قبِل عمرو موسي رئيس حزب المؤتمر،دعوة وزير الخارجية الامريكي، حيث أعرب كيري لموسي عن رغبته في الاستماع للمعارضة، وقال موسي له " مصر بحاجة إلى دعم الاستثمارات وتنمية اقتصادها وأن الدعم الأمريكي لمصر يجب ألا يرتبط بالحكومات وإنما يجب أن يكون موجهًا للشعوب". في السايق ذاته، قرر عدد من رموز المعارضة المصرية، حضور لقاء كيري، كان من أبرزهم محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، وأيمن نور رئيس حزب غد الثورة، ومحمد العرابي وزير الخارجية الاسبق ونائب رئيس حزب المؤتمر الذي يرأسه عمرو موسي وقياديين اثنين بحزب الدستور الذي يرأسه محمد البرادعي وهما جميلة إسماعيل وسامح مكرم عبيد أمين التنظيم بالحزب. وكان لجميلة اسماعيل قول آخر، عبرت فيه علي رأيها في رسالتها لجون كيري والتي ألقتها بصفتها الشخصية وليست الحزبية. " مصر لا تحتاج من امريكا معونات جديده .. مصر تحتاج تحتاج بناء علاقه علي أسس جديدة لا علي الاسس التي بنيت عليها منذ زيارة نيكسون 74، بلدنا ليست حقل تجارب ....دعمتم نظام شبه عسكري فيما مضي والان تدعمون نظام شبه ديني... وكل ذلك من اجل ان يلعب كل نظام في مصر .. الدور المطلوب منه" قالتها جميلة اسماعيل للوزير الأمريكي الجديد، معبرًا عن رأيها ورأي الكثيرين ممن رفضوا هذه الزيارة. جدول أعمال مزدحم لكيري لم يعقد كيري العزم علي لقاء مسئولين مصريين وحسب، لكنه وضع في جدول أعماله العديد من اللقاءات، كان أولها لقاء وزير الخارجية المصري محمد عمرو، وهنا كان الترحيب الأول من قبل الشعب المصري لوزير الخارجية الأمريكي، حيث احتشد العشرات من شباب الحركات الثورية أمام وزارة الخارجية تنديدا بالزيارة. التقي وزير الخارجية الامريكي في زيارته كل من : السفيرة الامريكية آن باترسون، و د.نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، و عدد من رموز المعارضة المصرية، وعدد من رجال الأعمال المصريين، هذا بخلاف لقائه بالرئيس المصري محمد مرسي، وبوزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي، ومدير المخابرات العامة. فجدول أعمال جون كيري لم يكن هذه المرة روتينيًا، بل كان مكتظًا لدرجة تثير الملاحظة والانتباه، فالرجل يريد أن يجمع كافة الخيوط ويلتقي بكل القوي المؤثرة في الشأن المصري، فمصر بالنسبة لأمريكا هي واحدة من أهم البلدان التي تعتمد عليها سياستها في المنطقة. كيري يلتقي مرسي والسيسي ومدير المخابرات التقي جون كيري الرئيس محمد مرسي في زيارته الأولي لمصر، وناقش مع مرسي العديد من التحديات التي تواجه مصر مطالبًا الرئيس المصري بالمزيد من العمل الشاق والتسويات لاعادة الوحدة والاستقرار السياسي وانعاش الاقتصاد في مصر. والتقي كيري مع وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، وعقب اللقاء صرح مصدر عسكري أن أن أكد خلال لقائه بوزير الخارجية الأمريكية عدم وجود أي خلافات بين المؤسستين العسكرية والرئاسية، وأن القوات ليست طرفًا في الصراع السياسي الحالي. ولكن اللقاء المثير للجدل ولعلامات الاستفهام، هو لقاء جون كيري المغلق رئيس المخابرات المصرية اللواء محمد رأفت شحاته بمقر المخابرات المصرية، والذي لم يعلم الاعلام عن تفاصيله سوي أنه يأتي في ظل حرص كيري علي السماع لكل الاطراف، كيف ولماذا، أسئلة كثيرة نعجز عن الإجابة عليها الآن، ولكنها تظل مطروحة. دعم الأخوان والرئيس مرسي قال بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان إن الانطباع الرئيسي الذي خرج به من لقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اليوم الأحد هو أن الإدارة الأمريكية تدعم بكل وضوح نظام الرئيس محمد مرسي، على الرغم من كل الانتقادات الموجهة إلى هذا النظام من جانب منظمات المجتمع المدني المصرية وكافة شرائح المجتمع المصري والأمر نفسه قاله الاعلامي حمدي قنديل، حيث قال أن صمت وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على انتهاكات الشرطة المتواصلة ، دليل على رضا الولاياتالمتحدةالأمريكية عن حكم جماعة الإخوان المسلمين، طالما أنهم يحافظون على مصالحها. الزيارة الأمريكية هذه المرة تأتي في توقيت صعب، ربما دعمًا لنظام الاخوان المسلمين، وربما دعمًا لتحرك قريب للقوات المسلحة، لكن الشيء المؤكد أن الإدارة الامريكية لا تلعب سوي لمصلحتها، ويبدو أن مصلحتها تتجلي في دعم الأخوان ومحاولة إرضاء المعارضة حتي لا يبدو النظام الجديد مفتقدًا للشرعية مثلمًا كان نظام مبارك في السنوات الأخيرة. الرهان علي الحصان الفائز هو لعبة أمريكا، والتدخل في الشئون الداخلية هي السمة الغالبة في علاقتنا مع القوي العظمي الأكبر في العالم.