كتب عزيز يوسف عَلى غرار "حلفائِهم" الإيرانيين، يتخوّف الشيعة العراقيون -طبقاً لرويترز- من الفوضى والاضطرابات التي قد تخلفها الإطاحة بنظام بشار الأسد، وصعود "سلطة سُنّية متشددة" في دمشق، تكون متلهفة، لوضع ثقلها وراء "السُنّة" في العراق، الذين خسروا السلطة منذ احتلال العراق. وقالت المحللة السياسية رانية الجمل في تقريرها الذي بثته وكالة رويترز إن شيعة العراق يخشون أن يؤدي ذلك إلى إشعال العنف الطائفي، وتكريس "النزاعات" بين الطرفين بالوكالة عن إيران، وعن المملكة العربية السعودية التي تعد نفسها "حصناً للمذهب السُنّي"، ولا تقبل حتى الآن بالتصالح مع الحكم الشيعي في بغداد. ونسبت الوكالة لأحد كبار السياسيين الشيعة في العراق قوله: "إذا سقطت سوريا، فإن العراق سيعمل مع إيران للتأثير في الأحداث السورية". وأضاف السياسي الذي رفض الكشف عن اسمه: "التغيير في سوريا، سيسبب مشاكل كبيرة في العراق. إنّ السُنّة السوريين سوف يحرضون السنة في الجزء الغربي من العراق".وليس من المحتمل -برأي المحللة السياسية- أن تشترك الميليشيات الشيعية في القتال من أجل إدامة حياة نظام الأسد، لكنّها قد تستجيب، إذا ما تجرّأ "سنة الأنبار" في غربي العراق على التمرّد، قبل صعود القوة السُنّية في سوريا إلى السلطة. وكانت سوريا الدولة الوحيدة التي وقفت الى جانب إيران في حرب السنوات الثماني "1980-1988". وتعد الطائفة العلوية "أقلية الأسد" فرعاً من الإسلام الشيعي. ولسوريا صلات لوجستية مع إيران، ومع حزب الله، حامي الشيعة في لبنان، بحسب تعبير المحللة.وبرغم العنف، سعت الحركة المناهضة لنظام الأسد إلى نبذ أية أجندة طائفية، لكنّ الإسلاميين -كما تقول رانيا الجمل- قد يبرزون كقوة مهمة، إذا تم عزل الرئيس الأسد.ومن جانب آخر يتساءل المحلل السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي قائلاً: هل سيبقى شيعة إيران وحزب الله في لبنان وحلفاؤهما الشيعة في العراق مكتوفي الأيدي، وهم يشاهدون انهيار الأسد، وبالتالي سقوط أحد دعائم ما يسمى ب"الهلال الشيعي" من دون رد فعل؟. مستحيل!. وأضاف: "إن السعودية والدول العربية السُنّية، ستحاول إعادة رسم الخارطة السياسية في العراق لزيادة النفوذ السُنّي في عملية صنع القرار، فحتى الآن لم يتحقق السلام مع الحكم الشيعي في العراق". ومن أجل حماية مصالحهم، يتابع الصميدعي، فإنّ سوريا، وحزب الله، وإيران، سيحاولون "زعزعة الوضع الأمني في العراق من خلال علاقاتهما مع الشيعة والسنة". وتقول المحللة: منذ سقوط نظام صدام، العدو اللدود لطهران، تحدث بعض الحكام السنة في الشرق الأوسط عن ظهور "هلال شيعي" يمتد من إيران عبر العراق وسوريا التي يحكمها العليون إلى حزب الله الذي يهيمن على لبنان تقريباً. وترفض إيران إعطاء هذه الصورة "الطائفية" عن الهلال، لذا تشير إليه باسم "محور المقاومة"، والذي ازدهر منذ الغزو الأميركي للعراق، لكنّ الضربة المدمّرة التي سيتعرّض لها "الهلال الشيعي" ستكون بسقوط نظام الأسد، وبحدوث تداعيات في العراق وفي بقية المنطقة.ولقد التزم العراق موقف الصمت حيال سوريا، بينما أدانت السعودية والدول العربية حملة العنف ضد السوريين.وقال سياسي عراقي بارز:"إن السياسيين الشيعة يمكن أن يدعموا الأسد دبلوماسياً ومالياً"، مضيفاً: "لأننا لا نريد حكومة معادية للعراق، تتسلق السلطة في دمشق". وأوضح أن العراق يمكن أن يوفر المعلومات الاستخبارية عن الناس والأسلحة التي يجري تهريبها عبر الحدود، وضمان استمرار التجارة والعلاقات المالية مع سوريا التي منعت الأسبوع الماضي من استخدام معظم وارداتها في محاولة لضمان تضاؤل احتياطياتها من العملة الأجنبية. وترى محللة رويترز أن هناك مخططاً سُنياً -باعتقاد الشيعة- للإطاحة بالنظام السوري، تقود تنفيذه السعودية، وتشارك فيه دول خليجية، ويمكن أن يؤدي ذلك في النهاية الى دفع السنة الى الانفصال "الفيدرالي" وخلق منطقة إقليمية جديدة في العراق. ونسبت المحللة الى سياسي شيعي بارز قوله: "إذا أصبحت السعودية ذات نفوذ كبير في سوريا، فإن الوهابيين سوف يلتحقون كقوة مع السنة في غربي العراق، وهناك ستدور حرب العراق الجديدة". وأوضح نائب شيعي قوله: "نحن لا نخشى القاعدة السنية في سوريا، ولكننا نخشى النفوذ الوهابي في سوريا، ولدينا أدلة على أن السعودية تريد كسر الهلال الشيعي".وأضاف: "إذا تم إنشاء منطقة سُنّية متطرّفة تهدف إلى إسقاط حكم الشيعة، فإن الجميع سيقاتلها". وقال النائب، وهو عضور في منظمة بدر، الجناح المسلح المدعوم من إيران: "لدينا ما يكفي في الأسلحة لجميع الأذرع". لكنه استبعد التدخل العراقي العسكري في سوريا من قبل الميليشيات الشيعية العراقية المسلحة والممولة من إيران. لكن ترك الباب مفتوحاً لنزاع طائفي داخل العراق، إذا ما أسفرت الأزمة السورية عن محاولات لتقويض الحكم الشيعي في بغداد. وبيّنت المحللة السياسية أن في العراق عشرات المجموعات الشيعية والسنية والمسلحة التي تتقاتل من أجل النفوذ والسلطة.وقالت أن الأشهر حتى الآن: عصائب الحق، وكتائب حزب الله، وهي شظايا من جيش المهدي. وقال سياسيون عراقيون إن إيران تراقب سوريا، وستحاول منع سيطرة أي مجموعة سنية متطرفة على السلطة في غربي العراق عبر استخدام نفوها في أوساط الشيعة والأكراد والسنة. ولدى إيران "علاقات جيدة مع العديد من شيوخ العشائر السنية في الأنبار وصلاح الدين..وستحاول إيران حماية الوحدة الوطنية لوقف أي خطة لإقامة إمارة إسلامية سنية في العراق"، طبقاً لقول النائب الشيعي.وأشار سياسي شيعي بارز مقرب من المالكي أن طهران إذا فقدت دمشق حليفاً، فإنها ستستخدم المساعدات المالية والدبلوماسية لدعم بناء العراق كقوة إقليمية شيعية. وأضاف: "إن النفوذ الإيراني في العراق هو الآن أقوى من نفوذها في أي بلد. لماذا؟. لأنها بنت علاقات مع السنة والشيعة والأكراد، ولهذا فإنها ستؤثر على المشهد السياسي في العراق برمته"